English

فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19): كيف ستتمكّن الشركات الناشئة التكنولوجيّة من النموّ بين الفرص والمخاطر

English

فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19): كيف ستتمكّن الشركات الناشئة التكنولوجيّة من النموّ بين الفرص والمخاطر
Image courtesy of Shutterstock

لولوة بكر وخالد سليماني، شريكان رئيسان في كروم المشورة

مع استمرار جائحة فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) العالميّة بالتفشّي، تنتشر التأثيرات الاقتصاديّة الناجمة عنها على نطاقٍ واسع. نتيجةً لذلك، تُكيّف الشركات في مختلف القطاعات استراتيجيّاتها للاستجابة للتباطؤ الحاصل. هذا وتشمل التأثيرات الأوّليّة لعمليات إغلاق الأعمال انخفاض نشاط الأعمال، وإلغاء مخططات رحلات الأعمال والاجتماعات (بسبب الحظر المفروض على السفر)، بالإضافة إلى التعطيلات على طول سلسلة التوريد.

على الرغم من ذلك، يزدهر في مثل هذه الأوقات بعض القطاعات والصناعات، لا سيّما تلك التي تتمتّع بوجود قويّ على شبكة الإنترنت وتملك قدراتٍ كبيرةً من حيث التجارة الإلكترونيّة، كما هو الأمر أيضاً بالنسبة إلى الشركات التي نجحت في التكيّف بسرعةٍ مع الأزمة الحالية.

ما هي الشركات الناشئة التي تزدهر على الرغم من تفشّي فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19

تشمل قائمة الشركات الناشئة التي شهدت ارتفاعاً في الطلب على خدماتها ومنتجاتها على الرغم من تداعيات فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) ما يلي:

  • منصات التجارة الإلكترونيّة: شهدت منصّات التسوّق على الإنترنت من الشركة إلى المستهلك (B2C) والتي توفّر خدمة توصيل السلع والمؤن إلى منازل الأشخاص ارتفاعاً حادّاً في نشاط الأعمال. ويتمثّل أحد الأمثلة على ذلك بشركة أمازون (Amazon.com) التي أعلنت عن أنّها ستوظّف 100000 موظّف إضافيّ لتلبية الطلب المتنامي. على الرغم من ذلك، أعلنت أمازون (Amazon.com) مؤخّراً عن أنّها ستتوقّف عن استلام المنتجات غير الضرورية من البائعين بسبب فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19). أمّا إقليمياً، فقد شهدت كلّ من سوق دوت كوم (Souq.com)، وممزورد (Mumzworld.com) وبالكويز (Bulkwhiz.com) ارتفاعاً كبيراً في معدّل المبيعات، مع نفاد عددٍ من المواد الضروريّة. وبالانتقال إلى المملكة العربيّة السعوديّة، أطلقت مؤخّراً منصة "نعناع" السعودية الإلكترونية (Nana.sa) لخدمات توصيل البقالة إحدى أكبر جولات التمويل عام 2019. بالتالي، سيتمثّل التحدّي الذي يواجه هذه الفئة بإدارة سلسلة التوريد الخاصّة بها من أجل تلبية الطلب المتزايد.
  • التكنولوجيا الصحيّة: إنّ الفئة الأكثر وضوحاً من المؤسسات التي تنخرط مباشرةَ في مكافحة أزمة فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) هي شركات الأدوية العملاقة ومختبرات الأبحاث الجينيّة، بالإضافة إلى الهيئات التي تتعاون إن مباشرةً أو غير مباشرةٍ مع الحكومات في سبيل تطوير لقاحٍ واقٍ من فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19)، أو علاجٍ شافٍ له، أو تكنولوجيّات وقائيّة منه. مع ذلك، شهدت الشركات الناشئة المتخصّصة في مجال تكنولوجيات الرعاية الصحيّة، وبالأخصّ خدمات التشخيص عن بعد، ورعاية الشيخوخة، واختبار الأمراض والوقاية منها، ارتفاعاً في الطلب على خدماتها ومنتجاتها. ففي المملكة العربية السعودية مثلاً، بدأت وزارة الصحّة بالترخيص لمنصّات التطبيب عن بعد، وأوّلها كان منصّة كيورا هيلثكير (Cura.healthcare) التي تختبر حالياً ارتفاعاً هائلاً في عدد المستخدمين منذ بدء الأزمة.
  • تحليلات البيانات الضخمة وجمع البيانات: لقد استخدمت الصين بفعالية عمليات تحليل البيانات الضخمة لتعقّب المرض واحتوائه وذلك من خلال الإسناد الترافقيّ لقواعد بياناتها المحليّة مع المعلومات التي تمّ جمعها ميدانياً. وقد تمّ تصميم التطبيقات المتخصّصة لتعقّب حركة المواطنين وتحديد أولئك الذين تواجدوا على مقربةٍ من شخصٍ مصابٍ بالفيروس أو من منطقة موبوءة، كما أيضاً لرسم خرائط لمناطق السلامة بالاعتماد على مستويات العدوى. واستُخدِمَت أيضاً الطائرات بدون طيّار في نشاطات جمع البيانات التي شملت حلقات البثّ المباشر (أنظر القسم التالي). من هنا، تبقى إمكانيّة عمل الشركات الناشئة المحليّة على أمرٍ مماثلٍ مجالاً يستحقّ الاستكشاف.
  • الطائرات بدون طيّار: استُخدِمَت الطائرات بدون طيّار على نطاقٍ واسعٍ في الصين خلال أزمة فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19)، وذلك ليس من أجل جمع البيانات فحسب، وإنّما أيضاً لتعقيم بعض المناطق، وضمان الامتثال لحظر التجوال المفروض، وذلك مثلاً من خلال تفريق حشود الأشخاص المتجمّعين بأعدادٍ تفوق الحدّ المصرّح به. يمكن استخدام الطائرات بدون طيّار من أجل توصيل الإمدادات الطبيّة وغيرها من السلع الضروريّة لتلبية الطلب المرتفع على خدمة التسليم ولمواجهة القصور في حلول التوصيل في الميل الأخير.
  • المنصّات الإلكترونيّة للعمل عن بعد: بالنظر إلى عمل القوى العاملة في القطاعين العام والخاص عن بعد، إمّا بقرارٍ طوعيّ أو بخلاف ذلك، حصل عالمياً ارتفاعٌ كبيرٌ في الطلب على مرافق الاجتماعات على الإنترنت، ولا سيّما المنصّات التي توفّر خدمة الاتصالات المباشرة عبر الفيديو (وتقترن الميزات مثل إدارة المهام والجدول الزمني، والدردشة وتتبع الحضور بالإضافة إلى تبادل الشاشة، بقيمةٍ إضافيّة). تختبر منصّات متعدّدة مثل دينج توك (Dingtalk)، وزوم (Zoom) وسكايب (Skype) ارتفاعاً حاداً في عدد مستخدميها.
  • توصيل السلع والخدمات: تختبر التطبيقات التي توفّر خدمة توصيل السلع الضروريّة، مثل البقالة، والمواد الغذائيّة، والأدوية أو حتّى الخدمات، مثل غسل الملابس وخدمات صيانة المنازل، نمواً بارزاً بالتزامن مع إرغام الأشخاص على التزام منازلهم. هذا وقد عملت على الفور الجهات المزوّدة الرائدة على تكييف نماذج عملها للاستجابة للمحدوديّات المفروضة نتيجةً لفيروس كورونا المستجدّ (COVID-19). من هنا، شملت قائمة هذه التحسينات خدمة التوصيل بدون اتصّال بين الأشخاص، وتكثيف تدابير الوقاية الصحيّة في صفوف مزوّدي الخدمة، وإضافة منتجات وخدمات جديدة إلى باقة السلع القابلة للتوصيل (مثل خدمة تعقيم المنشآت السكنيّة والتجاريّة). فعلى سبيل المثال، أفاد تطبيق فنيّ (Fanni)، وهو التطبيق الرائد في مجال خدمات الصيانة المنزليّة في المملكة العربيّة السعوديّة، بارتفاع طلبيّات زبائنه بمعدّل 30% منذ بدء الإغلاق العامّ. من جهةٍ أخرى، اتّخذت هذه التطبيقات تدابير وقائية إضافيّة من أجل توفير المعدات الواقية اللازمة (مثل الأقنعة والقفازات وغيرها) لمزوّدي الخدمات التابعين لها.
  • التكنولوجيا الماليّة (فينتك) (Fintech): تزداد التكنولوجيات التي توفّرها الشركات الناشئة المتخصّصة في مجال التكنولوجيا المالية (فينتك) (Fintech) شعبيّةً. فقد راحت حلول الأقران (P2P) والحلول المصرفيّة الإلكترونيّة على شبكة الإنترنت تحلّ محلّ المعاملات النقديّة التقليديّة، نتيجةً لتراجع عدد الزيارات إلى المصارف، وإغلاق الفروع، وعدم رغبة الأشخاص في حمل العملة تخوّفاً من انتقال العدوى لهم من خلالها. من هنا، سيضطرّ الأشخاص الذين تباطأوا في ما سبق في اعتماد التكنولوجيات المالية فينتك إلى القيام بذلك الآن. من هنا، قد يكون لهذا الأمر تأثيرٌ إيجابيٌّ على تطبيقات التكنولوجيا المالية فينتك (Fintech)، باعتبار أنّه من غير المرجّح تماماً أن يعود المستهلكون الذين سبق لهم أن اعتمدوا حلول التكنولوجيا الماليّة إلى اعتناق عاداتهم القديمة في هذا المجال بعد انتهاء الجائحة.
  • التكنولوجيا التعليميّة (Edtech): أقفلت المدارس والجامعات أبوابها حتّى إشعارٍ آخر، إلّا أنّ الطلاب يواصلون تعلّمهم عن بعد. وأضحت الخدمات والمنصّات التي توفّرها التكنولوجيا التعليميّة (Edtech) وشركات التعلّم الافتراضي تشكّل المنصات المقصودة للتعلّم المنزليّ. يتيح التعلّم المنزلي بأسلوب التعلّم في غرف الصف للمعلّمين تقديم الدروس، وإعطاء الفروض المنزليّة، ومراجعة الدورات التدريسيّة جميعها على شبكة الإنترنت. علاوةً على ذلك، يَعْتَبر الأهالي والموظّفون المرغمون على العمل عن بعد أنّه من المثير للاهتمام تعلّم أمور جديدة باستخدام هذه المنصّات. تلقّت منصة نون أكاديمي التعليمية الإلكترونيّة (Noon Academy) في المملكة العربية السعودية، بصفتها منصّة التعليم الخاصّ على الإنترنت الرائدة في المنطقة ككل، إحدى جولات التمويل الكبرى عام 2019 وهي تشهد حالياً ارتفاعاً حادّاً في نشاط المستخدمين.

هل الشركات الناشئة على استعداد للاستجابة للطلب المتزايد؟

في حين يشكّل ارتفاع الطلب على الحلول التكنولوجية خبراً سارّاً، لا سيّما في ظلّ ظروف مماثلة، لا بدّ من اتخاذ بعض الاحترازات، بما فيها:

  • في الوقت الذي تعمل فيه منصات التجارة الإلكترونية على تحسين نماذج أعمالها ورفعها إلى أعلى المستويات وتختبر زيادةً هائلةً في الطلب من الزبائن، تُعتبر المخزونات محدودة. نتيجةً لذلك، قد تواجه هذه الشركات عجزاً في تلبية الطلب المتزايد. ويعني هذا التعطيل الوشيك على مستوى سلسلة التوريد التابعة لها أنّه يتوجّب عليها التفاوض على شروطٍ فضلى مع المورّدين، بما فيها البيع بالأمانة. ولا شكّ في أنّ المورّدين سيستفيدون نتيجةً لذلك. هذا، وقد بدأ بعض المناطق يشهد قصوراً في سلعٍ معيّنةٍ مثل المعقّمات وورق التواليت.
  • قد يؤدّي ارتفاع الطلب على التسوّق الإلكتروني على الإنترنت إلى تأثيرٍ مضاعفٍ على حلول التوصيل المادي في الميل الأخير. تدعو الحاجة إلى قيام الشركات الناشئة بالتساؤل عمّا إذا كان العدد الحالي للوكلاء المتوفّرين كافياً. وهل سيتوفّر عددٌ كافٍ من الموظّفين الموسميين ليتم توظيفهم؟ هل سيتسنّى الوقت الكافي لتدريبهم، ولإرغامهم على اتّباع إجراءات التعقيم الخاصّة؟ هل ستساعد الطائرات بدون طيّار؟ وهل ستتمكّن بلدان معيّنة حيث يتطلّب السماح لتحليق الطائرات بدون طيّار تدابير ترخيص طويلة من التعامل مع عملية الترخيص هذه وتسريعها من أجل تلبية الطلب؟ تدعو الحاجة إلى معالجة هذه المخاوف جميعها لإتاحة الفرصة أمام الشركات الناشئة في قطاع اللوجستيات من دعم التسوّق الإلكتروني على الإنترنت بفعالية والاستفادة من الارتفاع الحادّ في الطلب.
  • قد يؤدّي الارتفاع الحادّ في عدد مستخدمي التطبيقات والمنصات على الإنترنت إلى تعطّل الخوادم. تدعو الحاجة إلى قيام الشركات بتقييم التأثير الناتج عن الارتفاع المفاجئ لعدد المستخدمين، بالإضافة إلى تقييم قدراتها على التعامل مع العمليات المتعددة التي تجري على منصاتها، كما أيضاً تحديث وظائف الدعم الخاصة بها وخدماتها من أجل تلبية هذا الطلب. ولا بدّ من وضع خطط استمراريّة الأعمال وخطط التعافي من الكوارث من أجل ضمان الاستجابة الفوريّة.

الشركات الناشئة التي تسعى وراء الحصول على التمويل في ظلّ أزمة فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19)

  • قد يتمّ حالياً تعليق مخططات الشركات الناشئة والشركات المتوسّعة التي كانت تتنافس على التمويل قبل ظهور فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) وانتشاره. على الرغم من ذلك، ما زال المستثمرون يبحثون عن عروض استثماريّة مغرية. أدّت التداعيات الناتجة عن فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) على الاقتصاد إلى خروج عدد من المستثمرين من السوق، إلا أنّ هذا الأمر يعني أنّ المستثمرين سيبذلون المزيد من العناية الواجبة الواسعة النطاق فيما يتعلّق بالشركات الناشئة التي تقترن بتوقّعات نموّ واعدة. من هنا، قد تتمثّل النتيجة بشروط أكثر صرامةً مفروضةٍ على الصفقة وبفتراتٍ أطول من العناية الواجبة.
  • قد يهتمّ المستثمرون بالشركات الناشئة التي تستطيع الاستجابة بفضل ميزات مبتكرة للتكيّف مع الفترات غير الاعتياديّة. يقوم بعض صناديق رأس المال الجريء بمراجعة محافظه الاستثماريّة من أجل الدفع بالشركات الناشئة للسعي وراء فرصٍ جديدةٍ ووضع استراتيجيات مستحدثة لزيادة حصّـتها في السوق. وسيسعى كذلك الأمر المستثمرون وراء دراسة قدرة الشركات الناشئة في أوقات الأزمات وكيفيّة استجابة مختلف فرق العمل.

بالإجمال، ستكون سرعة تكيّف الشركات الناشئة مع تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجدّ (COVID-19) أساسيّة لضمان بقائها واستمراريتها. ومن المهم الإشارة إلى أنّ ظروف الأزمة توفّر بيئات تعلّم استثنائيّة تتيح للشركات الناشئة النمو، والازدهار وتكييف أنظمتها وعملياتها الداخليّة واختبارها.

 

 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.