English

تثقيف المستخدِمين سرّ نموّ منصّات التمويل الجماعي‎

English

تثقيف المستخدِمين سرّ نموّ منصّات التمويل الجماعي‎

اللجنة الأخيرة لدى "منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات"MENA ICT Forum وتضمّ أحمد مور من "ليوا" liwwa، الثاني من اليسار؛ الخبير الاستراتيجيّ في التمويل الجماعيّ رونالد كليفيرلان، الثالث من اليسار؛ كريس توماس من "يوريكا" Eureeca، الثاني من اليمين؛ وعبد الله عبسي، أقصى اليمين.

الوصول إلى رأس المال يُعتبَر من القيود المعروفة التي يعاني منها روّاد الأعمال والآخرون الذين يسعون للنهوض بمشاريعهم، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك، فإنّ الذين يسعون اليوم لتمويل شركةٍ أو مشروعٍ في المنطقة، يملكون عدداً غير قليل من الخيارات المتاحة بالنسبة لما كان عليه الأمر قبل عامَين. أمّا السبب، فهو قطاع التمويل الجماعيّ المتوسّع والناضج في المنطقة. وفي الوقت الحاليّ، إذا كنتَ تبحث عن تمويلٍ لشراء جيتارٍ جديدٍ لعملك في الدروس الموسيقية أو لإطلاق مساحة عملٍ مشتركةٍ جديدةٍ أو لتوسيع شركتك الناشئة التقنية نحو الخليج، ستجد أمامك عدداً متزايداً من منصّات التمويل التي تناسب حاجاتك.

في وقتٍ لا يجد معظم الأشخاص في العمليات المصرفية التقليدية وسيلةً مجديةً للحصول على رأس المال، ورأس المال المُخاطِر ما زال في طور النموّ في المنطقة، فلا يمكن التقليل من أهمّية وإمكانات فرص التمويل الجماعيّ الجديدة نسبياً.

وبالإضافة إلى مساعدتها لروّاد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة وقادة المشرع الإبداعيّ بالحصول رأس المال، تقدّم منصّات التمويل الجماعية فوائد إضافيةً، مثل أبحاث السوق وفرصاً للتحقّق من مدى قابلية المنتَج على الاستمرار. كما يمكنها أن تسفر عن المجموعة الأولى من العملاء والسفراء والمستشارين.

 لكلّ هذه الأسباب، يمكن أن يصبح النموّ المستمرّ لقطاع التمويل الجماعيّ ضروريّاً لبيئةٍ حاضنةٍ للأعمال التقنية صحّيةٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بناء البيئة الحاضنة

أظهر قطاع التمويل الجماعيّ في المنطقة تقدّماً هائلاً خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي الوقت الحاليّ، فإنّ جميع نماذج التمويل الجماعيّ الأوّلية مثل تلك القائمة على المكافآت أو على الهبات أو على الدين أو على الأسهم، تتمثّل بشكلٍ أو بآخر في المنطقة. كما تمّ التغلّب على العديد من التحدّيات التقنية والتشريعية (ما يكفي لتكون جاهزة للعمل) الملازمة للتمويل الجماعيّ. ومنصّات التمويل مثل "ذومال" Zoomaal و"يوريكا" Eureeca و"ليوا" liwwa، تضع نصب عينيها النموّ الكبير في هذا القطاع خلال السنة أو السنتَين القادمتَين.

التمويل الجماعيّ في جوهره سوقٌ ذو اتّجاهَين، فهو يضمّ جامعي المال في جانب، والمموِّلين أو ‘الجمهور‘ في جانبٍ آخر. ويُعتَبَر بناء البيئة الحاضنة أمراً أساسياً لتطوير منصّة تمويلٍ جماعيّ سليمةً ومستدامة، وتضمّ عدداً كبيراً من روّاد الأعمال المهتمّين بحملات إطلاق المشاريع وما يكفي من المستثمرين لتمويلهم أو ما يكفي من الحملات لتلبية الطلب على المستثمرين المُحتمَلين، كما يشرح الخبير الاستراتيجيّ في التمويل الجماعيّ، رونالد كليفيرلان.

وبعبارةٍ أخرى، يجب أن يتطوّر جانبا التمويل الجماعيّ بشكلٍ متوازن، بحيث لا تظهر أيّ ضائقةٍ في هذه العملية. ولكن، يمكن لهذا التطوّر الذي يسير على الجانبَين أن يستغرق وقتاً طويلاً.

"في الوقت الذي يتمّ العمل فيه على إنشاء سوقٍ ذات وجهَين، روّاد الأعمال والمستثمرين، فهي يمكن أن تكون بطيئةً في البداية إلى أن تتمكّن من بنائها؛ وعندما تصل إلى هذه النقطة ستدير السوق نفسها بنفسها فعلاً،" وفقاً لكريس توماس، المؤسِّس والرئيس التنفيذيّ لمنصّة التمويل الجماعيّ "يوريكا".

وبدورهم، مؤسِّسو منصّات التمويل الجماعيّ الذين تمّت مقابلتهم في هذه المقالة، عبد الله عبسي من "ذومال" وتوماس من "يوريكا" وأحمد مور من "ليوا"، قالوا جميعهم إنّهم واجهوا سابقاً نقصاً في البيئة الحاضنة لمنصّاتهم.

"التحدّي الأكبر بالنسبة لنا يكمن في الحصول على مشاريع ذات جودةٍ عاليةٍ يمكنها التعامل مع التمويل الجماعيّ، أو على الأقلّ يمكنها أن تتعلّم كيف يسير الأمر. ولكن معظم روّاد الأعمال لا يقومون بذلك،" على حدّ قول مؤسِّس "ذومال" ومديرها التنفيذيّ عبد الله عبسي. ويتابع عبسي قائلاً، "لدينا الكثير من الأشخاص الذين يهتمّون بالتمويل الجماعيّ، كونهم سيحتاجون للتمويل في نهاية المطاف ولا يمكنهم العثور على مصدرٍ آخر، ولذلك فهم يأتون إلى ‘ذومال‘ ويلجؤون إلى الإنترنت متوقّعين أن يأتي المال بهذه الطريقة. ولهذا السبب تفشل حملتهم هذه."

 وعلى خطٍّ موازٍ، من بين ألف طلبٍ تلقّتها "يوريكا" منذ نشأتها، تمّت الموافقة على 25 منها فقط من أجل الاستثمار بالأسهم عبر منصّة التمويل الجماعيّ. وفي حين يبلغ معدّل القبول 2,6% ويعكس تعمّد "يوريكا" الحدّ من الشركات الناشئة التي توضع على منصّة التمويل كلّ شهر (لمنع تمييع تجمّع الشركات الناشئة)، فهو يدلّ أيضاً على صعوبة العثور على شركاتٍ ناشئةٍ في المنطقة قابلةٍ للاستمرار وبالتالي للاستثمار.

ويقول توماس عن هذا الأمر، "بالنسبة للاستثمار في الشركات القابلة للحياة والاستمرار، لا تزال التحدّيات تظهر في هذه سوق الشرق الأوسط الشابّة تقريباً."

ومن جهةٍ أخرى، توجد في المنطقة منصّة "ليوا" للإقراض المباشر التي شهدَت "طلباً هائلاً" من جانب المقترِضين، وذلك من خلال الطلبات على قروضها في الأردن بما مجموعه 1,5 مليون دولار في أشهرها الـ15 الأولى، بحسب مؤسِّسها ومديرها التنفيذيّ أحمد مور. ويضيف هذا المؤسِّس الشاب، أنّ "العثور على مقترِضين مؤهّلين لا يقلّ أهمّيةً عن معرفة ما إذا كنّا نملك المال من جانب المقرِضين لنؤمّن القرض."

التثقيف كوسيلةٍ للنموّ

لا شيء يمكن أن يكون حيويّاً وهامّاً لتطوير وتنمية جانبَي معادلة التمويل الجماعيّ وبالتالي تسهيل النموّ، أكثر من التثقيف. وهذا الأمر يصحّ بشكلٍ خاصّ في سوقٍ مثل الشرق الأوسط، حيث لا يزال المفهوم جديداً مقارنةً مع الأسواق الأمريكية والأوروبية.

وهكذا تعمل كلٌّ من "ذومال" و"يوريكا" وليوا" على تعزيز بيئاتها الحاضنة، عبر تدابير تربوية مختلفة.

وعن خبرته في العمل مع "ذومال"، يقول عبسي إنّه "إذا كان لديك حملات تمويلٍ مثيرة للاهتمام وخلّاقة ومبتكرة، فإنّها ستحصل على التمويل." هذا ويعمل فريق "ذومال" على تحسين نوعية الحملات على الموقع الإلكتروني، عبر سلسلةٍ من الدروس الخصوصية والندوات عبر الإنترنت بالإضافة إلى ربط الناشطين في الحملات مع منتِجي الفيديو.

وبالنسبة إلى "يوريكا"، فإنّ تثقيف روّاد الأعمال والمستثمِرين حول المنصّة من ناحية كيفية عملها ولماذا هي مفيدة وكيف تهيّئ شركتك الناشئة لتكون جاهزةً للاستثمار، يُعتَبَر التحدّي الرئيسي. وتشمل هذه الخطوة على سبيل المثال، تزويد روّاد الأعمال بالقوالب الجاهزة واستراتيجيات التوجّه إلى السوق وخطط للتسويق، كما يحصلون على مشاركةٍ في عددٍ من الندوات وورش العمل التي تهدف لتحضير المشروع ليكون جاهزاً على المنصّة. من جهةٍ أخرى، يتمّ استهداف المستثمرين أيضاً من خلال بعض هذه التدابير، بهدف جعل عملية الاستثمار الجماعيّ أقلّ إرباكاً وأكثر جاذبيةً.

هذه الجهود التي تقوم بها "يوريكا"، تساعد على تبسيط عملية الاستثمار الجماعيّ لروّاد الأعمال، كما يرتبط المستثمرون ارتباطاً وثيقاً بعملية التثقيف هذه. ويقول توماس في هذا الصدد، "من السهل جدّاً أن تثقّف الناس وتعلّمهم إذا كان لديك أنظمةٌ بسيطة. الأمر الأساسيّ بالنسبة لنا هو أن نجعل منتَجنا بسيطاً قدر الإمكان، لأنّه كلّما كان الأمر بسيطاً كلّما فهمه الناس بسهولةٍ أكثر، وبالتالي هكذا هي عملية التثقيف والتعليم التي نقوم بها."

من ناحيته، فريق "ليوا" الذي يضع توقّعاتٍ كبيرةً للنموّ عام 2015، يركّز على توسيع جانب المُقرِضين من منصّة الإقراض المباشر. تتلخّص المهمّة الأساسية للفريق في تثقيف الناس حول هذا النموذج، ويعتمد الفريق على الأحاديث الشخصية لتسويق المنصّة لدى الأفراد والمجموعات الصغيرة من المستمِرين المحتمَلين. ويتوقّع الرئيس التنفيذيّ أحمد مور أنّه في حال استمرار قصص النجاح في إثبات صحّة النموذج، فإنّ مجموعة المقرِضين ستكبر وبالتالي هذا ما سيسمح بإصدار قروضٍ أكبر.

عام 2015: نقطة تحوّل بالنسبة للتمويل الجماعيّ في المنطقة؟

في حين شهد عام 2013 ظهور قطاع التمويل الجماعيّ في المنطقة من خلال إطلاق منصّات التمويل، فمن المرجّح أن نرى في عام 2015 نموّاً كبيراً لهذا القطاع.

ونظراً للقضايا المتعلّقة بالحصول على رأس المال في المنطقة، يبدو أنّه إذا استمرّت المنصّات بتحسين نماذج عملها وتثقيف الناس حول الفوائد الكبيرة التي يمكن للتمويل الجماعيّ أن يعود بها على المنطقة، ستكون هذه النتيجة حتميةً الحصول في وقتٍ ما؛ هل سيحدث هذا أم لا؟ فلننتظر هذا العام ونرى ما يخبّئه لنا.

"لا نزال في المراحل المبكرة جدّاً للتمويل الجماعيّ،" يقول توماس متابعاً، "نحن في الفصل الأوّل من قصّةٍ طويلةٍ جدّاً عن تحوّل هذا إلى عملٍ تجاريّ."

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.