عربي

للحفاظ على المواهب، أمّن الإرشاد قبل الراتب

English

للحفاظ على المواهب، أمّن الإرشاد قبل الراتب

(تحديث: أطلقت "ابتكار" لعبة "هكسا" للأحجية لتتضمن عشرات آلاف الأسئلة). 

في بلد مثل السعودية، حيث متوسط تنزيل التطبيقات على كلّ هاتف محمول يبلغ 28 تطبيقًا، يبدو الطلب على هذه التطبيقات أعلى من العرض على تطويرها.

لا تزال الكثير من الشركات السعودية التي تعمل في مجال تطوير تطبيقات المحمول تُعاني من نقص في المواهب التي تحتاج إليها من مُطورين وغيرهم. وسبق أن كان لـ ومضة حديث مسبق مع مطوريْ ألعاب من المملكة هما عبدالله كونش وعبد الله حامد، عن تحديات هذا القطاع بشكل عام وتلخّصت مشاكله بعدم وجود مطورين ناضحين، نقص الجودة العالية في التصميم، وتوجّه المطورين الجيدين النادرين إلى الشركات الكبرى.

وتمثّلت إحدى الحلول التي اقترحاها بضرورة وجود مساحات عمل مشتركة تشجّع على الابتكار وتدعم المطورين بالأدوات اللازمة.

الدور المسؤول للشركات

ماجد الثقفي، مؤسّس شركة "ابتكار" المتخصصة في تطوير تطبيقات المحمول في السعودية، يؤمن بأنّ للشركة مسؤولية تجاه المجتمع، تدعو إلى تدريب الخريجين والطلاب والموظفين وتأهيلهم لسوق العمل ومتطلّباته.

الثقفي، الذي رُشّح لجائزة رواد الأعمال لـ "إرنست ويونغ" Ernst & Young، شاركنا تجربته في هذا المجال وكيف يسعى إلى حلّ مشكلة نقص المهارات التقنية في السعودية.

المؤسّس ماجد الثقفي (الصورة من تويتر)

خلال حديث مع ومضة، أطلعنا محبّ لعبة "البلوت" الإلكترونية، كيف طبّق سياسة التعاقد مع بعض الجامعات في شركته، مثل جامعة الملك عبد العزيز في السعودية، وجامعتين في الإسكندرية في مصر لتدريب طلاب هندسة الكمبيوتر خلال العطلة الصيفية وجعلهم يعملون على مشاريع خاصة بالشركة مع مطورين قدامى، بحسب قوله.

ثمّ قام بتوظيف من استوفى المهارات المُناسبة من بين هؤلاء المُتدربين، فور انتهائهم من سنوات الدراسة.

"نادرًا ما تجد المواهب المطلوبة المؤهلة بطريقة كافية، على الرغم من وجود جامعات قوية إلا أنّ المناهج قديمة ومتأخرة ولا تواكب عصر التقنية المتطور".

ولا تكتفِ الشركة بتدريب الخريجين وتوظفيهم فحسب، بل تستثمر أيضًا بطاقم عملها القائم. أطلقت "ابتكار" برامج داخلية للتدريب بهدف رفع كفاءة موظفيها وتخريج المطوّرين. وتعتمد الشركة أيضًا سياسة توظيفية خاصّة بها.

التفاني أساس الجودة

"توقفنا تمامًا عن التوظيف بنظام الدوام الجزئي في العام ٢٠١١، ونظنّ أننا نحصل بذلك على ثقافة الانتماء لدى موظفينا، ونحافظ على جودة مُنتجاتنا". للشركة حاليًّا ٧٠ موظفًا، يعمل ١٥ إلى٢٠ منهم في مجال تطوير الألعاب، والباقون في تطبيقات الهواتف الأخرى.

يعود سبب تشديد الثقفي على التدريب والإرشاد قبل التوظيف إلى تجربة خاصّة مرّ بها عام 2010 حين أسّس شركته في جدّة بالشراكة مع ثلاثة من شُركائه المُؤسسين. لم يكُن المؤسّسون الأربعة في ذلك الوقت يمتلكون الخبرة الكافية في مجال تطوير التطبيقات، كما لم تكن لديهم الموارد المالية الكبيرة التي تكفل لهم إمكانية توظيف فريق مُتكامل من المُبرمجين والمطورين. لذلك، استعانوا بداية باثنين من المُبرمجين المُتخصصين من مصر واليمن ووظّفوهم بدوام كامل على أن يتم التعامل بينهم وإتمام العمل عبر الإنترنت.

الفريق: التفاني في العمل (الصورة من ابتكار)

توسّعت "ابتكار" سريعًا على مدار الأعوام التالية لتأسيسها، وتُدير الشركة اليوم أعمالها عبر مقرّات في جدة والإسكندرية.

الآن، وبعد مرور خمس سنوات تقريبًا على تأسيسها، تعاملت الشركة مع 30 عميل من بينهم شركات كُبرى في السعودية والمنطقة تضمّ صحيفة "سبق"، "إندومي"، وعدّة جهات حكومية سعودية مثل وزارة الداخلية السعودية.

كانت لُعبة "آي بالوت" الشهيرة في دول الخليج أولى مشاريع الشركة، وأوّل ما أطلقته "ابتكار" من تطبيقات في شهر حزيران/يونيو من العام ٢٠١١. وقد استهدفت اللعبة سوقًا جديدة للتطبيقات في حينها، وهي فئة تطبيقات ألعاب الورق. نجحت اللعبة المتوفرة حاليًا على جميع منصات الهواتف المحمولة في تحقيق ما يزيد عن ٣ ملايين تحميل حتى اليوم، بحسب قول الثقفي، وتُلعب ٢,٥ مليون مرة في اليوم الواحد بعد أن قامت الشركة بتطويرها عدة مرات، وأضافت إليها إمكانية اللعب الجماعي عبر الإنترنت.

وكانت اللعبة قد فازت بجائزة مُسابقة شركة "موبايلي" السعودية عام 2011 عن أفضل تصميم لتطبيق للهواتف المحمولة وحازت الشركة على جائزة قدرها 30 ألف دولار أميركي. تندرج اللعبة، والتي نجحت مؤخرًا في تغطية تكلفة تطويرها والبدء في تحقيق الأرباح، تحت فئة الألعاب المجانية التي تضمّ بعض الخواص الإضافية المدفوعة.

تعدّدت التحديات والحلّ؟

يرى الثقفي أن أبرز التحديات التي يواجهها مُطورو التطبيقات في المنطقة هي نقص المواهب، وخبرة التعامل مع العُملاء، وصعوبة جني الأرباح من التطبيقات وتغطية النفقات، بالتتالي.

تكمن المُشكلة الثانية التي تواجه المُطورين العرب في العميل نفسه، ويرى المؤسّس أنّ الكثير من العُملاء قد لا يتفهمون المميزات والخواص الخاصة بتطبيقات الهواتف المحمولة، ويقول في هذا الصدد: "معظم العملاء يُفكرون فقط في مواقع الإنترنت والتطبيقات القائمة على الإنترنت، وقد كان هدفنا تفسير مزايا بيئة المحمول التفاعلية لهؤلاء العملاء".

ويتوجب على المُطورين العرب، وفقا لـ الثقفي، توجيه عُملائهم الى مزايا التقنيات الجديدة التي يُمكنهم أن يُقدموها إليهم، فالأمر لم يعد يقتصر على التطبيق فقط، ولكن أصبحت هناك ضرورة الى وجود تفاعل داخل التطبيق من خلال استغلال مزايا الهواتف الحديثة مثل تحديد المكان وغيرها.

تُعدّ مُشكلة الموارد المالية وتحقيق الأرباح عقبة مُشتركة تواجه الشركات الناشئة في كافة المجالات والتخصصات. "نحتاج إلى الموارد لشراء المنهجيات، الأجهزة، التدريب، وشراء التراخيص للتطبيقات وغيرها، وكذلك للحصول على سرعة اتصال بالانترنت مناسبة".

وتُعاني شركات تطوير التطبيقات بشكل خاصّ من نقص التمويل نظرًَا لضعف الدعم المُقدم من البرامج الحكومية، كما أن المُستثمرين، على الرغم من عددهم الكبير، هم دائما ما يتطلّعون إلى الإستثمارات في القطاعات التقليدية ولا يُريدون المخاطرة. للتغلب على ذلك، اعتمدت "ابتكار" على أموال مؤسسيها الشخصية، اتجهت تدريجيًّا الى تصميم وتطوير التطبيقات لجهات خارجية بهدف الحصول على عائدات تموّل إطلاق تطبيقاتها الخاصة.

وأخيرًا ختم الثقفي حديثه مشددًا على أنّ الجودة ضرورة لبناء سُمعة جيدة تساعد الشركة على النمو.

سألتُ المؤسّس أخيرًا عن المُمارسات التي اتبعها في "إبتكار" ليضمن الجودة في التطبيقات، فأجابني بأنّ لديهم حاليًّا ١٥ متخصّص جودة، يغطّون جميع المنصات، ويعملون فقط على تجربة جميع جوانب التطبيقات التي ننتجها الشركة، وقد حصلوا على دورات في اختبار التطبيقات. "التفرغ التام للمشروع والعمل أمر أساسي في الحفاظ على الجودة".

لعلّ هذه النصيحة تطبّق على الشركات التي بدأت تكبر، لكن لمن لا يزال في بداية الطريق، يمكنه إطلاق التطبيق بنسخة تجريبية لعدد معيّن من المجربين وتلقي ردود الفعل منهم وتحسين التطبيق بناءً على ذلك، وهذا ما يسمى بالـ Beta testing.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.