عربي

رياح التغيير تهب على إدارة النفايات في الكويت

رياح التغيير تهب على إدارة النفايات في الكويت
الصورة عبر حوار الشرق الأوسط

تواجه دولة الكويت منذ فترة تحديات خطيرة فيما يتعلق بإدارة النفايات الصلبة، حيث نجد أن دفن المواد غير القابلة للتحلل كالبلاستيك في مرادم النفايات و انتقال المادة المترسبة فيما بعد إلى طبقات الأرض والتي تتسبب في تلوث المياه الجوفية من الأمور المثيرة للقلق بصورة كبيرة.

بقلم: جيت توو أبراهام

كانت سناء القملاس شاهدة على إغراق تلك المواقع بكافة أنواع النفايات، بما ينافي جميع الأخلاقيات المتبعة، مما جعلها تشعر بالحاجة إلى تغيير طريقة إدارة النفايات في الكويت.

وتقول سناء في هذا الصدد :" لقد زرت الكثير من مرادم النفايات، وكان من الصعب بالنسبة لي الاستسلام للوضع المتردي الذي شاهدته هناك. لقد رأيت أنه من الواجب علينا على الأقل، إيقاف دفن البلاستيك في هذه المواقع لما له من تأثير سلبي كبير على البيئة."

وبعد فترة قصيرة من اجتماع سناء القملاس بصديقتها المقربة فرح شعبان وابن أختها سعود الفوزان قرروا سوياً إطلاق شركة "أمنية "، وهي أول شركة في الكويت لإعادة تدوير العبوات البلاستيكية المستهلكة والتي تم تدشينها في أغسطس/ آب 2015. وركز الشركاء الثلاثة في البداية على جمع وإعادة تدوير العبوات البلاستيكية حيت ترى القملاس أن "ثمة كميات هائلة من هذه العبوات في مرادم النفايات تم تجاهلها حتى من جانب جامعي القمامة لخفة وزنها".

وبميزانية 1000 دينار كويتي ومع عدم وجود خطة للمستقبل قررت القملاس وفرح في إحدى عطلات نهاية الاسبوع إرسال رسائل عبر تطبيق "الواتس آب" للموجودين على قائمة الاتصال الخاصة بهما، حيث طلبوا منهم فرز المواد البلاستيكية الموجودة في منازلهم ووضعها في صناديق كرتون سيتم إرسالها إلى منازلهم جميعاً. وبعد الانتهاء من هذه المهمة قامت الصديقتان بزيارة كل منزل من هذه المنازل وأخذ ما تم جمعه من البلاستيك .

وتسترجع القملاس ما حدث حينها قائلة : "لم تمر فترة طويلة على إرسال تلك الرسائل لأصدقائنا حتى فوجئنا باتصال من معالي السيدة هند الصبيح وزير الشؤون الاجتماعية السابقة، حيث استفسرت عن تطلعاتنا وأهدافنا. وكان ذلك مؤشرا إيجابيا على مدى قوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي."

لقد شجعتهم معالي الوزيرة وطلبت منهم الحصول على شهادة تسجيل لمبادرتهم. كما شاهد المدير العام للهيئة العامة للبيئة الشيخ عبد الله أحمد الحمود الصباح رسالة شركة " أمنية" على موقع انستجرام و كلف فريقه بتقديم المساعدة لهؤلاء السيدات في مشروعهن الجديد.

هل هذا قابل لإعادة التدوير؟

بدأت شركة  "أمنية" تتلقى مكالمات من السكان يطالبون فيها بصناديق كرتون لوضع العبوات البلاستيكية فيها.

وتتابع سناء حديثها قائلة :" توجهنا إلى كل منزل على حدة وتحدثنا إلى الجميع وأوضحنا لهم كيفية كبس العبوات البلاستيكية وطريقة فصل البلاستيك عن باقي المخلفات وغادرنا بعد ملئ الحقائب التي كانت بحوزتنا وعدنا بها الى سياراتنا."

واجهت السيدتان القملاس وفرح في بادئ الامر تحديا فيما يتعلق بكافة أنواع النفايات التي وُضعتْ مع البلاستيك حيث كان الناس يجهلون طريقة الفرز.

وهنا توضح القملاس هذا الأمر:"كانت تنبعث روائح كريهة من سياراتنا ومنازلنا بيد أن الأمر لم يستمر طويلاً حيث تعلم الناس كيفية القيام بعملية الفرز بصورة سليمة. "

في السنة الأولى تم زيارة 4500 منزل لجمع العبوات وأعقبها زيارة 95 مدرسة لنشر الوعي بهذا الموضوع. وبعد فترة وجيزة استطاعوا جمع عدد كاف من العبوات البلاستيكية للمضي قدما في الخطوة التالية وهي إعادة التدوير.

وبدعم مالي جزئي من الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة انشأت شركة " أمنية " أول مصنع لإعادة تدوير العبوات البلاستيكية المستهلكة في البلاد.

وأردفت القملاس قائلة :"لقد بدأنا الإنتاج قبل عام فقط وما زلنا تحت وطأة الديون حيث يتعين علينا دفع إيجار الأراضي وتشغيل الأجهزة بالإضافة إلى عدم توفر أي مكيفات هواء في المصنع. وبالرغم من ذلك فقد استطعنا إنتاج قشور إيثيلين تيريفثاليت عالية الجودة المنتجة عن طريق الغسل بالماء الساخن حيث نقوم ببيعها حاليا في أسواق دول تتبع مواصفات متخصصة في هذا المجال مثل أيرلندا وإيطاليا و تركيا."

ولإدارة المصنع أدرك فريق العمل أنهم بحاجة إلى تكوين شراكات داخل القطاع الخاص للحصول على الرعاية. فقد دخلت في شراكات مع منظمات مختلفة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة التعليم والهيئة العامة للبيئة. الأمر الذي جعل من "أمنية" اليوم اسما مألوفا في الكويت وهو ما ساهم أيضا في استمرار الشغف والطموح بالمشروع.

 واختتمت القملاس حديثها قائلة: "هدفنا يكمن في منع وصول البلاستيك إلى مرادم النفايات. صحيحٌ أن الطريق لا يزال طويلاً وأن التعب أخذ منا كل مأخذ لكننا مدينون بالكثير لوطننا وللأجيال القادمة ."

 

تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.

وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.

 

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.