English

أسباب تؤهل السعودية لاحتلال مكانة واعدة على خارطة الاستثمار الدولي

English

أسباب تؤهل السعودية لاحتلال مكانة واعدة على خارطة الاستثمار الدولي

تشهد المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن نقلة نوعية في قطاع ريادة الأعمال، وذلك بالتزامن مع اكتسابها زخم كبير على خارطة استثمارات رأس المال الجريء.. بحسب لوكا باربي، رئيس العمليات التنفيذي في الشركة السعودية للاستثمار الجريء Stv

قلّما تسنح للمستثمرين فرص نوعية لتغيير المشهد وحصد مكاسب لا حصر لها مع المساهمة في الوقت نفسه في الارتقاء بجوّدة حياة الأجيال القادمة. وفي ضوء الفرص التي تتيحها المملكة حديثاً للمستثمرين، فإننا بصدد بزوغ فجر جديد في قطاع استثمارات رأس المال الجريء، مع تحرير اقتصاد المملكة الضخم من القيود وزيادة التسهيلات فيه إلى جانب ظهور جيل جديد من روّاد الأعمال الذين يتطلعون إلى خلق قيمة كبيرةً تعمّ فوائدها على مختلف شرائح المجتمع. وفي ظل التطورات التي تجري في المشهد الاقتصادي بالمملكة، وصلت الاستثمارات العامة في قطاع رأس المال الجريء إلى مرحلة مفصلية، إذ أصبح لديه قدرة لاستيعاب عشر أضعاف الاستثمارات الحالية ليصل إلى 500 مليون دولار سنوياً بحلول العام 2025، وهو ارتفاع كبير مقارنة باستثمارات قيمتها 50 مليون دولار خلال العام الماضي. وإذا سارت الأمور كما ينبغي في هذا المسار فمن المنتظر أن يصل حجم رأس المال التراكمي الذي سيتم ضخه في السوق السعودية إلى ملياري دولار أمريكي بين العامين 2019 و2025، وذلك بحسب نتائج "تقرير STV" حول قطاع رأس المال الجريء في المملكة.

سوق مدعومة بمقومات مواتية

يقف وراء نمو رأس المال الجريء في المملكة عدد من الظروف والعوامل المواتية، يأتي في مقدمتها اقتصاد المملكة الذي يتصدر قائمة أقوى الاقتصادات في الوطن العربي، حيث تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 780 مليار دولار، في حين يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي55 ألف دولار أمريكي. ومع ارتفاع القوة الشرائية وانتشار استخدام الهواتف الذكية التي يستخدمها نحو 70% من التعداد السكاني، يسعى المستهلكون في المملكة نحو اعتماد وتبنّي الحلول الرقمية الذكية لتحسين جوّدة حياتهم. وقد بلغ متوسط حجم المشتريات في قطاع التجارة الإلكترونية على مستوى المملكة نحو150 دولاراً بحسب دراسة شركة "باين آند كومباني، وهو متوسط مماثل للمتوسط المتحقق في الأسواق الناضجة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ويتفوق على المتوسط المتحقق في الصين والذي يبلغ 100 دولار.

وبات مستخدمو الإنترنت اليوم على دراية كبيرة بالمزايا التجارية العائدة من الاقتصاد الرقمي، وصاروا يتبنون التكنولوجيا كوسيلة لخلق قيمة اقتصادية، خاصةً وأن قطاع الأعمال والشركات تحول على ما يبدو لاعتماد نهج أكثر انفتاحا في كافة مفاصل الاقتصاد؛ حيث يتزايد عدد القطاعات التي أصبحت جاهزة لإحداث تحولاً جذرياً في المشهد الاقتصادي وتبني الابتكار والمساهمة في التحول الرقمي، بدايةً من تكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا الطبية مروراً بالسياحة والزراعة ووصولاً إلى الخدمات المالية وسوق السيارات.

وعلى خلفية مساعي المملكة لتحقيق الانفتاح الاقتصادي، تم إرساء مجموعة من الأسس الرقمية والقانونية التنظيمية بما يساهم في تحقيق نقلة نوعية في مجال ريادة الأعمال. فهناك عدد من منصّات البنية التحتية التي توفر الإمكانات المؤسسية لعموم الجمهور. وبفضل حلول التجزئة المبسطة مثل موقع مساحات المتاجر الرقمية "سلّة"، الذي يضم حالياً نحو 8000 متجر إلكتروني، بات بإمكان أي شخص تدشين أعماله الخاصة في مجال التجارة الإلكترونية في غضون أيام. يأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ حزمة من التغييرات التنظيمية مثل البرنامج الجديد للإقامة الدائمة وترخيص ملكية الأعمال بالنسبة للوافدين بهدف تمكين الأجانب من تأسيس أعمالهم في المملكة وامتلاكها بنسبة 100% ضمن عدد من القطاعات، هذا بالإضافة إلى قانون إشهار الإفلاس ونظام الرهن التجاري الجديد اللذين من شأنهما أن يساهما في ردم فجوّة كبيرة ضمن البنية التحتية التشريعية.

قصص نجاح ملهمة

تتمتع المملكة بآفاق كبيرة من إمكانات وفرص التوسّع عالمياً، فالمشروعات المشتركة مثل منصة نون أكاديمي التعليمية الإلكترونية، على سبيل المثال، قد أظهرت قدرة المؤسسات المحلية في التوسّع في جميع أنحاء المنطقة انطلاقاً من المملكة، في حين تقدم شركة يونيفونك خدماتها للاتصالات السحابية لعدد من المؤسسات العالمية مثل أرامكس وأوبر.

وقد أظهر عدد من قصص نجاح الأعمال الملهمة القيمة الكبيرة التي تزخر بها بيئة قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال على مستوى الإقليمي، والتي من أبرزها صفقات التخارج الناجحة مثل شركة سوق (بعدما استحوذت عليها أمازون مقابل 580 مليون دولار)، وكريم (بعدما استحوذت عليها أوبر بقيمة 3,1 مليار دولار)، وكاريدج (بعدما استحوذت عليها مجموعة دليفيري هيرو مقابل 100 مليون دولار)، وطلبات (بعدما استحوذت عليها روكيت إنترنت مقابل 170 مليون دولار)؛ مما يؤكد أهمية قطاع رأس المال الجريء وما يوفره من فرص استثمارية قيّمة في المنطقة.

وتشهد المملكة حالياً تدفقاً متنامياً لاستثمارات رأس المال الجريء، ولا سيّما في ظل اتجاه أنظار عدد أكبر من المستثمرين إلى السوق السعودية سعياً لاغتنام الفرص الاقتصادية المتميزة التي تتيحها لهم مستقبلاً. فخلال النصف الأول من العام الجاري فقط، بلغت قيمة تمويلات رأس المال الجريء نحو 40 مليون دولار، بما يعادل تقريباً إجمالي حجم استثمارات رأس المال الجريء خلال العام 2018، وذلك وفقاً لإحصاءات منصّة بيانات الشركات الناشئة "ماغنتيت". وتشير هذه الأرقام إلى تحقيق نمو سنوي بنسبة 82%، بما يمثّل عشر أضعاف مستوى الاستثمارات في أسواق مثل البرازيل وفرنسا والإمارات وغيرها من الدول الأخرى، التي تساهم فيها استثمارات رأس المال الجريء بدور محوري في الاقتصاد، مثل سنغافورة والصين. لكن هذه الاستثمارات لم تقترب من 250 مليون دولار وهو المبلغ الذي كان بإمكان المملكة تحقيقه لو أنها استطاعت تأمين حصة 35% من استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي وهي حصة تتماشى مع حجم ناتجها المحلي الإجمالي مقارنة بدول الإقليم.

وعلى الرغم من تحديات النمو، تمضي المملكة بخطوات متسارعة نحو تبني آليات عصرية وغير مسبوقة، وفي ظل ازدياد زخم هذه التغيرات والتحوّلات الإيجابية، فإن مستثمري رأس المال الجريء أمام فرصة استثنائية لتحقيق نمو كبير في استثماراتهم.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.