English

مزرعة رُقيّة في الاسكندرية تعيد إحياء السياحة المصرية

English

مزرعة رُقيّة في الاسكندرية تعيد إحياء السياحة المصرية

قد تظنّ أنك تقود إلى مكان مجهول، ويتراءى إلى ذهنك أفكار مرعبة ومخيفة كتلك التي تشاهدها في أفلام الرعب الكلاسيكية. ولكن بمجرد أن تصل إلى بوابة مزرعة "رقيّة" Rouqayah’s Ranch، حتى تنتقل إلى مكان في مصر أفضل وأقدم في آن معاً.  

لم أعتد على أن أكتب لمحة عامة عن شركة تقليدية كهذه، ولكن حتى الشخص المعتاد على المدينة مثلي، يثمّن عالياً الاستراحة من التلوث والضجيج والاسترخاء في مكان تعجز كلمة "الهدوء" على وصفه بدقة.  

تقع المزرعة غرب الإسكندرية على الساحل الشمالي لكوبري حمودة. وهي تقدم تجربة عطلة فريدة حيث يمكن للمرء أن يستمتع بدروس ركوب الخيل على مستوى أوروبي، أو البقاء في مزرعة تقليدية حيث يحصل على إقامة مع خدمة أو خدمة ذاتية. 

تقدم المزرعة رحلات قصيرة وطويلة بالعربة، وحوض للسباحة وفيلا كاملة التجهيزات وكوخ للأشخاص الذين يريدون راحة عصرية. أما الذين يفضلون الحياة البرية البحت، فيمكنهم نصب خيمتهم في الحدائق المحددة كي يستمتعوا بالهواء المنعش والنظيف والبيئة الودودة المحيطة.     

وتدير "رقيّة" والمعروفة أيضاً باسم شيريدان جايمز، المزرعة مع زوجها علاء الدين عبد الحافظ. وشريدان هي ابنة مزارع إنكليزي جاءت لتعيش حلمها في مصر قبل حوالي ثلاث سنوات. وتقول ضاحكة وهي تعرّف عن علاء "كنت أبحث عن الخيول فانتهى بي الأمر في العثور على زوج أيضًا! وأنا سعيدة لأن حلمي أتى بي إلى الساحل الشمالي وإلاّ كنت جننت لو بقيت في القاهرة".     

بالرغم من سكينة المكان، فإنّ الحياة فيه ليس سهلة. ويشرح علاء أن "الأمر يتطلب عملاً جسديًّا بالطبع وكانت السنتان الماضيتان صعبتين جداً. ومعظم زبائننا أجانب ورحلوا خوفًا من عدم الاستقرار في البلد".    

ولم يكن الزبائن هم فقط من غادروا المزرعة، بل العمال فيها أيضًا قد رحلوا على الرغم من تقاضيهم أجرًا أعلى من معدل الأجور في المنطقة. وقال علاء "اعتقدنا أن البيئة الجيدة للعمل والفوائد والأجر الجيد ستكون دوافع كافية". ولكن القراءة بين السطور جعلتني أفهم أن العمال غالباً ما يتأثرون بالترهيب لا بالحوافز (سياسة العصا والجزرة)، وهذا من التداعيات المؤسفة للعيش طويلاً في ظل حكم استبدادي. 

ولكن الأمور تتحسّن مع بدء قدوم فئة جديدة من الزبائن المصريين، تلك التي تبحث عن تجربة حديثة ولكن محلية، لا سيما ركوب الخيل. فالمزرعة مختصة بالخيول المدرّبة والتي حظيت برعاية جيدة وبسرج جيد مع مرشدين مدربين من أجل جعل تجربة ركوب الخيل آمنة وأكثر متعة. 

الثروة الحيوانية هي أساس مصدر الدخل الثاني للمشروع، حيث يبيع أصحابه البط الحي والدجاج، والأرانب، وكذلك لحم البقر الذي يتغذى على العلف الأخضر وبيض الدجاج أو البط و"جبنة القريشة" (وهي جبنة قليلة الدسم)، وزبدة البقر والسمن، والقشطة والقشطة الرائبة (هذا شيء لذيذ افتقدته منذ أن غادرت إلى بريطانيا)، والحليب الخام الطازج الكامل الدسم، واللبن الكامل الدسم بالإضافة إلى مربيات محلية الصنع. والشركة ليست فقط لإنتاج المواد العضوية بل توفر أيضًا خدمة التوصيل في الإسكندرية والقاهرة إلى مجموعة صغيرة ولكن متنامية من الزبائن الأوفياء.   

ومن أجل تقييم صحيح للمنتج، كان عليّ أن أتذوّق عينات من بعض الأطعمة. فوجدت أن لحم البقر رائع، والأرنب، رغم المعاناة التي ينضوي عليها طبخه، هو لذيذ أيضًا. أما مزيج القشطة مع المربى فهو رائع من دون الطعم الاصطناعي الذي يأتي مع المنتجات التي تنتج بكميات كبيرة. وقد قررت أن آخذ عائلتي إلى هناك قريباً لنمكث فترة طويلة للحصول على بعض السكينة والاسترخاء. 

ثمة توجه متنامي نحو السياحة الداخلية في مصر وهو الأمر الوحيد الذي يبقي القطاع المحلي حياً بعد الضربات المتتالية التي تلقاها بسبب الاضطرابات الأخيرة. وصحيح أن معظم السياحة المحلية لا تزال موجهة نحو الوجهات التجارية حيث الشمس والبحر مثل مارينا وشرم الشيخ، أو مؤخراً عين زرقا، إلاّ أنه من المنعش أن تشهد ولادة أسلوب جديد للسياحة الداخلية.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.