English

اقتراض مليار دولار يومياً. لمحة عن دَيْن المملكة العربية السعودية

English

اقتراض مليار دولار يومياً. لمحة عن دَيْن المملكة العربية السعودية

لفت انتباهنا مؤخراً عنوان  في مجلة "أرابين بيزنيس" Arabian Business الذي يكشف أن المستهلكين السعوديين يقترضون من المصارف  ما يقارب مليار دولار يومياً، رقم يعكس المتاعب المالية المتزايدة في المملكة.   

الا أن الأمر ليس صحيحاً. وفقاً للبيانات الأصلية التي نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، يحب المستهلكون السعوديون شراء المنتجات الباهظة الثمن (لا سيما "السيارات والمعدات" والعقارات) مما يحتّم الحصول على قروض للقيام بذلك. الا أنهم لا يقترضون مليار دولار يومياً.  وأوردت مجلة "ارابين بيزنيس" أن المستهلكين السعوديين يجب أن يُسددوا قروضاً بقيمة٣٢١ مليار ريال سعودي (ما يعادل ٨٦ مليار دولار) ولكنها أخفقت في الجدول الزمني وقالت "هناك حوالى ٨٦ مليار دولار (٣٢١ مليار ريال) من القروض الاستهلاكية بين نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو هذا العام- ما يساوي ٩٤٥ مليون دولار يومياً." الا أن هذا الرقم بعيد كل البعد عن قراءتنا لتقرير مؤسسة النقد السعودي التي تفيد أن المبلغ يشير الى مجموع الديون الاستهلاكية حتى اليوم، لا إلى قيمة الدين الذي ارتفع بين نيسان وحزيران.   

إليكم الأرقام الدقيقة: بلغت قيمة الديون الاضافية للمقترض السعودي بين الربع الأول والثاني من عام 2013 ما يعادل ١٣،٨ مليار ريال سعودي ( ٣،٦٧ مليار دولار). أي معدل ١،٢ مليار دولار شهرياً. وقد زاد المستهلكون في الولايات المتحدة عملية الاقتراض بـ ١٣،٨ مليار دولار بين أيار/ مايو وحزيران/ يونيو ٢٠١٣. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الحجم السكاني (السعودية: ٢٨ مليون والولايات المتحدة ٣١٦ مليون)، فيتطابق عندها الدين الاستهلاكي لكل شخص: حوالى ٤٣،٦٩ دولار شهرياً لكل شخص في السعودية مقارنة بحوالي ٤٣،٦٧ دولار في الولايات المتحدة.

وببساطة، يوازي الدين الاستهلاكي في المملكة العربية السعودية تقريباً الدين في الولايات المتحدة ويبلغ نحو ٤٠ مليون دولار يومياً لا مليار دولار. 

الا أن نسبة "الدين المُسدَّد من الدخل" في السعودية Debt-to-income ratios أعلى من النسبة الموجودة في الولايات المتحدة. هذا العام، بلغ المعدل السنوي لدخل كل لفرد  ما يقارب ٢٥٠٠٠ دولار مقارنة بحوالى ٤٦٠٠٠ دولار في الولايات المتحدة. وإذا أخذنا  كلفة المعيشة المنخفضة في السعودية بعين الاعتبار، تبقى نسبة الدين المُسدّد من الدخل في السعودية ضعف النسبة في الولايات المتحدة. بشكل عام، إن النسبة العالية للديون الاستهلاكية في السعودية تتسبّب بمشاكل اقتصادية، فالديون لا تؤدي الى نمو اقتصادي. وفي السعودية، يضاف الى ذلك أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل ٦٠٪ من البطالة في القطاع الخاص على الصعيد العالمي، تواجه فجوة إئتمانية كبيرة. 

وفي كل أنحاء المنطقة العربية، تُخصَّص ٨٪ فقط من قروض المصارف للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم فيما انخفض المعدل الى ٢٪ في السعودية. في المقابل، ١٨٪ من القروض المصرفية في الدول ذات الدخل المتوسط في كل أنحاء العالم تُعطى الى الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بينما تصل النسبة الى ٢٢٪ في الدول المرتفعة الدخل. 

وليست المشكلة خاصة بالسعودية فحسب. ففي كل أنحاء الشرق الأوسط، قدرة مؤسسة التمويل الدولية أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تحتاج الى ٣٠٠ مليار دولار إضافية من رأس المال لتحقيق كامل إمكانياتها. 

في حين أن الديون الاستهلاكية السعودية ليست سيئة كما ظهر في البداية، الا أن الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم قد يساعد على تقليص الديون الاستهلاكية بشكل عام من خلال خلق فرص عمل وجني ثروات.

كيف؟ يكمن أحد الحلول في تشجيع المصارف على اقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهذ حلٌّ اعتمدته الحكومة اللبنانية مؤخراً من خلال تطبيق خطةمحفزة لتخفيض مخاطر الاستثمار التي تقوم بها المصارف في الشركات الصغيرة. 

ولكن، نظراً إلى أنّ المصارف قد تأخذ أسهمًا في الشركة نسبتها تصل إلى ٠٪، وفقاً إلى الخطة، فقد لا يكون ذلك فعّالاً بما يكفي. في السعودية، قد تؤثّر معايير التوافق مع الشريعة على قرار المصارف باقراض الشركات الصغيرة. وتقوم خيارات أخرى، من أجل تعزيز الاستثمار في الشركات الناشئة، بالتشجيع على رأس المال المخاطِر المتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية الذي ينمو في البلاد. في حين أن شركة "المبادرات الوطنية" N2V باتت غير ناشطة بعد الاستثمار في شركة "أناعربي" في تموز/ يوليو ٢٠١٢، كثّفت "أس تي سي فنتشرز" STC Ventures نشاطها مع استثمارات جديدة في شبكة إعلانات إقليمية تابعة لمجموعة جبار في أيار/ مايو الماضي، ومنصة التعليم الإلكتروني "اكادوكس" Acadox فينيسان/ أبريل الماضي 

ومبادرات مثل برنامج الابتكار "كيستون"Keystone  ومركز ريادة الأعمال "كاوست" Kaust وشبكة "سيرب" Sirbقد تساعد أيضًا. فكلما ساعدت الشركات الصغيرة على تقليص معدل البطالة وتعزيز الدخل، انحفض اعتماد العائلات على الديون لتمويل نمط عيشها.  

ما رأيكم؟ هل تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في المنطقة الى نفاذ أكبر إلى لقروض المصرفية؟ أو أن التمويل الشخصي والاستثمار التأسيسي ورأس المال المخاطِر كافية لسدّ هذه الثغرة؟ ننتظر إجاباتكم في قسم التعليقات أدناه.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.