English

هل ينجح رواد الأعمال في تغيير خريطة الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة؟!

هل ينجح رواد الأعمال في تغيير خريطة الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة؟!

يقابل رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة العديد من الفرص، وأيضا التحديات منذ انطلاق رحلتهم العملية الأولى حتى دخولهم مرحلة النمو والتوسع، إلا أن العقبات التي تقابل بعضهم خاصة في بداية الطريق قد تدفعهم للاستسلام والانسحاب ورفع الراية البيضاء، أما البعض الآخر قد يبحث عن الفرص ويقتنصها ليحول العقبات لمكاسب يستطيع أن ينمي بها مشروعه وينطلق به بكل قوة. خلال السنوات الاخيرة أصبحت مصر من أكبر أسواق المشاريع الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى أنه تم إنشاء حوالي 65 ألف شركة جديدة خلال السبع سنوات الأخيرة،، إلا أنه في نفس الوقت اشتكى البعض من وجود بعض العقبات التي تواجه هؤلاء الرواد مثل قلة الفرص التمويلية، وثقافة العمل المحلية التي تجعل البعض يتردد في المغامرة ويفضل عنها الوظيفة الرسمية، فضلا عن التحديات الاقتصادية التي واجهتها البلاد وجعلتها تتخذ إجراءات إصلاحية تاريخية لم يعتادها المصريون، مما أثر لبعض الوقت على حركة العرض والطلب، وظروف السوق المحلي، وهو ما أنعكس بالفعل على أصحاب المشاريع الناشئة ورواد الأعمال.

خدمات مجانية

"لمياء الرشيدي" مديرة برنامج الحاضنات التكنولوجية بمركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات المصرية تقول-في تصريحات خاصة لـ "ومضة"-:"يوفر المركز العديد من الفرص المتميزة لرواد الأعمال مثل خدمة مساحة العمل المشتركة كخدمة مجانية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك للعمل على تطوير أفكار مشاريعهم والعمل على تنفيذها، وتسع مساحة العمل المشتركة 30 مكتب منفصل، وتم تصميمها لتكون بمثابة ليس فقط مكان لممارسة العمل ولكن... منصة لتبادل الخبرات والتعاون بين الشركات الناشئة ورواد الأعمال، كما تتيح لهم فرصة العمل بجانب مجموعة من الشركات المحتضنة الذين يعملون من مكاتبهم الخاصة بالمركز، فضلا عن ذلك يتمتع الرواد  بخدمة الإنترنت فائق السرعة بالمجان، وكذلك الاستفادة من جلسات الإرشاد والتوجيه في الموضوعات المتعلقة بنجاح المشروعات الريادية والتي تقام بصورة دورية للشركات المحتضنة.

أما عن التحديات والعقبات التي تواجه رواد الأعمال فتؤكد "لمياء" أن الشركات الناشئة تمر بمراحل مختلفة، ولكل مرحلة صعوبات مختلفة أبرزها هي إتاحة البيانات والمعلومات عن سوق العمل بصورة منتظمة مما يسمح لتلك الشركات بمعرفة ما يدور حولها من منافسين ودراسة لسوق العمل، كما تواجه المشاريع بعض التحديات في الحصول على تمويل بعد تخرجها من الحاضنة، حيث إن دخل الشركة من مبيعاتها في هذه المرحلة غالبًا ما يكون غير كافي لتمويل استمرارها في العمل وتوسعها، لذلك نقوم بتقديم عدة برامج تهدف الى ربط الشركات الخريجة من الاحتضان، وغيرها من الشركات الناشئة بالمستثمرين المحتملين وشركات رأس المال المخاطر."

وتؤكد "لمياء" أن المركز يرحب دائمًا برواد الأعمال وأصحاب الأفكار المبتكرة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، وهناك سعي دؤوب لتقديم كل ما هو جديد في مجال ريادة الأعمال لخلق المزيد من قصص النجاح.

تحديات وفرص

يشير تقرير "أسواق المشاريع الناشئة لعام 2021" الصادر عن MAGNiTT: "وضع مصر بجانب كلا من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كمراكز ابتكار رئيسية للمشاريع الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ليستحوذوا مجتمعين على 68٪ من إجمالي الصفقات التي تم الكشف عنها خلال عام 2020، وتقتنص مصر وحدها حوالي 24% من إجمالي تلك الصفقات، وتحتل المرتبة الثانية في المنطقة بعد الإمارات في جذب المشاريع الناشئة بمقدار 120 صفقة تجارية بقيمة 179 مليون دولار،  كما أوضح التقرير ارتفاع نصيب مصر من الحصة التمويلية لاستثمارات رأس المال الجريء بنسبة 31%، لتحتل ايضا المركز  الثاني بين دول المنطقة في جذب رؤوس الأموال التمويلية."

وأكد التقرير أن المستقبل في مصر للمشاريع القائمة على التكنولوجيا المتطورة، وأن التمويلات المختلفة قد بدأت بالفعل تتدفق بقوة على مصر من مختلف أنحاء العالم، ليتوقع التقرير أن يكون عام 2021 أكثر نموًا وازدهارًا لبيئة عمل المشاريع الناشئة بمصر، لتشهد تطورًا سريعًا خلال الفترة المقبلة.

ولا ننسي ايضا تقرير "بيئة عمل الشركات الناشئة بمصر لعام 2019"، الصادر عن Enpact، الذي أوضح أن مع معدل نمو اقتصادي يبلغ 5.6٪ - الذي يعتبر الأسرع في المنطقة – لذلك تحتاج مصر إلى الحفاظ على معدل نمو يبلغ 8٪، مدفوعًا بتحرك القطاع الخاص، من أجل خلق فرص عمل لـ 2.5 مليون شخص يدخلون سوق العمل كل عام، لذلك ستلعب الشركات الناشئة دورًا رئيسيًا في انتقال البلاد إلى اقتصاد إبداعي قائم على المعرفة يوفر وظائف عالية الجودة خلال المستقبل.

وفي ذات السياق تقول "جومانا عطية"، المعيدة بكلية الفنون التطبيقية في الجامعة الألمانية بالقاهرة:"هناك عدد من التحديات التي تواجه رواد الأعمال في مصر بعضها متصل بهم أنفسهم مثل رؤيتهم النظرية لواقع السوق بعيدًا عن الواقع العملي، فضلًا عن أن عدد منهم يشكلون فرق عملهم بناء على الصداقة والمعرفة الشخصية وليس الكفاءة المهنية والقدرة على فهم آليات السوق والتعامل معها، وهو ما يتسبب في فشل العديد من المشاريع، بالإضافة إلى غياب القدوة المحلية في ريادة الأعمال، حيث أن معظم الشباب يأخذون قدوات أجنبية، بالرغم من أن ظروف هؤلاء الأفراد لا تتناسب مع الواقع المحلي، كما أن بعض أصحاب المشاريع الناشئة لا يهتمون بالتخطيط المدروس المنظم لمشاريعهم بشكل كافي قبل البدء في دخول السوق."

أما عن دور المؤسسات الرسمية في دعم هؤلاء الرواد فتضيف:"الشباب للاسف معظمه لا ينظر لما تقدمه الجهات الحكومية من دعم لمشاريعهم، لأنهم منجذبون بالفعل للقطاع الخاص لقدرته الترويجية المناسبة لعقولهم وبيئتهم، فالخدمات التي تقدمها مثلًا المؤسسات الرسمية لهؤلاء الرواد يجب أن تُعد بواسطة أشخاص مؤهلين يفهمون طبيعة تفكير هؤلاء الشباب ويعرفون كيفية التعامل معهم، ولا ننسى الدور الإعلامي الذي يحتاج لتدقيق أكثر فهو يظهر ريادة  الأعمال كأنها "موضة" تصلح لأي شخص مع أن الحقيقة ليست كذلك، فهي تحتاج لمهارات وإمكانيات معينة."

بدوره يؤكد "محمد عبد التواب" مؤسس 3BONT&DLC للتكنولوجيا السياحية: "استطعت في عام 2016 الحصول على مساحة عمل مجانية، فضلًا عن خدمات مهنية من مركز ريادة الأعمال التابع لوزارة الاتصالات المصرية، وبالفعل كانت تجربة إيجابية، فحصلنا على مساعدات مالية من المركز واستطعنا التعرف على شركات كبرى هناك، ولا ننكر أيضا أن هناك بعض العقبات التي واجهتها خلال تلك التجربة مثل الدعم المالي الذي حصلنا عليه - كان حوالى 100 ألف جنيه مصري- كنا نستلمها على دفعات وكان يجب أن ننفق من أموالنا الخاصة ونعود إليهم مرة أخرى للحصول على مقابل الخدمات التي دفعناها، وهو ما أثر بشكل سلبي على مشروعنا، لذلك أتمنى أن يقوموا بتسهيل إجراءات صرف الدعم المالي للمشاريع النااشئة، ورفع القيمة المالية للاستثمار، أيضا الإستعانة بخبراء من السوق العالمي وليس المحلي فقط، وتوفير مقر آخر لمساحات العمل بجانب موقعها الحالي في مدينة 6 أكتوبر."

أضاف "محمد":"للأسف الشديد التحديات أو العقبات التي تقابل بعض رواد الأعمال يأتي معظمها من ثقافتنا التي نشأ البعض وتربى عليها مثل الخوف من الدخول في مشاريع خاصة أو تفضيل "المشي جنب الحيط"- على حد تعبيره-، كما أن الشباب يجب أن يمتلكوا الطموح والمثابرة حتى يستطيعوا تحقيق النجاح."

جدير بالذكر ان "التقرير الوطني لريادة الأعمال في مصر لعام 2018"، الصادر عن GEM، قد سبق وأوضح أن التصورات المجتمعية لريادة الأعمال مواتية للغاية حيث يرى 75.9٪ من المصريين أن ريادة الأعمال اختيار مهني جيد، و 82.0٪ يعتبرون من يمارسها في مكانة اجتماعية عالية، مما يشير للتحول الإيجابي المتزايد نحو المزيد من التقدير لريادة الأعمال داخل المجتمع ككل، كما أنه لا تزال نية ريادة الأعمال مرتفعة، حيث أشار 55.5٪ من غير رواد الأعمال الذين شملهم الاستطلاع بمصر إلى اهتمامهم أو نواياهم للبدء بعمل تجاري خلال السنوات الثلاث المقبلة، ولا يمنع ذلك من ان هناك بعض التحديات التي جعلت الفرصة تققلص في مصر مقارنة بالسنوات السابقة، من المحتمل أن يكون هذا نتيجة للتحديات الاقتصادية قصيرة الأمد، بما في ذلك انخفاض قيمة العملة وخفض الدعم الذي أدى إلى تضخم كبير، فضلاً عن زيادة أسعار الفائدة ومحدودية الوصول إلى التمويل. – بحسب تقرير GEM-

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.