English

غسل السيارات من غير ماء KeenWash

English

ما هي كمية الماء اللازمة لتنظيف سيارة متسخة؟ قد لا تتطابق الإجابة مع توقعاتك، كما يكتشف حالياً آلاف المواطنين الأردنيين. ومنذ تأسيسها في 2008، حققت كين ووش (KeenWash)، أول شركة تقدم خدمة نقالة لغسيل السيارات في المنطقة دون الحاجة إلى استخدام الماء والصابون، نمواً استثنائياً، وحصلت على جائزة الملكة رانيا للريادة المرموقة. لقد تحدث الدكتور نادر عتمة المدير العام لشركة كين ووش لفينشر (Venture) عن قفزة شركته الناجحة إلى المجهول.

بقلم محمد ماضي



تعتبر كين ووش، بشكل من الأشكال، استمراراً لماضي الدكتور نادر عتمة في عالم الأعمال، وفاصلاً متعمداً بأشكال أخرى. لقد تركزت المسيرة المهنية لعتمة في مجال الصناعات الكيماوية حتى عام 2005، وهو يحمل شهادة في الكيمياء الصيدلانية. وقد قام عتمة، من مصنعه في أبو علندة، بإنتاج مستحضرات تجميل ومنظفات منزلية ومواد كيماوية صناعية للأسواق المحلية والإقليمية. وآمن عتمة، منذ ذلك الوقت، بالإبداع وبالرقابة الصارمة على الجودة.


ويقول الدكتور نادر: "لقد كنا نركب جميع المنتجات بأنفسنا، على عكس الآخرين الذين كانوا يكتفون بشراء حقوق إنتاج علامات تجارية معروفة، ويقومون بتقليدها". ولكن الفكرة التي وصلت بعتمة وأبنائه إلى السي إن إن (CNN) والبي بي سي (BBC)، وإلى الفوز في وقت لاحق بأرفع جائزة لرواد الأعمال، لم تكن قد أتت بعد. وكالعادة، كانت الفكرة حلاً لمشكلة حقيقية، والمشكلة هي شح المياه.


لا يحتاج كثير من الأردنيين إلى تذكيرهم بأن بلدهم، وفقاً للبنك الدولي، يحتل المرتبة الرابعة في العالم على لائحة الدول التي تعاني من شح المياه. ويتوقع أن يصل العجز المائي في الأردن بحلول عام 2020 إلى 434 مليون متر مكعب. أدرك عتمة أن أي إجراء يتخذ لتقليل استهلاك المياه بدرجة كبيرة سيمثل ضربة موفقة، دون أدنى شك. ورأى في غسيل السيارات فرصة لا يمكن إهدارها. وتكشف الإحصائيات المنطق الكامن وراء هذه الفكرة؛ فطرق غسيل السيارات التقليدية تستهلك ما يتراوح بين 180 و570 ليتراً، تبعاً للحرص على توفير الماء وتبعاً لحجم السيارة. ويحتاج غسيل السيارة التقليدي ما يصل إلى 200 ليتر من الماء. بالإضافة إلى ذلك، فإن النواتج الثانوية لغسيل السيارات التقليدي تحوي المنظفات والرصاص والأنزيمات التي قد تؤدي، إذا وصلت إلى شبكة التزويد بالمياه، إلى التقليل من أمان الماء إلى درجة خطيرة. لقد صارت الأساليب التقليدية لغسيل السيارات تبدو غير قابلة للاستمرار من الناحيتين البيئية والاقتصادية معاً.


عنها أتى حل غسيل السيارات دون ماء باستخدام مستحضر قادر على غسيل سيارة بأكملها خلال ربع ساعة باستخدام 150 مل فقط من محلول مائي. لم يكن "كين ووش" أول مستحضر في العالم لغسيل السيارات دون الحاجة إلى استخدام الماء. وينسب هذا التميز إلى دراي ووش (DriWash)، الشركة الأميركية التي بدأت بصنع منتج مشابه عام 1991. ويوجد حالياً عدة منتجين لمثل هذه المنظفات، ومعظمهم في الولايات المتحدة. ومع ذلك لم تقم أي شركة في الشرق الأوسط بإنتاج مثل هذا المستحضر حتى عام 2005، عندما شرع عتمة وأبناؤه بإنتاج نسختهم الخاصة التي هي مستحضر أردني بالكامل من التصميم حتى الإنتاج.


استغرقت عملية تطوير المستحضر ثلاث سنوات، وتطلبت اختبارات مكثفة، وإعادة صياغة واختبار. لقد كانت عملية طويلة ودقيقة، فالمستحضر يجب أن يكون فعالاً بدرجة كافية لإزالة الأوساخ المتراكمة، ولطيفاً بدرجة كافية حتى يتلف بلاستيك السيارة أو طلاءها. أصبحت الصيغة النهائية للمستحضر جاهزة في 2008. ولكن تحضير الصيغة لم يكن سوى البداية. فتصميم المنتج كان بمثابة خطوة أولى سهلة نسبياً نظراً لخبرة عتمة في مجال التصنيع الكيماوي. وقال: "ما حدث بعد ذلك كان بداية الإبداع الحقيقي".


خلافاً للشركات المصنعة لهذا المنتج في الولايات المتحدة، التي كانت تكتفي بتصنيع المنتج ومن ثم بيعه بالجملة، قام الدكتور نادر وأبناؤه بوضع خطة عمل لخدمة شاملة من الألف إلى الياء لترافق مستحضر كين ووش. لم يقوموا بإنتاج المستحضر فحسب، بل قدموه إلى المستهلك، وهي خطوة لم يقم بها أحد من قبل.


وشرح عتمة ذلك: "كان الانتقال من الإنتاج إلى الخدمة خطوةً كبيرةً أخذناها على محمل الجد. لقد استعنا بموظفين من ذوي الخبرة في قطاع الخدمات، شبان لديهم أفكار رائعة". ومن تلك الأفكار شراء ثلاث آليات كين ووش، تقوم بتنظيف سيارات العملاء قرب منازلهم أو مكاتبهم أو مواقف سيارتهم. ورغم بشائر النجاح الأولى، فقد كانت الحجوزات منخفضة في البداية.


وأضاف عتمة: "كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو إقناع الناس بوجود طريقة فعالة وآمنة لغسيل السيارات مثل طرق الغسيل التقليدية، ولا تحتاج إلى استخدام الماء. لقد اقترن غسيل السيارات في أذهان الناس بالماء. وبذلنا جهداً كبيراً في محاولة التغلب على ذلك الشك. وكي يثبت للأردنيين أن المستحضر آمن وفعال، قام عتمة بمجازفة تجارية مقدماً 1,500 عملية غسيل تجريبية مجانية لسيارات مشاهير وشخصيات بارزة في الأردن. وتضافر جهد إعلاني منسق، وموقع إلكتروني حديث، وتوصيات شفهية لإقناع الأردنيين تدريجياً أن الفكرة ليست مجنونة، كما تبدو للوهلة الأولى. كما ساعدت أيضاً محطات غسيل مخصصة في مناطق هامة كمتجر كوزمو (Cozmo) الضخم ومركز سيتي مول (City Mall) للتسوق في تحسين الانطباع السائد عن كين ووش.


الآن، وبعد عامين، أصبح كين ووش في وضع آمن إلى درجة جعلت الشركة تتطلع إلى التوسع إلى أسواق أخرى في الشرق الأوسط من خلال بيع تراخيص الإنتاج. إن نموذج كين ووش بما يمثله من خدمة بارزة وشاملة وعلامة تجارية رائجة يتناسب بصورة طبيعية مع نموذج التراخيص؛ وهي فرصة يحرص د. عتمة على استغلالها. لقد نجحت كين ووش سلفاً ببيع تراخيص في الدمام والرياض في المملكة العربية السعودية، وفي البحرين وقطر ولبنان، كما تجري مفاوضات حالياً لبيع الترخيص في مصر. ويضيف عتمة أن منتجهم موضع اهتمام في مناطق متنوعة كالبرازيل والصين واليابان وسويسرا وإسبانيا.


ومن العوامل الأساسية في صعود كين ووش السريع، كان فوزها بالمركز الأول في مسابقة الملكة رانيا الوطنية للريادة في 2008. وتسعى الجائزة، التي يقدمها مركز الملكة رانيا للريادة، إلى مكافأة رواد الأعمال الهواة وإلهام الشباب منهم من خلال تقاسم مشترك للمعرفة والمهارات والخبرات. ومن الجوائز الأخرى كانت برنامج تدريب متخصص للشركات الناشئة الجديدة، يعالج مواطن الضعف المحتملة كتصميم نماذج أعمال قابلة للاستمرار، والحرص على تلاؤم حجم الشركة مع الظروف المحيطة.


قال عتمة لفينتشر: "لقد شعرنا حقاً بالامتنان للفوز. لقد كان الإبداع في الأردن في حاجة حقيقية إلى مؤسسة مثل مركز الملكة رانيا للريادة، فهذه الجوائز تشجعني على الاستمرار لشعوري بوجود شيء يقدم لتشجيع ريادة الأعمال في الأردن".


يمكن أن يعزى جزء كبير من نجاح كين ووش إلى صورة علامتها التجارية البارزة. وكان العاملون الذين يقومون بتنظيف سيارات الزبائن في مراكز التسوق والمتاجر الكبرى يرتدون قميصاً أخضر اللون وقبعة يحملان اسم الشركة وشعارها، بينما لعبت الوحدات الجوالة دور إعلانات متحركة بادية للعيان. وتحمل كافة منتجات العناية بالسيارات التي تصنعها شركة عتمة والتي يصل عددها إلى 27 منتجاً العلامة التجارية لكين ووش. وقد ساهم حل كين ووش لمشكلة بيئية ضاغطة بصورة كبيرة مساهمة واضحة في رواج هذا المنتج. ففضلاً عن توفير الماء، كان المنتج، الذي يرتكز على الماء، خالياً من المشتقات النفطية، وصديقاً للبيئة أيضاً بصورة أكبر، ولا يؤدي إلى إطلاق مواد كيماوية تضر بمصادر المياه.


ويتولى معتز، ابن عتمة، منصب مدير التسويق، بينما يهتم قريبه حسن بشؤون الإنتاج وتكنولوجيا المعلومات في مكتب الشركة المتواضع في الصويفية. ما تزال كين ووش شركة عائلية إلى حد بعيد، ولكن هذا لا يحد من طموحها بأي شكل من الأشكال.


وقال عتمة: "إننا نرغب في أن نصبح شركة عالمية. ونحن نبحث دائماً عن الحلول التي من شأنها أن تنقلنا إلى المستوى التالي". وأضاف أنه ينوي استهداف الشركات التي تشغل أساطيل من المركبات الكبيرة، كشركات النقل وشركات المرافق. سيوفر إبرام صفقات مع هذه الشركات كميات هائلة من المياه. فمثلاً، توفر شركة لديها 300 سيارة تغسل مرة واحدة أسبوعياً، 3,336,000 لتراً من المياه في عام واحد. إن الإمكانيات هائلة، والفوائد البيئية مغرية.


لقد قاد حماس كين ووش للتوسع إلى انضمامها إلى شبكة إنديفر (Endeavor)، وهي مؤسسة لا تهدف إلى الربح، يقع مقرها في نيويورك، وهي مختصة بتطوير أفكار الأعمال ودفعها إلى الأمام. لقد اجتاز عتمة وكين ووش منذ الآن شوطاً بعيداً منذ أيام إنتاج المنظفات المنزلية ومنتجات العناية بالشعر بكميات ضخمة، وذلك من خلال الاستعداد للتكيف ومن خلال الإبداع وتبني تكنولوجيا جديدة. ومن المفارقات الغريبة حالياً أن إحدى الخدمات الإضافية التي يقدمها بروشور كين ووش هي "شامبو لتنظيف السجاد والنسيج".


شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.