لا شك أن تأسيس أي شركة وبالتحديد الناشئة منها ليس بمهمةّ سهلة أينما كنت في العالم. يخبرنا هانس هينرك كريستنسن، مدير إدارة حاضنة واحة دبي للسليكون Silicon Oasis Founders أنه من الممكن اطلاق الأعمال في الامارات العربية المتحدة ولكن، على الرغم من المرتبة المتقدمة التي احتلّتها في تقرير البنك الدولي حول "سهولة القيام بالأعمال" لعام 2014، فالعملية صعبة "لاسيما إذا كانت الشركة ناشئة وتصارع من أجل مصداقيتها." الا أنه يضيف أن "العقليات والثقافة تتغيّر في المنطقة وباتت تتقبّل أكثر الشركات الناشئة مما يسهّل المهمة على رواد الأعمال."

يخبرنا كريستنسن الذي يملك خبرة واسعة في مساعدة رواد الأعمال على تأسيس شركاتهم الناشئة ضمن عمله لدى حاضنة الأعمال ومركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال Dtec، ومبادرات واحة دبي للسيليكون DSOA أن الهيئة تعمل على تسهيل المعاملات وجعلها أقل كلفة. ويضيف "في غضون أشهر، ساعدنا أكثر من 35 شركة تكنولوجية ناشئة على الانضمام الى مركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال. جعلنا الاجراءات سريعة والتكلفة معقولة جداً إذ تأسيس شركة ناشئة تكنولوجية يُكلّف ما يعادل 12000 درهم  (3200 دولار) سنوياً. ويتخذ من المملكة المتحدة مثالاً حول بساطة تأسيس شركة خلال بضعة ساعات ويذكر أيضاً سنغافورة التي يعتبرها الكثير البلد المثالي لتأسيس شركة، موضحاً أن الأمر ليس بهذه السهولة لاسيما أنك تحتاج الى راعٍ محليّ.

في الامارات العربية المتحدة، هناك خيارَين لتأسيس شركة ناشئة: تأسيس شركة محدودة المسؤولية تتطلب شريك إماراتي، أو تأسيس شركة في إحدى المنطاق الحرة الواحدة والعشرين من دون أي شريك محليّ.

يشرح لنا كريستنسن عملية تأسيس شركة ناشئة في إحدى المناطق الحرة: تختار إحدى المناطق المناسبة لنشاطات شركتك ولا تحتاج الى الكثير من الأموال ولكن ما يكفي لاطلاق الأعمال ودفع رواتب الموظفين وتقدّم طلب التأسيس.

ولكن، في الامارات العربية المتحدة على غرار الكثير من الدول، لا يفرّق القانون بين الشركات العادية العملاقة والشركات الناشئة على الرغم من بعض المبادرات التي تمّ اطلاقها من أجل مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والناشئة منها. ويقول كريستنسن انه في سويسرا، تستطيع التفاوض على قيمة الضرائب التي تدفعها أو حتى في الولايات المتحدة قد لا تدفع الضرائب على مدار عشر سنوات، مثل إيلون ماسك Elon Musk الذي تمّ إعفاؤه من دفع الضرائب "لتشجيعه على مواصلة مشروعه التكنولوجيّ الرائع."

وبعيداً عن الاجراءات اللوجيستية والإدارية لتأسيس شركة ناشئة، في ما يلي بضعة نصائح من كريستنسن لا بدّ لأي رائد أعمال أن يأخذها بعين الاعتبار:

1. حدّد صورة واضحة عن ما تريد. يقول كريستنسن إن كثيرين يظنّون أن زمن "خطة الأعمال" business plan قد ولّى الا أنهم على خطأ. فلا بدّ أن تملك فكرة واضحة عن ماهية مشروعك وتوقعاتك للتكلفة. ويضيف "إذا حصلت على التمويل، يجب أن تملك ما يكفي من المال للانتقال الى المرحلة المقبلة وأن تكون متحفظاً عندما تقوم بذلك لأن الأمور لا تجري دائماً كما تريد."
   
   

2. ضع استراتيجية نمو واضحة. يقول كريستنسن إن الشركة تمرّ بمختلف المراحل ولا بدّ أن تجهّز القرارات المناسبة لكلّ مرحلة. ويضيف، على سبيل المثال، "قد تفكّر مثلاً عند توسيع الشركة أن تتنحى من منصب الرئيس التنفيذي لأنك لست الشخص المؤهل لادارة شركة تملك 50 أو 100 موظف. فلا بد أن تأخذ بعين الاعتبار أن العمل مع بعض الأصدقاء مختلف عن العمل في شركة مع سلّم مراتب." فقد يكون من الأفضل أن يركّز رئيس الشركة على مجال خبرته عوضاً أن يكون العائق أمام نموّها. فيعتبر كريستنسن أن معظم الشركات الناشئة لا تنمو وتتطوّر بسبب سوء إدارة رؤسائها وينصح بالتحلّي بالواقعية.
   

3. اختبر السوق في أسرع وقت ممكن. لا تنتظر أن تملك المنتج المثالي. يقول كريستنسن "لم يكن أول جهاز لوحي "آيباد" مثالياً الا أن شركة "آبل" باعت أعداداً هائلة." ويضيف "رأيت الكثير من الأفراد يستثمرون الأموال في صنع وتصميم المنتج المثالي من دون أن يختبروا اقبال السوق. يحتاج رواد الأعمال الى احداث الكثير من الضجة في الأسواق لكي يكتشف الزبائن المنتج من دون هدر الأموال. ويحتاجون الى الوصول الى أكبر شريحة من الناس بالطريقة المناسبة لاسيما مع كثرة الخيارات المتوفرة ولا يعتبر المنتج الجيد الا محطة من طريق النجاح."

4. ابنِ شبكة من الشركاء. لا بد من التفكير بنوع الشركاء الذين تريد العمل معهم إذ "يستطيع رائد الأعمال أن يختار تزويد شركة متخصصة مهمة التسويق أو البيع على سبيل المثال مما قد يتطلب منهم مشاركة الأرباح ولكنهم، بذلك، يسرّعون عملية التوسّع إذ يستفيدون من شبكات هذا الشريك وعلاقاته التجارية المهمة."

قد لا يكون تأسيس شركة ناشئة سهلاً في الامارات العربية المتحدة أو في أي دولة أخرى الا أن كريستنسن يذكّرنا بأنّ "الامارات تضافر جهودها لتشجيع ودعم ريادة الأعمال بأسرع وقت ممكن وهي تتنافس اليوم مع البلدان الكبرى التي تملك سنوات كثيرة من الخبرة في هذه المجالات."