English

الرمز البريدي الإلكتروني يحطّ رحاله أخيراً في دبي

English

الرمز البريدي الإلكتروني يحطّ رحاله أخيراً في دبي

عندما أسّس محمد العريمي وبلو أبو بكر شركة لخدمات توصيل البقالة، لم يخطر ببالهما أنها ستمهّد لإطلاق شركة أخرى. فأثناء إدارة شركة "شوب أون كليك" Shop On Click التي تعمل حاليّاً في دبي بعد أن انطلقت من مسقط، واجها صعوبة كبيرة في تحديد مواقع تواجد المستخدمين.  

تعاني كافة بلدان المنطقة من هذه المشكلة، وليس فقط دبي، فطلب توصيل أي شيء إلى المنزل أو العمل، عملية دونها عقبات. وغالباً ما يضطر الناس إلى إعطاء عامل التوصيل المزيد من المعلومات عن العنوان ترتبط بمعالم أو متاجر معينة بدلاً من اسم الشارع أو الرمز البريدي. ويقول الرئيس التنفيذي العُماني المستقر في دبي محمد العريمي: "أدركنا أن هذا النموذج غير فعّال ولا يمكنه الاستمرار، إذ كان علينا في كل مرة أن نطلب من الزبائن تزويدنا بإحداثيات موقعهم عبر تطبيق واتساب Whatsapp".

وعلى الرغم من النمو المطّرد الذي تشهده مدن دولة الإمارات كافة ومن بينها دبي، في العقود القليلة الأخيرة إلا أن نظام الخرائط للأحياء السكنية في دبي لم يُستكمل بعد.

ووجد العريمي وأبو بكر حلاً لعملاء "شوب أون كليك" يتمثّل في "وينك" Wenaak.com. وهي خدمة مجانية لعملاء الموقع، ولكنها مدفوعة لمواقع التجارة الإلكترونية وشركات الشحن. ولكن التكلفة على هذه الأخيرة ستنخفض مع زيادة وتيرة الاستخدام.
Weenak and Shop On Click CoFounders.png
يظهر في الصورة أعلاه الرئيس التنفيذي في الشركة محمد العريمي إلى اليمين ورئيس التكنولوجيا فيها بلو أو بكر إلى اليسار. بعد أن عانيا الأمرّين في محاولة تحديد مواقع زبائنهما أثناء القيام بخدمات التوصيل في شركتهما الناشئة الأولى "شوب أون كليك"Shop On Click، أسسا "وينك" Wenaak في محاولة منهما لتسهيل وتوحيد عملية تحديد المواقع. (الصور من "وينك")

ولم يستلهم المؤسسان "وينك" التي ما زالت في المرحلة التجريبية (beta) فقط من الصعوبات التي واجهت شركتهما "شوب أون كليك"، بل أيضاً من الفترة التي أمضياها في المملكة المتحدة حيث استمتعا بسهولة نظام خرائط السكن فيها.

ويقول أبو بكر، المطوّر النيجيري والرئيس التكنولوجي في شركتي "شوب أون كليك" و"وينك": "ما يجذبنا في 'وينك' هو أنها تذكّرنا بإقامتنا في المملكة المتحدة حيث كان يكفي أن نسمع الرمز البريدي في لندن لكي نتمكن مباشرة من تحديد الموقع في أذهاننا وتكوين فكرة عامة عن المكان المقصود. كما كانت هذه الرموز سهلة وعملية جدّاً أيضاً في خدمات البريد، وإرسال عناوين السكن واتجاهات الوصول إلى الزائرين من خارج البلاد".

لذلك قرّر المؤسسان ابتكار رمز بريديّ في دبي يكون مشابهاً للنموذج المعتمد في المملكة المتحدة بحيث يتألف من جزئين كل منهما يتألف من أربعة أرقام وأحرف. فتكون Reading على سبيل المثال RG1 يتبعها أرقام وأحرف أخرى، وتكون North West London أي شمال شرق لندن NW1 متبوعة بأحرف وأرقام معيّنة.

ويوضح العريمي أن "العقل البشري يستطيع أن يتذكر أنماطاً وكلمات أكثر من الأرقام"، مضيفاً حالات استخدام Use cases، مثل توفير الوقت عبر إدخال رمز "وينك" القصير بدلاً من عنوان السكن الطويل عند شراء منتجات عبر موقع للتجارة الإلكترونية.

ويشرح أبو بكر كيف وضع نظام التخطيط في "وينك" في دول مثل دولة الإمارات. فقسّمت الدول إلى مربّعات بقياس 15 متراً طولا و15 متراً عرضاً، ثم تخصيص رمز خاص لكل منها يتألف من حروف أبجدية وأرقام. ويتألف الرمز البريدي من جزئين وكل جزء من أربعة أحرف أو أرقام بحيث يدلّ الجزء الأول على الحيّ السكني، والجزء الثاني على موقع محدّد داخل هذا الحيّ. ويضيف أن "المستخدم يستطيع إذاً استخراج الرمز وإرساله إلى أصدقائه لإعطائهم الموقع الدقيق".  

الخريطة في "وينك" – يكفي أن تضغط على موقع معيّن لتحصل على الرمز المناسب له.

قدّم المؤسسان الواجهة البرمجية للتطبيق، لموقعَي "نمشي" Namshi و"وادي" Wadi البارزين في قطاع التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل اختبارها قبل المباشرة بتقديمها إلى العملاء، كما أنهما في طور بحث فرص تعاون مع شركات النقل بهدف تسهيل خدمات التوصيل. ويأملان في العمل مع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى التوسّع إلى إفريقيا وجنوب شرق آسيا.  

ويشرح أبو بكر، أن تنفيذ تكنولوجيا "وينك" لن يتطلّب الكثير من التكاليف، لأنها "تستخدم تكنولوجيا السحابة ويمكن بالتالي توزيع الرموز على المواقع عن بعد عبر الشبكة من دون الحاجة إلى التوجه إلى كل مبنى".

كما ينوي فريق العمل توسيع نطاق خدماته ليشمل قطاع الطوارئ أيضاً. ويشرح أبو بكر أن "التكنولوجيا التي لدينا حاليّاً تمكّننا من تأمين خدمة اتصال في حال عدم وجود تغطية. ففي حال كنت في مكان ما في الصحراء في دبي، نريد من هذه الخدمة أن تمكّنك من الاتصال بالشرطة".

حلول خارج نطاق التغطية

ليس العريمي وأبو بكر أول من فكّر في إيجاد حل للاتصال في غياب التغطية. فقد سبقتهما شركات ناشئة إلى ابتكار الحلول لهذه المشكلة في بلدان أخرى مثل "زيبر" Zippr في الهند و"وات ثري ووردز" What3words في المملكة المتحدة.  

كما يتوفّر حل للرصد الفوري لحركة المركبات المتحركة للأفراد الراغبين باستكشاف الصحراء في الإمارات من دون أن يضلّوا الطريق، وبخاصة في ظل التغطية الرديئة. الحل هو تطبيق "تركر" Trkr للهواتف الذكية الذي يسمح بتنظيم مجموعات من السيارات ورصد مواقعها داخل الطرقات الوعرة. أطلق هذا التطبيق في العام 2015 المهندسان من أصل مصري والمستقران في دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية عمر دياب وشريف أبو النجا، وما زال يخضع حالياً للتطوير والتحديثات الرامية إلى تحسينه.

Trkr.jpg
قام عمر دياب إلى اليمين، وشريف أبو النجا إلى اليسار، بتأسيس "تركر" Trkr لجعل تجربة استكشاف الطرقات الوعرة في صحراء دبي أكثر متعةً، وتحدّثا مؤخراً في مركز "إن 5" للإبداع والابتكار في "مدينة دبي للإنترنت" عن تجاربهما في ابتكار هذا التطبيق وغيره من تطبيقات الهواتف. (الصورة من إلياس جابي)

أما في ما يتعلق بنظام تحديد المواقع داخل المراكز المغلقة مثل مراكز التسوّق الضخمة في دبي، توسّعت الشركة البريطانية "بوينتر" Pointr مؤخراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا (وتحديداً في إسطنبول ودبي)، وهي تقدّم نظاماً عالي الدقة لتحديد المواقع الداخلية. ومن أهم ميزات هذه التكنولوجيا أنها تسمح بالتمييز بين الطبقات المختلفة داخل المبنى الواحد وتحديد الوسيلة الأفضل للانتقال من طابق إلى آخر سواء عبر المصعد الكهربائي أو الدرج. أما النقطة الزرقاء التي تُعرف بها الشركة والتي تدلّ على موقع المستخدم كما يظهر في الفيديو أدناه، فتشبه إلى حدٍّ بعيد الخرائط المدمجة في ألعاب الفيديو وتحديداً لعبة "باك-مان" Pac-man الشهيرة.

فتكنولوجيا "وينك" بالنسبة لأبو بكر هي وسيلة لتحقيق غاية يعتبرها هو والعريمي بالغة الأهمية إذ تسهّل حياة الأفراد، ويقول: "نعيش لفترة قصيرة فقط وإن لم نطوّر الوسائل أو نسعى من خلالها لتحسين معيشة الأفراد من حولنا، نكون قد ضيّعنا حياتنا سدىً".

الصورة الرئيسية من "ومضة".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.