English

الإصدار الثاني من المسرّعات ... إصدار ما بعد الجائحة

English

الإصدار الثاني من المسرّعات ... إصدار ما بعد الجائحة
Image courtesy of C3

فيما كان العالم يعاني من ركودٍ تام في ظل تفشّي جائحة كوفيد-19، كان برنامج تسريع التأثير الاجتماعي C3 الذي أطلقه بنك HSBC يقترب من أسبوعه الأخير بنهاية مارس 2020. يعتبر البرنامج بإيجاز برنامج رئيسي لشركة C3 (شركات تخلق التغيير)، وهي شركة اجتماعية تساعد روّاد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، على إطلاق إمكانيات نموهم ودعم تأثيرهم الاجتماعي على المجتمع.

تدعم شركة C3 الشركات الواعدة التي تساهم في تحقيق هدفٍ واحد على الأقل من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتتمتّع بإمكانية نموٍ كبير. وعادةً ما يكون الأسبوع الأخير من هذا البرنامج الحدث السنوي الأهم، حيث نستضيف في دبي جميع المتأهلين للتصفيّات النهائية من الدول الثماني التي يغطيها البرنامج طوال أسبوعٍ كامل من فعاليات وورش عمل التواصل مع المستثمرين وخبراء الأعمال وأصحاب المهن من عالم التأثير الاجتماعي، ونختتم بفعاليةٍ أخيرة تضم جلسات محاكاة اجتماعات مجالس الإدارة ومسابقة تنافسية. في هذا اليوم، وبعد عملٍ شاق أنجزه المتأهلون للتصفيّات النهائية وفريق عملنا طوال بضعة شهور، نعلن عن الفائزين لهذا الإصدار، والجميع متشوقون لمقابلة ودعم صانعي التغيير المذهلين الذين يستخدمون قوة العمل في إحداث تغييرٍ بالعالم.

عندما بدأ العالم بالإغلاق تدريجيًا، كان قرار اتخاذ أفضل مسارٍ في مثل تلك الفترة الوجيزة تحديًا لا محالة. وبعد بضعة أيام من التفكير والمداولات الداخلية، قرّرنا أن نتحوّل إلى العمل الافتراضي بالكامل، الأمر الذي كان مجهولًا تمامًا بالنسبة لنا. كان التحدّي الحقيقي يكمن في إعادة خلق الصلات الإنسانية العميقة التي تحدث على نحوٍ شخصي ملموس وأن يشعر الناس بالقدر نفسه من الحماس خلف شاشة حاسبٍ آلي. كما شكّل انعدام ضمان التزام المتأهلين للتصفيّات النهائية، والمدربين كذلك، علامة استفهام أخرى.

كانت عملية تحويل مسرّعٍ حقيقي إلى إصدارٍ افتراضي بالكامل بلا شك عملية تعلمٍ مستمر حتى يوم الإطلاق. وفيما يلي بعض من أفضل الممارسات التي تعلّمتها خلال العملية:

  • تصميم برنامج لمدةٍ زمنيةٍ شاملةٍ أطول وفترةٍ تدريبيةٍ أقصر
  • إدخال وحداتٍ إضافية تغطي موضوعاتٍ متخصّصة داخل كل موضوع، وهو ما يعطي مساحةً أكبر للتفاعلات والاختبارات والدردشات الجانبية
  • قطع الجلسات كل 15-20 دقيقة بفاصلٍ ممتدٍ قصير أو اقتراع
  • اختيار منصة آمنة سهلة الاستخدام يعرفها الجميع
  • التمرّن مع المدربين مسبقًا لتجنب المفاجآت
  • حث المدربين والمتحدثين على تصميم نصٍ جيد حسن الإعداد وتجنّب الاعتماد على الشرائح وحدها
  • توقّع أن التكنولوجيا ربما – وبالفعل – تتعطّل، ولذا وجب الاحتياط
  • التفاعل مع أصحاب المصالح المختلفين (مثل خبراء الصناعة والمستثمرين) خلال العملية عبر فعاليات التواصل الاجتماعي أو ساعات الذروة
  • طلب آراء جميع المشاركين والاستعداد للعمل على أساسها بعد ذلك

لقد خلق التحوّل الكامل إلى العمل الافتراضي فرصًا عديدة للمشروعات الناشئة التابعة للبرنامج ولشركة C3 كذلك. يرى روّاد الأعمال أنهم خاضوا خبرة تعلمٍ أكثر عمقًا من خلال استضافة المحاضرات وورش العمل افتراضيًا لمدةٍ أطول، مما جعلهم يحصلون على خبرةٍ أكبر وفرصةٍ لتطوير فهم مواد التعلم الناقد. وسمحت جلسات محاكاة اجتماعات مجالس الإدارة بالتفاعل مع المتأهلين للتصفيّات النهائية طوال عدة أسابيع، وهو ما لم يكن ليحدث على أرض الواقع خلال فعاليات اليوم الواحد. كما أنها سمحت بمشاركة مستثمرين وخبراء من الخارج، وهو ما لم يكن مُتاحًا دائمًا عندما كان الحدث يُقام فعليًا في دبي.

بالإضافة إلى ذلك، فإنها من المحتمل أن تسمح في المستقبل بزيادة المُدخلات ومشاركة المشروعات الناشئة، حتى على مستوى المتأهلين للتصفيّات نصف النهائية، بتكلفةٍ إضافيةٍ أقل. أما من جانب المنظمين، فإن الجلسات سمحت بتسريع المحتوى الرقمي، وهو ما كنّا نخطّط له لبعض الوقت قبل أن يتحول إلى واقع أخيرًا.

على الجانب الآخر، فرض الإصدار الافتراضي بعض التحديّات التي سيتم حلّها. رغم أن عالم كوفيد-19 الجديد سلّط الكثير من الضوء على أهمية التحوّل الرقمي، إلا أن بعض القطاعات ما زالت تفضل التفاعلات الشخصية. وهي قطاعات لا يمكن تجاهلها وما زالت تأمل في أن تسير الأمور على نفس نهجها القديم. على سبيل المثال، لم يشارك بعض الخبراء والمستثمرين في هذا الإصدار بحجّة أنه لا يوفّر فرص التواصل نفسها التي كانت توفّرها الإصدارات السابقة. إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية تصميم البرامج، فإن تعزيز المحتوى بالقدر الكافي من المعلومات والوقت يحتاج إلى المزيد من العمل.

أخيرًا وليس بآخر، فإن هذا الأمر يخلق المزيد من التنافس، خاصةً للمسرّعات المحلية والإقليمية الأصغر. وفيما تأخذ المسرّعات مسارًا افتراضيًا، فإن التنافس يزداد قوة لأنه خرج من مساره المحلي إلى مسارٍ عالمي. يحتاج مصممو البرامج ومديروها إلى مقارنة قيمتهم الحالية مع مسرّعاتٍ عالميةٍ بالخارج وضرورة خلق قيمةٍ فريدة لكل المشاركين.

لقد أصبح الوصول إلى المستثمرين والخبراء بالخارج أمرًا ضروريًا وليس محض خيار. علاوة على ذلك، فإن المفاضلة في شكل الفعاليات الرقمية وتصميمها عامل نجاحٍ مهم. وهذا بالذات ما دفعنا إلى التخطيط لفعاليةٍ نهائية تُعقد في أغسطس 2020 تأخذ شكل معرضٍ وتوفّر تجربة تفاعلية أقرب ما تكون إلى الواقع.

في ضوء الوضع الطبيعي المُستجد، فإن السؤال الأساسي يدور حول مستقبل المسرّعات. أرى أن هذه الجائحة وفّرت فرصة لتعظيم التأثير والامتداد بجانب تحسين الاستدامة المالية لبرامج المسرّعات التي تعاني نماذج أعمالها من اهتزازٍ حقيقي مع اعتمادها على عقود الرعاية أو المنح فقط. ولكن، لن يكون الوضع هكذا مع تطور المحتوى الرقمي. فالعنصر المادي والبشري لا غنى عنهما لنجاح تلك البرامج، ولكن يجب أن تمتزج التجربة بخليطٍ بشري رقمي. يجب أن يتوازن المستقبل ما بين العنصر الرقمي الذي يوفّر تعلمًا أعمق وأكثر ذاتية والتفاعل المادي في بعض الموضوعات بجانب فرص التواصل. أدركت متأخرًا أن المسرّعات، بما فيها مسرّع C3، لن تعود إلى التصميم التقليدي القديم بعد التأقلم على الفضاء الرقمي الجديد. وفي النهاية، في كل تحدٍ فرصة بالتأكيد.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.