عربي

محاور لتوظيف الذكاء الاصطناعي في دعم الحكومات والمؤسسات لمرحلة ما بعد "كوفيد 19"

English

محاور لتوظيف الذكاء الاصطناعي في دعم الحكومات والمؤسسات لمرحلة ما بعد "كوفيد 19"
Image courtesy of Shutterstock

بقلم : جاد الحاج ، شريك. وسام عبد الصمد، مدير أول، كريستيان ستيتشل، مدير ، غوستاف  قرداحي ، مستشار أول لدى ستراتيجي& (جزء من شبكة بي دبليو سي)

تقوم دول مجلس التعاون الخليجي تدريجياً بتخفيف قيود الإغلاق العام الذي يهدف للحد من انتشار "كوفيد 19"، وتأتي هذه الخطوة  بشكل حذر  من عودة تفشي الفيروس المستجد.  وتهدف هذه الإجراءات  لإعادة بعض جوانب الحياة إلى طبيعتها مع الموازنة بين الصحة العامة والاستدامة الاقتصادية.

أصدرت بالفعل كل من أبوظبي ودبي مجموعة إرشادات وضوابط خاصة بالشركات لمعاودة ممارسة الأعمال بعد تطبيق هذه التدابير الاحترازية، على غرار القيود على ساعات العمل وإيقاف أي شاشات تعمل باللمس وإلزامية فحص الحرارة للأفراد وارتداء الكمامات.وستكون التكنولوجيا عامل دعم حيوي لمساعي الحكومات من أجل إعادة الأفراد للعمل بالتزامن مع حماية صحتهم وسلامتهم. ويمكن للذكاء الاصطناعي بالأخص أن يلعب دوراً رئيسياً عبر المساعدة على الحد من العدوى وتعزيز كفاءة المؤسسات التي تعاني من التحديات الراهنة.يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يساعد دول المنطقة للنهوض من جديد من خلال الطرق الثلاثة التالية : 

أولاً: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الحكومات على الحد من انتشار العدوى في ظل إعادة حركة الأفراد وتجولهم. إذ يمكن للجهات المعنية بقطاع السير  استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن رادارات السرعة للتعرف على السيارات التي يملك سائقوها تصاريح للحركة أو ممن يعملون في القطاعات الأساسية المستثناة. وقد اختبرت شرطة دبي هذا الأسلوب خلال فترة تقييد صارم للحركة المرورية أثناء عملية التعقيم الوطني، وسجلت مخالفات بحق الأفراد الذين خرقوا فترة تقييد الحركة دون مبرر.

وفيما يتعلق بنظام المواصلات العامة، يمكن للذكاء الاصطناعي و تقنية "تعلم الآلة" المساعدة في تحديد الأمراض المعدية ورصد حرارة الركاب وتزويد مشغلي مختلف وسائل النقل بمعلومات آنية، مما يمكنهم من تحديد المخاطر وتطبيق إجراءات تنظيف وتعقيم إضافية وتخفيض أو إيقاف الخدمات المعنية.

كما يمكن من خلال الذكاء الاصطناعي مراقبة أعداد الأفراد في المتاجر والمطاعم ونسب الإشغال فيها، وتنبيه الجهات المعنية بالصحة العامة عن حالات الازدحام الشديد في الأماكن العامة، ويتم ذلك عبر إرسال الصور من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة "CCTV" التابعة للجهات الحكومية والمؤسسات التجارية إلى منصة مركزية للذكاء الاصطناعي. كما يمكن مساعدة الأفراد على اكتشاف احتمال تعرضهم للفيروس بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وقد اختبرت البحرين مثل هذا النظام من خلال تطبيق “BeAware” الذي يستخدم بيانات المواقع الجغرافية للمستخدمين لإعلام الأفراد في حال اقتربوا من شخص مصاب بفيروس "كوفيد 19" ولم يتعاف بعد.

ثانياً : يستطيع الذكاء الاصطناعي البناء على الدروس المستقاة من "كوفيد 19" لتنبيه الحكومات حول الجائحة المقبلة. وبالفعل، قامت شركة الذكاء الاصطناعي BlueDot ، التي تستخدم تقنية "تعلم الآلة" لمراقبة تفشي الأمراض المعدية حول العالم، بإخبار الجهات المعنية عن ارتفاع حاد بمعدلات غير طبيعية بحالات الالتهاب الرؤي في مدينة ووهان الصينية، وذلك قبل تأكيد انتشار الفيروس من قبل منظمة الصحة العالمية. كذلك  يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد أكثر في تحليل البيانات المجمعة من دول العالم عبر مختلف مراحل جائحة "كوفيد 19" مع تقديم معلومات معمقة حول فعالية إجراءات التحكم والسيطرة وتوقع الطاقة الاستيعابية للمنظومة الصحية والمساعدة على اتخاذ القرارات المناسبة .

ثالثاً: يقدم الذكاء الاصطناعي فوائد تجارية لجهود المؤسسات الهادفة إلى تحقيق كفاءة مستدامة في العمليات في ظل الضغوط الحالية. ويمكن لهذه التقنية أيضاً أن تساعدة في الرد على الاستفسارات وتعزيز سرعة ودقة عملية توصيل المعلومات بالإضافة إلى تحديد وحل الإشكالات التشغيلية. فعلى سبيل المثال، يمكن لمراكز خدمة العملاء استخدام روبوتات الدردشة للتعويض عن قلة الموظفين خلال فترات تمديد الإغلاق.  كما تستخدم سلاسل السوبرماركت، على غرار المنصة الالكترونية لمتاجر دانوب في المملكة العربية السعودية ، تقنية تخطيط الممرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فمن خلال تطبيق هاتفي يمكن لعمال توضيب البضائع تحديد موقع المنتجات في المتجر من طلب المستهلك عبر الانترنت.

ومن أجل تحقيق الفائدة القصوى من الذكاء الاصطناعي، يجب على الحكومات توفير التشريعات والتقنيات والحوكمة من أجل تمكين تبني هذه التقنية على نطاق واسع للتعامل مع الجائحة وتحفيز تحول اقتصادي أوسع في المستقبل.

يجب على الحكومات أن توفر التقنيات المناسبة لدعم الذكاء الاصطناعي، بما يشمل تطوير معايير  لتبادل ودمج البيانات، إلى جانب البنية التحتية اللازمة للحوسبة السحابية، بالإضافة إلى الربط مع الانترنت وتأسيس منصات مركزية لإدارة البيانات. وستتيح هذه التقنيات الأساسية جمع وإدارة مجموعات أكبر من البيانات من مصادر مختلفة بطريقة محكمة، وبالتالي تسهيل الحصول على مخرجات واستنتاجات دقيقة و تطوير حلول واقعية. 

وفيما يتعلق بالتشريعات، على الحكومات حماية خصوصية البيانات وتصنيفها وحماية هوية المستخدمين وتوضيح الأهداف من جمع البيانات مع تحديد مدة زمنية معينة للاحتفاظ بها. ويجب معالجة هذه القضايا منذ البداية لإزالة مخاوف السكان المرتبطة بجمع وإستخدام المعلومات المتعلقة بهم ، كما من شأنها أيضاً دعم تقبل الأفراد لهذه التقنيات وخاصة لتطبيقات التتبع الطوعي للهواتف الذكية الشخصية.

كما تحتاج الحكومات لأطر حوكمة متينة تتمثل في تحديد تعليمات واضحة حول ملكية البيانات والفصل في الأدوار والمسؤوليات بين الجهات المعنية، وحول التمويل ونماذج التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص. إذ تضمن الحوكمة الواضحة والصلبة استمرارية واستدامة الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي ستصبح حجر الأساس للعديد من العمليات والحلول الحيوية في مجتمعنا. 

فيما تبدأ المنطقة بفتح أبوابها للأعمال مجدداً، تستطيع الحكومات أن تضمن دوراً للذكاء الاصطناعي في مسيرة التعافي والعودة إلى النمو طويل الأمد.

 

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.