English

ما الحلّ الذي تقدّمه الريادة الاجتماعية لإعانة اللاجئين؟

English

ما الحلّ الذي تقدّمه الريادة الاجتماعية لإعانة اللاجئين؟

لسنواتٍ ومعاناة اللاجئين تستقطب متطوّعين متعاطفين ومتبرّعين مشفقين، لكنّها قلّما تجذب رجال أعمالٍ صارمين ومدراء تنفيذيّين، ولكن مع ريادة الأعمال الاجتماعية تبدّل الأمر.

"مشروع الريادة الاجتماعية"(Social Enterprise Project (SEP و"شركة سِتّي للصابون"، شركتان تعملان من داخل مخيم غزة في جرش شمال العاصمة عمّان، متحدّيتَين النظرة الدونيّة لللاجئ بأنّه مُهمّش وضعيف عبر تقديمهما نموذجاً بخططٍ مستدامة لتمكين المستفيدين.

Jerash Refugee Camp

مخيم غزة للاجئين، جرش، الأردن. (الصورة من "شركة ستي للصابون")

تبيع الشركتان منتجاتٍ محليّة الصنع، إذ تعنى"مشروع الشركة الاجتماعية" بإنتاج أكسسواراتٍ مطرّزةً لسوقٍ أجنبية، بينما تبيع "شركة ستّي" الصابون النابلسيّ الطبيعي.

وكانت كلتاهما قد نشأتا من مؤسّساتٍ غير ربحيّة [منظّمات غير حكومية] مستنفدةٍ مالياً. فقد تأسّسَت "مشروع الشركة الاجتماعية" عام 2014 عندما شرعَت مؤسّسةٌ غير ربحيةٍ بإطلاق مشروعٍ خيريٍّ في المخيم، لكنّها فشلَت في جمع التبرّعات. حينها قامَت روبيرتا فينتورا، الرئيسة التنفيذيّة الحاليّة لـ"مشروع الشركة الاجتماعية، بتولّي المشروع عند نقطة الفشل لتدعم القضيّة بطريقةٍ مختلفةٍ من خلال شركةٍ تجني أرباحاً وتقدّم فرص عملٍ للمستفيدين.

أمّا الأرباح الّتي تجنيها "مشروع الشركة الاجتماعية" حالياً، فيتمّ استثمارها في الشركة من جديد، وفي نشاطاتٍ تنمويةٍ داخل المخيم مثل دورات في اللغة الإنجليزية وورش عمل والتدريب المهنيّ.

حقيبة يصنعها سكّان مخيم جرش وتبيعها "مشروع الشركة الاجتماعية".

وبالمثل، نشأَت "شركة ستّي للصابون" عندما لاحظَت نورا شرّاب، الشريكة المؤسِّسة لمنظمة "أمل النساء في التعليم"  Hopes for Women in Education، أنّ مؤسَّسَتها بحاجةٍ إلى مدخولٍ ماديٍّ بديلٍ فعّالٍ أكثر من التبرّعات. وبالتالي، اجتمعَت شرّاب بجاكلين صوفيا الّتي بدورها كانَت تريد أن تنشئ مركزاً للنساء غير ربحيٍّ ولكن خذلها المتبرّعون. وهكذا أسّسَت الفتاتان هذه الشركة، لإيمانهما بالمنتَج المحلّي وتمكين النساء، ولكن أيضاً لتحقيق مردودٍ ماديٍّ لمشاريعهما غير الربحيّة.

Sitti Soap Company's Nabulsi soap Wamda

نماذج من الصابون الذي تنتجه "شركة ستي للصابون". (الصورة من "ستي للصابون")

الاستدامة

إحدى أكبر مشاكل الدعم التقليديّ تكمن في انعدام الاستدامة والاستقلالية. وكمثالٍ على ذلك، نذكر إعلان برنامج الأغذية العالميّ في كانون الأول/ديسمبر الماضيّ عنتعليققسائمطعام لـ1.7 مليون لاجئٍ سوريٍّ بسبب النقص الماليّ.  

وغياب الاستدامة يشكّل خللاً كبيراً لجميع الجهات، فهو يُحبط المستفيدين اللذين اعتادوا الدعم، ويحبط المنظّمات لاعتمادها الكلّي على المتبرّعين أنفسهم اللذين لا يرون ثماراً لأموالهم.

وفي مقابلةٍ مع "ومضة" عبر "سكايب" Skype، قالت جاكلين صوفيا، الشريكة المؤسِّسة لـ"شركة سِتّي"، إنّها تعتقد أنّ التبرّع ليس عمليّاً لأنّ "البشر دائماً يتوقّعون شيئاً في المُقابل. هذه الحالة قائمة، فهذه هي الطبيعة البشرية. أحياناً تكون سيئةً، ولكن هذه طبيعتنا، فنحن نتوقّع أن نتلقّى مردوداً لاستثماراتنا."

بدورها، تشير نوال أرادا، مديرة المشاريع في "مشروع الشركة الاجتماعية"، إلى أنّها تفضّل أن ترى في المخيم مبلغاً نقديّا ضئيلاً متوفّراً باستمرار على أن ترى مبلغاً كبيراً مُتقطّعاً. "أَن تجدي لي عملاً يخصّني وأحبّه وأفهمه وأستفيد منه بمجهودي، أفضل من أن يتمّ تذكّري مرّةً في السنة بكرتونة مؤنٍ أو بطانيّات،" على حدّ تعبير أرادا خلال مقابلتها مع "ومضة"، مضيفةً بقولها: "أريد راتباً أدعم به نفسي وأولادي وأؤمّن مصروفي. لا أريد أن أبقى عشوائيةً...لقد أنقذَتني الشركة."

لا تصطد له سمكة بل علّمه كيف يصطاد!

Sitti cofounders Noora Sharrab and Jacqueline Sofia

الشريكتان في تأسيس "شركة ستّي للصابون"، نورا شرّاب وجاكلين صوفيا. (الصورة من "شركة ستّي)

الاستدامة ليست الهمّ الوحيد للمؤسَّسات غير الربحية، فالموضوع لا يتعلّق فقط بمصدر التمويل بل أيضاً بالعقليّة التي يترتّب عليها الدّعم. على سبيل المثال، حتّى لو كانت جمعيةٌ ما مستقرّةً ماديّاً، فإنّ نظام الدّعم الذي تفرضه يخلق نوعاً من الاعتمادية لدى المستفيد.

وفي هذا الإطار، تلفت صوفيا إلى أنّ سبب الركود في مخيم جرش هو "أنّ اللّاجئين اعتادوا الاعتماد على الصَدَقات بشكلٍ سنويّ...فتكيّفوا مع هذا الواقع، حيث يتوقعون استلام الصَدَقات بشكلٍ دوريٍّ، وفي لحظةٍ ما يتوقفون عن معرفة أيّ شيءٍ آخر. ليس الذنب ذنبهم، بل ذنب النظام الّذي وُضِع، وَهُم فقط ضحيةٌ له."

وفي السياق ذاته، تؤمن روبيرتا فينتورا، الرئيسة التنفيذيّة لـ"مشروع الشركة الاجتماعية"، أنّ التّبرّعات تحدّ من قدرة المستفيدين على التخطيط للمستقبل والسيطرة على مجريات حياتهم. وتقول "إنّ المجتمعات المستفيدة أصبحَت تدرك أنّ الدّعم غير كافٍ. إنّه مُذلّ، ومهينٌ للكرامة، ويلغي عقلية التخطيط. يعيشون يوماً بيومه. أمّا من خلال الريادة الاجتماعية، فسيصبح ممكناً للمستفيدين أن يكوّنوا نظرةً عن المال وأن يخطّطوا للمستقبل."

الدعم والريادة الاجتماعية يكملّان لبعضهما البعض

بغض النظر عن سلبيّات الدعم والمساعدات، فإنّ الاستغناء عنها عند الطوارئ والكوارث غير ممكن. وبهذا الشأن، تتّفق كلٌّ من فينتورا وصوفيا على أنّ الدعم يعالج عوارض المشكلة بينما الريادة الاجتماعية تعالج مصدرها.

الخلاصة

يمكن اعتبار الريادة الاجتماعية نموذجا مُطورّاً للمؤسسات غير الربحيّة، فهي تُحافظ على هدف الجمعيّات الاجتماعي والإنساني ولكنّها تضيف عنصر جني المال كوسيلةٍ للاستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، تقلب الريادة الاجتماعية الديناميّات الطبقيّة للعطاء والتبرّع القائمة على قوّة المتبرِّع المنقِذ وضعف المستفيد الهالِك. ففي الشركة الاجتماعية لا يوجد قويٌّ وضعيف، بل جميع الأطراف تتبادل الموارد بدلاً من منحها أو انتظار استلامها.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.