English

انتقال الملكية في الشركات: كيف نخطط له ومتى نقوم به

English

انتقال الملكية في الشركات: كيف نخطط له ومتى نقوم به
الصورة عبر Shutterstock

تأمل العديد من الشركات الناشئة بأن تصل في نهاية المطاف إلى التخارج والحصول على مكافأة مالية كبيرة، في حين يرغب آخرون في المنطقة في تأسيس شركة يمكنها أن تشكّل أساساً لشركة عائلية.

وفي أنحاء منطقة الخليج، قامت شركات عائلية عديدة بدور حيوي في تغذية الاقتصاد حيث تهتم الكثير منها بالشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا، وذلك من أجل تنويع مداخيلها بعيداً عن القطاعات الأكثر تقليدية مثل القطاع العقاري والتصنيع والصلب.

ولكن العديد من الشركات العائلية اليوم كانت شركات ناشئة يوماً ما. والدرس القاسي الذي تعلّمته هذه الشركات خلال محاولة تحقيق الاستمرارية لأعمالها عبر تسليم الإدارة إلى الجيل التالي، سينطبق على الشركات الناشئة التكنولوجية التي ترغب في الصمود.

في الخليج، سوف ينتقل ما قيمته تريليون دولار من الثروة من خلال عمليات تعاقب خلال السنوات السبع المقبلة وذلك وفقاً لبحث أجراه مجلس الشركات العائلية الخليجية الذي أشار أيضاً إلى أن حوالي 12% فقط من الشركات الإقليمية سوف تصمد حتى الجيل الثالث.

ويقول فادي حمّادة، مؤلف كتاب "استمرارية الشركات العائلية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي: رهانٌ ضد الصعاب" إن "الشركات العائلية في الخليج تعمل في بيئة شديدة القبلية والعاطفية وهو ما يعزز الصعوبات عند محاولة تحقيق عملية نقل ناجحة للملكية أو الإدارة من جيل إلى جيل". ويضيف أن "الشركات العائلية في الخليج لا تُعمّر كثيراً وليست بمستوى نُضج الشركات العائلية في مناطق أخرى من العالم نظراً إلى طبيعة اقتصاداتنا ـ فبلداننا يافعة وكذلك ظاهرة الشركات العائلية".

في الغرب، غالباً ما ينشئ المؤسسون دستوراً للشركة أو نموذج حوكمة عائلية من شأنه أن يفضي إلى انتقال سليم، ولكن في الشرق الأوسط، لا يوجد قابلية لتنفيذ هذه الهياكل بشكل قانوني ـ وبحسب الشريعة يجب تطبيق قواعد الوراثة الإلزامية.

ويتابع أن "أفراد العائلة الذين لم يعتقد المؤسس أن لديهم مهارات تخوّلهم تسلّم الشركة يمكنهم أن يصبحوا مدراء ـ مالكين، وهو ما يقود في نهاية المطاف إلى فشل الشركة".

أوجه غموض

تتركّز القوة والملكية تحت مظلة مؤسسي الشركة أو الشركاء في التأسيس،  ولا يوجد أدنى شك حيال من يملك زمام السيطرة. ولكن الأمر ليس كذلك مع الجيل التالي.

يقول حمّادة: "عادةً ما يملك العديد من الأشخاص هذه السلطة الآن ـ ويحتاجون إلى التوافق على من سيكون الرئيس التنفيذي وإنشاء نموذج حوكمة يجعل الأفراد الآخرين في العائلة يشاركون في عملية صنع القرار الجماعي. ويجب أن يتيح ذلك أيضاً لأفراد الأسرة الذين يمتلكون حصة في الشركة ولكنهم لا يعملون هناك، الإطلاع على ما يحدث".

ويتابع أنه "في كثير من الأحيان لا يتفق أفراد الأسرة، فأيمنا يكون المال يكون الجشع، وأينما تكون قوة تكون الغيرة ـ لذلك فإن 80% من المشاكل ذات طبيعة عاطفية أو نفسية".

وينصح حمّادة بأن تُفصل المصلحة الاقتصادية في الشركة عن الملكية القانونية وهو ما يشبه إرساء قواعد الثقة أو أسس الشركة في الغرب.

ويقول إنه "يمكنك وضع الملكية القانونية للشركة في خَزنة مجازية كي لا يمسّها أحد وتوزيع الفوائد الاقتصادية للشركة – كالأرباح على سبيل المثال – وذلك وفقاً لصيغة متفق عليها مسبقاً".

يحث ألبرت جان توماسن، المدير التنفيذي لشبكة الشركات العائلية في هولندا، أصحاب الشركات على البدء في التخطيط لتسليم الإدارة أو الملكية قبل خمس إلى عشر سنوات من الموعد المفترض. ويقول إن "التحدّي الأكبر لعملية التسليم هو منحها الأولوية الكافية. فتعاقب الإدارة أو الملكية هو أهم استثمار في مستقبل شركتك العائلية. ومن السهل جداً أن تنشغل بأمور أكثر إلحاحاً".

من الأخطاء الشائعة التي ترتكب في هذا السياق، عدم وجود التزام حقيقي من الخَلَف بأن يدير الشركة والفشل في تخصيص الوقت الكافي للمحادثات الصعبة.

ويقول توماسن إن "تخلّي صاحب الشركة عن كل شيء ليس بالأمر السهل وعلينا الاعتراف بذلك. وبالنسبة للخَلَف، فالتحلّي بالثقة بقدرته على النجاح أمر صعب أيضاً".

ينطبق هذا الدرس في "التخلّي" أيضاً على مؤسّسي الشركات الناشئة اليوم. فعند جمع الاستثمار، على المؤسسين أن يكونوا مستعدين للترحيب بآراء مستثمريهم ورغباتهم.

ويقول فادي غندور، رئيس مجلس إدارة "ومضة كابيتل" إن "المؤسسين يشكّلون الأقلية بين المساهمين حين تبلغ الشركة مرحلة النضوج ولديهم بالفعل إدارة مهنيّة ومؤسسات استثمارية وهو ما لا تملكه أيّ من الشركات العائلية في المنطقة أو أي مكان آخر".

ثمة خطأ آخر يرتكب ألا وهو عدم إيلاء اهتمام كافٍ بما تحتاجه الشركة من حيث القيادة. وبحسب توماسن فإن "الأمر ليس عملية استنساخ للأب. وغالباً ما يعود ذلك إلى الطريقة التي تغيّر بها المجتمع وإلى تراجع الثقة والقبول بأسلوب القيادة الاستبدادي. ويتعلّق الأمر أيضاً بمرحلة حياة الشركة".

الصعوبات

أمضت ليز ستيوارت، المديرة المسؤولة في المركز الأميركي لتميّز الشركات العائلية والخبيرة العالمية في تخطيط التعاقب في الشركات، سنوات في البحث عن سبب فشل أصحاب الشركات في التخطيط بشكل كافٍ.

وتوضح قائلة: "يخبرنا هؤلاء بأنهم لا يعرفون كيف يقومون بذلك، وإلى من يتحدثون. الأمر معقد للغاية ـ فقد يحتاجون إلى محام أو متخصص في شؤون الضرائب أو في الشؤون العائلية أو في الأعمال وما إلى ذلك، وهذا أمر شاق. ويعتبرون أيضاً أنّ تدوين كل ذلك على الورق يجعله نهائياً ويخشون من أن يتغيّر الوضع وأن يلتزموا بشيء ليسوا متأكدين منه، وهذا أمر مخيف حقاً".

الإحراج هو رادع كبير آخر. فبحسب ستيورات "أحياناً، يشعرون بالحرج من العلاقات العائلية. ويلعب الإحساس بالهشاشة دوراً مهماً في التخطيط للتعاقب. وعلى نطاق عالمي، يجري 15 إلى 20% من أصحاب الشركات التخطيط المناسب لحماية شركتهم وأسرهم".

التداعيات

في بعض الأحيان يموت المالك وهو لا يزال مسؤولاً عن الإدارة اليومية للشركة، ومن الشائع أن يبدأ التخطيط لبدء عملية التعاقب في جنازة المتوفّي. وبالتالي تنتقل الملكية إلى الجيل التالي الذي قد لا يكون مناسباً لإدارة الشركة.

وتقول ستيوارت إنه "في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات، ستبدأ أعمال الشركة بالتذبذب ـ وعادة ما يستغرق الأمر بعض الوقت بفضل بعض الأمور الجيدة المتبقية من المالك السابق. ويخفق المالكون الجدد في متابعة ما بدأه أسلافهم ويصبح الأمر كإطفاء حريق حيث لا يجنون أبداً أي عائد على الاستثمار الذي يمكنهم الحصول عليه. والأسوأ من ذلك هو تأثير ذلك على الأسرة".

فالفشل في التخطيط يولّد احتمالية كبيرة لوقوع نزاع داخل الأسرة ينتهي في المحاكم، ما يؤدّي إلى تمزّق العلاقات إلى الأبد. ولتجنّب ذلك، تحث ستيوارت المالكين أن يبدأوا شركات ويخططوا مسبقاً لنهايتها بما في ذلك كيفية التخارج في نهاية المطاف.

وتضيف: "يعتقد الكثير من الناس أن التخطيط يحد من خياراتهم، ولكن العكس صحيح. فكلّما زاد التخطيط الذي تقوم به، زادت الأفكار التي تولّدها، وبالتالي تضاعفت الخيارات التي ستحصل عليها في المستقبل".

 ومن المتوقع أن يستجيب العديد من مؤسسي الشركات الناشئة لهذه النصيحة. فتخطيط التعاقب مهم بغض النظر عما إذا كانت العائلة مشاركة أم لا.

دراسة حالة ـ المجموعة العالمية الكويتية ALEA 

محمد الدعيج هو الرئيس التنفيذي لمجموعة Alea العالمية التي تأسست عام 1998 لتعزيز استثمارات ومصالح العائلة. والمجموعة مملوكة بالكامل من والده. 

بدأ الدعيج (39 عاماً) العمل في Alea عام 2008 عندما طلب منه والده تولّي المسؤولية. وهو خرّيج محاسبة وإدارة مالية من كلية إدارة الأعمال بجامعة ليدز، وعمل سابقاً في القطاعين الحكومي وقطاع الشركات في الكويت قبل انضمامه إلى شركة العائلة.

يقول الدعيج: "كان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو ترك بصمة في الشركة، لأنني أردت توسيعها، وكنت دائماً صاحب مبادرة وأردت دمج شركات جديدة داخل المجموعة. حصلت على شركة إقليمية وجعلتها عالمية".

اليوم، لدى Alea استثمارات في الأسهم الخاصة في أوروبا واستثمارات عقارية في أميركا اللاتينية، فضلاً عن شركة في الصين خاصة بتجارة السلع الأساسية. والدعيج هو صانع القرار الوحيد في الشركة ولكنه يقدم لعائلته إحاطة سنوية عن أداء الشركة.

ولديه بعض النصائح الأساسية التي يريد تقديمها للشركات العائلية الأخرى التي تدرس كيفية التخطيط لتولّي الجيل التالي المسؤولية.

يقول الدعيج إن "الشفافية والتأكد من أن كل شيء واضح من اليوم الأول هو أفضل وسيلة لتحقيق انتقال سلس. والطريقة الوحيدة لتعليم الجيل التالي هي جعلهم يقعون في حب الشركة وأن يصبحوا أكثر ارتباطاً بها حتى لا تكون مجرد وظيفة أو وسيلة لكسب المال".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.