English

المؤتمرات الرقمية: ما هي التغييرات المطلوبة

English

المؤتمرات الرقمية: ما هي التغييرات المطلوبة

دعوني أخبركم أمراً هاماً: عند إنعقاد أي مؤتمر رقمي في الشرق الأوسط، لا بد وأنكم تلاحظون انهماك المجتمعات الإلكترونية على الإنترنت بنقاش المؤتمر بشكل دائم. مع ذلك، ووسط كل الإشادة والإستشهاد والإحصاءات والمعلومات والبيانات المتبادلة، هنالك صوت واحد ساخر يتعالى في الخلفية دوماً. ذلك الصوت، أيها السيدات والسادة، هو صوتي.

كثيرا ما تلقيت الأسئلة عن سبب العداء الذي أكنه للمؤتمرات التي تعقد في المنطقة، لدرجة أن بعض المهتمين هاجموني في مناسبات عدة، واتهموني بمعاكسة الآراء المقبولة حول مواضيع كهذه، وبأنني أبدي التعليقات على سبيل التسلية ليس إلا. ما قد يكون صحيحاً إلى درجة ما، ولكن الواقع يعدو ذلك بكثير.

لقد استمتعت بالعمل في المجال الإلكتروني الرقمي منذ أوائل عام 2001، عندما قمت بإنشاء الموقع الإلكتروني لشركة نوكيا في الشرق الأوسط باستخدام لغة HTML غير الديناميكية وجافا سكريبت، وكان ذلك عبر برنامج النوتباد البسيط. لا يمكنني أن أذكر كمية الأدوات التي استخدمتها في السنوات الأحد عشر الماضية، أو عدد المواقع التي انضممت إليها كمشترك، أو حتى عدد الأشخاص الذين إلتقيتهم. فمن كان يتصور، حينها، بأن الإنترنت سيتحول من مجرد شركات تزجنا بالمعلومات، إلى منصة يتولى الأشخاص العاديون فيها زمام قيادة المحتوى بشكل مطلق؟

يتغير الإنترنت على مدار الساعة وكذلك سياق الثوابت.

معضلتي مع مؤتمرات اليوم والمتكلمين فيها هو التعامل مع الإنترنت على أنه من الثوابت، أو كقيم غير متغيرة يمكن التحدث عنها دون الأخذ بالحسبان بأن أي عرض اليوم يصبح قديماً في يوم تقديمه. يعمل الإنترنت على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، مع ذلك يتوقع منا الجلوس والاستماع لساعات طوال، بينما يتم كتابة قواعد جديدة مع مضي كل دقيقة.

قيل لنا، خلال جلسة خاصة حضرتها مع شركة غوغل الشهر المنصرم، بأن منطقة الشرق الأوسط تشهد مليون مستخدم جديد ينضم إلى الشبكة كل شهر. فهل تستجيب قواعدنا ونظريتنا الحالية لمثل هكذا تدفق؟ أنا واثق من أن أي توجه أو تقرير سلوكي يعفو عليه الزمن يومياً، وذلك جراء انضمام المزيد من الأشخاص إلى شبكة الإنترنت. وأفادت جوجل أيضاً بأن العام 2011 شهد زيادة بنسبة 0.4٪ فقط في المحتوى العربي على الإنترنت. من الواضح إن ما نعتقد أننا نعرفه عن المستهلكين يتغير يومياً.

مصدر آخر لعدم الارتياح الذي يراودني، هو أنه لا تتثنى لنا رؤية الناس الحقيقين الذين نتواصل معهم اجتماعياً. في الحياة الواقعية، يقف المدراء التنفيذيون ومدراء التسويق و نواب الرؤساء دوماً خلف المنصة للتكلم، ولكن ماذا بشأن أولئك الذين يديرون تدفق المعلومات بالفعل؟ أين يمكن أن نجد مدراء المجتمع؟ وأين يختبئ وأخصائيو بناء الإستراتيجيات؟ والتنفيذيون الجالسون في مجموعات التركيز لساعات طويلة في محاولة لفهم المستخدمين؟ هؤلاء هم الذين أود الاستماع إليهم، لأنهم رواة الخبر الأصليون، وهم الذين يتفاعلون مع مستخدمي الإنترنت الجدد بشكل يومي. وإذا كان هناك من يملك رواية فهم أولئك الأشخاص.

لقد تجاذبت أطراف الحديث مع بعض كبار شخصيات مجتمعات التواصل الاجتماعي في المنطقة للاستئناس بآرائهم.

في هذا الصدد، يقول Bilalhouri @ بأنه يشعر بأن  جميع المؤتمرات في المنطقة تبدو كمؤتمرات الأعمال المملة، حيث تربو كل كلمة عن الساعة أو تيزيد. وهم نفس الأشخاص دوماً، ويتكرر الحديث ذاته "أنظروا إلى ما فعلناه" بدلاً من "هكذا نفعل ذلك، والموارد، وتبادل الخبرات، وهذا ما سنقوم به لاحقاً".

وعلى صعيد، تقول @RobaAssi إنها مهتمة بالنقاشات والإحصاءات وبناء الصلات والعلاقات. "إن استطعت العثور على المحتوى في جوجل، فإنه حضور مثل هذه المناسبات يعد هدراً للوقت. أود ضمان عدم نشر الشركات للتقارير والبيانات التي تدور حول القضايا المتخصصة علناً والتي لا تناقش في كثير من الأحيان." وتضيف بأن على وكالات العلاقات العامة التوقف عن الهراء والتعامل مع الشبكة بمحبة أكبر.

وترى @iLady_B بأن قطاع وسائل الإعلام الاجتماعية لا يزال فتياً، وأقرب لصرعة جديدة، في حين أن المؤتمرات بالكاد تعكس ذلك. وأضافت "نجلس في القاعات لساعات طويلة حيث تنهال علينا المواد المعاد تدويرها. ويتم إطلاق العديد من الأدوات والأجهزة يومياً، وبالكاد نرى مسؤولي التسويق وهم يناقشون ما هو آتٍ. يتعلق الأمر دوماً بما كان وما ستؤول إليه الأمور. فضلاً عن ان الأطعمة المقدمة غالباً ما تكون رديئة – لا نريد المزيد من البيستو!!"

من جهتها، تقول @Nagham أنها سئمت من الروايات العامة حول عجائب وسائل التواصل الاجتماعي. وأضافت "إن كان الهدف هو الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعية، فالأجدر الحديث عن شيء جديد مثل الاستهداف السيكوغرافي أو المسائل القانونية. إنهم دوماً نفس الأشخاص ودراسات الحالة ذاتها. نحن بحاجة إلى وجوه جديدة ومواضيع جديدة". تريد @Nagham أيضاً تقدير وقياس ودراسة التوجهات المحلية.

أما @Bhavishya، فترغب برؤية أشخاص مختلفين. وقالت "أريد المزيد من المناقشات، حيث يختلف الناس مع بعضهم البعض ويتجادلون حول ما يصلح وما لا يصلح. لا توجد صيغة واحدة للنجاح على الإنترنت، وأود لو أفادنا العملاء بروايات تحذيرية من تجارب الحملات الفاشلة".

ويرى @FunkyOzzi بأن من يحضرون المؤتمرات يشعرون بأن من يخاطبهم يعتقد أنهم غريبون عن عالم الإنترنت، يتنهي الأمر بارتشاف القهوة والتواصل من دون أي قيمة مضافة حقيقية.

عليه تبدو الأمور قاتمة في أروقة المؤتمرات الإلكترونية، ولكن هل يعني هذا أن علينا إلغاءها جميعاً؟ لا أود المضي إلى هذ الحد، ولكن هناك بالتأكيد تعطش لمواد جديدة حديثة. إن الهدف النهائي المرجو لمثل هذه المؤتمرات هو تأثير المجتمع، وفرص التواصل، والأكثر أهمية، المحتوى الفريد من نوعه. وفي حال فقدان أي من تلك العوامل، فإنني أخشى بأن عليكم مواصلة سماعي وتحمل أوقات عصيبة عبر الإنترنت.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.