English

مساعٍ في دبي لحلّ مشاكل الخدمات المالية في المنطقة عبر 'بيتكوين'

English

مساعٍ في دبي لحلّ مشاكل الخدمات المالية في المنطقة عبر 'بيتكوين'


باستطاعة العملة الافتراضية أن تحدث ضجةً في العالم المالي تماماً كما فعل الإنترنت في عالم الاتّصالات؛ هذا ما تعتقده علا دودين، الشريكة المؤسِّسة لمنصّة عملة "بيتكوين" Bitcoin الرقمية، "بِت أويزس" BitOasis التي تتّخذ من دبي مقرّاً لها.

ولكن، نظراً إلى أنّ هذه العملة المشفّرة الأهمّ ما زالت تواجه تداعيات انهيار سوق "أم تي غوكس" Mt. Gox، وغياب السيولة، والمنافسة الشرسة من الخدمات المالية التقليدية، يبقى انتزاع السطوة من العملات التقليدية في الأسواق الراسخة هدفاً سامياً للمؤسَّسات المعنيّة.

لذلك، وبدلاً من انتظار الإقبال على "بيتكوين" في الأسواق الناضجة، تحاول دودين ومنصّة "بِت أويزس" تطوير هذه العملة الرقمية في منطقةٍ من شأنها أن تشكّل علامة استفهام، ألا وهي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تقول دودين إنّ "عملة ‘بيتكوين‘ تناسب الأسواق الناشئة أكثر،" وتضيف أنّه ثمّة "احتمال كبير أن تنمو العملة في هذه الأسواق الناشئة مقارنةً بالأسواق الأخرى في خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة."

وجهة النظر هذه كانت الدافع وراء إطلاق "بِت أويزس" في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، فباتت المنصّة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتداول عملة "بيتكوين" الافتراضية والتي تقدّم محتواها باللغة العربية. وتعود جذور "بِت أويزس" إلى ثلاث سنوات سابقة، حين بدأت شبكة غير رسمية تجمع محبي "بيتكوين" وروّاد الأعمال العاملين عليها، تنظّم سلسلةً من اللقاءات في الأردن ودبي ولبنان.

ومن اللقاءات هذه، برز أربعة أفرادٍ يتقاسمون الأفكار ذاتها ويعتقدون أنّه بإمكان عملة "بيتكوين" أن تقدّم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بديلاً عن الخدمات المالية الحالية فتساهم ربما في دفع عجلة قطاع التجارة الإلكترونية، تماماً كما فعلت "أم بيزا" M-Pesa في كينيا. وهذا ما دفعهم إلى إطلاق منصّةٍ رقميةٍ تضمّ شقّاً لتداول "بيتكوين" ومحفظةً افتراضية لهذه العملة، وتسمح للمستخدِمين بإرسال هذه العملات عبر "فايسبوك". وهذا التداول الذي يشمل حاليّاً الدرهم الإماراتي والريال السعودي والدينار الأردني والليرة اللبنانية والدينار البحريني والريال العماني والريال القطري، يسمح للمستخدِمين بشراء عملة "بيتكوين".

بعد ذلك، تضمن محفظة "بِت أويزِس" للمستخدِمين حفظ أموالهم بشكلٍ آمن، بفضل نظامٍ أمنيٍّ لامركزيٍّ يتطلّب ثلاثة "توقيعات" لإتمام الصفقة أو محفظة "مالتيزيج" Multisig التي جاءت كحلّ لمسائل عملة "بيتكوين" الأمنية والتي من شأنها أن تحدّ من المخاوف العالقة تجاه القرصنة.

BitOasis wallet

لقطة من محفظة "بِت أويزِس" الافتراضية.

وهكذا، يصبح من الصعب على القرصان اختراق محفظة أحد المستخدِمين، لأنّه يتوجّب عليه فكّ اثنين من الرموز الثلاث في آنٍ واحد. أمّا في حال انقطاع اتّصال المنصّة بالإنترنت أو في حال إفلاسها، يتوفّر للمستخدِمين رمزٌ يفتحون بواسطته محفظتهم ويستردّون أموالهم. إلّا أنّ الإفلاس لن يواجه محبّي عملة "بيتكوين" الذين كانوا خفيين في السابق.

نجحت "بيت أويزس" بعد ستة أشهر على إطلاق منصّتها في استقطاب 15 ألف مستخدِمٍ من أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أجبر الشركة الناشئة على البحث عن تمويلٍ تأسيسيٍّ فيما بدأت أيضاً بوضع خططٍ لإضافة خدمات التجّار إلى المنصّة في وقتٍ لاحق.

وعن هذا الأمر تقول دودين إنّ "السوق ناشئةٌ وسريعة النموّ، والإنترنت ينتشر فيها بسرعة، وهذه كلها عوامل تجعل من الصواب اعتماد تكنولوجيات مالية وبخاصّةٍ عندما يتعلق الأمر بـ‘بيتكوين‘." وترى هذا الريادية أنّ شعبية المنصّة تعود إلى تقديم هذه العملة الرقمية حلولاً لمسائل كثيرة تواجه المعنيين في القطاع المالي الذي تتفرد به منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ففي الواقع، إنّ 67% من البالغين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يملكون حساباتٍ مصرفية. وقد يعود ذلك إلى عدم وصول المصارف إلى المناطق التي يسكنونها، أو افتقارهم إلى المستندات الضرورية لفتح حسابٍ مصرفيّ، أو مجرّد الحذر من تسليم المصارف مبالغ كبيرة من المال أو معلوماتٍ شخصية.

ولهذا السبب، يعتقد مستخدمو "بِت أويزِس" أنّ العملة الافتراضية تقدّم بديلًا مغرياً عن الخدمات المالية السائدة. فما من طرفٍ وسيطٍ يتحكّم بأموال الفرد، إذ إنّ عملة "بيتكوين" تتميّز بالخصوصية وحفظ الأموال في محفظةٍ افتراضية، يشبه تخزينها بالمبدأ ما هو عليه في محفظةٍ عادية. بالإضافة إلى أنّها "تتميّز بنفس مستوى خصوصية الأموال النقدية،" بحسب دودين.

وكأيّ محفظةٍ عادية، تحتاج المحفظة الافتراضية إلى الحماية من السرقة، ومن هنا تمّ ابتكار النظام الأمني "مالتيزيج" الذي تتّبعه منصّة "بِت أويزِس".

ووفقاً لدودين، تُشكّل "بيتكوين" خياراً جذّاباً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأنّها تقدّم وسيلةً أفضل لإرسال التحويلات المالية. كما تمنح العاملين المعتادين على دفع رسومٍ عاليةٍ على الصفقات وسيلةً أرخص لتحويل الأموال دولياً، كون المنطقة تضمّ بعضاً من أكبر ممرّات التحويلات المالية في العالم.

فالحدود بين الدول لا تشكّل عقبةً أمام نقل الأموال باستخدام "بيتكوين". ولكن، يوجد رسوم على التحويل المالي باستخدام هذه العملة الرقمية، على حدّ قول دودين، تصل إلى 1% تقريباً (على استبدال العملة)، في حين أنّ إرسالها مجّانيٌّ كإرسال رسالةٍ بالبريد الإلكتروني. أمّا رسوم تحويل المال عينه عبر المصارف، فقد تصل إلى 13% تقريباً من المبلغ الإجمالي.

وتشرح مؤسّسة "بِت أويزس" أنّ أحد الأسباب وراء عدم امتلاك كثيرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحساباتٍ مصرفية ومعاناتهم من رسوم التحويلات الباهظة، هو غياب المنافسة بين المؤسَّسات المالية الإقليمية وغياب كلّ حافزٍ يدفعها إلى التغيير. ولكن، مع ارتفاع عدد الأجهزة التي تعمل بواسطة الإنترنت في منطقة الشرقة الأوسط وشمال أفريقيا، سيكون النفاذ إلى عملات "بيتكوين" قريباً تماماً كأقرب جهاز "راوتر" router لاسلكي.

قد يكون إطلاق "بيت أوازيس" حلّاً أتى في الوقت المثالي. فكما تقول دودين، بدأ في عام 2015 أصحابُ رؤوس الأموال المُخاطرة وبورصة "وال ستريت" Wall Street، وأخيراً، بصبّ المزيد من الاهتمام على العملة الرقمية. ومؤخّراً، استثمرَت شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية "جولدمان ساكس" Goldman Sachs في شركةٍ ناشئة تقدّم خدمات "بيتكوين"، فيما لم يمضِ وقتٌ طويل على إعلان بورصة "ناسداك" Nasdaq عن شراكتها مع "نوبل ماركتس" Noble Markets، وهي إحدى الشركات الناشئة التي تقدّم خدمات "بيتكوين".

كما شهد الفصل الأول من عام 2015 على أعلى مبلغٍ لاستثمارٍ مٌخاطر إجماليٍّ حتى الآن بلغ 226 مليون دولار أميركي، ما رفع إجمالي الاستثمار المُخاطر في "بيتكوين" إلى 676 مليون دولار أميركي. ولكنّ "هذا لا يعني بالضرورة أنّ هذه التكنولوجيا ستنجح في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنّه يمنحنا بعض الضمانات بأنّها لن تزول قريباً،" حسبما تقول دودين.

تعرف هذه الريادية وشركتها "بِت أويزس" أنّ تعيير عالم الخدمات المالية ليس بالأمر السهل، لكنّهم يراهنون على عملة "بيتكوين" أنّها ستكون المحفّز الذي نحتاجه المنطقة.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.