عربي

الاتفاقيات الإبراهيمية وتأثيرها على مجتمع الشركات الناشئة لفلسطينيي 48

English

الاتفاقيات الإبراهيمية وتأثيرها على مجتمع الشركات الناشئة لفلسطينيي 48
مدينة يافا

"تاريخية" و"غير مسبوقة" و"بالغة الأهمية" – هكذا وصفت وسائل الإعلام العالمية الاتفاقيات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة التي وُقِّعت في أيلول/سبتمبر 2020. وسرعان ما سارت البحرين والمغرب والسودان على نهج الإمارات العربية المتحدة في الاعتراف بإسرائيل، لكنّ آخرين، وخاصة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، كانوا أقل دعمًا للاتفاقيات، ورأوا أنها تؤثر سلباً على قضيتهم المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية.

وبعيداً عن الجانب السياسي، كان الاتفاق يهدف إلى تطبيع العلاقات التجارية وإتاحة فرص استثمارية جديدة لكل من الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

وكان الفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل منذ حرب 1948 من بين الأشخاص الذين لديهم وجهة نظر أكثر تفصيلاً بشأن الشراكة التجارية. ويضم هذا المجتمع، الذي غالبًا ما يتجاهله العالم الخارجي، حوالي مليوني مواطن فلسطيني يعيشون في إسرائيل، وهو ما يمثل 22% من سكان البلد. ويُشار إليهم أحيانًا باسم الإسرائيليين الفلسطينيين، والإسرائيليين العرب، وفلسطينيي 48، وهم الفلسطينيون الذين ظلوا داخل حدود إسرائيل بعد حرب 1948 في مختلف المدن والبلدات والقرى العربية، مثل حيفا ويافا والناصرة وعكا وغيرها.

وعلى الرغم من أن مستوى معيشة فلسطينيي 48 أقل بكثير من مستوى معيشة السكان اليهود في إسرائيل، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء، فإنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية وجوازات سفر إسرائيلية، مما يمنحهم حريات أكثر من الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس وغزة والضفة الغربية، كما يوفر لهم فرص عمل أفضل ورواتب وأجور أعلى وحرية أكبر في التنقل – وهي الحريات التي كانت موضع خلاف واستياء بين مختلف قطاعات السكان. 

ويرى بعضُ فلسطينيي 48، إن لم يكن معظمهم، أن الاتفاقيات الإبراهيمية أتاحت إمكانية الوصول إلى عدد أكبر من الاقتصادات العربية والتعامل معها بعد أن كانت محظورة عليهم حتى ذلك الحين. وكان على رأسهم مجتمع الشركات الناشئة التكنولوجية لفلسطينيي 48، الذين كانوا يأملون في الاستفادة من القدرة الاستثمارية في دول الخليج وتكوين شراكات لتنمية أعمالهم التجارية.

ولكن بعد مرور عام على الاتفاق، لم يتحقق شيء يُذكر لإشراك البيئة الحاضنة لشركات فلسطينيي 48 الناشئة، بل غالبًا ما توجه الاهتمام الرسمي لدولة الإمارات إلى الشركات الناشئة الإسرائيلية.

انقسام تل أبيب

تعد البيئة الحاضنة للشركات الناشئة في إسرائيل من أكثر البيئات الحاضنة تقدماً في العالم، وبها أكبر عدد للشركات الناشئة مقارنةً بعدد السكان (شركة ناشئة واحدة لكل 154 من السكان). وارتفع الاستثمار في الشركات الناشئة الإسرائيلية بنسبة 25% العام الماضي ليصل إلى 6.8 مليار دولار، مما ضاعف عدد الشركات المليارية في تل أبيب فبلغ 20 شركة. وفي الربع الأول من عام 2021، استُثمِر ما يقرب من 5.4 مليار دولار عبر 172 صفقة، وفقًا لمركز بحوث ICV.

ولكن على الرغم من أن الشركات الناشئة لفلسطينيي 48 لا تقل نجاحاً عن الشركات الناشئة الإسرائيلية، فقد ظلت خارج البيئة الحاضنة الإسرائيلية، معتمدةً في الغالب على شبكتها الصغيرة للحصول على الاستثمارات وأصحاب المواهب والفرص. واستُثمِر في الشركات الناشئة التي يقودها عرب أقل من 20 مليون دولار من إجمالي 6.8 مليار دولار جُمعت في عام 2020.

وذلك لأن تل أبيب تقع في قلب البيئة الحاضنة للشركات الناشئة في إسرائيل، وهي مدينة يصعب على معظم فلسطينيي 48 دخولها والانخراط في مجتمعها. ويوجد نقص في البنية التحتية لوسائل النقل التي تربط المدن والقرى العربية بالعاصمة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الفلسطينيين. ويشير الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن احتمالية توظيف اليهود الإسرائيليين تزيد على احتمالية توظيف الفلسطينيين بنسبة 33%، بسبب ضعف البنية التحتية وقلة فرص العمل في المناطق العربية، فضلاً عن انتشار التمييز الاقتصادي والاجتماعي.

يقول ربيع زيود، الشريك المؤسس لجمعية حاسوب، وهي منظمة غير حكومية تعمل على تمكين رواد الأعمال الفلسطينيين في مجال التكنولوجيا في إسرائيل: "إن البنية التحتية لوسائل النقل في إسرائيل سيئة للغاية، خاصة في المناطق العربية. حيث لا توجد محطة قطار واحدة في أي مدينة عربية، مما يجعل التنقل صعبًا للغاية. كما أنها سيئة للغاية من حيث أماكن العمل. وليست لدينا فرص للأشخاص الذين لا يريدون سوى العمل بالحد الأدنى للأجور داخل المدن والقرى العربية بسبب عدم وجود مناطق صناعية، فيضطرون للذهاب والسفر إلى المدن اليهودية. ويتطلب ذلك وسيلة مواصلات، وإجادة اللغة [العبرية]، واكتساب مهارات كثيرة، وهو ما يمثل عائقاً أمام كثير من الناس".

ويضيف شريكه المؤسس حسن أبو شعلة: "يتسبب ذلك في ضرر بالغ للإمكانات الاقتصادية للقرى العربية، وهو أمر منهجي في معظمه من حيث البنية التحتية والاستثمارات، وهو جزء من التحدي الأكبر الذي نواجهه بصفتنا أقليَّة".

الصلة العسكرية

كثير من الشركات الناشئة في البيئة الحاضنة الإسرائيلية نشأت في وحدات عسكرية خاصة تُركِّز على تطوير التكنولوجيا. ومن هذه الوحدات ظهرت شبكات الابتكار، مما أدى إلى إنشاء بيئة حاضنة قوية للشركات الناشئة والمواهب، وتواصل هذه البيئة الحاضنة تحقيق النفع للعاملين فيها.

وتُعدّ الخدمة العسكرية الوطنية إلزامية للمواطنين الإسرائيليين، ولكنها ليست إلزامية للعرب في إسرائيل الذين يختارون عدم التسجيل فيها، باستثناء بعض البدو. ولا يقتصر برنامج تدريب جيش الدفاع الإسرائيلي على القتال والمعارك، بل يدرب مجنَّديه على المهارات التكنولوجية والهندسية التي أفادت منظومة الابتكار الإسرائيلية على نطاق واسع، لا سيما في قطاع الأمن السيبراني، ولمَ لا وهو من أكثر جيوش العالم حصولاً على التمويل. ففي العام الماضي، استُثمِر 2.9 مليار دولار في الشركات الناشئة العاملة في مجال الأمن السيبراني في إسرائيل، وفي الربع الأول من عام 2021، شهد القطاع استثمار 1.5 مليار دولار في 17 صفقة.

يقول فادي سويدان، مؤسس حاضنة الناصرة للأعمال ونائب رئيس صندوق الاستثمار "تكوين" في حيفا: "تعمل معظم الشركات الناشئة في إسرائيل في مجال الأمن والشبكات لأن معظمها ينشأ في تلك الوحدات. ولا يوجد في هذا المجال رواد أعمال عرب، فشركاتنا الناشئة تعمل في مجالات التكنولوجيا الزراعية والسيارات الذاتية القيادة والتعليم والتكنولوجيا المالية والسياحة. وتُعدّ هذه الأنواع من الشركات الناشئة غريبة جداً على البيئة الحاضنة في إسرائيل، ولذلك كان من الصعب علينا الحصول على استثمارات"، وأعرب فادي عن أسفه لقلة فرص بيع الشركات الناشئة والافتقار إلى شبكات المستثمرين الملائكة في المجتمع العربي.

ومعظم المؤسسين في البيئة الحاضنة لفلسطينيي 48 من ذوي المؤهلات التعليمية العالية أو الحاصلين على الدكتوراه أو الحاصلين على براءات اختراع، وتشارك شركاتهم الناشئة مشاركة قوية في مجالات التكنولوجيا العميقة والتكنولوجيا الطبية. ويأتي ذلك في الغالب نتيجة للتعليم الممتاز المتاح لهم في مؤسسات مثل جامعة التخنيون، أو ما يعرف بمعهد إسرائيل التكنولوجي، والخبرة المهنية التي يكتسبونها في الشركات التكنولوجية الدولية، مثل جوجل ومايكروسوفت وإنفيديا، التي لديها مكاتب هندسية في تل أبيب. ويوجد نحو 6000 مهندس عربي يعملون في هذه الشركات، بالإضافة إلى مزيد من مراكز البحث والتطوير التي أُنشئت داخل البيئة الحاضنة لفلسطينيي 48. 

لكن من دون التدريب والخبرة التقنية العسكرية المقدمة لنظرائهم من الإسرائيليين اليهود، لا يحظى فلسطينيو 48 بنفس فرص الوصول إلى رؤوس الأموال والشبكات. يقول أبو شعلة: "هذه من أكبر مشكلات فلسطينيي 48، فهم نادراً ما يكونون جزءاً من هذه الدوائر والشبكات. أما رواد الأعمال اليهود فعادة ما تكون لديهم صلات أكثر وشبكة أكبر. وهذا شيء نحاول تعزيزه في حسوب لتيسير إتاحة فرص تواصل أفضل بين مجتمع فلسطينيي 48 أو بينهم وبين البيئة الحاضنة الأوسع في إسرائيل أو على الصعيد العالمي".

وقد حاولت بضع مبادرات حكومية وخاصة دمج مؤسسي الشركات الفلسطينيين في البيئة الحاضنة الإسرائيلية. فتقدم الحكومة منحاً تصل إلى 800 ألف دولار أمريكي إلى الشركات الناشئة العربية ما دام يمكن لمؤسسي هذه الشركات إثبات امتلاكهم لحقوق ملكية فكرية فريدة، ويمكنهم مضاهاة هذا الاستثمار بالتمويل الخاص. وشارك سويدان في تأسيس مسرّعة الأعمال Hybrid بهدف تدريب الشركات الناشئة التي يقودها عرب وتقديم الإرشاد لهم، ولكنها أُغلِقت الآن. ومن المثير للجدل أن "جمعية خريجي وحدة 8200" (وهي إحدى الوحدات العسكرية الإسرائيلية) فازت بمناقصة لتشغيل مسرعة الأعمال، فأثار ذلك استياء كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

وأضاف سويدان: "تكمن المشكلة الرئيسية في الثقة، لأن قطاع التكنولوجيا المتقدمة بدأ في تسعينيات القرن العشرين، ويستثمر أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية والمستثمرون الملائكة في نفس الفئة من رواد الأعمال. أما رواد الأعمال العرب، فيأتون من خلفية مختلفة، ولا يخدمون في الجيش، وحتى الآن من الصعب على المستثمرين [اليهود الإسرائيليين] منحهم الثقة والاستثمار في هذه الفئة الجديدة من رواد الأعمال [الفلسطينيين]".

ويتجه الذين يجمعون الاستثمارات في مجتمع فلسطينيي 48 إلى جذب استثمارات من الخارج. ونجح حسن عباسي، الشريك المؤسس لتطبيق هات (وهي منصة لتوصيل الطعام في حيفا)، في الحصول على 200 ألف دولار من مستثمر ملاك في تل أبيب، لكنه حصل في جولته الاستثمارية الأولية على 3.5 مليون دولار من شركات رأس مال استثماري في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، ولم يكن حصوله على استثمارات من دول مجلس التعاون الخليجي ممكناً إلا بعد الاتفاقيات الإبراهيمية.

وقال حسن عباسي: "لا يحظى العرب في إسرائيل بفرص كافية للحصول على استثمارات بسبب قيود كثيرة. وقد استغرق الأمر مني نصف عام للوصول إلى أول مستثمر، فلم يكن أحد يرغب في استثمار دولار واحد، ولكن فور وصولي إلى الحد الأدنى المناسب، استثمر أحد المستثمرين الملائكة 200 ألف دولار، بل وأوصلني إلى جميع الأشخاص المناسبين."

تمويل فلسطينيي 48

تُعدّ "تكوين" و"تواصل" وسيلتين استثماريتين تهدفان إلى تزويد فلسطينيي 48 بالاستثمارات، لسد هذه الفجوة في التمويل. واستثمرت "تكوين" حتى الآن في ثماني شركات ناشئة، وتستهدف ما يصل إلى 30 صفقة خلال السنوات الخمس المقبلة مع صندوقها الثاني.

أما تواصل، وهي مبادرة يقودها محمود كيال، فهي بمثابة حلقة وصل بين الشركات الناشئة لفلسطينيي 48 والمستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي، وتخطط للقيام بأول استثمار لها "قريباً".

وأضاف: "لدينا شركات تكنولوجية لا مثيل لها في البيئة الحاضنة بدول مجلس التعاون الخليجي، ونريد أن نمنح المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي فرصة للاستثمار. وعلى الجانب الآخر، نربط الفلسطينيين هنا ببيئة حاضنة أكبر من حيث الحجم".

وقد بدأ يظهر مزيد من هذه المبادرات، ولكن لم يحدث حتى الآن ما كان يتطلع إليه كثيرون وهو التدفق الكبير لأموال دول مجلس التعاون الخليجي.

يقول سويدان: "لا أرى أي تأثير حقيقي [للاتفاقيات الإبراهيمية]. فالمستثمرون القادمون من الإمارات العربية المتحدة يتطلعون إلى الاستثمار في شركات ناشئة أكثر نضجاً، بدءاً من الجولة التمويلية الثانية فصاعداً. وليسوا مستعدين للاستثمار في مرحلة ما قبل التأسيس أو مرحلة التأسيس أو الجولة التمويلية الأولى". وأضاف: "هناك فجوة كبيرة بين الأشخاص القادمين من الحكومة والقطاع الخاص في دولة الإمارات. فلا يزال القطاع الخاص متردداً في الاستثمار أو العمل هنا. وليس ذلك بالأمر السهل عليهم. كما أن رواد الأعمال العرب الذين ذهبوا إلى دبي العام الماضي حاولوا إيجاد قدر من التعاون والتشارك، ويبدو أن الأمر يكون أسهل كثيراً إذا كان على المستوى الحكومي، لكن القطاع الخاص أكثر تعقيداً."

ويُعزى هذا التعقيد جزئياً إلى جنسيات غالبية المستثمرين في الإمارات، الذين ترجع أصولهم إلى دول عربية لا تعترف بإسرائيل. كما أن هناك إحجاماً بين مجتمع فلسطينيي 48 عن زيارة الإمارات ضمن وفود إسرائيلية.

يقول ربيع زيود: "لا يزال الأمر يشكل خطراً على سمعة الفلسطيني. وللاتفاقيات الإبراهيمية أبعاد سياسية كثيرة، ولا يمكن التصرف كما لو أن كل شيء على ما يرام. فبقي الفلسطينيون هنا [عندما سافرت الوفود الإسرائيلية إلى الإمارات]".

وهو الرأي نفسه الذي يردده عنان قبطي، مؤسس شركة Synergymed الناشئة للتكنولوجيا الطبية، فيقول: "يسعدنا أن نسمع ونستمع ولا نريد إغلاق الأبواب من جهة، لكن الارتباط بهذه المجموعات يضعنا في موقف صعب [مع بلدان عربية أخرى]. عندما زرت دبي، سمعت من مستثمرين أنهم لن يستثمروا في شركتي إذا كانت مملوكة لإسرائيليين."

وفي الآونة الأخيرة، افتتح مكتب أبوظبي للاستثمار مكتباً في تل أبيب، للاستثمار في الشركات الناشئة في إسرائيل وأيضاً لإقناعها بالانتقال إلى أبوظبي. يقول سويدان: "تكمن المشكلة في أن النهج الرئيسي الذي تتبعه دولة الإمارات هو إعادة التوطين، لكن عقلية رواد الأعمال هنا هي أن المكان الأول الذي يريدون الذهاب إليه هو الولايات المتحدة ووادي السيليكون. فالتمويل الرئيسي موجود هناك. وربما يكون من الأسهل على مَنْ يتطلعون إلى التغلغل في العالم العربي أن يكونوا [في الإمارات العربية المتحدة]، أما الذين يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة، فإن انتقالهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية يبدو منطقياً أكثر من انتقالهم إلى دولة الإمارات."

أما عنان قبطي، الذي حصل مؤخرًا على تأشيرة إقامة ذهبية في دولة الإمارات لمدة خمس سنوات، فيرى أن احتمال الانتقال إلى الإمارات يبدو أكثر جاذبية من منظور اجتماعي وثقافي، وليس من منظور تجاري. فيقول: "إذا وجدت استثمارات تساعد الشركة على النمو، فأنا على استعداد للانتقال مع عائلتي إلى دولة الإمارات. فنحن نحب المكان، وإذا كان من المفيد لنا أن ننتقل إلى هناك، فلا بأس بذلك، لكنني لا أرى كثيراً من المستثمرين المتخصصين في الاستثمار في شركة أجهزة طبية. فعليك أن تقيم شراكة مع المستشفيات، وعليك إجراء تجارب سريرية، وسيكون لوجودك في الولايات المتحدة مزايا أكبر، على الرغم من أن بعض المستشفيات في دولة الإمارات أعربت عن اهتمامها بإجراء تجارب سريرية مشتركة معنا".

ويرى كيال أن جهود إعادة التوطين التي يبذلها مكتب أبوظبي للاستثمار تروق على الأرجح لفلسطينيي 48 أكثر من الشركات اليهودية الإسرائيلية الناشئة. فيقول: "إن احتمالية انتقال شركة ناشئة من تل أبيب إلى دبي أو أبوظبي منخفضة للغاية، ولكن بالنسبة لشركة ناشئة فلسطينية، فهي سوق مناسبة. إنها ليست بالمكان الغريب عنا، ومن الأسهل علينا كثيراً أن ننتقل إلى هناك وأعتقد أن هذا سيحدث، فبعض الشركات الناشئة تبحث حالياً عن الترتيبات المناسبة للانتقال إلى دولة الإمارات."

فرص التعاون

إن الخبرة في مجال التكنولوجيا العميقة وأنواع الشركات الناشئة المنبثقة عن البيئة الحاضنة الصغيرة لفلسطينيي 48 هي ما يطمح إليه كثير من الدول العربية التي تتطلع إلى تطوير منظومة الابتكار لديها. وهناك فرصة حقيقية لتحسين تعاون العالم العربي مع فلسطينيي 48 وإمدادهم بفرصة التوسع في الأسواق والوصول إلى رأس المال والتعاون مع شبكات أوسع في المنطقة.

يقول حسن عباسي: "شركات رأس المال الاستثماري هنا ليست لديها العلاقات المناسبة [لنا]، فيمكنها توصيلنا بالولايات المتحدة، أما شركات رأس المال الاستثماري في دول مجلس التعاون الخليجي فيمكنها أن تساعدنا على الذهاب إلى المغرب ومصر والوصول إلى الأشخاص المناسبين. وعلى الرغم من أننا نعيش في بلدان مختلفة، فإن أساليب تفكرينا متشابهة وثقافتنا مماثلة ويمكن أن يساعدنا ذلك كثيراً وأن يمنحنا فرصة للذهاب إلى جميع البلدان العربية."

ويمكن لمثل هذا التعاون أن يعود بالنفع على كلا الجانبين، بما يتجاوز التوسع السوقي والاستثمارات. فالبيئة الحاضنة لفلسطينيي 48 تفتقر في الغالب إلى المهارات ذات الطابع غير التقني المطلوبة في الأعمال التجارية، وهي أكثر وفرة في دولة الإمارات.

يقول حسن أبو شعلة: "لدينا كثير من الأشخاص هنا يتمتعون بمهارات تقنية قوية جداً وأعمال قوية، ولكن يوجد عدد قليل جداً من الأشخاص الذين يعملون في مجالات التصميم والاتصالات والعلاقات العامة ومهارات التسويق الأخرى اللازمة لبدء عمل تجاري. ونرى أن هناك حاجة إلى المواهب التقنية في دولة الإمارات أو في دبي، ويمكنني أن أرى أن هناك مجالاً للتواصل الهادف لجلب مؤسسين مشاركين من كلا الجانبين. لكنني أعتقد أننا في نهاية المطاف يمكن أن نصل إلى مرحلة نقول فيها هيا ندمج هؤلاء [الأشخاص] الموهوبين ونبني معاً شركات ناشئة."

وعلى الرغم من الإحساس بخيبة الأمل لأن الاتفاقيات الإبراهيمية لم تسفر عن الشراكات التي كان يتوق إليها كثيرون في مجتمع فلسطينيي 48، لا يزال هناك شعور قوي بالأمل. ومعظمهم يبحث بنشاط عن شراكات وفرص استثمارية وحده، وليس ضمن وفود رسمية.

يقول سويدان: "رواد الأعمال لدينا يشقون طريقاً جديداً ويواجهون كل هذه التحديات ويوجدون لها الحلول. وما زلنا في البداية، ولا تزال أمامنا تحديات يجب التغلب عليها، يتمثل أحدها في كيفية التواصل مع العالم العربي من حولنا وإقامة تعاون وتشارك أكبر بدلاً من الاكتفاء بالبقاء داخل دائرة عرب 48".

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.