English

التوصيل الرقمي وتطور التجارة لأصحاب الأكشاك في إفريقيا

English

التوصيل الرقمي وتطور التجارة لأصحاب الأكشاك في إفريقيا
الصورة عبر Shutterstock

بقلم ديفيد بيلينج

 

تجلس نانسي أوما وهي بائعة تبلغ من العمر 35 عامًا، بجوار كومة كبيرة من الأسماك الفضية الصغيرة بحجم الإصبع والتي يصطادها الصيادون من بحيرة فيكتوريا. لديها كشك في أحد الشوارع الرئيسية المزدحمة في ماثاري، وهي منطقة عشوائية كبيرة في نيروبي على بعد سبع ساعات بالحافلة من كيزيمو، المدينة الكينية المطلة على البحيرة حيث تشتري الأسماك. هذه الرحلة المتكررة ضرورية لشراء المؤن الطازجة على الرغم من تكلفتها الباهظة التي تصل إلى 3000 شيلينغ كيني (26 دولار) بسبب ارتفاع أسعار الوقود. 

 

تعترف أوما بأن هذه الرحلات المتكررة إلى كيزيمو مضيعة للوقت والنقود، لكنها تفتقر إلى السيولة اللازمة لشراء كميات أكبر من المخزون. 

 

ملايين التجار العاملين في الأكشاك الصغيرة مثل أوما، ممن يبيعون منتجات مثل الأرز والسكر والبطاريات والمنظفات والمستلزمات المنزلية يعانون من تكبد نفس التكاليف لتأمين المخزون اللازم ودفع ثمنه. 

 

إلا أن موجة جديدة من الشركات الناشئة ومنها Wasoko التي تتصدر قائمة أسرع الشركات نموًا في إفريقيا وفقًا لفايننشال تايمز وبيانات شركة Statista، تحاول مساعدة أصحاب المتاجر غير النظاميين وذلك بالتخفيف من حدة التعقيدات الموجودة في سلسلة الإمداد بالتجزئة. توجد شركات أخرى على الساحة تعمل على رقمنة القطاع غير النظامي منها TradeDepot وSabi وTwiga وتركز الشركة الأخيرة على المنتجات الطازجة. 

 

بدأت شركة Wasoko نشاطها في كينيا في عام 2016 باسم Sokowatch قبل تغيير العلامة التجارية في مارس. توسع نشاط الشركة حتى وصل إلى 60 ألف تاجر في ست دول، إضافةً إلى تنزانيا ورواندا وأوغندا في شرق إفريقيا وأخيرًا السنغال وساحل العاج. تحقق الشركة مبيعات شهرية بقيمة 30 مليون دولار تقريبًا وحصلت مؤخرًا على تمويل بقيمة 125 مليون دولار في جولة تمويل من السلسلة "ب"، ووصل تقييم الشركة إلى 625 مليون دولار. 

 

دانيل يو Daniel Yu هو مطور برمجيات ولغوي وُلد في مدينة كاليفورنيا. لم يكمل دانيل تعليمه الجامعي في جامعة شيكاغو ليبدأ عمله التجاري بعد فوزه بمنحة ريادة أعمال بقيمة 10 آلاف دولار بفضل فكرته التجارية. جاءته الفكرة في أثناء فترة دراسته خارج البلاد، في مصر، حيث لاحظ معاناة أصحاب الأكشاك في الحصول على المخزون المطلوب.  

 

يقول يو: "لاحظت صعوبة شراء الطلبات وتجديد المخزون في المتاجر، فبدأت العمل على فكرة أنظمة شراء الطلبات التي تربط أصحاب المتاجر بالموردين." 

 

تكمن النظرية في أن الشركات مثل Unilever أو Procter & Gamble لا تستطيع توصيل مخزون بقيمة 10 دولارات مثلاً إلى أصحاب الأكشاك وتحقيق ربح، لذلك تلجأ هذه الشركات إلى بيع منتجاتها إلى تجار الجملة الكبار. 

 

بإمكان شركة Wasoko حل مشكلة اقتصاديات الحجم بتجميع طلبات متعددة من آلاف التجار وأصحاب الأكشاك وتقديمها إلى كبار المُصنعين وبالتالي يحصل أصحاب الأكشاك على المنتجات بسرعة وبأسعار زهيدة وتأخذ الشركة حصة من تكلفة المعاملة. 

 

في البداية، بنينا نموذجًا أوليًا يسمح بعمل الطلبات من خلال تطبيق أو أكواد رقمية تُرسل من "هاتف مميز"، وهو هاتف محمول ذو إمكانيات إضافية محدودة. بعد ذلك، بدأ يو في الاتصال بالشركات الكبيرة وتقديم الحل لمشكلات التوزيع التي تواجه هذه الشركات، وأخيرًا قررت شركة Wrigley المُصنعة للعلكة تجربة النموذج في كينيا.  

 

يقول يو إن الفكرة الأصلية كانت مبنية على نموذج تخفيف الأصول الذي يعتمد على البرمجيات في تنفيذ المهام الصعبة، لكنه سرعان ما أدرك أهمية دخول Wasoko في أعمال اللوجستيات، مثل تنظيم نقاط التوزيع وإدارة أسطول المركبات، وخصوصًا سيارات النقل الصغيرة.  

 

ويضيف: "عندما يقل مخزون الأرز عندك، يمكنك طلب كيس أرز آخر بوزن 25 كيلوجرام أو أي بضاعة أخرى وسوف نوصل البضاعة إلى هذا المتجر في اليوم نفسه في ساعتين ونصف تقريبًا دون أي مصروفات ". أما الزبائن الدائمون، نوفر لهم إمكانية الطلب الآن والدفع لاحقًا، بعد مرور أسبوع من توصيل الطلب. 

 

إن كان هذا العرض يصعب تصديقه، يقول يو إن جوهر الفكرة يكمن فيما يسميه "القلة في مقابل الكثير" والذي يمثل طبيعة عمله التجاري.

يتولى عدد قليل نسبيًا من الموردين توفير 300 سلعة تقريبًا، وهي السلع التي يقدمها يو لآلاف الزبائن، وعلى الرغم من أنه مفيد لنموذج Wasoko، فأنه لم يحل مشكلة أوما في الحصول على كميات الأسماك التي تحتاجها لأن Wasoko لا تعمل في المنتجات الطازجة. 

 

تعمل شركة TradeDepot في نيجيريا بأسلوب مشابه، إلا أن كمية البضائع المعروضة 10 أضعاف، وتوفر الشركة 3000 سلعة، وهذا يعكس حجم الأعمال في أكبر دولة إفريقية من حيث السكان. تخدم TradeDepot 110 ألف تاجر ويبلغ متوسط الطلب للتاجر الواحد 100 إلى 150 دولار ويتكرر الطلب من مرتين إلى ثلاث مرات شهريًا. 

 

كما هو الحال في شركة Wasoko، تقدم TradeDepot إمكانية البيع بالأجل لأصحاب المتاجر باستخدام صورة مبنية على أنماط الطلبات ومستوى إقبال العملاء لتحديد التصنيف الائتماني. 

 

يوضح Onyekachi Izukanne الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك في الشركة: "عادةً ما تكون الرسوم ما بين 4 إلى 6 في المئة، معدل فائدة فعلية شهرية، وتُسدَد القروض في خلال أسبوعين."

 

ويقول: "فرضيتنا هي أن المشكلة الكبيرة تتمثل في صعوبة الحصول على الخدمات المالية. سلسلة الإمداد مقطوعة وبإمكان هؤلاء التجار غير النظاميين والأعمال الصغيرة الحصول على بعض المخزون لكنه يصل إليهم بأسعار باهظة ونحن نسعى إلى ترشيد هذه المسألة". 

 

أما أوبري هيربي Aubrey Hruby الشريكة المؤسسة في شبكة خبراء إفريقيا Africa Expert Network ومستثمرة في شركات ناشئة إفريقية ترى إن الموجة القادمة (الشركات التي يتعدى رأس مالها السوقي مليار دولار) ستكون من نصيب الشركات التي تنجح في رقمنة سلاسل الإمداد للتجزئة غير النظامية. 

 

تقول أوبري: "مشكلة السوق غير النظامي ليست في طبيعته غير النظامية بل في افتقاره إلى الكفاءة. ذهبت إلى سوق مفتوح كبير في لاجوس ورأيت هذه المرأة التي كانت تشتري كميات كبيرة من صلصة الطماطم، واعتادت شراء الكميات التي تحتاجها من صديقة في نهاية الشارع. أما الآن، فهي تقارن الأسعار لتحصل على أفضل صفقة، ويساعدها أطفالها في استخدام التطبيق لأنها لا تجيد استخدام التقنية". 

 

وتضيف: "حتى وإن دفع التاجر المبلغ نقدًا، يمكن رقمنة المعاملة في أثناء انتقالها عبر النظام. سوف يؤدي هذا بالتأكيد إلى دمج التقنيات المالية والوصول إلى هذه المنطقة"، في إشارةٍ إلى قطاع التجارة غير النظامية الهائل الذي يفوق حجمه اهتمامات الطبقة المتوسطة الضيقة التي تستهدفها كثير من شركات التقنيات المالية. 

 

حقوق النشر محفوظة لشركة فاينانشال تايمز المحدودة 2022

© 2022 The Financial Times Ltd. جميع الحقوق محفوظة. يرجى عدم نسخ ولصق مقالات فاينانشال تايمز أو إعادة توزيعها عبر البريد الإلكتروني أو النشر على الويب.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.