English

ستّ نصائح لإنتاج أجهزة قابلة للارتداء‎ من شركة للتقنيات الطبية ‎

English

ستّ نصائح لإنتاج أجهزة قابلة للارتداء‎ من شركة للتقنيات الطبية  ‎

تركّز معظم النشاطات الريادية في المنطقة على التجارة الإلكترونية والخدمات عبر الإنترنت، وكذلك على تطوير البرمجيّات والخدمات (تمثّل توالياً 22% و17% بحسب "مختبر ومضة للأبحاث"). وحيث تكمل سوق تكنولوجيا الأجهزة الذكية القابلة للارتداء طفرتها حول العالم، يصبح ازدياد الفضول حيال هذا المجال الصغير مفهوماً (في دراسته الأخيرة "الخطوة التالية: تخطي العقبات أمام رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطوير وتوسيع أعمالهم“، أورد "مختبر ومضة للأبحاث" أنّ 3% فقط من الذين شملتهم الدراسة ومن مؤسِّسي الشركات الناشئة عرّفوا عن أنفسهم بأنّهم ينتمون إلى القطاع الصناعي).

Ziad Sankari in a previous interview with Wamda

ولفهم الأمور بشكلٍ أفضل حول ما يتطلّبه إنشاء شركةٍ ناشئةٍ مختصّةٍ بتكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء في المنطقة، قمتُ بالحديث إلى عضوَين في فريق الشركة الناشئة لتكنولوجيا الصحّة "كارديو دياجنوستكس" CardioDiagnostics: مهندس الطبّ الحيوي زياد سنكري ومسؤولة تطوير الأعمال جوانّا الخوري. وذلك في "بيروت ديجيتال ديستركيت" BDD، المكان الذي أصبح مقرّاً لكثيرٍ من الشركات الناشئة اللبنانية سريعة النموّ.

إنّ أوّل منتجٍ أصدرته "كارديو دياجنوستكس" باسم "لايف سينس أريتميا" LifeSense Arrhythmia، يقوم برصد ضربات قلب المريض "على مدار الساعة، لكي يكتشف أيّ خللٍ ويعلم مقدّم الرعاية بالأمر. ويتمّ الأمر عبر جهازٍ لتخطيط القلب، حيث يرسل المعلومات ويوثّقها ثم يبعثها الطبيب،" كما يقول سنكري. ويمكن إذاً للمتخصّصين في الرعاية الصحّية أن يقوموا بتحليل البيانات والتجاوب مع الأحداث الهامّة، ممّا يسمح بإنقاذ الأرواح والقيام بالتشخيص الدقيق. كما تمّ تزويد الجهاز أيضاً بنظام تحديد المواقع العالميّ GPS، الذي يسمح للمساعدة الطبية بالوصول إلى المريض في أسرع وقتٍ ممكن.

خلال سنواتٍ قليلة، تمكّن رائد الأعمال هذا من بناء روابط وعلاقاتٍ في الولايات المتّحدة، من ثمّ أعاد الشركة إلى المنطقة. كذلك، كان من ضمن الواصلين إلى النهائيات في برنامج تلفزيون الواقع "نجوم العلوم" للترفيه والتعلّم الذي ترعاه "مؤسّسة قطر". كما عقد خلال هذه الفترة شراكةً لتصنيع الأجهزة في الولايات المتّحدة، أضِف إلى أنّه الآن في طور التوظيف.

والمستثمرون مهتمّون أيضاً: لقد أظهرت نتائج الدراسة الأخيرة لـ"مختبر ومضة للأبحاث" حول مشهد الاستثمار في المنطقة، أنّ 20% من المستثمرين النشطين المحتملين في المنطقة يهتمّون بالتصنيع، بينما يهتمَ 29% منهم بقطاع الأدوية / الرعاية الصحّية. يبدو إذاً أنّ الوقت ملائمٌ لأجهزة تكنولوجيا الصحّة القابلة للارتداء.

بطبيعة الحال، أردتُ أن أعرف كلّ شيءٍ يمكن معرفته حول تجربتهم في بناء الأجهزة القابلة للارتداء، والدروس التي تعلّموها أثناء إدخال تقنيّاتهم الخاصّة إلى المنطقة.

العودة بالتقنيّة إلى المنطقة: خطرٌ بالاتّجاه الصحيح

انطلق سنكري في البداية نحو الولايات المتّحدة بهدف الأبحاث والتطوير، ولكن بعدما قام ببناء تقنيّته الأساسية أراد أن يُدخلها إلى المنطقة، كما استفاد من خبرته في برنامج "نجوم العلوم" ليركّز على تطوير المنتج. وبعدما تخرّج من "نجوم العلوم" بفترةٍ وجيزة، أراد رائد الأعمال خوض غمار أسواق قطر ولبنان فراح يبحث عن مستثمرٍ للقيام بهذا الأمر. ويقول سنكري، "عندما أردتُ العودة كان الأمرُ بمثابة المخاطرة ولكن بالاتّجاه الصحيح، لأنّني أرى الكثير من الاهتمام بالشركات الناشئة التكنولوجية في المنطقة، خصوصاً في الخليج." في السياق، ازداد عدد الاستثمارات في الشركات الناشئة بين عامَي 2010 و2011 من 39 إلى 54 استثماراً في السنة (بحسب مختبر ومضة للأبحاث). إذاً بالرغم من أنّ هاجسه جاء مبكراً، إلّا أنّه كان على حقّ.

LifeSense Arrhythmia

ومع ذلك، لم يكن الأمر سهلاً. "كان من الصعب شرح [المفهوم] للمستثمرين، كما كان صعباً عليهم التوجّه نحو الدراسات الإعدادية نظراً لطبيعة المنتج الخاصّ بي،" كما يشرح سنكري. فبعض المستثمرين الذين جلس معهم في فترة 2010-2011 كانوا يفضّلون دعم المطاعم والمنتجعات، ممّا جعل من الصعب عليه أن يُدير برؤوسهم نحو منتجات تكنولوجيا الصحّة. وبطبيعة الحال، راح سنكري يتساءل ما إذا كان يجب أن يبقى: "إذا لم أستطع العثور على تمويلٍ في أغنى دول الخليج، فلن أعثر عليه في لبنان كما ظننتُ."

في الوقت نفسه، كان المستثمرون في الحاضنة ومركز تطوير الأعمال "بيريتك" Berytech قد قاموا بدراساتهم الإعدادية. فبعد اكتشاف "كارديو دياجنوستيكس" في الموسم الثالث من "نجوم العلوم"، بدأوا يظهرون بعض الاهتمام. ويذكر سمكري أنّ "من هذه النقطة وصاعداً، أخذت الأمور منحى مختلفاً."

ولكن التحدّيات لم تقف هنا؛ إذ أنّ العقبة الرئيسية أمام الشركة الناشئة، والتي يشترك فيها معظم من يهتمّ بتكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء، كانت في المنصّات التي يحتاجونها حيث لم تكن مثاليةً لما يقومون به. ممّا يعني أنّه في أكثر من مناسبة، كان على الفريق أن يحلّ مشاكله بنفسه. كما واجههم تحدٍّ آخر تمثّل في صياغة نموذج الأعمال الذي يتناسب مع منتجهم (مثلاً، معرفة كيفية تسعيره).

الدروس التي تمّ تعلّمها:

1. إبقاء المستخدم النهائي في البال. صُمِّم جهاز "لايف سينس" ليكون ذا تقنيّةٍ منخفضة، إذ لم يرِد الفريق أن يتمتّع المستخدم الذي يملك الجهاز بدهاءٍ تقني ليقوم باستخدامه. ومن خلال التركيز على المستخدمين وحاجاتهم، تمكّن الفريق أيضاً من معالجة مشكلة لحاق المستخدمين الجدد بركب التكنولوجيا. ليس صعباً على الطبيب أن يستخدم المنتَج لأنّ الحاجة موجودةٌ مسبقاً، ولكن "عندما تتواجد الحاجة، يكمن الشيطان في التفاصيل،" بحسب سنكري والخوري. منتجهم هذا ابتكارٌ يقوم بأمرين معاً، معالجة المشكلة وبناء التكنولوجيا.

2. إعرف مَن تتشارك معه. كن مستعدّاً وراغباً في البحث عن شريكٍ، تتناسب أهدافه أهدافك. وبالنسبة لفريق "كارديو دياجنوستكس" الذي تشكّل السوق الأميركية محطّ أنظاره الأوّل، فهو أدرك الإمكانيات الناجمة عن إيجابيات خطوته المبكرة نحو المنطقة. وفي وقتٍ مبكرٍ، تشارك سنكري مع شركةٍ أميركيةٍ تصنّع في الولايات المتّحدة، ممّا ساعده حتّى الآن في الحصول على رخصة FDA لمنتجه، وفي الحصول على عددٍ من زبائنه من خلال شبكة العلاقات والانتماءات. ويشرح سنكري أنّ "امتلاك موطئ قدمٍ في الولايات المتحدة كان بمثابة ميزةٍ كبيرةٍ بالنسبة لنا، لأنّها فتحت السوق الأميركية أمامنا. ولكن في المقابل، فإنّك تحتاج إلى فهم الحساسيات السوق الثقافية والاقتصادية." ولدى سؤاله عن كيفية إقناعه لشريكه، أجاب بأنّ "الحصول على هذه المخاطرة في الولايات المتّحدة، ساعدتنا في التواجد والتوسّع في هذه السوق المميّزة. ولقد كنّا محظوظين للغاية في إتمام هكذا صفقة مهمّة، حيث حوّل شركاؤنا قسماً كبيراً من الاستثمارات نحو تصنيع الأجهزة مقابل صفقةٍ على المدى الطويل."

Ziad Sankari with an old prototype of LifeSense Arrhythmia

3. أبقِ ملكيّتك الفكرية في المنزل، واعتمد على ابتكار البرمجيّات. عند ذكر "تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء"، غالباً ما يذهب فكرنا نحو ‘المنتج المادّي‘ على أنّه الجزء الوحيد من المعادلة. وبحسب سنكري، "فالمعرفة بالأدوات هي أمرٌ ضروريّ، ولكن يجب أن لا تشكّل معظم ميزاتك التنافسية، لأنّ تجميع المعلومات الفيسيولوجية ليس كعلم الصواريخ." ومن جهتها، تقدّم الشركة الناشئة برمجيّةً قائمةً على خوارزميّات لمعالجة البيانات التي تمّ جمعها.

4. تعال لأجل المنافع، وابقَ لأجل الميزة التنافسية وثقافة الفريق. يفخر سنكري بالفريق الذي ينتمي إليه، بدءاً من طريقته في التعريف بالأعضاء، مروراً بإيماءاه المستمرّة لشريكته الخوري طالباً مساهمتها، وصولاً إلى استخدامه المستمرّ لـ"نحن" بدلاً من "أنا". فكيف استطاع إذاً أن يعالج مشكلة جذب المواهب، التي تُعَدّ واحدةً من أصعب الحواجز في المنطقة أمام التوسّع؟ "نركّز على النشاطات الدراسية الإضافية، التي أصبحت ركيزةً أساسيةً لاستراتيجيّتنا في الحصول على المواهب. كما أنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين يتقدّمون بطلبات التوظيف عندنا، بعد زيارتهم لمكاتبنا وفريقنا وإدراكهم لنوعيّة الحياة التي نعيشها،" كما يقول. ويتابع شارحاً، "نحن أيضاً نفتح المجال أمام خيارات الأسهم، كما أنّنا ذاهبون لنقدّم أسهماً لهم كمكافأةٍ على هذا الجهد، وبما يتناسب معه."

العثور على العقول المطلوبة هو الجزء الأكثر صعوبة في تشغيل أيّة شركةٍ ناشئة، لذلك ركّز على استراتيجيات التوظيف في وقتٍ مبكر. وللقيام بذلك، سلّطت الشركة الناشئة الضوء على قدرتها التنافسية، من خلال التأكيد على تركيزها على الابتكار. حيث أخبرني سنكري قائلاً، "نمنح ‘أفراد عائلتنا‘ فرصة العمل على أشياء، لم يكونوا ليقوموا بها في هذا الجزء من العالم. فكلّ منتجاتنا وخدماتنا التي نعمل عليها ترتكز على الابتكار بشكلٍ تامٍّ ومكثّف."

ومن الاستراتيجيّات التي ركّز عليها سنكري والخوري، كانت إعطاء الحرية للناس في تقرير كم من الوقت والموارد يحتاجون لإتمام مهمّةٍ محدّدة. وتضيف الخوري التي انضمّت إلى الفريق قبل شهرَين من الآن، أنّ الشعور بالمسؤولية مترافقاً مع التقدير من الفريق، هو الأكثر مكافأةً. ومن خلال سيرهما معاً، لا بدّ من أن يصبح الرابط بين أعضاء الفريق أقوى.

5. أنشئ منتجاً عالمياً إذا أردتَ التوسّع، فالتركيز على الأسواق المجّزأة والإقليمية يأتي كخطوةٍ لاحقة. وعلى الرغم من إنشاء التصاميم وورقة المواصفات في لبنان، إلّا أن سنكري وفريقه ركّزوا منذ البداية على الإتيان بشريكٍ للتصنيع من الولايات المتحدة.

"لم أكن أرغب في التركيز على المنطقة كاستراتيجيةٍ أولى لأنّها لا تزال حديثة العهد،" يقول سنكري ذاكراً تأخّر المنطقة عن اللحاق بالتوجّهات العالمية. ويتابع، "أنصح بشدّةٍ بالانفتاح على العالم: فالصين والهند والأسواق اليابانية جذّابةٌ جدّاً لمطوّري الأجهزة التي يمكن ارتداؤها."

Jouana El Khoury pitching CardioDiagnostics at BDL Accelerate recently

والآن بعد الاطمئنان إلى أنّ الشريك الأميركيّ في متناول اليد، يعمل الفريق على دراساتٍ تجريبية في لبنان وقطر (مع الاهتمام بالمنطقة الأكبر)، من أجل الوصول إلى تعليقات المحترفين المحليين. ويوضح سنكري أنّ "المجتمع الطبّي في لبنان راقٍ للغاية؛ لدينا أفضل أطبّاء القلب وبعض من خيرة المتخصّصين في العالم الذين قرروا العودة إلى لبنان." من ناحيتها، تضيف الخوري أنّ الذهاب والتحدّث إلى الأطبّاء (الصفّ الأوّل من المستخدمين)، يأتي كخطوةٍ أولى في عملية تعريف الناس بالمنتَج. وتقول بهذا الصدد، "نعتمد على الأطبّاء للقيام بالتسويق، لأنّ أقوى العلاقات في الطبّ هي علاقات المرضى مع أطبّائهم. من جهةٍ أخرى، أقضي معظم اليوم في البحث عن شركاء محتملين في جميع أنحاء المنطقة." ويمكن لهذا أن يشمل موزّعي الموادّ الطبّية الذين يملكون حصصاً كبيرةً من السوق، والذين يمكن أن يشكّلوا عاملاً مساعداً.

ومن النصائح الأخرى التي يتّفق عليها الشركيان، هي ضرورة السّعي باستمرار نحو الابتكار. ويقول سنكري إنّ منافسيهم المحتملين يبنون التقنيّات المنافسة الخاصّة بهم، ولكنّ "كارديودياجنوستكس" تملك بالفعل منتجاً آخر تستعدّ لإطلاقه. أمّا الفريق، فهو لا ينفكّ يعمل أيضاً من أجل السوق الإقليمية، إذ يبحثون بعد لبنان وقطر عن موزّعين لإقامة شراكةٍ معهم في كلٍّ من دولة الإمارات العربية المتّحدة والسعودية وتركيا. وهذه الأخيرة كلّها كما يذكر سنكري، تمثّل 40% من مبيعات الأجهزة الطبية في المنطقة.

بعد قراءة هذه المادّة، قد يظنّ العض أنّ فريق سنكري كبيرٌ جدّاً. ولكنّه في الواقع يتكوّن من خمسة متفرّغين وخمسة متعاقدين، ويسعون لتوظيف أشخاصٍ جدد حاليّاً.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.