English

خمس وسائل تساعدك على تطوير استراتيجيتك التنافسية

English

خمس وسائل تساعدك على تطوير استراتيجيتك التنافسية

يسلّط تقرير "مختبر ومضة للأبحاث" الجديد حول الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الضوء على نقاط عدة مقلقة. واستنتاج أنّ المستثمرين لا يؤمنون بقدرة رواد الأعمال الكافية على تحديد استراتيجية لشركتهم وإدارتهم ليس سوى نقطة من هذه النقاط. أشار أكثر من نصف المستثمرين – 56% – إلى أنّ "التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرارات" هو من أكثر نقاط الضعف التي يعاني منها الأشخاص الذين ينشؤون الشركات اليوم في هذه المنطقة. أما نقطة الضعف التي تليها، فهي عدم توفر الدراية المالية الكافية لديهم التي تدخل في قدرة صاحب المنشأة على دراسة السوق وصياغة خطة بارعة للحصول على موقع متميز في هذه السوق.  

نهدف في هذا المقال إلى توفير لمحة موجزة عن أحد أكثر نماذج تطوير الاستراتيجيات شعبية وهو نموذج القوى التنافسية الخمسة Five Forces. يمكن للقراء المهتمين في معرفة المزيد عن هذا النموذج مشاهدة هذه المحاضرة للبروفيسور مايكل بورتر في كلية هارفرد لإدارة الأعمال أو مطالعة كتابه الذي يشكل مرجعاً في هذا المجال وهو الاستراتيجية التنافسية.  

ما هي الاستراتيجية التنافسية؟  

تكثر تعريفات الأشخاص لما هي الاستراتيجية. البعض يفكر فيها كطريقة لمطابقة الأهداف مع الأفعال أو لتوجيه الشركة ومطابقة الكفاءات مع الفرص. أما بورتر، فيقول: "الاستراتيجية هي الصورة العامة للطريقة التي ستفوز فيها الشركة ببيئتها، مهما كانت هذه الأخيرة". 

تمثلت مساهمة بورتر الكبيرة في دراسة الاستراتيجيات في إعداده لإطار القوى التنافسية الخمسة الذي يسمح للعاملين في هذا المجال بفهم مجال الصناعة الذي يتنافسون فيه ومكانتهم الاستراتيجية ضمن مجال الصناعة هذا. فيُعرف على سبيل المثال أنّه من الصعب جداً تحقيق الأرباح في مجال شركات الطيران؛ وتؤكد على ذلك تحليلات جرت في هذا المجال. ومع ذلك، تنتج كل من شركات الطيران عائدات أفضل مما تتصور عبر التركيز على مكانتها في هذه السوق. تحقق كلا "رايان إير" Ryanair و "طيران الإمارات" Emirates الأرباح، غير أنّ كل من شركتي الطيران تفعل ذلك من خلال خيارات استراتيجية ومكانة مختلفة تماماً في مجال الطيران.

هنا يجدر توضيح الفرق بين "الكفاءة التشغيلية" operational effectiveness و"الاستراتيجية التنافسية" competitive strategy. تتعلق الكفاءة التشغيلية بالقيام بالأمور بشكل جيد أو بشكل أكثر كفاءة – عبر استخدام برنامج "إكسل" Excel بدلاً من الورقة والقلم مثلاً، أو عبر بناء وحدات ماكرو macros تقوم بمراجعة النماذج بدلاً من مراجعتها يدوياً، وتبسيط العمليات وما إلى ذلك. أما الاستراتيجية، فهي قيادة سفينة فعالة عملياً إلى أفضل مياه صيد غنية بالأسماك لها نظراً إلى قدراتها. وللتعمق أكثر في هذا التشبيه، يمكن القول إنّ سفينة صيد حيتان عالية الكفاءة ستفشل في صيد الحيتان إذا أخذها القبطان إلى مياه البحر المتوسط، وذلك يُسمى فشلاً استراتيجياَ. وسفينة صيد الحيتان التي لم تعد رماح الصيد فيها جيدة وفريقها غير منظم وقد عفا الزمن على جهاز السونار فيها ستفشل أيضاً في صيد الحيتان حتى ولو أبحرت في المحيط الهادئ. لذا فكلا الكفاءة التشغيلية والاستراتيجية عاملان ضروريان للنجاح غير أنّهما مختلفان الواحد عن الآخر. 

 

إطار القوى التنافسية الخمسة

قبل أن يصدر كتاب "الاستراتيجية التنافسية" في الثمانينيات، كانت نظرة الباحثين وعلماء الاقتصاد والعاملين في المجال محدودة تجاه المنافسة. فالكثيرون اعتبروها (وما زالوا يعتبروها) لعبة محصلتها الصفر حيث تعمل الشركات على الاستيلاء على حصة منافسيها من السوق وهذا الصراع يؤدي في نهاية المطاف إلى تفتت الأرباح بما لا تحمد عقباه.

يشجع بورتر المسؤولين التنفيذيين على التفكير بدلاً من ذلك في مجموعة من القوى التي تساهم في سلسلة القيمة value chain والقيمة التي تعرضها value proposition الشركة. عبر تجزءة سلسلة القيمة، يمكن للشركات أن تحدد أفضل فرصها "للتنافس على الفرادة" وهي ميزة تجني الأرباح. أما القوى التنافسية الخمسة، فهي: 

1)قدرة الموردين على التفاوض Supplier bargaining power

أي شركة تقدم شيئاً للعملاء ولديها موردون. يستمد صانع الأثاث مثلاً من مورديه الخشب من خلال مصنع أو موزع كما والعاملين الذين يصنعون الأثاث والكهرباء وما إلى ذلك. كما تعتمد شركة صنع ألعاب الفيديو على ذوي المواهب (وهو عامل ضروري في هذه الصناعة (كما وعامل باهظ الثمن). 

ويملك هؤلاء الموردون دائماً قوة مفاوضة. وبالتالي، يعتمد أحد جوانب هامش ربح الشركة على علاقتها مع الموردين. 

2)قدرة المشترين على المفاوضة Buyer bargaining power

بالمثل، يمكن للمشترين في السوق أن يؤثروا في سعر السلع من خلال أمور عدة تعزز قدرتهم على التفاوض. فيمكن أن يتسلحوا مثلاً بمعلومات أفضل أو أن تكون السلع نفسها موجودة بوفرة. والجدير بالذكر أنّه يمكن للمشترين أن يتمتعوا إما بقوة تأثير كبيرة أو محدودة في السعر. فللمشترين في الأسواق الفاخرة قدرة مفاوضة محدودة في حين أنّه للمشترين في أسواق السلع الأساسية قدرة أكبر. 

3)التهديد من الشركات الجديدة Threat of new entrants

هل من حواجز كبيرة تعوق دخول المجال الذي تعمل شركتك فيه؟ الإجابة على هذا السؤال هي نعم بالنسبة إلى شركات الطيران. فالطائرات باهظة الثمن والحصول على التراخيص أمر مليء بالتحديات، وفي الكثير من الأسواق، تحظى شركات الطيران المحلية بحماية بفضل التشريعات. غير أنّ حواجز دخول السوق وحدها غير كافية لتوليد الأرباح. 

4)التهديد من المنتجات البديلة Threat of substitutes

من الأمثلة التي تُذكر دائماً في هذا الإطار مثال الـ "آي بود" iPod. قبل أن يظهر الـ "آي بود"، كنا نجد الأقراص المدمجة في كل مكان. أما اليوم، فبالكاد يستعمل الناس الأقراص المدمجة وقد ولدت صناعة جديدة كلياً منذ ذلك الحين. 

5)شدة المنافسة في الصناعة Industry rivalry  

هذه النقطة بغنى عن الشرح. يُطرح هنا السؤال: هل تتنافس الأطراف في المجال الذي أنت فيه بشدة على صناعة المنتجات عينها؟ ما الأثر الذي تُحدثه "كوكا كولا" في قدرة "بيبسى كو" على توليد الأرباح من خلال بيع المشروبات الغازية؟

 

كيف تتنافس  

إنّ فهم مجال الصناعة الذي تعمل فيه مهمة تتطلب الكثير من البحث وهو أمر تُبنى نشاطات استشارية كاملة حوله. ولكن، متى أتممت هذا التحليل، يصبح من الهام جداً تطوير استراتيجية قابلة للتطبيق ويمكن الدفاع عنها للحفاظ على ربحية شركتك وتنميتها. 

توفر كل من نقاط نموذج القوى التنافسية الخمسة فرصةً للشركة لتقيم النقاط التي تكمن وراء هامش ربحها. ويمكن هنا لكل شركة أن تستفيد من تلك الفرص بطرق مختلفة باختلاف نقاط قوتها. فتتمتع "وال مارت" Walmart مثلاً بقدرة تفاوض عظيمة مع الموردين وهو أمرٌ يسمح لها بالتنافس على السعر مع منافسيها. 

يشجع بورتر المدراء والمسؤولين التنفيذيين على تجنب التنافس على الأبعاد عينها التي يركز عليها منافسوهم، فهذه استراتيجية ستبدد أرباحهم في نهاية المطاف. بدلاً من ذلك يقترح أن تتنافس الشركات على "الفرادة" – وهو نقيض تقديم الشركة كل شيء لكل العملاء في المجال الذي تعمل فيه. ويمكن وصف هذه الاستراتيجية بـ "التنافس على التميز" Competing on differentiation 

فقد اختار الفريق التنفيذي في "طيران الإمارات" قصداً ألاّ يستهدف المسافرين الذين لا يريدون دفع الكثير – وهي استراتيجية يدعمها نفاذ الشركة إلى الموارد الكثيرة وكفاءاتها. أما مديري "رايان إير"، فقد اختاروا قصداً أن يتجاهلوا شريحة السفر المترف بالكامل، الأمر الذي تدعمه محدودية الموارد التي كانت متوفرة لدى الشركة وموقعها الجغرافي عندما تمت صياغة الاستراتيجية. وقد سمح هذان الخياران لكل من الشركتين أن تزدهران في مجال مزدحم وتنافسي.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.