English

ماذا يحصل إذا سرق أحدُهم فكرتك؟

English

ماذا يحصل إذا سرق أحدُهم فكرتك؟

Vol d'idée

هل يمكنك سرقة فكرة شركة ناشئة؟ (الصورة من "لي سيمز" Les Sims)

قبل عدّة أشهر، ضجّت الجزائر بقصّةٍ مفادُها أنّ رائد الأعمال الثريّ والمعروف في مجال الإعلام، كامل هدار، قام في عام 2014 بسرقة شركة "دراستي" Dirassatti الناشئة التي قام بإرشادها ليطلق "آي مدرسة" iMadrassa.

والآن تمرّ "دراستي" في مرحلة الإفلاس.

يقول سيدي سعيد في رسالةٍ عبر البريد الإلكترونيّ إلى "ومضة": "نعم، أعتبر أنّ فكرتي قد سُرقَت، ولكن ليس هذا ما يزعجني. المشكلة الأساس أنّ كامل هدار الذي كان يدرّبنا تمكّن من الوصول إلى مستنداتٍ استراتيجية (خطة العمل، تنفيذ الأعمال، المعايير، وعملية الإنتاج، إلخ)، لم يكن ليستطيع من دونها أن يطلق منصّةً ما".

"الأهمّ من ذلك أنّه أثّر على خياراتنا، وهي خياراتٌ أودَت بنا إلى الإفلاس"، حسبما يضيف سعيد الذي يقاضي هدار على هذا الأمر.

في المقابل، لا يوافق هدار على كلّ هذا ويعتبر أنّ الفكرة قديمةٌ وأنّ التنفيذ كان يقوم عليه.

ويقول في حديثٍ مع "ومضة" عبر الهاتف، إنّه الشخص الذي "أسّس لهذا العمل والذي وضع خطط التواصل، ويمكنني إثبات هذا. الفكرة كانت موجودةً في الجزائر منذ أكثر من خمس سنوات، وكان أوّل ما قام بها امرأة شابّة والموقع الإلكترونيّ ما زال موجوداً وهو يحمل اسم ’إيدو دي زد‘ eduDZ.net. الشريك الثاني ترك [’دراستي‘] في الوقت نفسه الذي تركتُها فيه أنا [...] وبالتالي إنّها قصّة شريكَين لم يبقيا سوياً، هذه هي".

وفي المحصّلة يرى أنّهم "ليسوا قادرين على التنفيذ، أمّا أنا فقد نفذتُ الأمر، ونقطة على السطر".

سواء كانت قصّة سرقة أفكارٍ وفقدان ثقةٍ أوصل الطرفين إلى المحاكم، فالأكيد أنّها قصّة شريكَين لم يستمرّا سوياً.

وبالتالي هل هذا يعني أنّه على روّاد الأعمال الشباب أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم؟ وهل يعني أنّه ليس عليهم المشاركة في مسابقاتٍ أو أن يثقوا بمرشِدٍ من المرشدين؟

الأفكار ليست مهمّة

لمعرفة ما إذا كان هذا الأمر قد حصل مع أحدٍ آخر، قامَت "ومضة" بنشر تغريداتٍ على "تويتر" ومنشوراتٍ على "فايسبوك"، فلم نستطِع العثور على رائد أعمالٍ يعتبر أنّ فكرته قد سُرقَت، وبالتالي يمكن اعتبار أنّ "دراستي" حالةٌ استثنائية.

وبعد سؤال متابعينا عمّا إذا كانوا يعتقدون إذا كان هناك مشكلة في استلهام أفكار الأعمال من أفكار شركاتٍ أخرى وتنفيذها برؤيةٍ مختلفة، أجاب معظمهم بأنّ هذا ليس سرقة.

بل هذا منافسة.

لا يبدو هذا مفاجئاً لأيّ شخصٍ يألف مجال الشركات الناشئة الذي يتمحور حول مفهوم: الأفكار لا تهمّ، التنفيذ هو الأساس.

يوجد الكثير من الأفكار والقليل منها مميّز؛ وعلى الأرجح أنّك لستَ الوحيد الذي تمتلك هذه الفكرة أو تلك، وما يهمّ هو كيف تنفّذها.

يستلهم روّاد الأعمال أفكارهم عادّةً من مفاهيم رائجةٍ في مكانٍ آخر. وفي بعض الأحيان يتوصّلون إلى مفاهيم جديدةٍ كلّياً، وفي معظمها يجدون أمامهم شخصٌ آخر مع الفكرة نفسها وقد أطلق خدمةً مشابهةً قبل بضعة أشهر أو يُطلقها بعد بضعة أشهر.

لنأخذ بعين الاعتبار سوق الإعلانات المبوّبة على الإنترنت في المغرب، والتجارة الإلكترونية، وسوق تشارك السيارات؛ هل قام كلّ رائد أعمالٍ من هؤلاء بسرقة فكرة الآخر، أو انتظر أن تأتي الفكرة مع الوقت؟

المنافسة أمر جيّد

المنافسة قد تسرعّ فشل الشركات أو نجاحها.

أطلق ياسين القشاني خدمةً لطلب الطعام عبر الإنترنت في المغرب عام 2012 حملت اسم "لا كارت بليز" LaCartePlz، ثمّ بعد عدّة أشهرٍ أطلقت شركة "روكيت إنترنت" Rocket Internet خدمة "هيلو فود" HelloFood المشابهة. ومع وصول عام 2013، قام القشاني بتغيير محور عمله، بحيث أنّ المنافسة ساعدته على اختيار القرار الصحيح لشركته الناشئة.

ويقول عن هذا الأمر في حديثٍ سابقٍ مع "ومضة": "لقد كان لدينا المنتَج المناسب في الوقت المناسب، ولكن ليس في السوق المناسبة. كان عليّ أن أدرك أنّ المنتَج لم يكن ملائماً للسوق [في ذلك الحين]".

وللدلالة على ما حديث، يشير القشاني إلى سببَين اثنَين هما، أوّلاً، أنّ السوق لم تكن ناضجةً كفاية وبالتالي كان من الصعب تسويق المنتَج فيها بميزانيةٍ صغيرة؛ والثاني هو أنّ المنتَج لم يكن يناسب السوق بشكلٍ جيّد، لأنّ خدمة العملاء لم تكن ضمن أولويات أصحاب المطاعم.

يدير القشاني في الوقت الحاليّ شركةً ناشئةً ناجحة، وهي وكالة "هيدن فاوندرز" Hidden Founders التي تعمل كـ"مدير تقنيّ مؤقّت" للشركات الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

في قطاع الأزياء، يعتبر استنساخ التصاميم مثيراً للاستنكار فيما يمكن لوجود المنافسة أن تشكّل نقطة قوّة.

من مدينةٍ سياحيةٍ في المغرب، أطلقت سلمى طبيات وصديقٌ لها، لم تشأ الكشف عن اسمه، علامةً تجارية للأزياء تقوم بجمع الملابس القديمة من الأسواق من ثمّ تجدّدها عبر إضافة أقمشةٍ تقليدية. وفي غضون ذلك، سرعان ما قام السكّان المحلّيين باستنساخ تصاميمهم وبيعها بنصف السعر.

وتقول طبيات إنّ هذا "كان لاذعاً إذ جعلني أشعر أنّ منتَجاتي لم تعد مميّزة".

لم تكن الروح المعنوية لهذه الريادية وحافزها الشيء الوحيد الذي كان مهدّداً، بل قام المنافسون المحلّيون بالطلب من المورّدين عدم تسليم شركتها البضائع ورفع أسعار المواد الخام.

"النجاح سيتحقّق [حتى لو لم تُسرَق الفكرة] ولكنّه يستهلك الكثير من الطاقة"، بحسب الريادية المغربية التي تضيف أنّها تعلَمَت أنّ هذا لا يهمّ، "فنحن أقوى في البيع عبر الإنترنت وفي التسويق وإعادة التدوير الفعليّ (الذي يعتبر هدفنا الرئيسي). نحن لا نبيع منتَجاً إنّما تصميماً معيّناً ونمط حياة يريده الناس".

كنتيجةٍ لهذا، خفّف المؤسِّسون من تركيزهم على السوق المحلّية وركّزوا أكثر على السوق العالمية. وتذكر طبيات عن هذا أنّها قالت: "ليأخذوا السياح، أمّا نحن فسنأخذ العالم ونبيع بأسعارٍ أعلى وندفع أكثر لموظّفينا".

احرص على وجود الأشخاص المناسبين إلى جانبك

تقودنا قصّة سيدي سعيد إلى طرح سؤالٍ آخر: هل عليك إخبار المرشد بكلّ شيء؟ هل يمكنك الوثوق بالمرشدين، وأعضاء لجان التحكيم في المسابقات، ومنظّمات الدعم، والمستثمرين؟

يقول كارلوس دومينغو لـ"ومضة" في مقالٍ نُشر سابقاً، إنّ "المستثمرين يخافون على سمعتهم، لذا من غير المرجّح أن يسرقوا الأفكار من روّاد الأعمال، لأنّ الأمر إذا انتشر ستكون المرّة الأخيرة التي يعقدون فيها صفقة."

وفي حالة هدار، فإنّه وفقاً لمصدرٍ جزائريّ رفض الكشف عن اسمه، كان كلّ شخصٍ في الجزائر ضمن مجال الشركات الناشئة يعلم أنّه لا ينبغي العمل معه حتّى قبل قصّة "دراستي" والوكالة الإعلامية المحلّية "تامورت" Tamurt.

ومع ذلك، لا يعني هذا بأنّه ليس عليك مشاركة قصّتك. فبقدر ما تنشر أفكارك بقدر ما تحميها، بحسب مؤسِّسة "راب" Wrapp، أورو بلفراج، التي تعمل مع شركة الاستثمار السويدية "إي كيو تي فينتشرز" EQT Ventures.

وكانت هذه الأخيرة قد قالت في حديثٍ مع "ومضة" الشهر الفائت: "لا تحاول حماية فكرتك. أخبِر الجميع، في كلّ وقتٍ وأينما كنت، عن فكرتك. واجمَع التعليقات. لا تخَفْ إزعاج الآخرين. وفي حال سرقَها أحدٌ ونفّذها بشكلٍ أفضل، فذلك يمكن أن يحصل [وعليك تقبّل الموضوع وتخطّيه]. هذا يعني أنّك لم تكن الشخص المناسب لهذه الفكرة وعليك إيجاد فكرة ناجحة أخرى".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.