English

هكذا يشارك اللبناني الرائد في الخرائط الثلاثية الأبعاد نجاحه العالمي مع المنطقة

English

هكذا يشارك اللبناني الرائد في الخرائط الثلاثية الأبعاد نجاحه العالمي مع المنطقة

صورة الدادا بالقرب من آلية تابعة لشركة كوانيرجي Quanergy ومجهزة بتكنولوجيا "ليدار" LiDar

غادر لؤي الدادا لبنان ليدرس في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك حيث نال دكتوراه في الهندسة البصرية. ولكن رغم شهادته المتقدمة في جامعات "آيفي ليغ" Ivy League إلاّ أنه يؤمن بأن "التعليم لا يستحق العناء إلاّ إذا أنتج قيمة للشركاء وقدّم مساهمة في المجتمع". وهو فعل ذلك بالضبط، خلال شغله لمواقع تنفيذية في شركات أميركية رائدة مثل "هوني ويل" Honeywell و"كومينغ" Corning و"تيليفوتونيكس" Telephotonics و"دوبون" DuPont و"هيليو فولت" HelioVolt و"صن ايديسون" SunEdison.

واستعمل الدادا ما تعلّمه من عمله في المناصب التنفيذية خصوصاً من الرئيس التنفيذي لـ"هونيويل" لاري بوسيداي والرئيس التنفيذي لـ"جنرال الكتريك" جاك ويلش لبدء شركاته الخاصة: اثنتان في قطاع الاتصالات وواحدة في الطاقة الشمسية وأخيراً واحدة في الاستشعار بالليزر. وباع الشركات الثلاثة الأولى إلى شركات "فورتشن 50" Fortune 50. كيف أنجز كل ذلك؟ يجيب المهندس: على المستوى الشخصي من خلال إبداء "التواضع والاستعداد للإصغاء والتعلّم" بالإضافة إلى "التعامل بشكل لا يعتمد على الألقاب". وعلى مستوى الشركة، يعتقد أن السر هو في "توظيف فريق لديه المزيج المناسب من الكفاءة والمقاربة للانتقال سريعاً والحصول على رأي الزبون بسرعة".

التقيت الدادا في مقهى صغير في منتزه منلو في كاليفورنيا حيث شرح بعض التعقيدات التقنية لمشروعه الأخير. فـ"كوانرجي سيستمز" Quanergy Systems، التي يديرها فريق من 20 شخصاً، تطوّر تقنية "ليدار" LiDar الرائدة عالمياً وهي أداة استشعار ذكي لإعداد خرائط ثلاثية الأبعاد بالوقت الحقيقي وللعثور على الأشياء وتتبعها وتصنيفها. وأدوات "ليدار" من "كوانرجي" محط اهتمام شركات اللوجستيات والهواتف الذكية ومصنّعي السيارات وربما جوجل الذي يطوّر سيارات تقاد بشكل ذاتي. فربما رأيتم الشيء الذي يشبه الفطر بحجم الدلو على سقف سيارات جوجل الخالية من السائقين، والذي يخدم الهدف ذاته، ويشرح الدادا "نحن نصمم واحداً بحجم التفاحة. وفي المستقبل سيصبح نظاماً صلباً تستعمله الحكومات ورقاقة يمكن وضعها في هاتف خلوي".

واستطاعت "كوانيرجي" أن تجمع حتى الآن 4.5 مليون دولار من مستثمرين مثل "تِسلا" Tesla و"سامسونج" Samsung وTransportation Technology Ventures و"نيوبوري فنتشرز" Newbury Ventures  (TechWadi Rising Tide Fund).

ورغم أنه وجد النجاح في الولايات المتحدة، يبقى الدادا على تواصل عميق مع الأوساط اللبنانية والعربية. وقد تطوّع لمشاركة تجربته من خلال شبكتين للمغتربين هما "لبنيت" Lebnet و"تيكوادي" Techwadi. ويشرح أن "كل شيء فعّال بمائة إلى ألف مرة حين تقوم به من خلال شبكة. فـ'تيكوادي' و'لبنيت' يساعداني كي أساعد الآخرين. ولولاهما لكانت معظم الأنشطة مع وادي السلكون والشرق الأوسط ذات قيمة تعادل نسبة ضئيلة من قيمتها الحالية".

وأضاف المهندس أن "مشاركة المعرفة في هذه المرحلة من مسيرتي المهنية هي أكبر متعة في حياتي".

غير أنه يعتقد أنه يمكن القيام بالمزيد من جانب المغتربين "فمساعدة الآخرين هو مجال يمكن أن يتحسّن فيه العرب... فالمجتمعات الأخرى أفضل منّا في ذلك ولا يوجد سبب يمنعنا من أن نقوم بذلك على أكمل وجه".

ولتسهيل ذلك، يحافظ الدادا على علاقات مهنية مع الشرق الأوسط. وهو يستعين بموارد من المنطقة للبرامج خصوصا لبنان والأردن وتونس. وصحيح أنه معجب بنوعية العمل الذي يقول إنه "أفضل وبسعر أقل"، لم يقم بتطوير أي جهاز في الشرق الأوسط. بل استعان بمصادر في شرق آسيا لتصنيع أجهزته. وقال "من المستحيل حتى التفكير في إقامة مصنع في الشرق الأوسط". فالأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية هي عوائق كبيرة. وشرح قائلاً إن "قصف عام 2006 (في إشارة إلى حرب تموز/يوليو 2006 على لبنان) هو تذكير بكيفية تدهور الأمور في هذا الجزء من العالم". غير أن الطبيعة المتغيّرة لقطاع الريادة في المنطقة قد تكون مؤشراً جيداً للاستثمار الخارجي. ويقول "إذا احتفظ المطورون بعملهم على السحابة فلا بأس ولكن إذا كان لديك مصنع ودمّر عندها تخسر كل شيء". 

ورغم الاضطرابات في الشرق الأوسط، يتفاءل الدادا جداً في المستقبل ويعتمد على الجيل الشاب لتحقيق التغيير والتطوّر. غير أنه واقعي حيال حجم التحدّي. ويقول "التغيير سيحتاج جيلاً أو اثنين". ولوضع الأمور في نصابها أضاف "انظر إلى ما فعلته كوريا الجنوبية من لا شيء خلال خمسين عاماً. ما الذي يملكه الكوريون ولا نملكه نحن؟ حسّ التعاضد". ويعتقد أن تقدّم لبنان يحتاج إلى أن ينبذ الجيل الجديد الطائفية والمحسوبية والفساد ويعزز الشفافية والجدارة والديمقراطية في مؤسساته.

حين سألته إذا كان لديه نيّة للعودة يوماً ما، قال إنه يفكر في العيش بين لبنان والولايات المتحدة ولكن ليس قبل بعض التغييرات. وقال راسماً ابتسامة عريضة على وجهه "في اليوم الذي سيتمكن لبنان من القيام بما قامت به كوريا الجنوبية من خلال التوحّد، سأعود". وحتى ذلك الوقت، سيواصل الدادا العمل على مشاريعه، حتى أنه قد يحقق يوماً ما عملية الخروج بمليار دولار التي يتحدثون عنها في وادي السليكون. وأنا حرصت على التقاط صور معه في حال حصل ذلك فعلاً.

ـ ـ

هذه المقالة هي جزء من سلسلة مقابلات مع مغتربين لبنانيين في إطار مشروع أبحاث للبنك الدولي حول المغتربين. فإن كنت لبنانياً أو تونسياً درست أو عملت في الخارج وعدت إلى بلدك، الرجاء ملء هذا المسح.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.