English

الشركات الناشئة تنهض من بين ركام الحرب في اليمن

English

الشركات الناشئة تنهض من بين ركام الحرب في اليمن

Rowad Foundation

الشركات الناشئة العشرة الرابحة في "جائزة مشاريع أفكار الشباب الابتكاريّة" Afkar Award الثانية (الصورة من "مؤسسة روّاد" Rowad Foundation)

الحديث عن الشركات الناشئة في اليمن، البلد الذي تهزّه الحرب، يبدو غريباً جدّاً. وبالرغم من طرح الأسئلة التقليدية مثل من أين تجمع التمويل؟، وما هو نموذج عملك؟ إلاّ أنّها لا تبدو في مكانها الصحيح. وبالتالي، لا يعود كافياً طرح أسئلةٍ تقليدية مثل 'كيف تجمع التمويل؟' و'ما هو نموذج عملك؟'.

لكنّ ذلك يمكن أن يكون غير منصفٍ في الوقت الذي يمكن لريادة الأعمال فيه أن تقدّم طريقاً للخروج من الأزمة، بخاصةٍ بالنسبة للشباب الذين يعانون للحصول على وظيفةٍ في هذه الأوقات الصعبة.

وهذه هي حال اليمن، البلاد التي بدأت تعاني من الاضطرابات في عام 2011، والتي يحاول فيها بعض روّاد الأعمال الشجعان من "مؤسسة روّاد" Rowad Foundation بناء بيئةٍ رياديّةٍ من بين حطام النزاع المحتدم حتّى اليوم.

بدعمٍ من "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" United Nations Development Program، أطلقوا العام الماضي "جائزة مشاريع أفكار الشباب الابتكاريّة" Afkar Award الثانية (الأولى كانت عام 2013)، وهي مسابقة لليمنيين بين 18 و30 عاماُ المتحمّسين لبناء وإطلاق شركاتهم الخاصة وبالتالي لإيجاد فرص العمل.

طفرة الشركات الناشئة

في تمّوز/يوليو 2015، تمّ اختيار 100 مشارك من صنعاء وعدن وتعز والحديدة وتأمين خدمات تدريبٍ لهم عبر الهاتف.

وبعدما وصل عددٌ قليلٌ منهم إلى المرحلة النهائيّة، أُعلِن في كانون الثاني/يناير عن فوز 10 من الأفكار الأكثر إبداعاً من بين 1660 طلباً.

Rowad Foundation

خلال إحدى جلسات التدريب.

هدفت هذه الأفكار إلى تلبية الحاجات الفعليّة والأساسيّة، وكانت أغلب الأفكار الفائزة في هذه المسابقة متواضعة إنّما لامعة. ومنها "محلّي" Mhlli، متجرٌ إلكتروني للمنتجات والخدمات المحليّة ومنصّة لمساعدة النساء على تقديم خدمات التدبير المنزلي؛ وهناك أيضاً خدمة لتجديد الأثاث المدرسي، ومركز تعليمي للأهل لتعلّم التعامل مع الآثار النفسيّة للحرب على أولادهم.

لنأخذ الطاقة المتجددة على سبيل المثال؛ في أوروبا الغربيّة، غالباً ما يتمّ الاعتماد على الطاقة الشمسية لأسباب بيئيّة. أمّا في أجزاء كبيرة من اليمن، فغابت الكهرباء بسبب الحرب، بالتالي أصبحَت الطاقة الشمسيّة أداةً لتأمين الطاقة للمنازل والمتاجر.

وقال الباحث والكاتب في صنعاء، شرف الكبسي، الذي شارك كمرشدٍ في هذه الفعاليّة، في حديثه مع "ومضة"، إنّ في هذه المدينة "لدينا ثلاثة ملايين شخص، وكلّهم من دون كهرباء. لذلك، فإنّ الطاقة المتجدّدة والألواح الشمسيّة هي من المجالات التي ستزدهر قريباً."

وبالفعل، تناولت فكرتان من الأفكار الرابحة موضوع حلول الطاقة المتجدّدة، ومنها "الأشعة الشمسية" التي تركّز على جمع الألواح الشمسيّة محليّاً، وشراء المواد الخام من الخارج وشحنها إلى اليمن عبر الإمارات.

وفي حديثه مع "ومضة"، قال عنهم مدير "روّاد" إنّهم "ما زالوا في مرحلة التنفيذ، وعليهم القيام بنموذج تجريبي، لذلك أعطيناهم 15 ألف دولار للبدء ببناء النموذج الأوّلي."

ومن الرابحين أيضاً كانت "الشركة الوطنية لوحدات الغاز الحيوي" National Company for Biogas Units التي تريد التركيز على تأمين الغاز الحيوي في المناطق النائية للإضاءة والطبخ وتوليد الكهرباء.

جمع التمويل في وقت الحرب

في حين يُعتبَر الإعداد للشركة الناشئة سهلاً نسبياً، فإنّ بناء شركة ناشئة في ظروف الحرب أمرٌ مختلف بالكامل، بخاصّةٍ عندما يتعلّق الأمر بالتمويل.

وفي هذا الشأن قال الكبسي إنّ "هذه الفترة هي الأسوأ لجمع التمويل، فنحن في حالة حرب، وبعض المنظّمات غير الحكوميّة لم تعد تحظى بتمويل. لم يعد هناك دعم دولي. في الوقت عينه، أعلنت الشركات الماليّة المحليّة حالة الطوارئ، بحيث تستلزم سياسة إدارة المخاطر الخاصّة بهم عدم تقديم القروض. وبين سكّان [اليمن] الـ24 مليوناً يوجد 7 ملايين دون خطّ الفقر."

من جهةٍ أخرى، يبدو قاسم أكثر تفاؤلاً بأنّ المشاريع الرابحة ستجد فرصاً للنموّ والتوسّع.

في المرحلة الأخيرة من المسابقة (التي استمرّت لمدّة ثلاثة أشهر من الدعوة لتقديم الطلبات حتّى الحفل الختامي)، حرص المنظّمون على تعريف المشاركين النهائيين إلى أشخاصٍ من حاضنة الأعمال "أويسيس 500" Oasis500 في عمّان، الأردن. وأشار قاسم إلى أنّ "سعينا لا يقتصر على تأمين استثماراتٍ وتمويل للمشاركين النهائيين العشرة فحسب، بل للشركات الناشئة الـ25 التي شاركَت في المرحلة الأخيرة."  

النجاح رغم كلّ الصعاب

من الأمور التي ربّما تكون أكثر أهمّيةً من التأسيس، مساعدة منظّمة "روّاد" للمشاركين النهائيين عن طريق جلسات تدريب سيقيمها أربعة خبراء مرشدِين للشركات الناشئة، على مدى ثلاثة أشهر بعد انتهاء المسابقة.

فهؤلاء المرشدون ينحدرون من " كلية لاروش" La Roche College و"جامعة أوكسفورد" Oxford University و"كليّة ماسترخت لإدارة الأعمال" Maasticht School of Management و"الجامعة اللبنانيّة الدوليّة" Lebanese International University.

وقد لفت الكبسي إلى أنّ "الكثير من المشاركين لا يعرفون كيف يحققون النجاح في شركاتهم، ولا يعرفون ماذا تشمل العمليّة. لذلك، فإنّ تأمين البرنامج للمدرِّبين سيساعدهم كثيراً لأنّه يرشدهم في مشاريعهم خطوةً تلو الأخرى."

والأهمّ من هذا كلّه هو الأمل في أنّ اليمنيين الشباب المشاركين في هذه المسابقة قد يشكّلون مستقبل ريادة الأعمال في اليمن. فبعد انتهاء النزاع، ستزداد الحاجة إلى الأفراد الذين يمكنهم المساهمة في إعادة الازدهار إلى هذا البلد المضطرب.

وبعض هؤلاء، إذا حالفهم الحظّ، قد يكونوا من المشاركين بـ"جائزة مشاريع أفكار الشباب الابتكاريّة".

--

فيدريكو صحافي إيطالي، يغطي أخبار التكنولوجيا والشركات الناشئة باللغتين الإنجليزية والإيطالية لصالح عدّة وسائل إعلامية بما فيها فوربس" Forbes و"زد نت" ZDnet و"لا ستامبا" La Stampa. يمكنكم التواصل معه على مدونته أو على "تويتر" عبر @fede_guerrini

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.