English

3 أسباب لتأخر المغرب في مجال المدفوعات الإلكترونية

English

3 أسباب لتأخر المغرب في مجال المدفوعات الإلكترونية

هذه المقالة هي الأولى من أصل ثلاث مقالات حول وضع المدفوعات الإلكترونية في المغرب.

في الوقت الذي باتت فيه كلمة "التكنولوجيا المالية" fintech على كلّ شفةٍ ولسان، فإنّ المغرب ما زال متأخراً في سباق المدفوعات الرقمية متأثّراً ببعض المشاكل التي تعيق تقدّمه في هذا المجال.

وفقاً لتقريرٍ سنويّ يصدر عن المصرف المركزي الذي يُعرَف باسم "بنك المغرب"، فإنّ المدفوعات الرقمية في البلاد، مثل الدفع ببطاقة الائتمان في المتاجر والتعاملات عبر الإنترنت، تُقدّر قيمتها بمليارَي دولار أميركي فيما يبلغ متوسّط التعاملات في اليوم 600 ألفاً.

ولكن، كمثالٍ عن مدى غياب المدفوعات الرقمية في السوق المغربية، لا يشير التقرير إلى المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة على الإطلاق.

الحاجة إلى المال عبر الأجهزة المحمولة

ذكرت دراسةٌ عن المال عبر الأجهزة المحمولة في أفريقيا، صادرةٌ في عام 2015 عن شركة الاستشارات "مجموعة بوسطن الاستشارية" BCG، أنّه خلال الأعوام العشرة الأخيرة بلغت نسبة السكّان الذين يستخدمون الخدمات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة في السودان 52%، وفي الغابون 50%، وفي الجزائر 42%.

وفي العام نفسه، بلغَت المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة في كينيا 60% من الناتج المحلّي الإجمالي GDP، وهي بلادٌ توازي المغرب من حيث حجم الاقتصاد وعدد السكّان.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ واحداً من كلّ ثلاثة كينيين - حيث يبلغ عدد السكّان 18 مليون نسمة - يقوم بدفع المال عبر الأجهزة المحمولة لشراء المنتَجات عبر الإنترنت ومن دون إنترنت في المتاجر والسوبرماركت والأسواق، وفقاً للصحيفة الاقتصادية الفرنسية "ليزيكوه" LesEchos.

ومع ذلك، تمتلك المغرب مميزّاتٍ يمكن أن تزيد من شعبية المال والمدفوعات عبر الأجهزة المحمولة: نسبة عالية من الشباب بين السكّان حيث يبلغ متوسط الأعمار 28 عاماً؛ نسبة مرتفعة من مستخدِمي الخدمات المصرفية تجاري المعدّل العالميّ وتصل إلى 64% وفقاُ لبنك المغرب؛  أحد أكثر البنى التحتية تقدّماً للاتّصالات في أفريقيا؛ ومعدّل انتشار واسعٌ وملحوظ  للأجهزة المحمولة يصل إلى 130% بحسب "الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات" ANRT.

إذاً أين يكمن الخلل؟

مقتطفاتٌ من دراسة "مجموعة بوسطن الاستشارية"


لقوانين والاحتكار

القوانين والتشريعات التي تنظّم الخدمات المصرفية والمالية في المغرب معقّدةٌ مثلما هي عليه في
البلدان الأوروبية الأكثر تقدّماً، وهذه هي المشكلة.

أكثر حلول الدفع عبر المحمول نجاحاً على صعيد العالم كانت من إطلاق شركات الاتّصالات، مثل "سفاري كوم" SafariCom التي تقف خلف "إم بيزا" M-Pesa في كينيا، و"أورانج" Orange التي تقف خلف "أورانج ماني" Orange Money في السنغال.

أمّا في المغرب، فالقانون يمنع أيّ منظّمةٍ ليسَت بنكاً من الحصول على ودائع من الأفراد والشركات كما ويمنعها من تقديم أيّ خيارٍ للدفع. ومن وجهة نظرٍ قانونيةٍ إذاً، فإنّ حلّاً مثل "إم بيزا" يرتكز إلى شركات اتّصالاتٍ تسهّل عملية الدفع، لا يمكن أن يكون موجوداً في المغرب.

من جهةٍ ثانية، هناك جانبٌ قانونيٌّ أيضاً يساعد في الإبقاء على الاحتكار.

على سبيل المثال، قبل عام 2014 لم يكن باستطاعة أحدٍ في البلاد غير شركة "ماروك تيليكوميرس" Maroc Telecommerce أن يتعامل مع المدفوعات التي تتمّ عن طريق بطاقات الائتمان عبر الإنترنت.

وبعدما انتهى الاحتكار بشكلٍ صوريّ في عام 2014، برز إلى الساحة 3 شركاتٍ هي: "أمان باي" AmanPay (تصريح: الكاتب يعمل مع "أمان باي")، و"باي زون" PayZone، و"إف باي" F-Pay. وبالتالي مع هؤلاء اللاعبين الثلاثة، تضاعف عدد المتاجر الإلكترونية وتحسّنت نوعية خدمات التجارة الإلكترونية.

ولكنّ قطاع المدفوعات عبر الإنترنت بات مفتوحاً على المنافسة، حيث أنّ المدفوعات عبر بطاقات الائتمان ما زالت تحت سيطرة "مركز النقديات"Centre Monetique Interbancaire (الذي يمتلك أيضاً "ماروك تيليكوميرس")، وهي شركةٌ خاصّة أنشأها ويمتلكها بنكان محلّيان.

(الدفع النقدي ما زال هو القاعدة في المغرب. (الصورة من "لنت" Lnt

وعليه، فإنّ "مركز النقديات" CMI لا يزال الهيئة الوحيدة التي تزوّد أصحاب المتاجر ببوّابات الدفع وبالتالي تقرّر الرسوم والخدمات المتاحة لهم.

حجم القطاع غير الرسميّ

الاقتصاد غير الرسميّ - أو نشاطات الأعمال غير المرتبطة بالحكومة - يمكن أن تكون أحد العقبات التي تقف أمام انتشار المدفوعات الرقمية على نطاقٍ أوسع، بدلاً من المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة على وجه الخصوص.

ووفقاً للتقريرٍ الأخير الذي نشرته دائرة الإحصاء في الحكومة المغربية، "الهيئة العليا للتخطيط" Higher Planning Comission، عام 2008، فإنّ القطاع غير الرسميّ ساهم بأكثر من 14% من الناتج المحلّي الإجماليّ في المغرب في عام 2007. ويجب أن يُضاف إلى هذا الرقم المتاجر المسجّلة التي تقبل المدفوعات النقدية بالإضافة إلى دخلها المعلَن.

هذه المرونة المالية التي لم تُعلِن عن مزوّدي خدمات المدفوعات النقدية، يمكن أن تعني أنّ بعض الشركات يمكن أن تكون متردّدة في تبنّي طرقاً في الدفع أكثر أهمّية.

عملةٌ معزولةٌ عن العالم

تتمثّل العقبة الأخيرة في الدرهم المغربيّ.

فالعملة المحلّية غير قابلةٍ للصرف، أي أنّه لا يمكن استبدالها بالعملات العالمية مثل الدولار الأميركيّ أو اليورو خارج المغرب.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للمغربيين الدفع بالدرهم في الخارج - وعليهم القيام بذلك بالعملة الأجنبية - إضافةً إلى أنّ إخراج الدرهم من البلاد أمرٌ محظور.

وهذا يشير إلى أنّ كلّ طرق الدفع يجب أن تتولّاها هيئةٌ موجودةٌ على الأراضي المغربي، وبالتالي يصبح من الصعب على المستثمرين الأجانب أن يستثمروا في المدفوعات التي تستهدف المغرب.

أضِف إلى ذلك أنّ بعض طرق الدفع، مثل "باي بال" PayPal، غائبةٌ تقريباً من السوق المغربية. ومن المستحيل تقريباً التعامل بالعملة الرقمية "بيتكوين" Bitcoin، كما أنّ الدخول إلى البلاد يتطلّب وقتاً طويلاً بالنسبة إلى شركاتٍ مثل "أوبر" Uber و"إر بي أن بي" Airbnb، بسبب الحاجة إلى إيجاد طرقٍ للتعامل مع مشاكل العملة المحلّيّة.

في هذا الوقت، تعمل الحكومة على إيجاد حلولٍ لهذه المشاكل، مثل سعيها لتعديل القوانين المصرفية ووضع أطرٍ قانونيةٍ لخدمات الدفع المختلفة.

ومع ذلك، لا تزال القوانين والتكنولوجيا الخاصّة بالمدفوعات الرقمية في المغرب متأخّرةً عن تلك في البلدان الأفريقية. وفي حين تقوم الحكومة ببعض الخطوات تجاه السماح لروّاد الأعمال في البلاد بتطوير قطاع المدفوعات في القرن الواحد والعشرين، إلّا أنّ الطريق ما زال طويلاً.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.