English

كيف تمكنت شركة ناشئة في دبي من توسعة نطاق أعمالها في 24 سوق بأقل من 10 ملايين دولار؟

English

كيف تمكنت شركة ناشئة في دبي من توسعة نطاق أعمالها في 24 سوق بأقل من 10 ملايين دولار؟
رامي درويش

يصف رامي درويش اتفاقية الشراكة التي وقعها مع بي إم بي BMB باعتبارها "ثورة حقيقية". بي إم بي BMB شركة متعددة الجنسيات تقدم حلولاً تقنية لأكثر من 3000 عميل، وتشمل قاعدة عملائها شركات مثل كوكاكولا Coca-Cola ومايرسك Maersk ونستله Nestle. وفقًا للاتفاقية المُبرمة في الشهر الماضي، يتم تشغيل البرمجيات الخاصة بأروز لابز Arrows Labs بالاشتراك مع  بي إم بي BMB وهو ما يعطي الشركة الناشئة الكائنة في الإمارات إمكانية الوصول إلى عدد ضخم من العملاء حول العالم. 

عندما أسس درويش شركته التي تعمل في مجال البرمجيات في دبي في 2011، لم يخطر على باله أنه سيتمكن من توسعة نطاق أعمال شركته في 24 دولة ويعمل مع 40 عميلاً ويحصل على تمويل من تيم درابر Tim Draper وهي شركة استثمار تقنية في الولايات المتحدة لديها سابقة أعمال مع شركات مثل سكايب Skype وتسلا Tesla وتويتر Twitter وآنجل ليست AngelList. 

كانت البيئة الحاضنة للشركات الناشئة في الإمارات في ذلك الوقت لا تزال في مراحلها الأولى، ولم يكن أحد يسمع عن تطوير البرمجيات في هذه الدولة، ومن ثم فقد كانت فكرة البدء في رحلة تنافسية مع أفضل الشركات الموجودة في سيليكون فالي Silicon Valley فكرةً بعيدة المنال. وعلى الرغم من ذلك استطاعت شركة أرو لابز Arrow Labs تحقيق كل هذا باستثمار رأس مال مخاطر لا تتعدى قيمته 8 مليون دولار؛ فكيف استطاع درويش تحقيق كل ذلك مع فريقه؟ 

عمل درويش مع شركات تقنية عالمية مثل إي إم سي EMC وهولت باكارد Hewlett Packard وداون Daon في مناصب تقنية وأخرى في المبيعات وشملت أعماله تصميم وهيكلة حلول مراقبة ونظم إدارة أمن المطارات والموانيء البحرية نُفذت على نطاق المدينة. تصور درويش فكرة تأسيس أرو لابز Arrow Labs في أثناء عمله في عدة مشروعات كبيرة في القطاع الحكومي. 

هذه المشروعات التي عمل بها درويش تعرضت لمعوقات عرقلت مسار العمل اليومي وذلك بسبب عدم وجود اتساق بين التقنيات المختلفة المتاحة للعاملين في المكاتب الأمامية والخلفية.  

يقول: "كانت لدينا أطنان من الحلول الرقمية في المكاتب الخلفية وأدوات تمكننا من حل الكثير من المشكلات، إلا أننا كنا نعاني من فقدان المعلومات والافتقار إلى الدقة وصعوبة نقل المعلومات بسبب عدم وجود تعليمات بخصوص ما يحدث على الأرض، الأمر الذي كان يدفعني إلى الجنون."

عادةً ما تتولى إدارة تقنيات المعلومات مسؤولية اقتراح الحلول التقنية وشرائها بدلاً من الموظفين الذين سوف يستخدمون البرمجيات، مما يؤدي إلى حدوث فجوة في التجربة. لاحظ درويش أيضًا الفروق في التقنيات المتاحة للعاملين في المكاتب الخلفية مقارنةً بالمكاتب الأمامية وعدم وجود تواصل بينهما. 

ويضيف: "يجب أن تكون الفرص متكافئة بين العاملين في المكاتب الأمامية والخلفية لتيسير تدفق المعلومات؛ وقررت في ذلك الوقت أن أفعل شيئًا في هذا الصدد." 

لا تشتهر دبي بإمكاناتها في تطوير البرمجيات؛ فالعديد من الشركات الناشئة في الإمارات لديها فرق عمل هندسية ومكاتب خلفية في مصر أو الأردن أو في دول أخرى أبعد مثل باكستان أو الهند أو شرق أوروبا. تجدر الإشارة إلى ارتفاع تكلفة تعيين فريق مهندسين في الإمارات خصوصًا مع ندرة الكفاءات التقنية، لكن درويش اختار البقاء في دبي وأسس أرو لابز Arrow Labs في الإمارات لأنها "تشتهر باستخدام التقنيات الجديدة وهي دولة منفتحة وتسعى إلى تجربة الابتكارات الجديدة" كما يقول. 

ويضيف قائلاً: "كان الحصول على الكفاءات الأولية المناسبة هو الأساس؛ فلم يكن هدفنا بناء كيان صغير بل بناء كيان كبير. بنينا مساحة هنا لم تكن موجودة في المنطقة؛ فلم يوجد شيء ينظر إلى هذه المشكلة من منظور جوهري. بعض الحلول كانت موجودة بالفعل، لكنها مبنية باعتبارها أفكار لاحقة للحلول الموجودة." 

أخذ الفريق الوقت اللازم لتطوير البرنامج. يصف درويش العملية باعتبارها "مصممة خصيصًا لحل مشكلة ما. يجب أن تكون برمجيات المؤسسات على درجة كافية من القوة لتتناسب مع المؤسسات الكبيرة."

قضى بضعة الشهور الأولى في دراسة عملائه المحتملين وأمضى وقتًا مع فرق مختلفة في قطاعات متنوعة ليتفهم تحدياتهم فهمًا أفضل وما يحتاجونه من الحلول البرمجية المحتملة. أدى هذا البحث إلى اكتشاف بعض المشكلات المشتركة بشكل عام والتي تتمثل في استمرار فرق العمل في تنفيذ الأعمال يدويًا في أغلب الأحيان باستخدام الورق والألواح المشبكية والأجهزة اللاسلكية في المواقع. 

يقول درويش: "بعض الأشخاص في وادٍ، والآخرون في وادٍ آخر؛ يمكنك الوصول إلى معلومات فورية وأدوات إنتاجية في الخلفية، أما في الخطوط الأمامية فليس أمام الأفراد سوى استخدام الأساليب القديمة لتنفيذ المهام مثل التواصل بواسطة الأجهزة اللاسلكية إضافةً إلى المكالمات الهاتفية الكثيرة التي تعيق إنتاجية العاملين في الخطوط الأمامية. فهي تضع على عاتقهم عبئًا إضافيًا بدلاً من التركيز على المهام التي يجب عليهم تنفيذها سواءً كانت أعمال صيانة أو تركيب البنية التحتية أو جمع بيانات ميدانية مهمة؛ فهم يقضون الوقت في تنفيذ أعمال إدارية." 

أنشأت أرو لابز Arrow Labs مركز البحوث والتطوير الخاص بها في عام 2013 في الوقت الذي كانت تبني فيه الإصدارات الأولى لبرنامجها MIMs، وهو عبارة عن منصة برمجيات كخدمة SaaS توفر حلقة وصل بين العاملين في الخطوط الأمامية والماكينات والتجهيزات من خلال تطبيق هاتف محمول وأجهزة قابلة للارتداء لتحسين التشغيل الآلي وتحقيق الاستفادة الأمثل وإدارة الأداء وسير العمل. استمرت الشركة في بناء البرنامج وتطويره بالتعاون مع المستخدمين الأوائل وإنتاج إصدارات مختلفة بناءً على أرائهم. اليوم، ترى أرو لابز Arrow Labs إن برنامج MIMs يستطيع خفض تكاليف التشغيل بنسبة 20% وزيادة إنتاجية العاملين بنسبة 30% ورفع كفاءة العمل بنسبة 40%. 

يقول درويش: "في الفترة ما بين 2014 و2017، كان لدينا من الناحية التقنية منتج متاح للعملاء لكنني أعتبر هذه الأعوام أعوام مخصصة للبحث والتطوير."   

بفضل عمله في القطاع الحكومي في دبي، استطاع درويش إمضاء عقود مع موانيء دبي العالمية Dubai Ports و دي بي وورلد DP World باعتبارهم عملائه الأوائل. 

يصف دي بي وورلد قائلاً: "منظمة تتميز بدرجة عالية من الابتكار والانفتاح ولا تتردد في تبني الابتكارات الجديدة. كان لدينا تصور مثير جدًا للاهتمام لهذه المنظمة عندما كانوا يبحثون عن طريقة لرقمنة سلسلة القيمة بالكامل والتخلص من الأعمال الورقية." 

وفقًا لما ذكره درويش، أرادت دي بي وورلد DP World منح جميع الموظفين سواءً ممن يجلسون خلف المكاتب أو العاملين في المواقع داخل الموانيء إمكانية الوصول إلى التقنيات. 

ويضيف: "كانوا يبحثون عن شيء ونحن ابتكرنا هذا الشيء."

وعلى الرغم من أن العملاء الأوائل كانوا عملاء بارزين، فإن الحصول على العملاء لم يكن بالأمر الهين في السنوات الأولى. 

يقول درويش: "واجهنا تحديات تنظيمية في ذلك الوقت؛ فقد كانت البيئة الريادية لا تزال في بدايتها، والوصول إلى العملاء أصعب بكثير، وكان إيجاد عملاء لديهم عقلية تدعم رواد الأعمال الجدد والواعدين في حين أنهم يتوقعون عادةً التعامل مع شركة تقنية كبيرة ومعروفة مسألة صعبة." 

ومن أجل تيسير إجراءات التحول على العملاء، ابتكرت أرو لابز Arrow Labs برنامج MIMs الذي يتسم بالمرونة؛ فهو عبارة عن منتج يتميز بخاصية التوصيل والتشغيل Plug and play ويعمل مستخدمًا التقنيات الموجودة لدى الشركات. 

التمويل

اعتمدت الشركة على التمويل الذاتي لعدة سنوات قبل التفكير في الحصول على استثمارات خارجية؛ وأحد الأسباب هو عدم وجود شركات رأس المال المخاطر في المنطقة عندما أسس درويش أرو لابز Arrow Labs. 

يقول: "لم يكن لدينا سوى شركة رأس مال مخاطر واحدة، والبيئة الريادية لم تكن موجودة، وكان هذا أمرًا صعبًا. لم تكن لدينا إمكانية الوصول إلى رأس المال وكان عليك أن تأسس شركتك بأسلوب قديم وهو التمويل الذاتي. بدأت في بناء شركة وعمل تجاري وليس شركة ناشئة وهذا هو التفكير السائد وقتها." 

يرى درويش إن عدم وجود رأس المال له مميزات من بينها زيادة قدرته على وضع أولويات إنفاق النقود المتاحة، وبمجرد إدراكه أن الشركة وصلت إلى مستوى معين من النضوج وملاءمة المنتج للسوق، بدأت أرو لابز Arrow Labs عرض فكرتها على مؤسسات رأس المال المخاطر لمساعدتها في توسعة نطاق أعمالها. 

تمكنت الشركة من الحصول على تمويل جولة البذرة بقيمة 3 مليون دولار بقيادة جلوبال فنتشرز Global Ventures في عام 2018؛ وقد ساعد هذا المبلغ أرو لابز Arrow Labs في توسيع نطاق أعمالها إلى 24 دولة وبناء مراكز في الولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا. نجحت الشركة مؤخرًا في الحصول على تمويل بقيمة 5 مليون دولار في جولة الفئة أ بقيادة درابر أسوشيتس Draper Associates الكائنة في الولايات المتحدة والتي أسسها تيم درابر Tim Draper. 

يضيف درويش: "في الفترة ما بين عامي 2018 و2021 كنا نسعى إلى الوصول إلى نقطة تمكننا من توسيع نطاق أعمال الشركة بحيث يصبح معدل النمو متسارعًا. كان الوقت مناسبًا لخوض جولة تمويلية أخرى خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا التي توجد بها فجوات واحتياجات نستطيع تلبيتها. أردنا الحصول على تمويل من مجموعة من المستثمرين يؤمنون بما نقدمه والمشكلة التي نسعى إلى حلها." 

يرى درويش إن وجود درابر فتح الكثير من الأبواب وساعد أرو لابز Arrow Labs في الحصول على عدة عملاء في الولايات المتحدة؛ والآن وبفضل الشراكة مع بي إم بي BMB تبني أرو لابز Arrow Labs "بيئة ريادية حول المنتج".  

يتمثل عنصر قوة بي إم بي BMB في إنترنت الأشياء IoT والذي سوف يتم دمجه مع منصة أرو لابز Arrow Labs لتوصيل جميع الأجهزة التي يستخدمها موظفو الخطوط الأمامية ببعضها على نحوٍ أفضل. 

يقول درويش: "أنت تحتاج شركاء تقنيين كبار ومؤثرين؛ تتميز بي إم بي BMB بمهارات تقنية تمكنهم من توصيل منتجنا إلى عملائهم وتطبيق حلولنا. عندما تنظر إلى أكبر تحول قادم وأين سيكون، ستجد أنه سيكون في الأعمال غير المكتبية. فقد شهدت العمليات تحولاً رقميا، وعندما يتحدث الجميع عن التحول الرقمي فالمقصود هو المساحة التي لم تخضع للتحول الرقمي وهي المساحة غير المكتبية الموجودة خارج المكاتب."

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.