عربي

شركات الشرق الأوسط الناشئة تجمع 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2025، بارتفاع 134% على أساس سنوي

English

شركات الشرق الأوسط الناشئة تجمع 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2025، بارتفاع 134% على أساس سنوي

شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدفقًا استثماريًا قياسيًا في قطاع الشركات الناشئة خلال النصف الأول من عام 2025، حيث بلغ إجمالي التمويلات نحو 2.1 مليار دولار عبر 334 صفقة، ما يمثّل زيادة بنسبة 134% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

على الرغم من أن جزءًا من هذا النمو يُعزى إلى ارتفاع التمويل القائم على الديون، فإن الأرقام تشير إلى حضور قوي للمستثمرين، حتى في ظل حالة عدم الاستقرار التي ما زالت تشهدها المنطقة.

الربع الثاني يسجّل انتعاشًا هادئًا

اختتم الربع الثاني من عام 2025 بأداء إيجابي، حيث تم ضخ 583.4 مليون دولار في 149 صفقة، متجاوزًا نتائج الربع نفسه من عام 2024 سواء من حيث حجم التمويل أو عدد الصفقات. ورغم التباطؤ الذي طغى على أداء السوق في يونيو، يُعد هذا الأداء مؤشرًا على تعافي تدريجي، ويعكس استمرار اهتمام المستثمرين بمنظومة الشركات الناشئة في المنطقة.

لكن هذا التحسّن جاء وسط مناخ اقتصادي لا يخلو من التحديات، فقد سادت حالة من عدم الاستقرار خلال النصف الأول من العام، نتيجة التقلبات في أسعار العملات والتوترات الإقليمية المستمرة وتذبذب أسعار السلع العالمية مثل الذهب والنفط والدولار الأمريكي، ما خلق مناخًا من عدم اليقين. ورغم هذه الأوضاع، واصلت بعض شركات رأس المال الجريء نشاطها، وضخّت تمويلات جديدة، لكن بتفاؤل حذر.

 شركات التكنولوجيا المالية في المقدمة.. والسعودية تستعيد الصدارة

تربّعت شركات التكنولوجيا المالية (Fintech) على رأس القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار خلال الربع الثاني من 2025، إذ نجحت 38 شركة ناشئة في هذا القطاع في جمع 170 مليون دولار. وجاء قطاع التقنيات العقارية (Proptech) في المرتبة الثانية، محققًا 77 مليون دولار عبر 8 صفقات، تلاه قطاع تكنولوجيا السفر (Traveltech) الذي سجّل 40 مليون دولار من خلال صفقتين فقط.

واستعادت السعودية موقعها كأكبر سوق جذبًا للتمويل في المنطقة، متفوّقة على الإمارات خلال هذا الربع. فقد استثمرت الصناديق والمستثمرون نحو 231.5 مليون دولار في 38 شركة سعودية ناشئة، مقارنةً بـ 197.7 مليون دولار في 52 صفقة نفذتها شركات إماراتية ناشئة. وجاءت مصر في المرتبة الثالثة، بعدما جمعت شركاتها الناشئة 133 مليون دولار عبر 30 صفقة.

أما من حيث مراحل النمو، فقد استحوذت الشركات الناشئة في مراحل النمو المتوسطة (Series A) على الحصة الأكبر من التمويل، حيث ضُخّ فيها 161 مليون دولار عبر 10 صفقات. في المقابل، شكّلت الشركات في المراحل المبكرة من التمويل غالبية عدد الصفقات، بواقع 67 صفقة خلال هذا الربع. كما سُجّلت أربع صفقات تمويل بالدين فقط، إلى جانب جولتين استثماريتين في مراحل متقدمة.

التمويل بالدين يقود استثمارات النصف الأول

بلغ إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 2.1 مليار دولار، بزيادة كبيرة مقارنة بـ 898 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2024. لكن عند استبعاد صفقات التمويل المعتمدة على الديون - والتي بلغت قيمتها 930 مليون دولار - يتراجع معدل النمو السنوي إلى 53% فقط.

وقد تزامن هذا التوسع مع عودة الاهتمام العالمي بالمنطقة، بعد زيارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بصحبة وفد من كبار المستثمرين من وادي السيليكون، في إشارة إلى اهتمام استراتيجي بسوق التكنولوجيا في المنطقة وإمكاناتها الضخمة.

السعودية تستحوذ على 64% من تمويلات المنطقة

استحوذت السعودية على حوالي 64% من إجمالي التمويلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال النصف الأول من عام 2025، في قفزة تمويلية بلغت 342% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويعود هذا النمو الكبير إلى منظومة استثمارية مدفوعة بالسياسات الحكومية وتدخّل مباشر ومستمر من الدولة لدعم القطاع.

وتركّزت معظم الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech)، الذي جمع 969 مليون دولار عبر 20 صفقة، تلاه قطاع تقنيات البناء (Contech) بحجم تمويل بلغ 48 مليون دولار، ثم قطاع التقنيات العقارية (Proptech) بـ 39 مليون دولار.

وقد استفاد السوق السعودي من الدعم المباشر لصناديق الثروة السيادية التي موّلت شركات رأس المال الجريء المحلية، إلى جانب الحوافز الحكومية التي تهدف إلى جذب مؤسّسين وتقنيات عالمية إلى السوق.

ورغم هذا النشاط الكبير، ظلّت الشركات التي أسسها رجال تهيمن على مشهد التمويل. فقد جمعت ثلاث شركات أسستها نساء تمويلًا إجماليًا بلغ 60 مليون دولار، في حين حصلت الشركات التي تضم مؤسسين من الجنسين على 34 مليون دولار عبر سبع صفقات.

وقد قادت شركات محلية مثل STV، وWa’ed Ventures، وRaed Ventures جزءًا كبيرًا من هذا النشاط، بينما برزت مشاركة دولية أيضًا، تمثّلت بدخول JPMorgan في جولة تمويل بالدين لصالح شركة Lendo، في إشارة إلى اهتمام مؤسسات مالية عالمية بسوق التكنولوجيا المالية في السعودية.

رغم التراجع.. الإمارات تواصل جذب المستثمرين

رغم أنها لم تعد السوق الأولى من حيث حجم التمويل في المنطقة، حافظت الإمارات على قدرتها في جذب اهتمام المستثمرين خلال النصف الأول من عام 2025. فقد نجحت 114 شركة ناشئة إماراتية في جمع نحو 541 مليون دولار، بزيادة بلغت 18% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وشكّلت صفقات التمويل بالدين حوالي 19% فقط من إجمالي الصفقات، ما يعكس استقرارًا نسبيًا في التمويل القائم على الأسهم (equity)، مقارنةً بأسواق أخرى في المنطقة.

أما على مستوى القطاعات، فقد تصدّر قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech) المشهد، بجمعه 265.8 مليون دولار عبر 35 صفقة.

وجاء قطاع تكنولوجيا التأمين (Insurtech) في المرتبة الثانية بـ 55 مليون دولار من خلال 5 صفقات، تلاه كل من Web3 والذكاء الاصطناعي (AI)، إذ حصل كل قطاع على 44.7 مليون دولار، الأول عبر 11 شركة، والثاني من خلال 13 شركة.

من ناحية التوزيع الجندري، جمعت 8 شركات أسستها نساء تمويلًا بلغ 17.6 مليون دولار، بينما حصلت الشركات التي تضم مؤسسين من الجنسين على 91.7 مليون دولار. ورغم هذه الأرقام، فإن الشركات التي أسسها رجال فقط ما زالت تستحوذ على الجزء الأكبر من التمويل في السوق الإماراتية.

مصر تسجّل نموًا لافتًا رغم التحديات الاقتصادية

سجّلت مصر نموًا بنسبة 106% في حجم التمويل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث جمعت الشركات الناشئة نحو 179 مليون دولار من خلال 52 صفقة. وجاء هذا الارتفاع في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية الكلية، إذ بلغ الدين الخارجي لمصر نحو 38.8% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024.

وشكّل التمويل القائم على الديون حوالي 13% من إجمالي التمويل. وعلى عكس الاتجاه السائد في السعودية والإمارات، تصدّر قطاع التقنيات العقارية (Proptech) قائمة القطاعات الأكثر تمويلًا في مصر، بجمعه 75 مليون دولار عبر ثلاث صفقات.

وحلّ قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech) في المرتبة الثانية بـ 85.3 مليون دولار لصالح 10 شركات، فيما جمعت شركات التجارة الإلكترونية (e-commerce) 24.8 مليون دولار من خلال 7 صفقات.

أما من حيث التوزيع الجندري، فقد حصلت الشركات التي أسستها نساء فقط على 425 ألف دولار، بينما جمعت الشركات التي تضم مؤسسين من الجنسين نحو 23 مليون دولار. فيما ذهب الجزء المتبقي من التمويل إلى 37 شركة أسسها رجال فقط.

شركات التكنولوجيا المالية والتمويل بالدين والجولات المتوسطة يرسمان ملامح النصف الأول

حافظت شركات التكنولوجيا المالية (Fintech) على موقعها في صدارة القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار في المنطقة، مستحوذة على 62% من إجمالي التمويلات خلال النصف الأول من عام 2025، عبر 77 صفقة. وكان لافتًا أن اثنتين من أكبر ثلاث صفقات شهدتها المنطقة خلال هذه الفترة ذهبت إلى شركات تنشط في هذا القطاع.

وساهم استثمار ضخم في مجموعة iMena في رفع قطاع استوديوهات المشاريع الناشئة (venture studios) إلى المرتبة الثانية ضمن ترتيب القطاعات من حيث حجم التمويل، فيما جاء قطاع التقنيات العقارية (Proptech) في المرتبة التالية، بجمعه نحو 119 مليون دولار لصالح 16 شركة. وحقّق قطاع التجارة الإلكترونية تمويلًا إجماليًا بلغ 65 مليون دولار عبر 24 صفقة.

أما على مستوى أدوات التمويل، فقد برز التمويل القائم على الديون كلاعب رئيسي في تشكيل مشهد الاستثمار خلال النصف الأول، إذ مثّل ما يقارب 44% من إجمالي التمويل في المنطقة، أي ما يعادل 930 مليون دولار. ويُعدّ هذا التحوّل مؤشرًا على تغيّر سلوك المستثمرين في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي على المستوى العالمي.

نشاط قوي في المراحل التمهيدية.. وتمويل B2B في الصدارة

واصلت الشركات الناشئة في المراحل التمهيدية (من pre-seed وحتى Series A) أداءها القوي خلال النصف الأول، إذ جذبت تمويلات بقيمة 568 مليون دولار، وتفوّقت من حيث عدد الصفقات مقارنة بالمراحل المتقدمة. وفي المقابل، جمعت الشركات في المراحل المتقدمة (من pre-Series B وحتى ما قبل الطرح العام pre-IPO) نحو 431.7 مليون دولار. ورغم أن الجولات المتوسطة كانت صاحبة الحصة الأكبر من حيث قيمة التمويل، فإن الشركات في المراحل الأولى واصلت تفوّقها من حيث عدد الصفقات.

أما على مستوى نماذج الأعمال، فقد استحوذت الشركات العاملة وفق نموذج B2B (من شركة إلى شركة) على الجزء الأكبر من الاستثمارات، إذ جمعت نحو 1.5 مليار دولار عبر 197 صفقة، وهو ما يمثل 70% من إجمالي التمويل في النصف الأول. أما التمويل المتبقي، فقد توزّع بين الشركات التي تعمل بنموذج B2C (من شركة إلى مستهلك) أو تلك التي تجمع بين النموذجين.

استمرار الفجوة التمويلية بين الجنسين

ظل توزيع التمويل بين الجنسين خلال النصف الأول من عام 2025 غير متوازن بشكل ملحوظ. فقد استحوذت الشركات الناشئة التي أسسها رجال فقط على ما يقارب 89% من إجمالي الاستثمارات، في حين لم تحصل الشركات التي أسستها نساء فقط سوى على 84.5 مليون دولار من خلال 27 صفقة. أما الشركات التي تضم مؤسسين من الجنسين، فجمعت نحو 150 مليون دولار.

 

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.