English

هل تستطيع شركات التقنية الزراعية الناشئة المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بالمنطقة العربية؟

هل تستطيع شركات التقنية الزراعية الناشئة المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بالمنطقة العربية؟

هل تتخيل أن تستيقظ صباحاً لتجد أن الطعام الموجود في منطقتك قد نفذ؟.. ما الذي ستفعله إذا علمت أن هناك أزمة غذائية ربما ستحدث وتتسبب في شح الغذاء بالمكان الذي تعيش فيه؟... بالطبع نتحدث هنا عن قضية مصيرية مرهون بها بقاء الإنسان والكائنات الحية عموماً على وجه الحياة. بعد الزيادة المهولة في عدد السكان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العقود الأخيرة أصبح توفير الغذاء وتحقيق  الأمن الغذائي من أكبر التحديات التي تواجه بعض دول المنطقة، ووصل الأمر ليُنذر البنك الدولي سكان الشرق الأوسط من خطر قادم مُحدق بالمنطقة، ليشير إلى تحذيرات الأمم المتحدة عندما دقت جرس الإنذار من وجود أكثر من 55 مليون من سكان المنطقة البالغ عددهم 456.7 مليون نسمة يعانون من نقص التغذية، لتبلغ حصة المنطقة من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم 20%، وهي نسبة مرتفعة ومخيفة، ‘لا أنه مع اشتداد الأزمة بدأت خلال الخمس سنوات الأخيرة بارقة أمل تظهر من جديد بالتوازي مع بدء انتشار شركات التقنية الزراعية الناشئة بالمنطقة، لتُعلن تلك الشركات من خلال رواد أعمالها الشباب عن ظهور تقنيات زراعية حديثة ونظم ري متطورة يُمكن أن تلعب دوراً مؤثراً في التخفيف من حدة تلك الأزمة بل القضاء عليها مستقبلاً، وهو ما جعل "ومضة" تلتقي مع مؤسسي عدد شركات التكنولوجيا الزراعية لتستوضح الأزمة، والجهود التي قامت بها شركاتهم الناشئة لمواجهتها.

أزمة حادة

يُعتبر النمو السريع لعدد السكان بالمنطقة – الذي من المتوقع أن يصل إلى 700 مليون نسمة في عام 2050 – بالتوازي مع نقص الموارد الطبيعية، وتفاقم تحديات أزمة ندرة المياه وتغير المناخ، من أبرز التحديات التي تؤثر على الأمن الغذائي بالمنطقة، ليؤكد البنك الدولي في تقريره أنه يتعين على المنطقة أن تواجه تحديات هيكلية تجعل إطعام الأعداد المتزايدة من السكان أمراً صعباً، حيث أنه مع تزايد الأحوال الجوية القاسية وارتفاع درجات الحرارة تزيد تأثيرات الأزمة خطورة على الزراعة المحلية، ويتفاقم التحدي مع اعتماد المنطقة على الواردات الغذائية، وخاصة القمح والحبوب الأساسية الأخرى، حيث يتم استيراد نصف المواد الغذائية، لترتفع هذه النسبة إلى 90% في دول مجلس التعاون الخليجي، لم يقف الأمر عند ذلك فهناك خطورة قد تهدد الأجيال القادمة حيث تؤكد منظمة "اليونسيف" أن المنطقة تعتبر موطناً لمعدلات عالية من النقص في التغذية ونقص المغذيات الدقيقة، حيث يعاني ما معدلهُ واحد من كل خمسة أطفال تقريباً من التقزم، بينما يبلغ متوسط ​​معدل الهُزال نسبة 7%. مع ما يترتب على ذلك من عواقب طويلة المدى على نموهم المعرفي الفردي والمسارات الاقتصادية لبلدانهم.

تقول "غلا خالد القثامي"، من مؤسسي شركةAeroCrops  السعودية المتخصصة في التكنولوجيا الزراعية: "نظراً لأن تغير المناخ يمثل تهديدًا إضافيًا لمناخنا الصحراوي الحالي، وأن حوالي 1.5٪ فقط من مساحة أراضي المملكة العربية السعودية صالحة للزراعة، فإن طرق الزراعة المتاحة على المستوى الإقليمي أصبحت غير موثوقة، فضلاً عن أن حوالي 1.5% فقط من مساحة أراضي المملكة صالحة للزراعة، وتنتهي الزراعة في البلاد بالاستحواذ على أكثر من 80% من إمدادات المياه في البلاد، بالرغم من ذلك لدينا هنا مشاريع مذهلة وشركات زراعية عملاقة تعمل في مجال الأمن الغذائي".

أكد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن خمس دول في المنطقة قد شهدت تضخماً في أسعار الغذاء يتجاوز 60% هذا العام فقط، حيث يواجه لبنان وسوريا تضخماً في أسعار الغذاء يبلغ ثلاثة أرقام بنسبة 138% و105% على التوالي، وبما أن الإنتاج الغذائي الوطني غير قادر على تلبية الاحتياجات المحلية، فقد أدى الاعتماد الكبير على الواردات إلى تعريض المنطقة لتقلبات في أسعار المواد الغذائية العالمية ــ والتي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا،ـ فضلاً عن اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن وباء كوفيد 19 مؤخرا.

منذ عام 2008 تعرضت سلسلة الامداد لعدة ضربات مالية وسياسية متعددة بما فيها الأزمة الأخيرة في أوكرانيا، ذلك ما يوضحه "عمار الشامي"، مؤسس منصة فريسكو، الأردنية، لتجارة المحاصيل الزراعية، الذي يرى أنه قد خرج بعض صغار الفاعلين بسلاسل الإمداد لصالح كبار التجار والمتاجر الكبرى. ويواجه صغار المزارعين صعوبة في الوصول للأسواق وضمان التمويل اللازم، كما أن عمليات تمويل الشحن والبضائع أصبحت أكثر صعوبة للشركات الصغيرة والمتوسطة مع وجود كثير من المخاطر نتيجة عدم تكامل سلاسل الإمداد وفقدان آليات واضحة لتمويل التجارة في هذا القطاع.

تعرضت العراق خلال السنوات الماضية لأزمة غذائية بالتوازي مع الظروف التي مرت بها البلاد، فضلاً عن أزمة المياه وتداعيات ظاهرة تغير المناخ، حيث يوضح "لبيب فاتح" مؤسسة شركة "نخلة" العراقية، أن هناك عدد من الأسباب خلف تلك الأزمة مثل تخلخل الوضع الاقتصادي، عدم ثباتية سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، أدي إلى زعزعة السوق العراقي عامة، بالإضافة إلى وجود معرقلات أخرى من ضمنها أزمة المياه وقلة الزراعة والتصحر العالي في وسط وجنوب العراق، مما تسبب في قلة المناطق الخضراء.

 تُعلق على تلك الأزمة "فرح النحاس"، مديرة مسرعة أعمال "حصاد"، المختصة بتسريع المشاريع التكنولوجية المساندة للقطاع الزراعي في الأردن، موضحة: ن أزمة نقص المواد الغذائية ليست ظاهرة جديدة في المنطقة، ولكن في الآونة الأخيرة ساهمت عوامل مختلفة في زيادة حدتها، حيث أن العديد من دول المنطقة شهدت نزاعات واضطرابات سياسية أثرت سلباً على استمرارية الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى زيادة القيود على التجارة والاستيراد والتصدير، خصوصاً أن بعض دول المنطقة تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية، مما يجعلها أكثر تأثراً بأي تقلبات في الأسواق العالمية.، فضلاً عن لعب الحوكمة والفساد دوراُ اساسياُ في التأثير على توزيع الموارد وإعاقة الجهود المبذولة لتعزيز الأمن الغذائي، مما أدي لظهور حالة من فقدان الثقة في الأمن الغذائي، والتي أثرت بدورها على حجم الاستثمارات في القطاع."

دور حيوي

وسط تلك الأزمة يظهر دور شركات التقنية الزراعية الناشئة التي من المُمكن أن تلعب دوراً حيوياً في تسوية تلك الأزمة إذا اتجهت الأنظار إليها وإتيحت لها برامج رعاية ومسانددة متخصصة من دول المنطقة ومؤسساتها ذات الصلة، ويُمكن أن نرى دورها الحيوي من خلال دعوة الأمم المتحدة، في تقريرها عن "الشرق الأدنى وشمال أفريقيا نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتنمية"، حكومات المنطقة لتعزيز آليات الحوكمة ورأس المال البشري والمؤسسات، مع استقطاب رؤوس الأموال الخاصة إذا ما أرادت زيادة مشاركتها في سلاسل القيمة العالمية والتجارة الإقليمية والدولية، لتحث المنظمة دول المنطقة على التقليل من التأخيرات الناجمة عن الإجراءات الإدارية وتحسين اللوائح المتعلقة باستخدام الأراضي وغيرها.، كما يُمكن أن يساهم تبني لوائح فعالة في تعزيز المنافسة في السوق وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين البنية التحتية وتحسين القدرة على الحصول على التقنيات الرقمية وتعزيز التنسيق بين الجهات الفاعلة على طول سلسلة القيمة الغذائية وتعزيز الإنتاجية  الغذائية.

تضيف "غلا":" تقوم AeroCrops  باستخدام تقنيات الزراعة التي تقلل من استخدام المياه اللازمة للنمو بنسبة 90%، ونحن نصنع أنظمة الزراعة الهوائية محلياً خصيصاً للمزارع الصغيرة والمتوسطة الحجم لتناسب احتياجاتها، حيث نستخدم تقنيات الزراعة الحديثة التي لا تتطلب تربة ونخفض استهلاك المياه ونجعلها مناسبة لها أو حتى للمزارع الناشئة حديثاً، وباستخدام هذه الطريقة يمكننا تحقيق الأمن الغذائي وإنتاج مزارع أكبر".

يقاطعها "عمار" الذي يوضح الدور الذي تقوم به منصة "فريسكو" من  ربط المزرعة بمحلات الخضار والفواكه الصغيرة،حيث انه بالرغم من أن تلك المحلات قد أثبتت جدارتها في البقاء وتوليد الدخل اللازم لمساعدة العائلات البسيطة إلا أن كثير من هذه المحلات تفتقر لتنوع المنتجات والخدمات، ولايوجد بها القدرة اللازمة لتقديم خدمات على نطاق أسع، لذلك قمنا بتزويد ما يزيد عن 30 محلاً صغيراً بتقنيات التجارة الالكترونية والتوصيل، والربط التقني مع نقاط البيع والبضائع واستخدام هذه المحلات لزيادة الانتشار ورفع كفاءة سلاسل الإمداد محلياً وعالمياً، بالإضافة لذلك يعمل ذلك الربط على تقليل تكاليف الطاقة وانبعاثات الكربون.

حثت الأمم المتحدة دول المنطقة على تشيجع ابتكارات رواد الأعمال وشركاتهم الناشئة من خلال مساهمة التجارة الدولية في تشجيع نقل التكنولوجيا والمعرفة التي يمكن أن تساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين فرص العمل وتنمية الإنتاج، مع الاستفادة من التقنيات والأساليب المبتكرة لإحداث تحول في أنظمة الأغذية الزراعية، وإشراك الشباب في هذا التحول، فالتكنولوجيا تؤدي دوراً أساسياً في تحويل أنظمة الأغذية الزراعية، ففي ظل محدودية الأراضي الصالحة للزراعة وموارد المياه العذبة، يُعد التوسع السريع في تبني التكنولوجيا والابتكار أمراً حيوياً بالنسبة للمنطقة العربية لتعزيز أنظمة الأغذية الزراعية من حيث الإنتاجية والجودة والتنوع والكفاءة والاستدامة البيئية، لتوضح الأمم المتحدة أنه مع ذلك، هناك حاجة إلى تبني نهج شامل لتحديد أنسب أشكال وضمان التوزيع العادل للمنافع المتأتية منه على مختلف أصحاب المصلحة، حيث يؤدي الشباب والشابات، بصفتهم ميسرين رئيسيين يقودون الابتكار وريادة الأعمال، دوراً أساسياً في تعزيز الاستدامة الغذائية والعدالة في التوزيع والكفاءة في الأداء، لتدعو المنظمة كل دولة أن تأخذ زمام المبادرة لتشجيع الشباب على الابتكار وفي الوقت نفسه السعي لإيجاد فرص عمل لائقة في سلاسل القيمة الغذائية الزراعية والتقنيات الزراعية.

من جانبه يشير "حازم الطواب" أحد مؤسسي ReNile المصرية للتكنولوجيا الزراعية، أن شركته تلعب دوراً في مساعدة المزارعين للتغلب على مشاكل تغير المناخ وندرة المياه، من خلال أنظمتها التي توفر الاستدامة البيئية للعملاء، حيث تساعد العملاء على توفير الطاقة عن طريق التشغيل الآلي للمزرعة وخاصة جزء الطاقة الذي وفر حوالي 30٪ لبعض العملاء من خلال التحكم في الأكسجين المذاب في الماء، فضلاً عن المساهمة في توفير كمية العلف بالمزارع السمكية باتباع أفضل نموذج ممارسة لتغذية كل نوع من الأسماك، لذلك حرصت الشركة على أن تعمل جميع أجهزتها بالطاقة الشمسية ولديها وضع توفير الطاقة أيضًا.

"فراس ذياب"، المدير التنفيذي لشركة "وصلة" الأردنية، لإنترنت الأشياء، يشير إلى أن شركته تقود بدور فعال لمواجهة أزمة نقص الغذاء بالمنطقة، من خلال تطوير حلول تقنية للزراعة الذكية، حيث قاموا بتطوير تطبيقات وأنظمة تقنية تساعد المزارعين على زيادة إنتاجيتهم ورفع كفاءة استخدام الموارد المُتاحة مثل المياه والأسمدة، وتشمل هذه الحلول مراقبة الحالة الجوية والزراعية ومعرفة بيانات التربة المختلفة، ونظم الري الذكية، والتحليل البياني للبيانات الزراعية، مما يساعد في تحسين الإنتاج واكتشاف المشاكل المختلفة قبل وحدوثها، كما ساهموا في تطوير حلول وتطبيقات الزراعة الذكية التي تستفيد من التحليلات البيانية والاستشعار عن بعد والذكاء الصناعي، والتي بدورها تساعد على إتخاذ قرارات زراعية دقيقة، تقلل من استهلاك الموارد وتخفض من التأثيرات البيئية السلبية، مما ينعكس على إدارة الموارد بشكل أكثر كفاءة.

من جهته يرى "لبيب" أن شركته ركزت على العناية بالنخيل الموجود في العراق بخاصة بغداد، بما إنه من الأشجار التي تتحمل درجات حرارة وملوحة عالية، مما يؤهله إلى المقدمة في تصنيفات الأشجار عالمياً، لأهميته في توفيره الغذاء في أسوأ الظروف المناخية أو ندرة المياه، حيث أن الاهتمام بنخلة واحدة بصورة صحيحة قد يؤدي الى تقليل انبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكاربون بنسبة تعادل ما تبعثه عوادم سيارتين تعملان على مدار الأسبوع، بالإضافة إلى تقليل من استهلاك المياه بنسبة 75% في حال كانت تحت الإشراف الزراعي المهني.

أضاف "لبيب": "يجب أن أذكر دور الشركة في زيادة الإنتاجية النخلة بنسبة 85% بجودة عالية، مقارنة بما كانت عليه سابقاً قبل إعتناء الشركة بها، حيث كان لابد من ملاحظة الفرق في نوعية وجودة التمور المنتجة وكمياتها وقلة الأمراض المصابة بها، مما أثر على توفير المنتجات بجودة عالية، وفي نفس الوقت بأسعار مناسبة ومعقولة لكي تكون متوفرة لكل طبقات المجتمع".

من جهتها تتفق "فرح" مع أهمية الدور الذي تلعبه شركات التقنية الزراعية في مواجهة تحديات الأمن الغذائي في المنطقة من خلال حلولها ومنتجاتها التي تصب في مواجهة مشاكل عديدة يعاني منها القطاع، حيث  تقدم الشركات الناشئة حلولاً تتعلق بالزراعة الذكية، تحسين كفاءة الإنتاج، واستخدام المياه بفعالية، تقليل الهدر على مستوى المزرعة وصولاً إلى المستهلك، تطوير أصناف جديدة، تحسين سلسلة القيمة الغذائية، ستساهم هذه الشركات في زيادة الإنتاجية الزراعية وتوفير الأدوات والابتكارات التي يمكن أن تساعد في تحسين الأمن الغذائي.

تحديات

على الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه شركات التقنية الزراعية الناشئة في مواجهة أزمة نقص الغذاء بالمنطقة، إلا أن الغريب في الأمر أنها تواجه العديد من العقبات التي تحد من دورها الحيوي، وتجعل جهودها تسير بشكل بطيء في مواجهة تلك الأزمة.

يعود "عمار" ليوضح أن أكبر التحديات حالياً هو غياب الصناديق الاستراتيجية التي تهتم بالتنمية المستدامة ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن المشهد المحلي والاقليمي، وارتكاز مدارس رأس المال المغامر على استخدام التقنية فقط بدون إدارة الأصول التشغيلية، بالإضافة إلى التركيز على الربح السريع دون الانتباه للأدوار التنموية التي تطلب إنشاء بنية تحتية وتنموية دون التعمق بالأبعاد المختلفة للأمن الغذائي، والحاجة للاستثمار بشكل تنموي أكثر من أي شكل أخر، بالإضافة إلى غياب التكامل التقني في سلاسل الإمداد وعقلية عمل القطاع الزراعي، حيث أن القطاع الزارعي يعمل كوحدة واحدة من المزرعة إلى المستهلك، وغياب أي عنصر في سلسلة يؤدي إلى مخاطر كبيرة، لذلك فإن تقليل المخاطر يكمُن في التكامل التقني والتشغيلي بين جميع الفاعلين.

يؤكد "حازم" أن الأزمة الاقتصادية العالمية كان لها تأثير على معدل نمو شركته، حيث يواجه بعض المشاكل في التسعير وإيجاد مكونات الأجهزة، بالإضافة إلى انخفاض القوة الشرائية للعملاء، فلا عن الاحتياج لعملة أجنبية باستمرار لشراء المواد الخام من الخارج، مع غياب الوعي لدي بعض المزارعين بدور التقنية الزراعية، حيث إذا لم يستخدم المزارعون التكنولوجيا في تلك المرحلة من الاقتصاد، فسوف يخسرون مبلغًا ضخمًا من المال، حيث يتناقص هامش الربح هذه الأيام بسبب تغيير القوة الشرائية وزيادة تكلفة جميع تكاليف التشغيل، كما يواجه قطاع الزراعة والأجهزة في الزراعة على وجه التحديد مشكلة كبيرة في الاستثمار بسبب غياب رأس المال الاستثماري المهتم بالتكنولوجيا الزراعية أو منتجات الأجهزة مقارنة بصناعات البرمجيات الأخرى. – على حد قوله -

بينما يرى "لبيب" أن البنى التحتية التصديرية تواجه ضعفاً، بالتوازي مع صعوبة توفير المنتجات الوطنية في السوق العراقية، كذلك فإن غياب وعي المزارعين كان تحدي بارز في السنوات السابقة بسبب انتقالهم إلى حياة المدينة وإهمال مزارعهم ونخيلهم بسبب زيادة التكاليف الخاصة بالعناية بالنخلة والتسعيرة المنخفض للتمور في العراق، مما خلق فجوة مالية بين التكاليف والإيرادات بالنسبة للمزارع، علماً أن التمور في الخارج تُباع تقريباً خمس أضعاف سعرها في السوق العراقي.

تعقب "فرح" على التحديات التي تواجه شركات ومسرعات الأعمال الخاصة بالتقنية الزراعية في المنطقة حيث تعتبر أن أبرز العقبات هو نقص الاهتمام في القطاع، حيث تواجه المسرعات والشركات الناشئة في مجال التقنية الزراعية تحديات بالعثور على التمويل اللازم لتطوير المنتجات وتسريع الشركات، بالإضافة لأسباب أخرى مثل التحديات المتعلقة بالقوانين والحوكمة، والتحديات البيئية ونقص البنية التحتية.

لتؤكد "فرح" أن تحقيق النجاح في مجال التقنية الزراعية في المنطقة يتطلب الالتزام والابتكار والتعاون مع مختلف الشركاء والجهات المعنية لتوحيد الجهود في سبيل تطوير استراتيجيات جذب التمويل، والتعاون ما بين الشركات الناشئة والقطاع والحكومات المحلية للتعامل مع التحديات القانونية والتنظيمية. ويساهم كذلك البحث عن أسواق جديدة في زيادة فرص الشركات الناشئة لتوسيع أعمالها إلى أسواق دولية لتعزيز نموها وتقليل تأثير التقلبات في الأسواق.

يُعتبر الأمن الغذائي من أساسيات الحياة في المنطقة بل العالم أجمع، وقلته يُعد أزمة كبرى، حيث تتفاقم تلك المعضلة مع نقص المياه وتغير المناخ بالتوازي مع الزيادة المستمرة في عدد السكان، مما يؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية الزراعية، لذلك لم يُعد هناك اي مجال لتأخير الاهتمام بشركات التقنية الزراعية الناشئة بالمنطقة، ومنحها أولوية قصوى من برامج مساندة ورعاية، وتشجيع رواد الأعمال على الاستثمار بذلك القطاع الحيوي، فتلك الأزمة سيكون الابتكار والإبداع هو العامل الحاسم في حلها، ومن المُمكن أن يتصدر رواد الأعمال مقدمة العوامل التي من المُحتمل أن تنقذ المنطقة من خطر بدأت تظهر بوادره في الأفق.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.