English

التنافس محتدم بين صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى وشركات الاستثمار المخاطر

English

التنافس محتدم بين صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى وشركات الاستثمار المخاطر

في العام 2016، كانت "إنتل كابيتال" Intel Capital و"جوجل فينتشرز" Google Ventures أكثر صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى corporate venture capital (CVC) نشاطاً، بحيث أجرى كلّ منها أكثر من 50 استثماراً، وفقاً لتقرير لشركة "سي بي إنسايتس" CB Insights.

كانت هذه الأذرع من أول صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى التي انطلقت في هذا المجال، فـ"إنتل كابيتال" انطلقت في العام 1991 و"جوجل فينتشرز" في العام 2009، ثمّ تبعتهما "سايلز فورس فينتشرز" Salesforce Ventures في العام 2014 و"كومكاست فينتشرز" Comcast Ventures في العام 2011.

يزداد عدد الشركات الكبرى التي تخوض مجال الاستثمار المخاطر، إذ تخصّص ميزانيات كبيرة لدعم الشركات الناشئة وإدارة عمليات الدمج والاستحواذ. ووفقاً للتقرير نفسه، شاركت صناديق الاستثمار التابعة لشركات كبرى في ما مجموعه 24.9 مليار دولار أميركي من التمويل في 1352 صفقة في العام 2016. وفي العام نفسه فقط، أجرت صناديق استثمار مخاطر تابعة لشركات كبرى أول استثماراتها، وهو عدد ارتفع بنسبة 20% عن العام 2015.

بعض أنشط صناديق الاستثمار التابعة لشركات كبرى موجودة في المملكة المتحدة والهند والصين. (الصورة من "سي بي إنسايتس")

هذه الأرقام الهامة تقودنا إلى نتيجة حتمية: هل ينبغي للشركات الناشئة اختيار صناديق استثمار مخاطر تابعة لشركات كبرى، أم شركات استثمار مخاطر عادية؟ هل تتنافس الصناديق التابعة لشركات كبرى مع شركات الاستثمار المخاطر؟ أين صناديق الشركات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من هذا كلّه؟

مَن يفعل ماذا؟

لكي نفرّق بين النوعين، يجدر النظر إلى أهدافهما أولاً. تكشف دراسة أخرى أجرتها "سي بي إنسايتس" أنّ صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى وشركات الاستثمار المخاطر تكمّل بعضها البعض وتسعى إلى الاستثمار في الشركات ذات النموّ المرتفع. ومع ذلك، فإنّ النوع الأول يوفّر للشركات التي يستثمر فيها معرفة عميقة في القطاع، في حين يساعد النوع الثاني الشركات على تحسين بنيتها وتحقيق مداخيل.

يقول محمد الهاجري، مدير "كيه آي إس بي فينتشرز" KISP Ventures، وهو صندوق بقيمة 30 مليون دولار أسّسته "بيتك كابيتال" KFH Capital و"إمبلس إنترناشونال" Impulse International في الكويت لإدارة الاستثمارات التأسيسية واستثمارات الجولة الأولى، "إنّ "صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى تركّز أكثر على خبرة الشركة المستثمَر فيها".

سيتحدّث الهاجري عن القيمة الفعلية لصناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى، خلال جلسة في فعالية "جيتكس فيوتشر ستارز"  GITEX Future Stars في 10 تشرين الأول/أكتوبر. [توضيح: "بيتك كابيتال" مملوكة بالكامل لـ"بيت التمويل الكويتي" Kuwait Finance House].

ومع ذلك، تميل صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى إلى مشاريع مرشّحة لتحقيق نتائج أسرع، كما يقول الهاجري في حديث مع "ومضة"، مضيفاً أنّ "صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى تريد تأثيراً سريعاً (قاعدة عملاء، إيرادات)، أمّا شركات الاستثمار المخاطر tتساعد الشركات الناشئة على إعداد خطط العمل، ومؤشرات الأداء الرئيسية KPIs، وغيرها".

من حيث البنية، تختلف بنية صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى عن بنية شركات الاستثمار المخاطر التي تعتبر هيئات مستقلّة. فالشركات الكبرى تخصّص قسماً داخلياً أو خارجياً للمشروع. وبحسب الهاجري، فإن القسم الداخلي عادة ما يكون بيروقراطياً بعض الشيء وعملية اتخاذ القرارات فيه مرتبطة بالإدارة، في حين أنّ النوع الآخر مستقلّ ويتبع فقط بعض المبادئ التوجيهية التي يضعها أعضاء مجلس الإدارة.

يشير كمال حسن، الشريك في شركة الاستثمار "تورن8" Turn8، إلى أنّه "في كلتا الحالتين، يجب على الشركات الكبرى ألا تدير الشركات الناشئة بشكلٍ مباشر، بل عليها أن تسمح لها بالنموّ على طريقتها إلى أن تلوح لها صفقة استحواذ محتملة. الكثير من الشركات الكبرى، ما عدا القليل منها، لا تمتلك بنية تحتية لإدارة الابتكار، بل تقتل الابتكار بسبب طريقة الإدارة، ولكن عليها أن تسمح بحدوث بعض التغيير في هذا الشأن".

من جهة أخرى، يقول الهاجري إنّ الشركات التي ترغب في توفير التكاليف عليها أن تؤسّس بنية داخلية وفريقاً داخلياً لإدارة المشاريع.

أين صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى في المنطقة؟

يكشف تقرير لـ"مختبر ومضة للأبحاث" WRL و"إكسبو 2020" Expo 2020، حول التعاون بين الشركات الكبرى والشركات الناشئة في المنطقة، بعض الأرقام الهامة عن دور الشركات الكبرى الإقليمية في دعم الشركات الناشئة.

منذ العام 2011، انطلق 11 صندوق استثمار مخاطر من شركات كبرى في المنطقة لتعزيز الاستثمار في الشركات الناشئة والتفاعل معها، وفقاً للتقرير. وتشمل بعض هذه الصناديق "حكمة فينتشرز" Hikma Ventures في الأردن، و"أرزان كابيتال" Arzan Capital في الكويت، و"إم بي سي فينتشرز" MBC Ventures في الإمارات، و"إس تي سي فينتشرز" STC ventures في السعودية، وغيرها.

صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى بالاسم وتاريخ الإطلاق وحجم الاستثمارات. (الصورة من "مختبر ومضة للأبحاث")

يضيف تقرير "ومضة" أنّ الشركات الناشئة التي أبرمت شراكات مع صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى كانت تعمل في السوق لأكثر من ثلاث سنوات، ويضمّ فريقها المؤسّس رائد أعمال متسلسل.

وفي حين تمتلك بعض هذه الصناديق أهدافاً مالية بحتة، وفقاً للتقرير، يسعى البعض الآخر إلى استثمارات استراتيجية في الشركات الناشئة وإضافة قيمة لها وللشركة الكبرى على حدّ سواء.

قد تستفيد صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى من الشركات الناشئة لتجعلها ميزةً تنافسية، كما يقول حسن، مضيفاً أنّ الشركات الناشئة بدورها تساعد الشركات الكبرى على تقليص تكاليف الأبحاث والتطوير R&D، وذلك بالرهان على الابتكارات المتعددة التي توفرها الشركات الناشئة والسعي إلى التكنولوجيات التغييرية.

والشركات الناشئة التي تعمل مع صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى، ستكون قادرة على اختبار أفكارها بشكل صحيح، والحصول على الأدوات المناسبة، بحسب شركة "كيه بي إم جي" KPMG، وهي شركة عالمية لخدمات التدقيق والضرائب والخدمات الاستشارية.

بالإضافة إلى ذلك، ستستفيد الشركات الناشئة من شبكة واسعة من العملاء المحتملين.

وبالحديث عن المنافع التي ستحصل عليها الشركة الناشئة جرّاء العمل مع صندوق استثمار مخاطر تابع لشركة كبرى، يقول الهاجري إنّ "شبكتنا تضمّ مصارف إسلامية من تركيا والكويت والبحرين والسعودية، ويمكننا أن نساعد في الشؤون المتعلّقة بالعمليات المصرفية، والتكامل، وتقديم [الشركات الناشئة] للعملاء. لدينا شبكة تمتدّ من وادي السيليكون حتّى هنا، تضمّ صناديق في الساحل الشرقي وأوروبا ولندن وألمانيا".

صناديق الاستثمار التابعة لشركات كبرى كأداة ابتكار

عند النظر إلى صناديق استثمار مخاطر تابعة لشركات كبرى، إقليمية أو عالمية، يلاحظ أنّها جميعاً ترتبط بأسماء كبيرة مثل "جوجل" و"مايكروسوفت" و"إنتل".

يشرح تقرير صادر عن كلية إدارة الأعمال العالمية "إنسياد" INSEAD سبب هذا الأمر، إذ يلفت إلى أنّ ’صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى أصبحت أداة ضرورية لهذه الشركات تحت الضغط الذي يحتّم عليها مواكبة الابتكار بوتيرة أسرع. وهذه الأداة تفتح الباب أمام الشركات الكبرى على تكنولوجيات جديدة، وتوفّر طريقة جديدة للوصول إلى أفكار غير مألوفة. علاوة على ذلك، استخدمت شركات مثل "أبل" و"إنتل" صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لها لدعم بيئات حاضنة تدور في فلك منتجاتها، لتعزيز الطلب عليها‘.

يرى الهاجري أنّ صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى تعتبر أكثر خبرة من شركات الاستثمار المخاطر العادية، وذلك بسبب سنوات الخبرة التي تمتلكها الشركات الكبرى وتركيزها على القطاع الذي تعمل فيه. وعادة ما تستثمر هذه الصناديق في الشركات الناشئة التي تنشط في مجال العمل نفسه الذي تعمل فيه الشركة الكبرى الأم. وعلى سبيل المثال، تستثمر "جوجل فينتشرز" و"كوالكوم" Qualcomm في أمور تعتبرانها ذات أهمية، وفي مجالات تكونان على دراية بها، وإلا فلا يمكنهما إضافة قيمة للشركة المستثمَر فيها.

ويضيف الهاجري أنّ "أغلب شركات الاستثمار المخاطر لا تزال في مراحلها الأولى من التمويل، في حين يعاني بعضها الآخر من صعوبة الحصول على جولة تمويل ثانية".

إذاً ما الذي يجب أن يختاره رائد الأعمال؟ القطاع وليس نوع الصندوق بحدّ ذاته، يجيب الهاجري. ويشرح بأن الشركة الناشئة العقارية مثلا لا يجب أن تتواصل مع شركة استثمار مخاطر عادية، أما إذا كانت تبيع برمجيات للمطاعم فلا يجدر بها التوجّه إلى صناديق استثمار مخاطر تابعة لشركات كبرى، "فلن نضيف أي قيمة لها" كما يقول.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.