English

أطفال يحبّون العربية: نحو إغناء المحتوى الرقمي التعليمي العربي

English

أطفال يحبّون العربية: نحو إغناء المحتوى الرقمي التعليمي العربي

 يستثمر الأهل، وأنا منهم، الوقت والمال بحثًا عن تطبيقات إلكترونية تعليميّة قد تمنع أطفالهم من إمضاء ساعات بلا جدوى يتلهّون بألعاب مثل "أنغري بيردز" (Angry Birds) و"فروت نينجا" (Fruit Ninja). ومن الواضح أنّ ما من تطبيقات جوّال ذات منحى تعليميّ تثقيفي متوفّرة حاليًّا في السوق العالمية. لكن ماذا عن التطبيقات التعليميّة باللغة العربية؟

المحتوى الرقمي الموّجه إلى الأطفال باللغة العربية عملة نادرة لا شك، لكنّه واقع يحاول تغييره كلّ من محمد الغلاييني وأحمد الكدرس. بعد أن نشآ في العالم العربي، متنقّلين بين الكويت والأردن ومصر، وهما حالياً يقطنان في كندا، أسسا في مطلع هذه السنة شركة أطفال يحّبون العربية أو Kids Love Arabic (KLA). وفي الشهر المنصرم، أطلقا قصّتهما الأولى "ثلاثة فيلة" (The Three Elephants)، وهي عبارة عن قصة قصيرة للأطفال ععلى شكل تطبيق على الـ"آي باد" يساعد الأطفال على التآلف مع اللغة العربية بطريقة تفاعليّة. يفسح هذا التطبيق المجال أمام مشاركة الوالدين في عمليّة التلقين، من خلال قراءة القصّة لأولادهم ومشاهدة معاً تحرّكات الشخصيّات الصغيرة المرسومة على الشاشة.

خلال لقاء "التواصل والإرشاد" الذي نظّمته "ومضة" في دبي، أكّد دايف مكلور أنّ التعليم يمثّل اليوم قطاعًا عالميًّا ناميًا ومثيرًا للإهتمام، وقال "إنّ تطوّرات كثيرة تحدث على مستوى التطبيقات التعليميّة المخصّصة للأجهزة اللمسيّة." وتآسست مؤخراً في المنطقة شركات ناشئة متخصّصة في التطبيقات التعليميّة، منها مكتبة "ساشا بوكس" (SachaBooks) التي تضمّ مجموعة قصص رقميّة للأطفال باللغة العربية ذات خيارات لعب تفاعلي، و"ولادنا" (Weladna) و"كتابي" (Ketaaby). وتجدر الإشارة إلى أنّ الشركات الثلاث المذكورة أعلاه تأسست في مصر.

تتكثّف المساعي لتطوير محتوى رقمي عربي أوسع يومًا بعد يوم، على غرار لقاء "أيام الإنترت العربي" (Arabic Web Days) الذي انطلق في بداية الأسبوع، أضف إلى أنّ التكنولوجيا الجديدة أصبحت الأداة الأساس في إنتاج المحتوى التعليميّ. إنّ معظم التطبيقات التعليمية الرقميّة الجديدة تستهدف الأطفال، إذ تعتمد الشركات على رغبة الأهل في تأمين الموادّ التعليمية الأفضل لأولادهم. (يسلّط نافذ دكّاك، كاتب في "ومضة"، الضوء على بعض الشركات الناشئة الإقليمية المتخصّصة في التكنولوجيا التعليمية).

ولادة "أطفال يحبّون العربية"

ركّز الغلاييني والقادرس حماسهما على المحتوى العربي، وقرّرا بدايةً تصميم موقع متخصّص في جمع كلمات الأغنيات العربية، ثمّ حوّرا مسارهما نحو التطبيقات الالكترونية. يعتبر الغلاييني أنّ الثنائي "متآلف جدًّا مع مجال تطوير تطبيقات الجوّال"، بعد بحوث طويلة ومراقبة دقيقة "لما ينجح في الغرب"، أدرك الفريق أنّ المحتوى العربي للأطفال على الأجهزة الجوّالة شبه غائب وقرّر انتهاز هذه الفرصة.

"من أين نبدأ؟ نحتاج إلى قصّة!" هكذا بدأ المشوار بحسب الغلاييني. إلتقى المؤسسان الكاتبة الفلسطينية-الأردنية سوزان غاوي التي في رصيدها إلى الآن 25 كتاب أطفال باللغة العربية، وقامت بتأليف "الفيلة الثلاثة"، القصّة الأصليّة الأولى التي نشرتها KLA.

إنضمّت في ما بعد المصمّمة الغرافيكيّة سامانثا هتشنسن، مكمّلةً الفريق ومركّزةً على عنصر التفاعل. وتستهدف القصّة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات علماً انهم معرضين يوميا الى استعمال الأجهزة الإلكترونية والجوّالة.  

إحدى العناصر الأساسية من إنتاج "الفيلة الثلاثة" هي: الإصغاء إلى الأطفال وأهوائهم. وأكّد الكدرس في هذا الصدد أنّه "تعيّن علينا التركيز على النوعية والألوان والأصوات والرسومات والخيارات التفاعليّة في آن."

أصبحت قصّة "الفيلة الثلاثة" متوفّرة على "آي باد" منذ أقلّ من شهر، وسيتوفّر التطبيق على "آي فون" بحلول الأسبوع الثاني من كانون الأول/ديسمبر. يرى الفريق أنّ البداية البطيئة، لناحية عدد التنزيلات، أمر طبيعي، لكنّه ينوي إطلاق حملة تسويقية شعبيّة واسعة عمّا قريب، ومقاربة االمدوّنات المشهورة والصحافيين ومراكز وسائل الإعلام من أجل ترويج التطبيق في العالم العربي.

المنافسة والتحديات

"المنافسة بالطبع موجودة، ويبدو أنّ هذا المجال آيل إلى النمو، نظرًا إلى عدد لا بأس به من الشركات التي نشرت إلى اليوم كتبًا قصصيّة في المنطقة العربية بمستويات مختلفة من النوعية والمقاربات، أمّا نحن فنحرص من جهتنا أن نتميّز عنها"، وفقًا للغلاييني. يعتبر الفريق أنّ قوّته تكمن في كون القصص جميعها أصليّة مبتكرة، كلماتها وتعابيرها منتقاة على نحو دقيق، ومدقّقة من قبل خبراء في اللغة العربية. يميّز الفريق نفسه عن غيره أيضًا من خلال اعتماد تصاميم غرافيكيّة متطوّرة، و"أنّنا نفتخر لانضمام سمانثا إلينا، سيما أنّ ذوقها في التصميم مميّز جدًّا، إن في البنية أو في الألوان أو الأنماط أو الرسوم."

المؤسسان مرتاحا البال، لا يواجهان تحديات تُذكر الآن، بعد أن موّلا "أطفال يحبّون العربية" شخصيًّا. لكن الكدرس يقرّ بأنّ "التحديات الكبيرة لا زالت أمامنا."

الخطوات التالية

"نتطلّع لإطلاق سلسلة قصصيّة عمّا قريب، ليست الألعاب في الوارد حاليًّا، إلاّ إذا كان لها هدفًا تعليميًّا. ربما نبتكر بعض الألعاب الخلاّقة كالرسم مثلاً، لكنّنا سنقوم بخطوة تلو الأخرى بعد أن نختبر السوق بشكل دقيق. وتكمن الخطوة الأولى في ابتكار سلسلة أو تتمّة تبعًا لردّات الفعل التي سنتلقّاها حول القصّة الأولى"، يقول الكدرس.

لقد قمت بتنزيل القصة وقدمتها لابني البالغ من العمر ثلالث سنوات. من المؤكد أنّ "الفيلة الثلاثة" خيار صائب، إذا كان طفلك يتمتّع بقدرة طويلة على التركيز ويحبّ هدوء القصص قبل النوم. أمّا عناصر التطبيق التفاعليّة عند لمس إحدى الشخصيّات فحقًّا جذّابة للأولاد، غير أنّها قد تشكلّ مصدر إلهاء عن سماع بقيّة القصّة. قد يمثّل هذا التطبيق مقاربة أوليّة جيّدة لتنمية "حبّ" القصص باللغة العربية لدى الأطفال، إنّما تحتاج إلى بعض الملامح الإضافية من أجل استحواذ إنتباه الصغار لمدّة أطول.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.