English

الرقابة على الإنترنت نقطة سوداء في سجل القطاع التكنولوجي الأردني

English

الرقابة على الإنترنت نقطة سوداء في سجل القطاع التكنولوجي الأردني

مع اقتراب شهر رمضان من نهايته، يشتد الجدل في الأردن حول الرقابة المحتملة على الإنترنت.

فبعد أن طلبت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الشركات المزودة للإنترنت حجب المواقع الإباحية، لا يزال النشطاء والمسؤولون ينتقدون الخطوة. فقد وصفت المدونة المعروفة ربى عاصي الرقابة بأنها "حرب" على "التكنولوجيين"، تبعتها مقالة لجيليان يورك من مؤسسة الحدود الإلكترونية توضح فيها كيف أن تشريعاً من هذا النوع يمكن أن "يساء استخدامه بسهولة أو يتم استغلاله"، وقبل يومين هاجم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق مروان جمعة محاولة فرض رقابة على الإنترنت واصفاً إياها بأنها "نقطة سوداء في سجلّ الأردن".

حظي هجوم جمعة الذي جاء على شكل تحديث للحالة الشخصية على فيسبوك (ينشر كاملاً في الأسفل) بأكثر من 350 مشاركة حيث واصل القراء نشر تعليقاته عن كيف ستقود الرقابة على الإنترنت إلى تدمير المملكة الهاشمية.

وشرح جمعة، في دردشة مع ومضة، التأثير المحتمل على الرياديين، قائلاً إن "الأمر يتعارض مع موقعنا كدولة. فحين تحجب الحرية، تحجب التفكير. وإذا كنا جادين في تحويل الأردن إلى مركز للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فعلينا أن ندعم القول بالفعل لذلك على الحكومة أن تبحث عن أساليب لدعم الريادة. (فبهذه الخطوة) نحن نخلق بيئة غير حاضنة".

وذكرت صحيفة "جوردان تايمز" أن تحرك الوزارة باتجاه الشركات المزودة للإنترنت جاء استجابة لضغط من مجموعة على فيسبوك تدعو إلى رقابة على المواقع الإباحية جمعت 34 ألف معجب منذ انطلاقها في شباط/ فبراير ونظمت اعتصاماً مؤيداً للرقابة في مطلع شهر تموز/ يوليو الماضي. وقدمت الوزارة برنامجاً مجانياً على موقعها لحجب أي محتوى غير ملائم، إلاّ أن جمعة يعتبر أن الحل الطويل الأمد يجب أن يتضمن المزيد من التربية والتعليم. ويقول الوزير السابق "يجب أن نركّزعلى حقيقة أن الكثير من الأهل في الأردن لا يعرفون كيفية استخدام الكومبيوتر، وهم يخشون مما يقوم به أطفالهم لذلك، فمن الطبيعي أن يرتاحوا لجعل أحدٍ (يراقب أطفالهم) بدلاً عنهم. هذه أسوأ مقاربة ممكنة. أما ما يجدر بنا فعله فهو الاستثمار في تدريب الناس".

في المقابل أنشئت صفحة منافسة على فيسبوك ضد الرقابة، تكتسب الشعبية حيث ناهزت 12 ألف معجب منذ إنشائها في 17 نيسان/ أبريل، مدعومة من العديد من قادة الأعمال والرياديين. وأحد هؤلاء الرياديين، عطا القاضي، الذي سيستضيف ستارتب ويك آند عمّان في 30 آب/ أغسطس ، ويجمع مؤسسين طموحين لشركات ناشئة لتطوير نماذج لمنتجات خاصة بالإنترنت والمحمول خلال 54 ساعة. وقال القاضي "تمنح هذه الخطوة الحكومة المزيد من السلطة للتحكم بالإنترنت. فربما في المستقبل، لن يكون مسموحاً للناس أن يبنوا مواقع إخبارية جديدة لأنها قد تعتبر "غير مناسبة" للمواطنين. فتخيّل أن يعتبر فيسبوك "غير مناسباً"، وتخيّل كم من شركة تستمر بفضل فيسبوك".  ويشير، منتقداً، إلى أن الحافز سيضعف لبناء أي شيء لأن الحكومة قد تغلقه. ويختم بالقول "المستثمرون الدوليون لن يكونوا مهتمين بالشركات الأردنية".

من غير المرجح أن يسنّ قانون في وقت قريب ينص على أي نوع من الرقابة، نظراً إلى الاستقالة الأخيرة لرئيس الوزراء والأجواء السياسية الداخلية المضطربة بشكل عام في الأردن. ولكن هذا القرار يشكّل مفصلاً حساساً للأردن الذي يحاول أن يصوغ هويته ما بعد الربيع العربي وسط الاضطرابات المحيطة به. فهل ستتجه المملكة نحو السياسات القديمة لبعض الممالك العربية الأخرى، أم ستواصل تعزيز الانفتاح الذي ساعد في جعلها مركزاً للريادة؟

سيستمر الجدل في الفعالية المقبلة ضمن سلسلة ثلاثاء عمّان التكنولوجي "Censorship Edition" في الرابع من أيلول/ سبتمبر.

في ما يلي تحديث الحالة الشخصية لجمعة في 15 آب/أغسطس الماضي:

لدي واجب التعبير عن رأيي! ليس لأني أدير أول شركة جلبت البريد الإلكتروني إلى الأردن، أو لأني كنت من مؤسسي مبادرة REACH، أو لأني كنت وزيراً للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بل لأن ما يحصل في قطاعنا وخصوصاً محاولة فرض رقابة على الإنترنت، هي ببساطة أمر خاطئ إن لم يكن غبياً وسأشرح لماذا:

1 ـ إنها خطوة غير مجدية!

واجهت الدول التي حاولت حجب المواقع الفشل بل الفشل الذريع. وقد كلّف ذلك الملايين وببساطة لم يجد نفعاً.  فهناك العديد من الأساليب التي تمكّن أي مستخدم من تجاوز هذا الحجب مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) والبروكسي، لماذا محاولة فرض ذلك من الأساس؟ فالإنترنت مثل موجة المد والجزر، إذا حاولت أن تقف في طريقها ستسحبك جانباً إن لم يكن دفنك حياً! بالإضافة إلى ذلك، يتم في كثير من الأحيان حجب مواقع غير ضارة لأنها قد تحتوي على كلمات تعتبر مسيئة، (مثل مواقع الصحة النسائية عندما تشير إلى سرطان "الثدي" على سبيل المثال). إذاً سينتهي بنا الأمر بفوضى كاملة!

2 ـ ثمة قوانين ناظمة موجودة من الأساس في الأردن!

يوجد في الأردن قانون للجرائم الإلكترونية يعالج على وجه التحديد مسألة نشر المواد الإباحية للقاصرين وهو ينص على عقوبات صارمة وعقوبات بالسجن! وهذا يعتبر تهديداً حقيقياً وقد تمت مواجهته أصلاً. فلماذا تعقيد الأمور الآن

3ـ أين نرسم الخطوط الفاصلة؟

يبدأ الأمر بالمواقع الإباحية وقد يتطور إلى مواقع أخرى أو قضايا تعتبر مسيئة! إذاً نحن كمن يفتح صندوق باندورا سيكون من المستحيل إغلاقه. وإذا حجبنا المواقع فهل سنحجب البريد الالكتروني الذي يحتوي على صور ومقاطع فيديو للكبار؟ أم سنقوم بحجب القنوات التلفزيونية الفضائية التي تحتوي على العري؟ باختصار: أين سنرسم الخطوط الفاصلة هنا؟

4 ـ الحكومة ليست جليسة أطفال!

إن الأهل هم المعنيون برعاية أطفالهم وبما يفعلونه على شبكة الإنترنت وليس الحكومة! هذه أبشع تجلّيات "الأخ الأكبر" لجورج أورويل. وبما أننا بدأنا الرقابة، لماذا التوقف عند الأمور الجنسية فقط، لماذا لا نسمح للحكومة بمنع "سوني بلاي ستيشن" و"نينتندو" عن أطفالنا لأنهم يلعبون بها لساعات أو حتى فيس بوك لأنه يلهيهم عن دروسهم! هل هذا ما نريده فعلاً؟ أن تكون الحكومة جليسة أطفالنا؟ مصدر الرقابة الوحيد على الأطفال يجب أن يكون الأهل، والأمهات والآباء يجب أن يكونوا واعين لما يفعله أطفالهم في جميع الأوقات، سواء على الإنترنت أو خارجه. لذلك علينا الاستثمار في تعليم الأهل طالما أن الخوف من المجهول هو ما نحتاج أن نكافحه جماعياً. فبدلاً من إهدار الملايين في محاولات عقيمة لفرض رقابة وحجب مواقع، لماذا لا نستثمر المبلغ ذاته لتدريب وتثقيف الأهل كي يتمكنوا من اتخاذ المزيد من القرارات الأفضل ثقافة والأكثر ذكاء؟

5 ـ الرقابة يجب أن تكون على مستوى المستخدمين!

يجب أن يكون الإنترنت حراً ومن دون قيود ومن يريد إنترنت نظيفاً ومفلتراً يمكنه أن يطلب ذلك من الشركة المزودة (ويتم دفع الكلفة تبعاً لذلك)، أو تحميل واحد من بين مائة تطبيق مجاني موجود أساساً لحجب المواقع الإباحية.

6 ـ الحجب ينتهك الحريات!

في عصر الانفتاح ووسط الربيع العربي، هل نريد فعلاً أن تنتهك الحكومات حرياتنا؟ فإن اختار شخص بالغ تنزيل مواد إباحية في إطار من الخصوصية فهذا حق من حقوقه وليس لأحد الحق في التدخل بذلك. هكذا بكل بساطة.

7 ـ الحجب يضرّ بقطاع تكنولوجيا المعلومات!

إن قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي حقق نجاحاً حقيقياً في عمّان التي غالباً ما تسمّى "وادي السيلكون" في الشرق الأوسط، بني على أساس أن الإنترنت مفتوح ومن دون قيود. لذلك فإن تدخل الحكومة بهذا الشكل سيوجه أسوأ رسالة ممكنة للمستثمرين والشركات الكبرى التي تختار الأردن مركزاً لها، وسوف تنفّر لاعبين جدد محتملين. وفي هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة لا نحتمل حقاً أن نلحق أضراراً في واحدة من النقاط المضيئة القليلة في الأردن والمصدر الرئيسي للعمالة النوعية.

8 ـ إنها نقطة سوداء في سجل الأردن في أسوأ وقت ممكن!

وسط منطقة من مجانين السيطرة وأعداء الإنترنت، يعتبر الأردن مثالاً مشرقاً على الانفتاح والحرية، ما يقود إلى العديد من الاستثمارات التي تُمَكِنُنا من بناء قطاعنا المزدهر. واليوم بعد عشرين عاماً تقريباً، وبعد أن شكلنا نموذجاً لباقي دول الشرق الأوسط، نرغب في العودة بالزمن إلى العصور المظلمة ووضع رؤوسنا في الرمال في أسوأ توقيت ممكن. هذا ما يشار إليه غالباً بالجرح الشخصي.

لهذه الأسباب أنا أرفض هذه الخطوة المتهورة، ولهذه الأسباب اخترت أن أتكلم. لدينا العديد من القضايا الأخرى التي تحظى باهتمام كبير والتي تتطلب منا الاهتمام والتركيز. دعونا نبقي الإنترنت مفتوحاً وحراً ونحافظ على موقع الأردن الطليعي في صناعة تكنولوجيا المعلومات ونحمي صورتنا كبلد يقوم على الانفتاح والتسامح.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.