English

شركة ناشئة إيرانية تربط الشركات الأخرى بالإعلام: هل تتوسع عالمياً؟

English

شركة ناشئة إيرانية تربط الشركات الأخرى بالإعلام: هل تتوسع عالمياً؟

تزدهر الشركات الرقمية في إيران فارضةً نفسها في السوق المحلّية، على الرغم من القيود المفروضة على التجارة والواردات الأجنبية، وربّما أيضاً بسبب هذه القيود.

ولكن مع ذلك، فإنّ هذه الشركات لا تبرع في جذب انتباه وسائل الإعلام والحصول على تغطيةٍ إعلامية. وبالتالي، قرّرَت شركة التسويق الرقمي "أخبار رسمي" المساعدة في هذا المجال بالذات.

"الشركات في إيران لا تعرف كيفية كتابة البيانات الصحفية وتوزيعها، ولا حتّى كيفية استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام،" كما يقول الشريك المؤسّس في "أخبار رسمي"، ماجد قصيري في حديثه إلى "ومضة".

هذا الأمر ينطبق على بشكلٍ خاصٍّ على الشركات الصغيرة والمتوسّطة، والتي في كثيرٍ من الأحيان لا تمتلك المهارات اللازمة للتواصل بشكلٍ جيّدٍ في السوق.

الشريكان المؤسِّسان، ماجد قصيري (إلى اليمين)، ومهدي جهني مقدم. (الصورة من ماجد قصيري).

قصيري الذي عمل سابقاً كصافيٍّ ويمتلك 8 سنوات من الخبرة، أدرك أنّ النقص في مهارات التواصل يمكن أن يحرم العمل أو الشركة من فرصة البقاء والاستمرار. ويقول في هذا الشأن إنّ "كثيراً من الشركات اعتادت أن ترسل إليّ بياناتها الصحفية ومحتواها من عناوين مختلفة للبريد الإلكترونيّ. لم أكن أستطيع أن أعرف البيانات الصحفية التي تأتي حقّاً من الشركات، ولم أكن أثق بالمرسِل. لم يكونوا يعرفون حتّى كيفية التعامل مع الصحفيين، ولذلك كنتُ ألقي معظم البيانات في سلّة المهملات."

إنشاء وكالةٍ إيرانية للعلاقات العامة

اسم الشركة بالفارسية "أخبار رسمي"، يبدو قريباً منه في اللغة العربية، ويعني "الأخبار الرسمية" أو "البيان الصحفي". وهو بالتالي يبدو شبيهاً جدّاً بوكالة "بي آر نيوز واير" PR Newswire platform العالمية، والتي تتولّى توزيع البيانات الصحفية لآلاف العملاء.

تزوّد الشركة الإيرانية باقي الشركات بلوحة تحكّمٍ سهلة الاستخدام، حيث يمكنهم إنشاء بياناتهم الصحفية (من الصفر، أو باستخدام بعض القوالب المعدّة مسبقاً)، ومن ثمّ توزيعها على الصحفيين المسجّلين في الخدمة.

وهذه المنصّة التي تعمل على ربط الشركات مع الصحفيين والمدوّنين والفاعلين في القطاع، أنشأها كلٌّ من قصيري؛ ورائد الأعمال المتسلسل الذي أسّس "راسيس كوربورايشن"Rasis Corporation، مصطفى مرشدي؛ و"ساحر البرمجيات" مهدي جهني مقدم، الذي انضمّ لاحقاً وأصبح شريكاً مؤسّساً ومديراً تقنياً.

وبما أنّها تتّبع نموذج العمل "فريميوم" Freemium (الذي يقوم على عرض التطبيق مجاناً وبيع الميزات الإضافية داخله)، فإنّ الموقع يقدّم خدماته مجّاناً للصحفيين.

يمكن للشركات أن تجرّب المنصّة مجّاناً لمدّة شهرٍ ونصف، ومن ثمّ تقوم بترقية حسابها إلى حسابٍ متميّز premium، مقابل 150 دولاراً أميركياً في الشهر. كما يوجد خيارٌ ثانٍ يقوم على الدفع عند الاستخدام pay-as-you-go يكلّف 100 دولارٍ لكلّ بيانٍ جديد، وهو مخصّصٌ للعملاء الذين لا يعرفون عدد البيانات التي يريدونها في الشهر، أو للذين يريدون اختبار الخدمة أكثر.

أمّا عن الفكرة، فيقول قصيري إنّها وردَته قبل 3 سنوات، عندما بدأ يبحث عن نماذج عملٍ أجنبية يمكن أن تتناسب مع السوق الإيرانية. وبالتالي، كان من بينها إضفاء الطابع المحلّي على خدمات الأنباء، متمثّلةً بـ"أخبار رسمي".

نموٌّ هائل

بعد 6 أشهر على انطلاقها رسمياً، سجّل في هذه الخدمة أكثر من ألفَي صحافيٍّ جاؤوا من نحو 600 وسيلةٍ إعلاميةٍ و400 شركة، من مختلف أنحاء إيران. وذلك في وقتٍ يهدف الفريق إلى استقطاب ما يزيد عن ألفَي شركة و5 آلاف صحفيّ ووسيلة إعلامية، بحلول نهاية العام المقبل.

ويقول قصيري "إنّنا نشهد نموّاً بنسبة 25% لناحية الشركات التي تستخدم نظامنا شهرياً،" مؤكّداً أنّه "حتّى الشركات الحكومية باتت تلجأ إلينا، لأنّنا نوفّر لها فرصة الوصول إلى وسائل الإعلام بناءً على أهداف مختلفة. كما وعلى سبيل المثال، فإنّنا نتيح لهم الوصول إلى صحفيين يهتمّون بأنواع محدّدة من الأخبار ومن مناطق جغرافيةٍ مختلفة."

جاء طلاق منصّة "أخبار رسمي" بعد احتضانها في مسرّعة الأعمال في طهران "آفاتك" Avatech، ما سمح لها أيضاً بالتعرّف على بعض المستثمِرين. وعن هذا الأمر، يشير قصيري إلى "أنّنا محظوظون للغاية لقبولنا في ‘آفاتك‘. بدأنا برنامج تسريع عملنا في شهر أيلول/سبتمبر الفائت، ومن ثمّ خلال الأشهر الستّة التالية استعرضنا أمام مئات المستثمِرين من مختلف القطاعات."

 في المحصّلة، ساهم بتمويل الشركة 3 مستثمرين، اثنان منهم مستثمِران تأسيسيّان يعرفان قصيري، أحدهما يعمل في مجال العلاقات العامّة، والآخر في شركةٍ خاصّة؛ أمّا الثالث فهو شركة رأس المال المخاطر "سارافا" Sarava الرائدة في إيران للاستثمار في التقنية.

 ومن جهته، يقول الرئيس التنفيذي في "سارافا"، أحمد رحماني، في حديثه إلى "ومضة"، إنّ "معيارنا الأوّل للبتّ في الاستثمار هو فريق العمل."

وعن الاستثمار في "أخبار رسمي"، يشير إلى أنّه "قرّرنا دعمهم ببضع مئات الآلاف من الدولارات - نحن لا نُعلِن دوماً عن الأرقام الدقيقة - لأنّنا نعتقد أنّهم فريقٌ عظيم يعملون بشغف. أعتقد أنّهم يستطيعون التوسّع والانتشار في المنطقة، وحين يتمّ رفع العقوبات نأمل أن يتمكّنوا من نشر وتوزيع بياناتهم الصحفية عالمياً."

فريق "أخبار رسمي" الحاليّ، والذي يأمل أن تصبح شركته أقوى بعشرين ضعفاً خلال 6 أشهر.

خطط للعالمية

خلال الأشهر الستّة المقبلة، يريد المؤسّسون تقديم ميزاتٍ مدفوعةً للصحفيين، مثل البيانات المالية والنشرات في الوقت الحقيقي من الشركات المدرَجة في البورصة الوطنية. ذلك بالإضافة إلى تحويل المنصّة من أحادية الاتّجاه، حيث تستهدف الشركاتُ الصحفيين، إلى منصّةٍ بالاتّجاهَين.

ويشرح قصيري أنّه "في الوقت الحاليّ، نقوم بدفع الأخبار إلى لوحات التحكّم الخاصّة بالصحفيين، ولكن خلال العام القادم سوف نصبح منصّةً بالاتّجاهَين. على سبيل المثال، يمكن للصحفيّ أن يقول ما هي المواضيع التي يعمل عليها، ومن ثمّ يطلب من الخبراء في الدليل الخاصّ بنا، ومعظمهم من مديري الشركات، أن يقدّم لهم المحتوى."

 بالإضافة إلى ذلك، يأمل الفريق أن يطلق نسخةً جديدةً من "أخبار رسمي" تستهدف الجمهور العالميّ. ولكن من أجل التوسّع عالمياً، ينبغي الحصول على مزيدٍ من التمويل والإرشاد، وهذا ما بدأ قصيري بالبحث عنه والعمل عليه.

في هذا الإطار، كانت الرحلة الدولية الأولى لهذه الشركة الناشئة باتّجاه مسابقة "ستارتب إسطنبول" Startup Istanbul في تركيا، في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر. ولكن، كما في مختلف قطاعات الأعمال في إيران، فإنّ كثيراً من المستمِرين العالميين لن يتحرّكوا قبل رفع العقوبات.

وهنا، يشير قصيري إلى أنّه في تركيا "حصلنا على اهتمام الكثير من المستثمِرين الدوليين؛ ولكنّ المشكلة الوحيدة تكمن في أنّهم ينتظرون رفع العقوبات لمعرفة ما الذي سيحصل. أعتقد أنّه من الآن حتّى العام المقبل، يمكن أن يصبح لدينا خبرةٌ دولية."

 إذا تمّ رفع العقوبات في الربيع المقبل، كما يبدو عليه الأمر، فإنّ هذا سيشكّل دفعةً كبيرةً للشركات الناشئة في إيران، وسيكون بمثابة النعمة على الشركات التي تريد التوسّع دولياً، مثل "أخبار رسمي".

 ومع ذلك، لا يعني هذا أنّ التوسّع والانتشار عالمياً سيكون سهلاً ومضمون النجاح، بل إنّ مزيداً من الانفتاح يعني مزيداً من المنافسة. فالعالم لا ينقصه شركاتٌ مثل "بي آر نيوزواير" تطمح للتوسّع عالمياً، كما أنّ بعضها قد يغتنم الفرصة للتوسّع إلى إيران ومنافسة "أخبار رسمي" على أرضها.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.