English

كيف غيّرت مسرّعات النموّ مسارها منذ عشر سنوات حتى الآن؟

English

كيف غيّرت مسرّعات النموّ مسارها منذ عشر سنوات حتى الآن؟

Accelerator

نُشِر هذا المقال أساسًا على "نُويت".

تستقبل الكويت قريباً إحدى أفضل مسرّعات الأعمال في العالم، "تك ستارز" TechSatrs، ولعلّنا في شركة الاستثمار المخاطر "أرزان" أسعد من رواد الأعمال بهذا الأمر. فحضور مثل هذا اللاعب الكبير أخيراً إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعني أنّنا سنكون أمام صفقاتٍ أفضل لنا كصندوق استثمار مخاطر في مرحلة النموّ.

لإنجاح هذا الأمر، من الضروري أن يفهم رواد الأعمال من أين جاءت مسرّعات الأعمال، وكيف تطوّرت، وما نوع الشركات الناشئة التي يريدونها. في هذا المقال، قمت بمراجعة تطوّر الشركات الناشئة خلال السنوات العشر الماضية، وكيف ستؤثر عليك مباشرة كمؤسس عندما تتقدم بطلب للانضمام إليها.

الفكرة لم تعد الأساس

كانت مسرّعات الأعمال أساسًا تستقبل المؤسّسين الذين يمتلكون أفكاراً وحسب، بهدف مساعدتهم على تحويل هذه الأفكار إلى مشاريع حقيقية. ففي ذلك الوقت كان إطلاق شركة مكلف للغاية: ارتفاع كلفة خدمات الحاسوب مثل التخزين والاستضافة، وارتفاع كلفة المساحة المكتبية كذلك. وبمعنى آخر، كانت مسرعات الأعمال تسرّع بناء المنتجات من مرحلة الأفكار، ومن ثم تحصل على نسخة تجريبية للنموذج الأولي.

نموذج تسريع الأعمال، كما وصفه بول غراهام في منشور له عام 2008 بعنوان "كيف بدأت "واي كومبينايتور" How Y Combinator Started، قام على استثمار مبلغ صغير (أقل من 10 آلاف دولار)، في مشاريع تقنية صغيرة يعمل عليها الطلاب خلال الصيف؛ نعم، لقد بدأ الأمر كله خلال برنامج صيفي للطلاب في كامبريدج.
 

وقد تمّ إنشاء هذا البرنامج كي يتعلّم فريق "واي كومبينايتور" كيف يصبحون مستثمرين تأسيسيين بشكلٍ أسرع، ولا من أجل أصحاب الشركات الناشئة أنفسهم!

كان هذا (وما زال) مغايراً للحكمة في نموذج الاستثمار المخاطر، حيث تستثمر أموالك لسنوات من ثمّ تدير محفظتك الاستثمارية بحكمة، آخذاً بعين الاعتبار أنّ بعض الشركات يمكن أن تكون جيدة كفاية لمضاعفة الاستثمار فيها.

ولكنّ هذا المفهوم من جهةٍ أخرى يعمل (وما زال) يعمل مثل السحر، إذ أثبت أنّه تجربة فريدة ليتعلّم المؤسسون ويحصلوا على تمويل بشكلٍ أسرع.


مؤسّس فيسبوك، مارك زوكربيرغ، يتحدّث خلال صفّ في Y Combinator. (الصورة من Y Combinator)

كيف تطوّر المفهوم؟ 


بعد عدّة سنوات من تطبيق نموذج مسرّعات الأعمال، بدأ أصحاب المشاريع يتنافسون على دخولها، لا من أجل الحصول على التمويل التأسيسي وحسب، بل أيضًا من أجل القيمة المضافة الأخرى مثل المرشدين والمجتمع الذي يضم أشخاصاً من خلفيات مشتركة. كما أن الانتساب يزيد من فرص تلقي جولة تمويل تالية من مستثمرين تأسيسيين ومخاطرين خلال يوم العروض Demo Day، خصوصاً إن كان اسم المسرّعة بارزًا.

أدّى هذا الأمر إلى إنشاء مروحة أكبر من الصفقات التي تفوق قدرة مسرعات الأعمال، ما أجبرها بالتالي على التركيز على الشركات الناشئة التقنية. وبهذا لن يذهب المال إلى عاملين بدوام حرّ، بل سيتم استخدامه لدفع أجور أعضاء الفريق بحيث يستطيعون ترك وظائفهم والتفرغ لشركاتهم الناشئة، أو الدفع لغيرها من المصاريف الضرورية. وبالإضافة إلى ذلك، بات لزاماً على المؤسسين أن يكونوا قد بنوا شيئاً قبل تقديم الطلبات، وهنا أصبحت مسرعات الأعمال تسرّع إطلاق المنتج.

مع تزايد المنافسة وتضاعف عدد المتقدّمين بطلبات للانضمام إلى المسرعات، بدأت هذه الأخيرة باختيار الفرق التي لديها شركاء مؤسسين من خلفيات تقنية، والتي بنت بالفعل منتجها وأطلقته، وأصبحت جاهزة لدخول السوق والتحقّق من ملاءمة المنتج له. وفي هذه المرحلة، بدأت مسرعات الأعمال بتسريع شعبية المنتج.

ولكن الآن، وبعد سنواتٍ قليلة فقط، ومع انخفاض كلفة استضافة الشركات الناشئة عاماً بعد عام، وتزايد القدرة على الوصول إلى شركات تقدّم البرمجيات كخدمات SaaS التي تساعد الشركات الناشئة في العمل بشكلٍ أسرع وأرخص وأذكى، بدأت أفضل مسرعات الأعمال باستقبال الشركات الناشئة التي قد بنت وأطلقت وروّجت لمنتجاتها وأصبحت جاهزةً للتوسّع! وباتت مسرعات الأعمال، فعلياً، في هذه الأيام تعمل على تسريع النمو، بحيث يتمّ التركيز بشكلٍ كبير على تعليم المؤسسين طرق التوسّع بسرعة.

قد ينتهي الأمر بصفقات استحواذ

أعتقد أنّه في القريب العاجل ستلعب مسرعات الأعمال دور المستثمر المخاطر، حالما تمتلك أموالاً أكثر وفريقاً داعماً أكبر؛ وعندها ستستقبل فقط الشركات الناشئة التي باتت مستعدةً للتوسّع. وبالتالي فإنّ مسرعات الأعمال ستكون قريباً مخصصةً لتسريع الشركات المستعدة صفقات الاستحواذ، وليس تلك التي تكون في بداياتها.

ويوجد مثالان على ذلك، هما "واي كومبينايتور" و"500 ستارتبس" 500Startups، بحيث حصلت الأولى على تمويلٍ بقيمة 700 مليون دولار للاستثمار في عددٍ من خرّيجيها، والثانية على 85 مليون دولار لصندوق التمويل الخاص بها.

ومع هذا، ما زالت الأمور تتطور بطريقة ملفتة. نشهد المزيد من المفاهيم التي يتم تجريبها في مجال مسرعات الأعمال، ولسببٍ ما تكون "واي كومبينايتور" في الطليعة دائماً! فهذه الأخيرة تختبر حالياً برنامج زمالة جديد هو "واي سي فيلوشيب" YC Fellowship، سيتم فيه التركيز أكثر على الاستثمار في ما يقارب الألف شركة في العام! ويستمرّ هؤلاء في التفوّق على أنفسهم والقيام بخطوات ثورية في مجال الاستثمار في الشركات الناشئة!

في المستقبل، يمكن أن يصبح لدى المسرعات برامج منفصلة لكلٍّ من: الابتكار، بناء المنتج، الإطلاق، الترويج، النمو، وحتى التوسّع. ولكن ماذا عن صفقات الاستحواذ؟ يمكن لهذه الأخيرة ان تتمّ بواسطة برنامجٍ خاص يربط الشركات القابلة للتوسع مع مشترين محتملين، بحيث يحضر في يوم العروض، بدلاً من المستثمرين، شركات كبرى مستعدة للاستحواذ على أحدث الشركات هنا والتي تمتلك منتجاً وسجلاً قوياً.

ما المطلوب من المؤسسين الجدد في مرحلة الأفكار؟

إليك حقيقة مرّة: إذا لم تكن رائد أعمال له خلفية تقنية أم لديه مؤسس شريك ذو خلفية تقنية، فلن يكون الحظ إلى جانبك. لم يعد مقبولاً أن يأخذ مؤسّسون لا يعملون في مجال التكنولوجيا تمويلاً ومن ثمّ يدفعونه لعاملين بدوام حرّ كي يبنوا لهم منتجاَ. ففي نهاية المطاف نحن نتحدث عن شركات تقنية حيث تكون التكنولوجيا أساسية، لا فقط متجرًا إلكترونيًّا أو بوابة إلكترونية للعقارات، بحيث يمكن الاستعانة بمصادر خارجية لبنائها.

وبالتالي، إذا كنتَ مؤسساً لا تعمل في مجال التكنولوجيا ولديك فكرة جيدة في هذا المجال، عليك تشكيل فريق يمتلك قدرات تقنية كافية لبناء المنتج. عليك الحصول على شركاء مؤسسين تقنيين.

المسألة التالية، إذا كنت مؤسساً للمرة الأولى (لا يتم احتساب الشركات الناشئة الفاشلة سابقاً) وتمتلك فكرة رائعة، ولديك خيارات قليلة لإطلاق الشركة، ولا يمكّنك أي منها التقدّم إلى مسرعة أعمال.

في المقام الأول عليك الاعتماد على سياسة الحد من النفقات والاستفادة القصوى من الموارد؛ أي عليك أن تبني المنتج في الوقت الذي تكون فيه موظفاً. أطلق منتجك (حتى لو كان تجريبياً) ودع المستخدمين يجربونه. قد يبدو الأمر فوضوياً كثيراً من دون منتج واضح أو استراتيجية للسوق، ولكن لا تقلق، فهذا عادي، قم بالأمر وحسب.

وبينما لا تزال موظفاً، شارك في أي من برامج التدريب في عطلة نهاية الأسبوع، مثل "ذا لين لانشباد" The Lean LaunchPad و"معهد المؤسسين" The Founder Institute و"فاست تراك" FastTrac من "كوفمان" Kauffman. لهذه البرامج فروع محلية في مختلف المدن، وإذا لم يكن بقربك واحد منها يمكنك التسجيل في النسخة المجانية من "ذا لين لانشباد" عبر الإنترنت (التي تشبه النسخة المدفوعة تماماً، ولكنها تفتقد إلى التفاعل مع المدربين والمرشدين). سوف تتعلّم الكثير من هذه التدريبات، وقد تغير نموذج عملك في بعض الأحيان.

بعد كلّ هذا، إذا كنت لا تزال تخوض غمار الأعمال وتريد الانتقال للخطوة التالية، ولكن ليس لديك ما يكفي من المدخرات لترك وظيفتك والتركيز على شركتك الناشئة، فقد حان دور الأصدقاء. الحصول على استثمارٍ من الأصدقاء سيكون مريحاً أكثر بعد كلّ هذا.

استخدم هذا المال لبناء الشعبية الضرورية لشركتك الناشئة ولسدّ نفقات المعيشة أثناء التقدّم بطلبٍ إلى مسرعة أعمال، فهذه هي الطريقة الوحيدة الآن للانضمام إلى مسرّعة أعمال.  يبدو هذا صعباً، أعلم ذلك، ولكنّ هذا يخفف عنك المخاطر كثيراً من خلال الاحتفاظ بوظيفتك حتى الآن، ويعزز ثقتك بمنتجك أكثر، خصوصاً أنّه لديك الآن أرقام لإثبات الطلب على منتجك).

بالتوفيق!

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.