English

تواجه الريادة الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط جملة تحديات، لكن لا يعوزها المتطوعون

English

تواجه الريادة الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط جملة تحديات، لكن لا يعوزها المتطوعون

لم تجلب موجة الربيع العربي فقط الاضطراب إلى منطقة الشرق الأوسط، بل بشرت الاحتجاجات التي رافقتها بأساليب جديدة صبغت الحياة المدنية داخل المجتمع العربي. عاشت مصر هذا الشهر على إيقاع أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخها نتيجة لهذه الموجة، ويستعمل الشباب العربي عبر المنطقة وسائل إعلام جديدة كوسيلة للتعبير عن أنفسهم وتنظيم صفوفهم دون قيود كما لم يحدث من قبل.

قال باحثون في جامعة ستانفورد إن الربيع العربي كان هو الآخر أرضية خصبة لتعزيز تنمية المشاريع الاجتماعية في المنطقة. ووفقا لتقريرها المؤرخ في شهر مارس/آذار، "الريادة الاجتماعية: لماذا تكتسي أهمية بعد الربيع العربي"، "يبدي الشباب اهتماما متزايدا وبالإجماع عبر أرجاء المنطقة بتحسين مجتمعاتهم وبالمساهمة في التنمية طويلة الأجل لمجتمعاتهم بعد الثورة."

أشار التقرير الذي شارك في إنجازه بالاشتراك كل من "مركز الديمقراطية و التنمية وسيادة القانون" Center on Democracy, Development, and the Rule of Law، وموقع "بيت دوت كوم" Bayt.com للتوظيف في الشرق الأوسط، ومؤسسة "يوغوف" YouGov Siraj، وهي شركة أبحاث على الإنترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن أكثر من واحد على أربعة أشخاص في مسح شمل أكثر من 12.000 مشاركا في المنطقة قال إنه شارك بالفعل في العمل التطوعي، في حين أكد ما يقرب من 40٪ من المشاركين أنهم مهتمون بإطلاق مقاولاتهم الخاصة.

يلاحظ التقرير كذلك أن التحديات التي تواجه المشاريع الاجتماعية هي تلك التي واجهتها الشركات التقليدية الناشئة في المنطقة. غن التمويل حجر عثرة كبير، إلى جانب العقبات البيروقراطية، واللوائح التنظيمية غير الواضحة.
هناك حزمة من الجهود التي تستهدف الشباب الإقليمي، لكن التكنولوجيا هي السبيل الكفيل بإشراكهم في المجتمع، تقول باتريسيا أندرسون Patricia Anderson من مؤسسة "الخليج للأعمال الخيرية" Gulf for Good، وهي مؤسسة خيرية في الإمارات العربية المتحدة تنظم تحديات مغامرة للناس لرفع مستوى الرعاية لدعم جمعيات الأطفال الخيرية حول العالم.

"يتميز المراهقون الآن بوعي كبير بمحنة الناس الأقل حظا منهم، ويرجع الفضل في هذا الوعي إلى آبائهم، ومعلميهم، وإلى الاتصال بالقضايا العالمية التي تُعرض على التلفزيون وعلى الإنترنت،" تقول. "إنهم لا يقنعون بالجلوس وعدم القيام بأي شيء. إنهم يُمكنون بدلا من ذلك للقيام بشيء في مسعى لتقديم المساعدة.

تطبيقات الريادة الاجتماعية:

استلهمت مبادرة تكنولوجية في المنطقة فكرة التسوق ونقلتها، في الوقت نفسه، إلى الهواتف النقالة. تعتبر "كير زون" CareZone التي أطلقها ريتيش تيلاني Ritesh Tilani في دبي تطبيقا يثبت في الهواتف النقالة، ويهدف إلى ربط المتسوقين الذين يملكون وعيا اجتماعيا بالعلامات التجارية التي تساعد الجمعيات الخيرية، حتى يتسنى للناس الإسهام في القضايا المفضلة لديهم أثناء قيامهم بعمليات الشراء اليومية.

يشتغل التطبيق على نظام بسيط: كلما قام المستخدم بعمليات التسوق في أي من المحلات المشاركة، فإنه يحصل على رمز يُمسح ضوئيا على هاتفه، وهو ما يسمح له بالحصول على قطع نقدية CareZone Coins، وهي عبارة عن عملة افتراضية يتم التبرع بها. سواء تعلق الأمر بزراعة أشجار المانغروف، أو إنقاذ جرو، أو تعليم طفل، أو مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد، فإن الاختيار يترك للمستخدم.

يقول تيلاني، الذي تخرج من كلية وارتن للأعمال التابعة لجامعة بنسلفانيا في عام 2001، إنه حلم لطالما راوده لبناء مقاولة تتمتع بالمسؤولية الاجتماعية والتي من شأنها تمكين الآخرين لتقديم الأفضل. "إنه أمر واقعي القول أنه إذا أنفقت ما يقرب من عشرة دراهم (2.70 دولارا) على شيء تقوم به عادة على أي حال، يمكنك إطعام شخص في إفريقيا،" يقول، مضيفا إن الأمر بسيط بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية إذا أرادوا استخدامه أيضا.
يقول إن التطبيق يعمل حاليا فقط على أجهزة "آي فون"، لكنه عقب بأن الخطة تتضمن إطلاق إصدارات من "كير زون" تكون متوافقة مع أنظمة التشغيل "سيمبيان"Symbian ، ومع أجهزة "بلاك بيري"، وهواتف "أندرويد" كذلك.
تقول أندرسون إن التكنولوجيا لعبت بالتأكيد دورا كبيرا في نشر المعلومات وحث المراهقين على التطوع. "خصوصا الخدمات المجانية مثل "فيسبوك" و"تويتر"، والتي سمحت للجمعيات الخيرية مثل مؤسسة "الخليج للأعمال الخيرية" بنشر معلومات حول نشاطاتنا واحتياجاتنا على نطاق واسع، بما يسمح بوصولها إلى المزيد من الجهات المانحة المحتملة والمتطوعين."
لكن في حين تقدم التطبيقات طريقة سهلة للناس للتبرع بشيء قليل لصالح قضية وجيهة، يقول الطلاب إنهم يريدون كذلك المشاركة في المزيد من الأنشطة التطوعية العملية.
"كنت أبحث عن وسيلة للمشاركة في الأنشطة الخيرية لفترة من الوقت،" قالت بافيترا آينغارPavitra Iyengar، وهي طالبة في الصف الحادي عشر في مدرسة Our Own English High School، والتي وجدت فرصا في موقعVolunteerinDubai ، واغتنمت فرصة العمل معهم في عملهم الخيري في شهر رمضان في الشارقة سيتي سنتر.

"لقد كان التسجيل في الموقع الإلكتروني أمرا عظيما وسهلا،" قالت آينغار. "كل ما يلزم القيام به هو التسجيل ومراجعة صفحتهم بشكل مستمر لعدة أيام عندما يحتاجون إلى متطوعين. إذا كانت هناك أحداث أخرى في مكان قريب، أحب أن أشارك مرة أخرى، ولذلك أدخل إلى موقعهم على الانترنت بشكل منتظم."
قالت ماذفي كومار Madhvi Kumar، التي تشغل منصب مدير مشروع حدث أسبوعي يديره موقع VolunteerinDubai لصالح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إن المنظمة تحاول استيعاب أكبر عدد ممكن من المهتمين بالعمل التطوعي، مثل أعضاء فرديين. قالت ماذفي، التي كانت تعمل مع مؤسسة VolunteerinDubai لولا لوبيز Lola Lopez لبعض الوقت، في عام 2011، إنهم نظموا ما يقرب من 485 حدثا.

لاحظت أنه في حين تلتزم بعض الأحداث بقيود السن، فإن أحداثا أخرى مثل Operation Ozone، التي جندت متطوعين لتنظيف الشواطئ في دبي، مفتوحة في وجه الجميع. تشمل بعض المشاريع التي يمكن للطلاب الاشتراك فيها جمع الكتب المستعملة وفرزها وتسعيرها وبيعها لجمع الأموال لصالح المصابات بسرطان الثدي من خلال "مشروع بيع الكتاب الوردي" Pink Book Sale Project، وكذلك، تجديد المدارس والمستشفيات الخيرية في جميع أنحاء البلاد في إطار مشروع Colour 4 A Cause، على الرغم من أن الوظائف تخصص اعتمادا على المهارات وعمر الفرد.

الوعي والفرص:
من بين التوصيات الواردة في تقرير ستانفورد لتعزيز المشاريع الاجتماعية هي زيادة السلطات التعليمية من دروس الريادة في المدارس، وبناء الوعي.
تتوفر العديد من المدارس في دبي على برامج للتواصل مع المجتمع، بما في ذلك "المدرسة الأمريكية في دبي"، والتي تشمل أنشطتها الخدمية رحلات إلى بلدان مثل إثيوبيا وفيتنام للعمل في المدارس ودور الأيتام، ومدرسة البكالوريا في جميرا، والتي تسير مشاريع خيرية لمساعدة المصابين بسرطان الثدي، وأحداث أخرى لجمع المال من أجل قضايا إنسانية. كما تعتبر "مدرسة الألفية في دبي" مدرسة تدخل في فئةRound Square ، والتي تمنح الطلاب فرصة المشاركة في خدمة المجتمع، ومشاريع العمل، وبرامج التبادل.
تتوفر "مدرسة الضيافة" على برنامج مخصص للتواصل مع المجتمع، أُطلق مع تعيين ماهيش ساجناني Mahesh Sajnani في منصب منسق التواصل مع المجتمع في عام 2010، مع مبادرتهم الأولى التي تهدف إلى جمع مواد إغاثة لمساعدة ضحايا الفيضانات في باكستان. تلقى البرنامج الذي استهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15-18 سنة، الدعم الكامل من قبل الطلاب من جميع الأعمار ومن الموظفين.

يشمل العمل الذي قام به الطلاب على مدى العامين الماضيين يشمل حملة لجمع القرطاسية لصالح مدرسة "بيغ بن" Big Ben School في نيروبي والفلبين، ومخيمات التبرع بالدم، المتنافسة في "بينك والكاثون" Pink Walkathon وتنظيم ماراثون التوعية بمرض السرطان، وخدمة المجتمع في مستشفى الوصل، وجمع المواد الغذائية لصالح معسكر عمل في "يوم الأغذية العالمي"، والشراكة مع "مركز النور لرعاية و تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة" للتطوع هناك كل أسبوع.

أشار تقرير ستانفورد إلى أنه من الصعب بالنسبة للأفراد في المنطقة إطلاق منظمات غير حكومية. في الوقت نفسه، يقترح الباحثون أن التمويل الأجنبي الموجه للمشاريع المدنية من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الانفتاح في هذا القطاع، وإلى خلق فرص عمل ممكنة في بلدان شمال أفريقيا مثل مصر وتونس. "مع ارتفاع معدلات البطالة في جميع القطاعات ومع توجيه المزيد من مساعدات التنمية إلى بلدان ما بعد الربيع العربي، من المفترض أن تصبح المنظمات غير الحكومية والقطاع الاجتماعي أكثر جاذبية لدى جيل الشباب،" يلاحظ التقرير.
في الخليج، توجه الهيئات التابعة للحكومة جزءا كبيرا من أنشطة المشاريع الاجتماعية. إحدى المنظمات تحمل اسم "تكاثف"، والتي تأسست في عام 2007 بتأييد من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي. تركز "تكاثف" على جعل الطلاب الشباب الإماراتيين يشاركون في حملات التبرع بالدم وحملات التوعية البيئية، والرعاية الصحية للمرضى فضلا عن الأنشطة الثقافية التي تنظم في مختلف أنحاء البلاد.

تلقت هذه الجهود بالفعل دفعة من الربيع العربي -خصصت بلدان الخليج 150 مليار دولار للإنفاق على الرعاية الاجتماعية منذ بدء الاضطرابات، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة "ميريل لينش مصرف أوف أميركا"Merrill Lynch Bank of America . على الرغم من أن كثيرا من ذلك سوف يحول إلى زيادات في الرواتب بالنسبة لموظفي الحكومة، فقد تم تخصيص أموال لتحسين روح المبادرة والالتزام الاجتماعي.

يقدم مواطنو الخليج الشباب مثل يوسف سعيد، وهو طالب يبلغ من العمر 16 عاما، مثالا على تأثير مثل هذه البرامج. يقول يوسف إنه في الوقت الذي شارك في البداية في "تكاثف" لأنه يحتاج لاستكمال متطلبات مدرسته الثانوية، فقد أصبح شيئا تمتع به فيما بعد. "أعتقد أنه أمر جيد أن يتم تشجيع الطلبة على التطوع وتقديم المساعدة، إنه يغير حقا الطريقة التي تنظر بها إلى الأمور."

نشر في Arabic Knowledge@Wharton في ٢٩/٠٥/٢٠١٢

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.