عربي

6 نصائح من مسرّعات نموّ ذاقت طعم الفشل

English

6 نصائح من مسرّعات نموّ ذاقت طعم الفشل

مضت أربعة أعوامٍ على إطلاق أوّل مسرّعة نموّ في العالم العربي. وبات اليوم لكلّ بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسرّعة نمو واحدة تقريباً، كما أنّ بعض هذه المسرعات اكتسب مصداقيةً عالمية (اطّلع على هذه القائمة التي حضّرناها). ولكن، من المحتّم أن تختفي بعض المسرّعات المتميّزة على مدى هذه السنوات الأربعة.

إنّ مسرعة النموّ شبيهة بأيّ شركة ناشئة؛ يعتمد نجاحها على التوقيت والمنافسة وحسن إدارة الفريق وتوفر التمويل وتدفق النقد، بالإضافة إلى أمور أخرى. في بعض الأحيان، وعلى الرغم من تقديم هذه المسرّعات لخدمات رائعة، تبوء جهودها بالفشل. وهذا بالضبط ما حصل مع "سيكونس" Seeqnce و"ميدان" Meydan و"تحرير2" Tahrir2.

لقد تسنّى لنا أن نجلس مع بعض مؤسسي هذه المسرّعات أو شركائها المؤسسين لنفهم ما حدث بالضبط وكيف يمكن أن تساعد تجاربهم على بناء برامج تسريع نموّ أفضل في المنطقة.

برنامج "سيكونس" لتسريع النمو 2012، تجربة لبنانية

 

تمّ إطلاق مسرّعة النموّ هذه في بيروت في العام 2011، وتميّزت إذ تشارك خمسة أصدقاء في تأسيسها وتمويلها وإدارتها بدوامٍ كامل. كان الفريق كبيراً لكنّ المؤسس المشارك فادي بزري يعترف بأنه "ما كان يمكن أن نقوم بذلك بعددٍ أقلّ."

قام الفريق بحملة مكثفة (وطويلة جداً) لمدة ثلاثة أشهر للبحث عن روّاد أعمال في مرحلة طرح الأفكار، وقد تبعت الحملة عملية اختيار طويلة أيضاً. وقال بزري: "لم يكن أمامنا أيّ خيار، وكنّا لنقصّر الفترة للجولة الثانية." ثمّ قام الأصدقاء بفتح وتجهيز فسحة مصممة بشكل جيّد في شارع الحمراء.

مع انطلاق العمل، سرعان ما بنت مسرّعة النمو هذه سمعةً جيدة لنفسها لكونها تعمل بجهد كبير، حتى بالنسبة إلى مسرعة نموّ، إذ كان روّاد الأعمال يبقون في المكتب حتى ساعات متأخرة من الليل. ويقول بزري: "كان علينا النجاح، لأنها كانت المرة الأولى، وكان علينا [مسرعة النمو والشركات الناشئة المشاركة] جمع المال." كانت "سيكونس" Seeqnce قد استثمرت 76 ألف دولار أميركي (النصف الأول نقداً والنصف الثاني على شكل خدمات) في كلّ من الشركات الناشئة. 

وعلى الرغم من أنّ الفريق كان راضياً عن نتائج الدورة الأولى والوحيدة – لم تنجح سوى ثلاث شركات ناشئة من أصل ثمانية ("اتعرّف" Et3arraf و"بريسيللا" Presella و"اي طب" Etobb) فقرّروا وقف البرنامج. ويقول بزري: "جرت بعض الاختلافات بين أعضاء الإدارة، ما دفع بنا إلى الذهاب في طرقٍ مختلفة." لكنّ بزري يتّفق مع واحد على الأقل من شركاه على أنه لو تابع الفريق العمل، لتمكّن من جمع المال بدون أيّ مشكلة ومن جذب المزيد من المواهب.

على الرغم من توقيف "سيكوينس" لبرامجها الغير رقمية، فهي لا تزال تقود بعض المبادرات الريادية منها برنامج تسريع نمو الكتروني، كما وتقدم الاستشارات لشركات وحكومات حول الاستثمار المبكر.

"تحرير2": الحلم المصري بعد الثورة

انطلاقاً من إيمان قوي بأنّ الاقتصاد يجب ألا يكون مركزياً وأنّ لرجال الأعمال دوراً حاسماً في بناء الاقتصاد في مرحلة ما بعد الثورة في مصر، قام كلّ من سامر الصحن، المدير التنفيذي السابق لـ"إي سبايس،" eSpace ومحمد جودت، الذي كان آنذاك نائب رئيس "جوجل" في وسط أوروبا وشرقها والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بتأسيس وتمويل "تحرير2" في الإسكندرية في أبريل/نيسان 2011. 

كانت أبواب مسرعة النموّ مفتوحة أمام رواد الأعمال في مرحلة طرح الأفكار "الذين يواجهون صعوبات،" أي الخريجين الشباب والنساء، على حدّ قول الصحن. تمّ تحديد فترة تسريع النموّ بالأساس بستة أشهر، لكنّها تحوّلت لاحقاً إلى دورة تمتد على سنة بعدما تبيّن أنّ الشركات الناشئة تحتاج إلى المزيد من الوقت. استثمر البرنامج ما بين 90 ألف و140 ألف دولار أميركي في كل شركة ناشئة، وقد تمّ توزيع التمويل على أربع مراحل (اقرأ كيف تمّ ذلك في اللمحة التي حضّرناها عن الشركة).

ما زالت أربع من الشركات الناشئة السبعة التي استثمرت فيها مسرّعة النموّ تعمل. لكنّ ذلك لم يكن كافياً لتجمع المال لنفسها. ويقول الصحن إنه في العام 2013، كانت مصر مشلولة بفعل الأوضاع الاقتصادية والقضايا الاجتماعية، وكان المستثمرون التأسيسيون يشككون في مشاريع مجال التكنولوجيا نظراً لحداثتها وأرادوا تأمين عائداً على الاستثمار، ولم تتمكن مسرّعة النمو إثبات ذلك. لذلك قام الشريكان بتعليق البرنامج وتابعا في إدارة شركاتهما الأخرى. لكنّ الصحن واثق من أنهما سيتمكنان من إعادة فتح البرنامج متى تصبح البيئة ملائمة أكثر.

"ميدان،" الشركة الأردنية الرائدة

في مايو/أيار 2010، أطلق رائد الأعمال المخضرم ماهر قدورة هذه الشركة التي قدمت برنامج تسريع مدّته 100 يوم ومبلغ 10 آلاف دينار لنقل كل شركة ناشئة من مرحلة الفكرة إلى إصدار منتج الحد الأدنى.

ولكن، بعد مرور 18 شهراً، انخفض عدد مقدّمي الطلبات كثيراً، ما اضطرّهم إلى إيقاف البرنامج. ولهذت الانخفاض تفسيرات عدة وأهمها ربما أنّ السوق لم تكن بعد ناضجة بما يكفي. ويشرح قدورة بدون أيّ شعور بالأسف: "جاءت "أوايسس500" Oasis500 واجتذبت المرشحين الباقين جميعهم." وأضاف أنّه كان من الممكن أن تساعد حملة تواصل جيدة مسرعة النموّ لكنّ هذه الأخيرة ما كانت تمتلك الأموال أو الموظفين اللازمين لاطلاق البرنامج.

كانت مسرعة النمو قد واجهت أيضاً صعوبة في إثبات مفهومها وتحقيق سجلّ جيّد نظراً لقلة الحوافز لدى رواد الأعمال وغياب التواصل مع المستثمرين، ما لم يُسفر عن شركات ناشئة ناجحة.

على الرغم من كلّ شيء، استخلص مؤسسو هذه البرامج بعض الدروس من تجاربهم. وإليكم النصائح التي قدّموها:

1) تحقيق التوازن بين تقديم المساعدة والدفع قدماً

في البداية، كانت شركات "سيكونس" الناشئة تقضي ساعتيْن في الأسبوع مع كلّ من المرشدين الاثنين الخاصيْن بها، ولكن، سرعان ما انتهى الأمر بأن راح المؤسسون يمضون وقتهم كله في مساعدة الشركات الناشئة. ويقول بزري: "كان ذلك مفيداً، لكننا لاحظنا عندئذ أن هذه الشركات تتقدم بخطوات بطيئة جداً. إذا كان أداء الشركة الناشئة ضعيفاً، عليك ألا تستثمر المزيد من الوقت فيها." ويتابع بزري القول: "عليك أن تجد التوازن الصحيح. اقضِ بعض الوقت معها ولكن، لا تمسكها بيدها لترشدها."

وواجه الصحن من "تحرير2" مشكلةً مشابهةً، فقال: "وجدنا أنفسنا نساعد عن غير قصد الشركات الناشئة التي استثمرنا فيها. ولكن، عليك أن تحرص على أنها قادرة على النمو من تلقاء نفسها. إما فكر في استثمار المزيد من الوقت أو المال، أو أوقف المساعدة بالكامل."

2) التواصل مع المجتمع

قد تكون "سيكونس" قد أمضت الكثير من الوقت وهي تقوم بالتوعية، لكنّ ذلك قد جذب إليها مرشحين عظيمين طوروا عدة مشاريع مذهلة.

في المقابل، نتج هلاك "ميدان" في الغالب بسبب نقص التوعية، بحسب ما يعتقد قدورة: "لن تحصل على ما يكفي من الصفقات إذا لم تسوّق البرنامج." أمّا النصيحة التي يقدّمها، فهي:ابدأ ببناء علاقات مع الشركاء منذ اليوم الأول.

يؤمن الصحن بأنّ الطريقة الوحيدة للحصول على مرشحين رائعين هو بأن تكون الشركة جزءاً من المجتمع. وينصح الصحن: قبل الاستثمار، قمْ ببناء مجتمعك وقم بالتحدّث في فعاليات "تد" TEDtalks مثلاً وغيرها.

3) العمل على الاختيار

تكون الشركة الناشئة في مرحلة الفكرة مجرد فريق، لذا عليك بالتنبه إلى الفِرَق أولاً ويتّفق رواد الأعمال الأربعة على ذلك.

في العام 2011، كان بناء فريق في لبنان يشكّل تحدياً كبيراً، لذا قرّرت "سيكونس" دمج بناء الفريق في عملياتها من أجل الحصول على فرق تعمل معاً بشكل جيد وتتمتع بالمهارات اللازمة جميعها (من تطوير وتصميم وأعمال). لذا جمعوا المرشحين عدة مرات للقيام بهاكاثونات صغيرة mini hackathons، بإعطاء المجموعات المختلفة ثلاث ساعات للعمل على المشروع. بهذه الطريقة، حظي المرشحون بفرصة تحديد قدرة بعضهم البعض الآخر واختيار الأشخاص الذين يعملون معهم بالشكل الأفضل. ويقول رائد الأعمال: "في ذلك الوقت، لا أعتقد أنّه كان بإمكاننا اتباع أي طريقة أخرى."

لم تتبع "ميدان" عملية اختيار مماثلة، لكنّ قدورة يؤمن بشدة بأنّ المرور بمرحلة تثبت أنّ للمرشحين قدرات محتملة أمر أساسي.

وبالنسبة إلى الصحن، فإنّ اختيار فريق في مرحلة الفكرة مسألة حدسٍ قبل أي شيء آخر: "لا تحاول أن تدخل عامل التفكير في المسألة، لأنّ هذه المرحلة مبكرة جداً. قمْ بالاستثمار إذا كان رائد الأعمال يروق لك."

4) إيلاء الاهتمام للفرق

يقول بزري: "بعد شهرين في بيئة شديدة الصعوبة، قد تقع الشجارات، وهذا أمر طبيعي." وأضاف: "لكنّ ثمة نوع جيد [من الشجارات] التي تحصل عندما يريد أعضاء الفريق جميعهم تحقيق نتائج جيدة، ونوع آخر سيء يحصل عندما يقوم أحد الأعضاء بالعمل أكثر من الباقين."

إنّ قضاء أربعة أشهر في مسرعة نموّ اختبار جيد للفرق لأنها تمرّ بالكثير من التجارب وتستطيع تحديد المشاكل التي قد تتسبّب بأزمات في وقت لاحق والتي يمكن أن تحدث لاحقاً المزيد من الضرر. ويقول بزري: "تحتاج الفرق إلى تحديد العلاقة التي تربط أعضائها: فهل الأعضاء يسعون للبقاء معاً لشراكة طويلة الأمد أم من أجل مشروع جانبي، وماذا يتوقعون منه؟ ما من مشكلة إذا قرّر أحد الأشخاص المغادرة." وبحسب قوله، يلعب فريق مسرعة النمو دوراً هاماً، ألا وهو دور الوسيط. 

5) إشراك المستثمرين

يتّفق المديرون الأربع على أنه من الصعب على الشركات الناشئة جمع المال، لذلك تحتاج مسرعات النمو إلى إشراك المستثمرين منذ اليوم الأول. بالنسبة إلى قدورة، يحتاج المرء إلى إبرام صفقات تمويل مع الشركاء منذ البداية؛ ويجد المعوشي من "سيكونس" أنّه يجب إطلاع المستثمرين على حالة الشركات الناشئة، فعندما تبحث هذه الأخيرة عن المال، يكون المستثمرون على علم بذلك ويثقون بها. ويجد أنّ التحدي يكمن في عدم إطلاعهم على الشاردة والواردة لكي لا يملّوا من المستجدات.

ويجد بزري أنّه ثمة تحدٍّ آخر يكمن في أنّ المستثمرين التأسيسيين لا يعرفون عن وجود الشركات الناشئة: "ينبغي القيام بأمور من الجانب الاستثماري لجعل التقدم إليهم أكثر تطوراً بقليل. وهذا أمر يتمّ تطويره مع الوقت."

6) عدم إنفاق الأموال كلها

يقول الصحن: "عليك أن تنفّذ ما تنصح رواد الأعمال به." يعترف الصحن بأنه كان يشجّع الشركات الناشئة على توخي الحذر وعدم إنفاق أموالها كلها، لكنّ "تحرير2" اقترفت هذا الخطأ بالذات وأنفقت الكثير من المال على مكتب رائع ووسائل راحة وما إلى ذلك. لكنّه يرى الآن أنه كان حريّ به أن يوفّر المال وينفقه على الاستثمار في مرحلة المتابعة أو على الاستثمار في شركات ناشئة أخرى، ما كان سيحقق عائدات من الاستثمار ويجذب المزيد من المستثمرين.

يجد الصحن أنه على الشركات الناشئة دفع الإيجار والنفقات العامة بعينها لخلق نموذج مستدام وتوفير المال.

أما نصيحته للشركات الناشئة، فهي: التأكد من أنّه ثمة ما يكفي من المال لخمس سنوات.

-

إنّ مسرعة النمو مثل أي شركة ناشئة أخرى: في تطور مستمر وعليها أن تستخلص الدروس من تجاربها. وعلى غرار الشركات الناشئة، ينبغي على مسرعات النمو مشاركة معارفها لتحقيق التقدم. 

هل سبق أن انضممت إلى مسرعة نمو؟ ما الذي أعجبك؟ ما الذي فشل؟ شاركنا تجربتك أدناه.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.