عربي

كيف نُشجِّع مزيداً من النساء على خوض غمار ريادة الأعمال؟

English

كيف نُشجِّع مزيداً من النساء على خوض غمار ريادة الأعمال؟
Image courtesy of Womenpreneur

قبل تفشي مرض كوفيد-19، قامت سناء أفوايز – مؤسِّسة منظمة Womenpreneur التي أُنشئت لدعم رائدات الأعمال – بجولة في ثلاثة بلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للوقوف على التحديات التي تواجهها النساء اللاتي يؤسسن الشركات في المنطقة. وفي هذا المقال، تُلخص سناء الخطوات اللازمة للتغلب على هذه التحديات.

إذا أردنا أن نجمع بين عبارة "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" وعبارة "الشركات الناشئة التي تقودها نساء" في جملة واحدة، فربما لا يتوقع معظمنا أن تكون الجملة على النحو الآتي: من بين كل ثلاث شركات ناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا توجد شركة أسستها أو تقودها امرأة، وتلك نسبة أكبر بكثير من النسبة الموجودة في وادي السيليكون. وتتراوح نسبة النساء ضمن خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في البلدان العربية بين 34 و57%، وهي نسبة أكبر بكثير من نسبتهن في جامعات أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد دفعنا ذلك إلى أن نسأل أنفسنا: كيف، رغم هذه الأعداد، لا تزال نسبة القوى العاملة النسائية في 13 من أصل 15 بلداً عربياً من ضمن أدنى النسب في العالم؟

والإجابة عن هذا السؤال ليست بالإجابة القصيرة ولا البسيطة. ولكن يمكن القول إن الأرقام المذكورة تكشف النِّقاب عن إمكانات مذهلة غير مُستغلة في المنطقة. ولهذا السبب، تضافرت جهود مبادرة Womenpreneur وأكاديمية سند لريادة الأعمال من أجل النهوض بريادة الأعمال التقنية النسائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكان الهدف من حملة التمكين غير المسبوقة هذه هو تسليط الضوء على النساء العاملات في مجالات التكنولوجيا والابتكار وريادة الأعمال، وتوفير منصات لتقييم الوضع الحالي للبيئة الحاضنة التكنولوجية في ثلاث بلدان، هي المغرب وتونس والأردن.

وخلال جولة Womenpreneur، أجرينا مقابلات مع رائدات أعمال في القطاع التكنولوجي من خلفيات متنوعة. وتحدثن معنا عمّا دفعهن إلى تأسيس أعمالهن التجارية، وعن كل عقبة واجهنها في رحلتهم. فهل تعلمون أن 71% من النساء التونسيات بدأن مشاريعهن بدون أي موارد وبلا أي دعم على الإطلاق؟ وهل تعلمون أن نسبة رائدات الأعمال في المغرب تبلغ 10% فقط على الرغم من أنهن يمثلن نصف سكان المغرب؟ وهل تعلمون أن 6% فقط من رائدات الأعمال في الأردن يحققن إيرادات تتجاوز 100 ألف دولار؟

العقلية عائق كبير في طريق رائدات الأعمال في المنطقة

يشير معظم رائدات الأعمال إلى أن العقلية وطريقة التفكير هي العائق الرئيسي الذي يحول دون تمتُّع المرأة بالمساواة في دخول سوق العمل أو الحصول على فرص الترقية. فلا تزال القيم التقليدية تضرب بجذورها في البلدان العربية، ويتجلى ذلك في عمليات التوظيف على سبيل المثال، إذ لا تزال النساء يُسألن عن حالتهن الزوجية، ويَكُنَّ الخيار الثاني في حالة وجود منافس من الرجال. كما أن الأعباء الأسرية الكبيرة عائق رئيسي آخر من عوائق تقدُّم المرأة في حياتها المهنية. وتمتد أيضاً هذه العقلية التقليدية إلى عملية البحث عن الاستثمارات. فمن المرجح أن يرتاب المستثمرون في قدرة الشركات التي تقودها النساء على تحقيق أرباح، وذلك بسبب الافتقار إلى تجارب مُماثلة سابقة في المنطقة.

كيف يمكن إزالة هذه العوائق؟

يرى كثيرون أن تلك العقلية تتغير ببطء. على سبيل المثال، أصدر الأردن في الآونة الأخيرة قانون عمل جديداً ينص على المساواة في التزامات الرعاية النهارية للأطفال بين الآباء والأمهات في مكان العمل. وهذا إنجاز عظيم، لكن التغييرات الحقيقية تستغرق وقتاً طويلاً حتى تتحقق. وخلال جولتنا في هذه البلدان، أجرينا أيضاً مقابلات مع العديد من الخبراء في مجالات شتّى، وأطلعونا على توصياتهم لجعل البيئة الحاضنة التكنولوجية أكثر انفتاحاً أمام النساء وأكثر إنصافاً لهن. واتفق معظم الخبراء على ضرورة تحديد حصص للجنسين في الإدارة العامة لضمان مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية على المستوى السياسي وكذلك في مجالس إدارة شركات القطاع الخاص لتعزيز وصولهن إلى مناصب إدارية عليا. وينبغي إعادة النظر في عمليات التوظيف من منظور قانوني أيضاً من أجل منع التمييز ضد المرأة على أساس الحالة الزوجية والأسرية. ومن ناحية أخرى، حثّ كثيرون على ضرورة تحطيم ذلك الحاجز الوهميّ الذي يمنع المرأة من التَّرقي الوظيفيّ للمناصب العُليا، إضافةً إلى كسر القوالب النمطية والأدوار المنوطة بالجنسين التي دأبت منذ القدم على اعتبار دراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية أنسب للنساء، وعلى تصوير الرجال على أنهم أقدر على دراسة الفيزياء والرياضيات والتكنولوجيا.

وقُدِّمت توصيات أخرى تتعلق بالمجال المالي، حيث أشار بعض خبرائنا إلى ضرورة إضفاء الطابع الديمقراطي على عمليات ومتطلبات فتح حساب مصرفي للشركات، فذلك من شأنه أن يُسهِّل حصول النساء بسرعة على الأموال اللازمة لبدء أنشطتهن وإثبات المدفوعات المسجلة والتاريخ الائتماني. وبذلك تكتسب رائدات الأعمال في القطاع التكنولوجي مصداقية مالية، ويتمتعن بقدرة أكبر على الحصول على مزيد من التمويل. كما أن إنشاء صناديق مُوجَّهة إلى النساء أو قاصرة عليهن لتمويل الشركات الناشئة في جميع مراحلها، في شكل مِنَح حكومية أو استثمارات رأسمالية، من شأنه أن يُيسِّر حصول النساء على التمويل وأن يجعل عملية البحث عن الاستثمارات قائمةً على الجدارة ومهارات إدارة الأعمال وليست رحلةً محفوفةً بمخاطر التمييز بين الجنسين.

ماذا بعد؟

بعد النجاح الكبير الذي حققته جولتنا، سنبدأ في جولة ثانية لاستكشاف ثلاثة بلدان جديدة، هي الجزائر ومصر ولبنان. إلا أن هدفنا هذه المرة، في ظل أزمة كوفيد-19 الحالية، هو أن نعرف كيف تؤثر هذه الجائحة على حياة رائدات الأعمال في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكيف تتعامل المواهب النسائية مع هذا الوضع الصعب وكيف يأتين بحلول له.

إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن جميع مَنْ التقينا بهن من رائدات الأعمال الملهمات في القطاع التكنولوجي، فشاهد فيلمنا الوثائقي.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.