عربي

هل يمكن أن ينجح الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز بدون بيانات تاريخية؟

English

هل يمكن أن ينجح الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز بدون بيانات تاريخية؟
نور النحاس، مؤسس شركة nybl

يُسهم قطاع النفط والغاز بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض بلدان الشرق الأوسط. وعلى الرغم من التوجه العالمي نحو الاستدامة والطاقة المتجددة، لا يزال النفط جزءاً مهماً للغاية من اقتصاد المنطقة. إلا أن مستوى "التغيير" ومشاركة الشركات الناشئة في هذا القطاع الواسع لا يزال محدوداً عند مقارنته بقطاعات مثل قطاع البيع بالتجزئة أو قطاع الأغذية والمشروبات.

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى شدة القواعد التنظيمية لهذا القطاع، وارتفاع مستويات حساسية المعلومات الصناعية، إلى جانب القيود المتزايدة المفروضة على مشاركة البيانات. وأدى كل ذلك إلى مشاركة رواد الأعمال في قطاع النفط والغاز على أضيق نطاق ممكن، بخلاف تطوير حلول التكنولوجيا النظيفة. 

لكن الضغوط المتزايدة الناجمة عن التوجه العالمي نحو الاستدامة وتحويل الطاقة، واعتماد وتنفيذ ممارسات متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي أصبحت ضرورية لضمان عملية إنتاج نفط مستدامة وفعالة من حيث التكلفة.

ويشير استقصاء أجراه معهد IBM Institute for Business Value إلى أن 82% من المديرين التنفيذيين في مجال النفط والغاز يعتقدون أن الابتكار سيكون "ضرورياً" لنجاح مؤسساتهم في السنوات الثلاث المقبلة. كما أن العديد من المؤسسات المنتجة للنفط والغاز عزَّزت في الآونة الأخيرة استثماراتها في أساسها الرقمي، وتسعى بصورة أكبر إلى العمل مع شركات ناشئة، في محاولة للتأقلم مع المشهد التشغيلي الدائم التغير في هذا القطاع. ومن ضمن هذه المؤسسات شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط التي استثمرت من خلال مركز أرامكو السعودية لريادة الأعمال (واعد) في شركات ناشئة مثل شركة مدرى العربية لتصنيع غاز النيتروجين، ومصنع بيور بوليمر لإنتاج مواد بلاستيكية ملونة مختلفة.

وأقامت مدينة مصدر في أبوظبي شراكة مع شركة BP في عام 2018 لإطلاق وحدة دعم الابتكار التكنولوجي (The Catalyst)، وهي أول مركز لدعم نمو الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة بالمنطقة. وتخرَّج من وحدة دعم الابتكار التكنولوجي نظام "فولتس"، وهو نظام ذكي لإدارة البطاريات، ومنصة "سولفا"، وهي أول منصة توصيل كهربائية في العالم، وغيرهما.

ويعد الذكاء الاصطناعي إحدى التكنولوجيات التي تستخدمها شركات النفط والغاز بصورة متزايدة. وتميل شركة nybl الإماراتية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مختلفة، في محاولة لمعالجة النقص السائد في البيانات وإتاحة إمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي على نحو أفضل. وبدلاً من الاعتماد على البيانات التاريخية، تتطلع شركة nybl إلى تحويل البيانات والتجارب غير المستغلة إلى أفكار قابلة للتنفيذ.

يقول نور النحاس، مؤسس شركة nybl: "أردنا أن نعالج أولاً البيانات التاريخية لأن هذا هو التحدي الأكبر، لأن البيانات التاريخية متحيزة، أو يصعب الحصول عليها، أو تتحكم فيها شركات كبرى، أو غير موجودة".

وقبل تأسيس شركة nybl، عمل نور وفريقه المؤسِّس في مجال النفط والغاز، لذلك عندما بدأ في بناء منتج لشركته الناشئة، كان تركيزه مُوجَّهاً إلى قطاع النفط والغاز. ويضيف نور: "نطبق ذلك أولاً في صناعة نعرف فيها كل شيء عن النفط والغاز، ثم سنركز على المنصة، وبعد ذلك سنسعى إلى تمكين أي شخص من تطبيق ذلك، وتلك هي الطريقة التي قسَّمنا بها هدفنا". 

وفي مجال النفط والغاز، تساعد شركة nybl الشركات على التنبؤ بحدوث عطل وشيك في مضخات النفط، مما يساعد تلك الشركات على زيادة إنتاجية المضخات وكفاءتها، مع تقليل تكاليف التشغيل في نهاية المطاف. ويقول نور النحاس: "تُنتِج هذه المضخات 2500 برميل من النفط يومياً في المتوسط، وفي بعض أنحاء المنطقة، ينتج بعضها ما يتراوح من 5000 إلى 10000 برميل يومياً. ومن الممكن أن تتسبب مُعدَّة واحدة تبلغ قيمتها نصف مليون دولار في خسارة تبلغ 100 مليون دولار إذا تعطلت فجأة. وما نفعله هو أننا نخبرهم متى ستتعطل هذه المضخة لكي يتمكنوا من تقليل وقت التعطل والتخطيط له مسبقاً."

وأجرت شركة nybl أول اختبار تجريبي لها مع شركة بترول أبوظبي الوطنية. وذكر نور أنهم تمكنوا خلال فترة اختبار تجريبي استمر ستة أشهر من أن يوفروا للشركة نحو 10 ملايين دولار من التكاليف التشغيلية. يقول نور: "في أول تنبؤين، انتظرت شركة بترول أبوظبي، واكتشفت أن التنبؤين كانا على حق. وفي التنبؤ الثالث، كانوا يتخذون إجراءات بشأن ما فعلناه. لذلك كانوا بالفعل يغيرون المعايير في الآبار، ويغيرون الآبار التي كانت على وشك التعطل. لقد كان ذلك مُساعِداً رائعًا".  

في بداية رحلة شركة nybl، كان من الصعب على نور النحاس أن يُثبت جدوى منتجه وقدرته على التفوق على الذكاء الاصطناعي التقليدي الذي تستخدمه المؤسسات المنتجة للنفط والغاز على مستوى العالم. يقول نور: "لقد بدأنا مرحلة إثبات المفهوم في شهر أغسطس الماضي، ونافسنا جميع الشركات الكبيرة في القطاع التكنولوجي بوجه عام والذكاء الاصطناعي بوجه خاص، ومنها شركة آي بي إم صاحبة نظام واتسن، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وشركة شنايدر، وشركة هانيويل، وتفوقنا عليهم جميعاً".

وحالياً، يصل عملاء شركة nybl من شركات النفط والغاز إلى 12 شركة، منها شركة شلمبرجير، وشركة بترول أبوظبي الوطنية، وشركة بيكر هيوز، وشركة نفط الكويت، وشركة بوريتس إنترناشيونال. وتتطلع nybl إلى الحصول على مزيد من العملاء في آسيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.

وإضافة إلى العمل في قطاع النفط والغاز، تقدم شركة nybl حالياً خمسة منتجات تخدم صناعات متعددة، مثل سلسلة التوريد والرعاية الصحية. وتخطط لتعزيز تطبيقها للذكاء الاصطناعي في مجالات التأمين والأمن المادي والزراعة. وتخطط الشركة أيضاً لإطلاق منصة للمنتجات الاستهلاكية، مما يُمكّن مؤسسات تصنيع الأغذية والمشروبات من الوصول إلى رؤى تتعلق بسلوك المستهلكين وأنماط استهلاكهم المتغيرة.

ويقول نور: "هدفنا الأسمى هو إضفاء الطابع الديمقراطي على استخدام حلول الذكاء الاصطناعي. ونتطلع إلى مساعدة أي شخص على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أي وقت. وهذا هو المكان الذي سنوفر فيه معلومات عن سلوك المستهلك للبائعين وتجار التجزئة وشركات التصنيع الكبرى."

تحديات التمويل

تعكف شركة nybl حالياً على إغلاق جولة تمويل تقودها مجموعة من المستثمرين الدوليين. ويروي نور النحاس تجربة صعبة مع المستثمرين الإقليميين، ويسلط الضوء على النقص الشديد في اهتمام المستثمرين بالشركات المحلية الناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة مثل شركته. ولذلك، كان على شركة nybl أن تسعى إلى الحصول على تمويل من مستثمرين من خارج المنطقة. فيقول: "لقد كان التحدث إلى المستثمرين في هذه المنطقة يحتاج إلى خوض معركة كبيرة. لذا توقفنا عن التحدث إلى أي مستثمرين في المنطقة لأن ذلك لم يعد منطقياً بالنسبة لنا".

وبعد ستة أشهر في التحدث إلى مستثمرين من المنطقة، لم يُفضِ ذلك إلى أي استثمار، إلاَّ أن مجموعة من المستثمرين العالميين تجاوزوا الاكتتاب في الجولة الأخيرة للشركة. 

ووفقاً لمختبر ومضة للأبحاث، حصلت الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العميقة على 9.7 مليون دولار فقط من أصل 986 مليون دولار استُثمرت في الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في النصف الأول من هذا العام.

وعادةً ما تتطلب أعمال التكنولوجيا العميقة استثماراً مستمراً من أجل طرحها وتسويقها، ويمثل هذا النقص في رأس المال المخاطر في مجال التكنولوجيا العميقة أكبر عقبة تهدد نجاح شركة nybl على المدى الطويل.

يقول نور: "نحتاج إلى النمو وإلى توظيف أشخاص، كما نحتاج إلى اكتساب عملاء والاستمرار في العمل، وذلك يتطلب رأس مال".

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.