English

تعاون الحكومات العربية ضرورة لتمكين قطاعات التكنولوجيا فيها

English

تعاون الحكومات العربية ضرورة لتمكين قطاعات التكنولوجيا فيها
Image courtesy of MITEF

الدكتور سايمون غلبين العضو المنتدب لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت مؤخراً الإعلان عن الفائزين في الدورة الثانية عشرة من مسابقة "الشركات العربية الناشئة لمنتدى MIT لريادة الأعمال في العالم العربي". وشملت قائمة الفائزين شركات ناشئة رائدة من مختلف دول المنطقة، مثل لبنان ومصر والإمارات وتونس وغيرها، حيث قدمت مجموعة أفكار خلاقة وأصيلة؛ منها المتخصصة في تكنولوجيا التأمين القائمة على تقنية "البلوك تشين"، ومنها المبتكرة في تخصصها مثل منصة للكشف عن المخدرات، وشركات أخرى متخصصة في التكنولوجيا الخضراء مثل شركة ناشئة تشجع مستخدمي شبكات الاتصال على ترسيخ ممارسات إعادة التدوير بمنحهم مزايا إضافية.

تحقيق إمكاناتنا الكاملة

وتظهر روح المبادرة والابتكار في المسابقة القدرة الكامنة للمنطقة على تحقيق الريادة في مجال التكنولوجيا الإحلالية، التي تحاكي بفرصها الواعدة التغير الجذري الذي شهدته اقتصاداتنا على نطاق غير مسبوق في الأيام الأولى لاكتشاف النفط. ورغم وفرة فرص المنطقة لتحقيق النجاحات، والثقة بقدرة الإبداع العربي على المنافسة على مستوى العالم، فإننا ما نزال في حاجة إلى طرح السؤال على أنفسنا: ما هي الخطوات التي ينبغي على المنطقة العربية القيام بها لاكتشاف قدرات وطاقات المزيد من المبتكرين المتفوقين في مجالات التكنولوجيا كافة؟

دفع عجلة الابتكار

وإذا كان الاعتقاد السائد بأن المنطقة العربية قد تأخرت عن مواكبة الثورات الصناعية في الماضي، فلا يسعها الآن أن تتأخر عن مواكبة الثورة الصناعية الرابعة؛ حيث يمكن للشركات الناشئة، كتلك التي فازت في مسابقة الشركات العربية الناشئة، الانتقال بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من كونها منطقة يتفوق فيها الاستهلاك على الإنتاج إلى محرك عالمي رائد للابتكار في مجال التكنولوجيا. إلا أن ذلك يتوقف على قدرة الحكومات على تهيئة الظروف المثلى لضمان نجاح تلك المشاريع الناشئة والشركات المبتكرة.

تجارب عالمية

ويمكن لحكومات المنطقة أن تطلع على تجارب خارجية تشرح كيفية تعامل نظرائها حول العالم مع التحديات والفرص التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة. ويمكننا أن نتعلم الكثير من تجارب رائدة تجمع بين التكنولوجيا والتمويل، كما في المملكة المتحدة مثلاً التي اتبعت حكومتها هذا النهج في مراكزها التجارية والصناعية ومجتمعات التكنولوجيا فيها. ويمكن استكشاف مصادر إلهام جديدة في مجال الابتكار؛ حيث أصبحت جمهورية إستونيا مثلاً إحدى أبرز الدول الأوروبية في مجال التميز التكنولوجي، وذلك بفضل إصرارها الدؤوب على التحول إلى الحوكمة الإلكترونية.

تحديث التشريعات

وثمة مؤشرات على أننا نسير على الطريق الصحيح، حيث تحتضن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شركات ناشئة سريعة النمو. لكن، وكما لاحظ المنتدى الاقتصادي العالمي، لا يزال أمامنا طريق طويل؛ فالسياسات والتشريعات القديمة تعيق هذه المسيرة، بدءاً من الحصول على التأشيرات وصولاً إلى ترخيص الشركات.

ولهذا السبب تحديداً استحدثت مملكة البحرين مجموعة من القوانين الجديدة لتشجيع ريادة الأعمال مثل قانون الإفلاس الجديد، وقانون حماية البيانات، والبيئة الرقابية التجريبية لإتاحة الفرصة أمام تكنولوجيا الجيل المقبل لإثبات كفاءتها وفاعليتها.

وهنالك أيضاً مبادرات ذكية على مستوى المنطقة يمكن أن تترك أثراً إيجابياً، مثل تعميم البنك المركزي اللبناني رقم 331 لتشجيع المصارف على الاستثمار في شركات اقتصاد المعرفة. ومع ذلك، لا يزال التقدم يواجه بعض العقبات، حيث تنفق دول منطقة الشرق الأوسط أقل من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير. وفي المقابل، يبلغ متوسط الاستثمار في هذا المجال في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضعفين ونصف أكثر مما تنفقه دول المنطقة، ولا بدّ لذلك أن يتغير.

دور التعاون

وعليه، سيكون التعاون المشترك وتبادل الخبرات بين دول المنطقة أمراً حاسماً للتحول الناجح، حيث تقل النسبة المئوية للتجارة الإقليمية البينية عما هي عليه في مناطق أخرى في العالم، بسبب الإجراءات الجمركية المعقدة والنزاعات.

وفي هذا السياق، يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دوراً محورياً في تخطي هذه العقبات ومعالجة الكثير من المشكلات القائمة، في حال أولت دول المنطقة بيئة التكنولوجيا الاهتمام الذي تستحقه ووضعت إجراءاتها في هذا المجال الحيوي موضع التنفيذ، وفي مقدمتها تطوير التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتوفير التمويل اللازم للمبتكرين والشركات المبتكرة وتسهيل الحصول عليه، وتحقيق تبادل أفضل للمعرفة وإزالة العقبات أمام تدفق البيانات عبر المنطقة.

البيئات الحيوية وتبادل الخبرات

أصبحت البيئات الحيوية الداعمة لقطاعات الأعمال في منطقة الخليج مترابطة بشكل عميق اليوم. وفي مبادرة " Startup Bahrain "، نجحنا في استقطاب أكثر من 90 شركة ناشئة من مختلف أرجاء المنطقة والعالم بفعل مستويات الدعم المتقدم التي نوفرها. وفي فعالية " StartUp Bahrain " التي شكلت حدثاً إقليمياً بكل ما للكلمة من معنى، شهدنا حضوراً متنوعاً من المنطقة العربية بمشاركة متحدثين دوليين. ولدينا اليوم 23 حاضنة أعمال و4 مسرّعات؛ من بينها "فلات 6 لابس" ذات الحضور الإقليمي الريادي. لكن هناك المزيد من الفرص لتعزيز التعاون المشترك بين الحكومات والمؤسسات والقطاعات لتنسيق الجهود وتحقيق أفضل النتائج لعملنا معاً.

رؤية عصرية

واليوم يمكن لحكومات المنطقة، إذا ما تعاونت على تطبيق أطر عمل مشتركة ناظمة محورها الإنسان، أن توفر بيئة نوعية تحقق ازدهار الشركات الناشئة وتساعدها في تحقيق تأثير عالمي إيجابي، كما في مملكة البحرين التي تتبنى مفهوم "البحرين فريق واحد" من خلال تعزيز تعاون القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع مبتكرة معاً.

وتبرز اليوم الحاجة إلى تطبيق مبدأ مماثل على مستوى المنطقة، يمكّننا من تحقيق التعاون بين رأس المال والمشاريع والشركات الناشئة، ليكون منصة انطلاق للتوسع على نطاق دولي. وإذا ما استطعنا تحقيق ذلك، فستتمكن المشاريع التكنولوجية المبتكِرة، مثل "أديندا" و"ريبزو" و"أحميني" وغيرها من الشركات المتميزة التي فازت في مسابقة الشركات العربية الناشئة، من الفوز بفرص وجوائز وتحديات أكبر وأهم.

 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.