English

خيبة أمل في المجلس الوطني المصري للتنافسية: أين كان الرياديون؟

English

خيبة أمل في المجلس الوطني المصري للتنافسية: أين كان الرياديون؟

أحب أن أتحدى أحكامي المسبقة بين الحين والآخر، لذلك قررت قبول دعوة إلى المؤتمر السنوي الثامن للمجلس الوطني المصري للتنافسية يوم الثلاثاء في 18 أيلول /سبتمبر. كان عنوان المؤتمر "استراتيجية التنافسية المستدامة لمصر" وكان الأول الذي يجري بعد انتخاب أول رئيس مدني في مصر. وقد ذهبت على أمل أن أتعرّف على جميع الأمور العظيمة التي تقوم بها الحكومة لمساعدة النمو، وبالتالي ريادة الأعمال أيضا.

لم يكن انطباعي الأول جيداً، فقاعة الاستقبال كانت تعج برجال في منتصف العمر يرتدون بزّات رسمية داكنة. وأنا من أشد المؤمنين بأن التنافسية تعتمد على الابتكار، على الأقل جزئياً ، لذلك فإن حشداً من الأشخاص من غير الشباب وبزي الاستقبال لا يشير إلى عقلية مبتكرة بالنسبة لي، ولكنني قررت أن أبقي أحكامي المسبقة جانباً وأن أبحث عن بعض القهوة.

حملت القهوة وتوجهت إلى قاعة المؤتمرات حيث كان في استقبالي لافتة ضخمة فوق خشبة المسرح، حيث شعار الراعي الرئيسي للحدث، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، يطغى على كل الشعارات الأخرى، بما في ذلك شعار مجلس التنافسية نفسه. ولكن لنترك السياسة جانباً، أنا لست ضد الاستثمار والمشاركة الأجنبية (دعونا نواجه الأمر، الكثير من المصريين ينظرون إليّ على أني أجنبي)، ولكن شعاراً بهذا الحجم لمؤسسة خيرية أجنبية لا يبدو، ظاهرياً، تشجيعاً للاستدامة أو القدرة على المنافسة، بل يبدو وكأنه عمل خيري. وكان بمثابة تذكير واضح بأن الحدث الرئيسي للمجلس يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، ولكني بالفعل كنت أتمنى أن أرى المزيد من الثقة في المؤسسات المحلية.

شربت فنجاني قهوة آخرين "غير تنافسيين" قبل أن يبدأ الحدث بعد ما يقرب الساعة من التأخير. وحرص رئيس المجلس الوطني المصري للتنافسية سيف فهمي، في كلمته الافتتاحية، على الاعتذار عن التأخير في بدء المؤتمر، ولكنه زاد الطين بلة بعد أن مازح الحضور مبرراً التأخير بـ"عدم اعتياد المصريين على أن يكونوا تنافسيين". ولم يكن هذا الموقف انهزامياً ومتعالياً وخطأ واضحاً فحسب ـ فأنا كنت محظوظا بما فيه الكفاية لأن ألتقي شخصيا بمئات رجال الأعمال المصريين المندفعين والتنافسيين ـ ولكني كنت آمل لو ضاعف المجلس جهوده، باسم التنافسية، لكي يضمن بدء مؤتمره في الوقت المحدد.

ولكن التعليق لم يكن بعيداً عن الحقيقة، فعلى الأقل 28% من اليد العاملة في مصر توظفها الحكومة (المصدر:  قاعدة البيانات لابورستا التابعة لمنظمة العمل الدولية). وحتى في الدول الأكثر تقدماً أو الغنية لا تعتبر البيروقراطية الحكومية، أرضية لتربية التنافس، لذلك سيكون هذا عقبة يجب التغلب عليها.  

وقد عالجت الجلسات التي تلت، موضوعات جيدة مثل زيادة الاندماج الاجتماعي، وتحقيق الأمن الغذائي، والاستفادة القصوى من قناة السويس، والاستثمار في البشر والابتكار، واستخدام التحديات القائمة كفرص لخلق فرص عمل وإحداث نمو اقتصادي. ولكن للأسف لم تكن الرسوم البيانية مقروءة ومن المتكلمين وأعضاء اللجنة، الذين ناهز عددهم ما يقرب الخمسين، كان عدد الرياديين يعد على أصابع اليد الواحدة مع إصبع أو اثنين متبقيين.

وسألت إحدى الحاضرات وهي أستاذة في جامعة عين شمس، أحد الوزراء سؤالاً يختصر الفعالية بشكل لطيف، "لقد شاركت في الكثير من المؤتمرات الجميلة، التي امتلأت بالكثير من الكلمات الجميلة، ولكن لم يكن هناك أي تغيير إيجابي في مشكلة البطالة، متى إذاً سوف نتوقف عن الحديث ونبدأ تحقيق الإنجازات على الأرض؟".

إذاً تعتبر النتائج الحقيقية أمراً أساسياً، وليس الشعارات المنمقة والكلام الجميل. فإن كان أحد من الحكومة المصرية يقرأ هذه المقالة، لا يحتاج لبضعة أحرف قبل اسمه أو بعده ليعرف أن الشركات الصغيرة، وبالتالي رواد الأعمال يوفرون الجزء الأكبر من العمالة والابتكار والقدرة على المنافسة في أي اقتصاد كان. وإن لم يصدقني فليسأل أستاذاً في الاقتصاد.

لا تشكل الحكومة هدفاً سهلاً لانتقاداتي، وأنا أعرف هذا، ولكن لا يزال من الصائب فعل الشيء السهل الذي نحتاجه. وكي أختم بشكل بنّاء، سوف أقول ان الحكومة ستجد آذاناً صاغية لسياساتها عندما تظهر بأنها جعلت نفسها تنافسية بشكل مستدام. ويجب أن يعمل كل من في الحكومة على جعل البيئة الاقتصادية قابلة للحياة بالنسبة للرياديين ومن ثم عدم الوقوف في طريقهم.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.