English

هل الفنون الجميلة مكسبًا للتجارة الالكترونية المصرية؟ ‎‎

English

هل الفنون الجميلة مكسبًا للتجارة الالكترونية المصرية؟ ‎‎

تعتبر مصر ساحة حيوية للفن المعاصر تضم أسماء مثل ابراهيم التنبولي وعاصم عبد الفتاح وبريت بطرس غالي. وهناك أيضاً مجموعة جديدة من الفنانين المعاصرين الواعدين الذين يوسعون الحدود ويضيفون عمقاً إلى الفن الموجود في مصر. غير أنه على الرغم من الغنى الموجود على الساحة الفنية، هناك انقطاعاً بين الفنانين وأعمالهم من جهة والسوق التي تطلب هكذا أعمال فنية في مصر والمنطقة من جهة أخرى. 

وهذا الانقطاع هو الذي قاد لينا موافي ودينا شعبان المتحمستان للفن وجارتا الطفولة إلى تشكيل فريق مع المستشار في التسويق حاتم زعزوع وإطلاق موقع "آرتس مارت دوت كوم" Arts-Mart.com في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. ويبيع هذا الموقع الفن المعاصر المصري بأسعار تتراوح بين 200 دولار وصولا إلى 20 ألف دولار وغالبية القطع تترواح أسعارها بين ألف و5000 دولار. 

وعلى الرغم من أن الفقر المستشري هو مشكلة مزمنة في مصر (25% من السكان تحت خط الفقر عام 2011)، إلاّ أن هناك سوق كبير الحجم يمكن لفريق "آرتس مارت" استهدافه لأن مصر تضم أيضاً شريحة كبيرة من الأثرياء وأحد أكبر الطبقات الوسطى في القارة الافريقية. 

وتقول موافي التي تبيع أعمالها الفنية الخاصة على المنصة إن "منصة آرتس مارت تهدف إلى ردم الهوّة بين عشاق الفن ـ في كل مكان وليس فقط في مصر، على الرغم من تركيزها على السوق المصري ـ والفنانين المصريين الذين كانوا في العقد الماضي يشعرون ببعض الإحباط من عرض أعمالهم الفنية في ظل البيئة الحالية للسوق". 

تقوم المنصة بربط الفنانين والزبائن عبر صيغة بسيطة ولكن فعالة. فيسجّل الفنانون عضويتهم وينشئون صفحة خاصة بهم ومن ثم يبدأون برفع أعمالهم على خوادم "آرتس مارت". بعدها يجري فريق المنصة مسحاً للأعمال المرفوعة من أجل التأكد من الجودة والأسلوب قبل نشر الأعمال التي تتم الموافقة عليها على الموقع حيث يمكن للشارين المحتملين تصفح مجموعة مثيرة للاهتمام من الفن المعاصر التي يمكن البحث فيها بناء على اسم الفنان والأسلوب والنوع والمجموعة واللون. 

وتقول موافي إنه "نظراً إلى أنه لا يمكن للجميع أن يتصوّر كيف تكون اللوحات في غرفهم"، لدى الموقع خاصيّة "شاهد على حائطك" التي تسمح للمستخدمين بمشاهدة القطعة التي اختاروها على حائط في غرفة افتراضية يمكن تعديلها لتشبه غرفة في منزلهم. 

ويجب على الفنانين أن يسلموا أي قطعة فنية تعرض على الموقع لكي يضمنوا أن تكون جاهزة للتسليم إذا تم شراؤها. ورغم ذلك، يحافظ الفنانون على تحكّم كامل بمجموعة أعمالهم المعروضة حيث بإمكانهم استعادة أي قطعة غير مباعة في أي وقت كان. كما أنهم هم من يحددون سعر كل قطعة ولكن من أجل إبقاء الأسعار تنافسية وفي حال كان سعر القطعة مرتفعا أو متدنيا جداً، يتدخل فريق "آرتس مارت" ويعطي رأيه للفنانين. كما أن المنصة تحصل على عمولة بنسبة 35% من السعر النهائي عند البيع. 

ورغم بساطة الموقع والجودة العالية للفن الذي يعرضه، إلاّ أن فريق "آرتس مارت" يواجه مسألة مشابهة للتي يواجهها العديد من الرياديين الإقليميين: عدم تآلف جزء كبير من السكان مع التجارة الإلكترونية وحتى رفضها. وهذه المسألة حساسة بشكل خاص بالنسبة لـ"آرتس مارت" لأن المنتجات التي تبيعها المنصة باهظة الثمن وتحتاج إلى فحص شخصي قبل الشراء. 

ومن أجل مقاومة هذه المسألة، تسمح "آرتس مارت" للمشترين الذين يمكنهم الدفع ببطاقة الائتمان أو نقداً عند التسليم، بالتحقق من القطعة عند تسلّمها مع إمكانية إعادتها (حتى في اليوم نفسه). وتقول موافي إن "سوق الفن (في المنطقة) غير ناضج إلى حد ما، ونحن نجذب كل أنواع الزبائن والناس الذين بدأوا للتو يهتمون بالفن ويتعرفون عليه ويحاولون معرفة ما يحبون وما لا يحبون في الفن، لذلك من المهم جدا بالنسبة إليهم أن يروا العمل الفني قبل الالتزام بشرائه". وأضافت "هذا قرار كبير. معظم الناس يفعلون ذلك مرة واحدة". 

وصحيح أن الفن المعاصر الباهظ الثمن نسبياً يمكن أن يعتبر مثالا على المنتج الذي يمكن أن يتردد الزبون في شرائه على الإنترنت، قد تكون المرونة الطريقة الأفضل للشركات الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية لجذب المزيد من الأعمال. وتنصح موافي قائلة: "أعطوا الناس خيارات. وقدموا لهم وسائل مختلفة للدفع وامنحونهم المرونة ليكون لديهم مخرج كي لا يكون الالتزام نهائياً". 

ومن أجل نشر الوعي حول الفن المعاصر في مصر، (ودعم أعمالهم في الوقت ذاته) يوازي فريق "آرتس مارت" وجوده الرقمي مع وجود على الأرض من خلال تنظيم معارض مرتين سنويا في القاهرة تضم العديد من الفنانين والأعمال الفنية الموجودة على الموقع. 

تشكل المعارض نقطة لدخول السوق الفني بالنسبة للأشخاص الذين ليسوا من عشاق الفن وقد ساعدت في بناء الثقة في العلامة التجارية لـ"آرتس مارت" عبر السماح لزبائن محتملين برؤية القطع شخصيا. كذلك تشكل المعارض مساحة حيث يمكن للفريق أن يتفاعل مع الزبائن ويضيف عنصرا بشريا إلى العلامة التجارية يعتقد فريق المنصة أنه أساسي لنموّها، ويمكنه مساعدة مواقع متخصصة أخرى في النمو أيضاً. 

وقالت لي شعبان عشية معرض صيف 2014 الذي جرى في حزيران/ يونيو: "حاولوا التفاعل أكثر مع زبائنكم. صحيح أنكم شركة تجارة إلكترونية إلاّ أن الزبائن يريدون أن يروا وجوهكم. هذا التفاعل الشخصي يصنع الفرق كلّه". 

وبعد مشاركتي في معرض الصيف الماضي وككاتب ليس بأي شكل من الأشكال من عشاق الفن، فوجئت بنوعية الأعمال المعروضة. وهناك حصلت على فرصة التحدث إلى الفنان المصري ابراهيم التنبولي الذي قال بحسد إن الفن المصري المعاصر يحقق مبيعات في الخارج أفضل مما يحقق في مصر. وأشار إلى أنه في حين أن الفن المصري المعاصر يتطور بسرعة، إلاّ أن سوق الفن في مصر لا يزال هامداً. غير أن فريق "آرتس مارت" يعتقد أن هذه الحالة بدأت تتغيّر. 

وتشرح موافي قائلة: "أعتقد أن سوق الفن يتغيّر. ونحن نشعر بذلك منذ بدأنا أي ليس منذ وقت طويل، فالناس أصبحوا أكثر مرونة من حيث تقدير أنواع مختلفة من الفنون، فنون لم يعتادوا رؤيتها في منازلهم. وآمل أن نساعد في تغيير السوق نحو هذا الاتجاه".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.