English

مجتمعات ريادية ترسم نمو دبي المقبل

English

مجتمعات ريادية ترسم نمو دبي المقبل
ماجد السويدي، مدير عام مدينة دبي للإعلام والمسؤول عن حاضنة الأعمال in5

 

ماجد السويدي، مدير عام مدينة دبي للإعلام والمسؤول عن حاضنة الأعمال in5

لطالما أسهمت الشركات الناشئة بدور هام بمسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في دبي والإمارات العربية المتحدة. ومع تعرضها للتحديات التي فرضها وباء كوفيد-19، تمكنت تلك الشركات بفضل مرونتها ومهارتها من مساعدة البلاد على الاستجابة بفعالية للأزمة الصحية العالمية، ونجح العديد منها في استقطاب استثمارات جديدة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، بما يشير إلى استمرار  توافر رأس المال الجريء والباحثين عن الفرص مع العودة التدريجية إلى النشاط الاقتصادي محلياً وعالمياً.

ولكن هذا لا يلغي أهمية الاستمرار بتطوير رواد الأعمال المحليين، عبر إنشاء منظومة عمل تمكينية، تتميز ببنية تحتية عالمية المستوى تتيح لهم أن يكونوا جزءا من شبكة أعمال وتوفر فرص إرشاد وتدريب وإمكانية الوصول إلى المستثمرين. وسيسهم ذلك في تحقيق الاستدامة والمرونة، والمحافظة على مكانة دبي كموطن لقصص نجاح عظيمة.

إن الجدوى الاقتصادية تبدو واضحة لمنظومات العمل النامية التي تركز على بناء المجتمع وحضانة الأعمال وتوسعة نطاق الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة؛ حيث تسهم هذه القطاعات مجتمعة بنسبة تصل إلى 40 % من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما توفر 50 % من فرص العمل، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وتعتبر الصناعة دافعاً أساسياً للنمو والتقدم التكنولوجي الذي ما زال المستثمرون المحليون والدوليون، وأصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية، وشركات الإقراض حريصين على الاستفادة منهما.

خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020 ، تمكن أعضاء حاضنة أعمال in5 من جمع أكثر من 65 مليون درهم إماراتي على شكل استثمار مباشر من خلال مصادر تمويل متعددة. وبعد تسجيل أكثر من 400 مليون درهم إماراتي بين عامي 2013 و 2019، يعتبر هذا الرقم الذي تحقق خلال نصف عام، أكبر مبلغ تحققه خمس شركات ناشئة خلال ستة أشهر، منذ انطلاقة حاضنة الأعمال in5.

ومن ناحية أخرى، فقد استقبلنا 41 شركة جديدة ضمن برنامج حضانة الأعمال خلال الأشهر الستة الأولى من العام، ليصل العدد الإجمالي للشركات الناشئة العاملة في in5 إلى 216 شركة.

ورغم الأوضاع الاقتصادية السائدة نشهد نشاطاً استثمارياً قوياً؛ حيث سلطت عدة تقارير الضوء على نمو كبير للاستثمار في الشركات الناشئة طوال ستة أشهر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتوضح هذه التقارير أن الشرق الأوسط قد خلق بيئة مواتية للشركات الناشئة ورواد الأعمال، كما تعتبر نجاحهم في هذه الأوقات الصعبة مشجعاً، مع التحرك الذي بدأت تشهده الأسواق مرة أخرى. ولكن، ما ستكون وجهتنا التالية؟ وكيف سنخلق منظومة العمل المثالية في عالم ما بعد كورونا؟

خلال المرحلة القادمة من النمو في دبي، والتي تعتمد على المرونة والابتكار، هناك حاجة للتطوير المستمر لنوع فريد من منظومات العمل التي تحفز إنشاء وتطوير شركات قابلة للتطوير والاستدامة بدرجة عالية. نحن بحاجة إلى إنشاء مجتمعات ريادية تدعمها مجموعة من المؤسسات المستقلة والأفراد الذين يتعاونون ويتفاعلون ويحفزون بعضهم البعض.

وستكون البداية من خلال إطار عمل يساعد رواد الأعمال على نقل أفكارهم من المفهوم إلى النموذج الأولي وصولاً إلى السوق. ولكن بالطبع ، ليس هناك منهج واحد يناسب الجميع، لأن الشركات الناشئة ورجال الأعمال يحتاجون إلى أشياء مختلفة وفقاً لمتطلبات أعمالهم. وبشكل عام، تتطلب الشركات في مرحلة ما قبل التأسيس حاضنة أعمال، وتجهيزات عمل مبسطة للحصول على الترخيص التجاري والتأشيرات اللازمة. وبالتوازي مع ذلك، يجب أن يتم توفير فرص التدريب والتوجيه وبناء شبكات علاقات قوية. ورغم أن المستثمرين يعمدون إلى خفض النفقات حالياً وأن الشركات الناشئة تواجه مخاوف مماثلة، فقد واصلنا الاستثمار في البنية التحتية والمعدات الحديثة لتزويد رواد الأعمال من أنحاء المنطقة وخارجها بكل ما يحتاجونه.  

لقد واصلنا عملية تطوير وتحسين بنيتنا التحتية والرقمية ومساحات العمل المشتركة ومنشآتنا الحديثة في مراكزنا الثلاثة للابتكار، وهي حاضنة الأعمال in5 للتكنولوجيا، وin5 للإعلام، وin5 للتصميم.  

ففي in5 للتكنولوجيا الذي تأسس سنة 2013، أنشأنا مختبراً يوفر التكنولوجيا والتجهيزات لمساعدة الأعضاء والشركات الناشئة على استخدام تقنيات الحوسبة السحابية، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، وغيرها من أدوات الثورة الصناعية الرابعة. وأما in5 للتصميم الذي انطلق في عام 2017، فيحتوي على مختبرات تحضير النماذج الأولية وأنظمة متطورة وآلات للمصممين الذين يتعاملون مع المواد المعدنية والخشب والبلاستيك والقماش ومواد أخرى جديدة. بدوره، يضم in5 للإعلام الذي انطلق في عام 2017 أيضاً، استديوهات للتسجيل الصوتي والمرئي ومنشآت إنتاجية وغرفة خضراء مصممة لدعم المواهب الإبداعية.  

ومن شأن هذه البنية التحتية أن تساعد رواد الأعمال والشركات الناشئة على تطوير منتجات وخدمات جديدة، لكن يجب أن تتيح منظومات العمل الفاعلة إمكانية الازدهار والنجاح. وفي هذا السياق، قمنا بإنشاء شبكة تضم أكثر من 100 مستثمر وخبير تقودها لجنة مؤلفة من عدد من الشركات الرائدة مثل أكسنتشر، ومايكروسوفت إضافة إلى المستثمرين والمعلمين وخبراء القطاع. توفر هذه الشبكة الاستشارات والتوجيه حول العديد من المواضيع، مثل القوانين، والتسويق، والاستراتيجية. ويترافق كل ما سبق مع سلسلة جلسات استشارية دورية تشرف عليها شركات كبيرة مثل "آي بي إم" بهدف مشاركة خبرات الأعمال لتحقيق الريادة في الأسواق التنافسية. 

لا شك أن هذه الجلسات المعرفية ضرورية لمجتمع الشركات الناشئة التي ما زالت تواجه تحديات من ناحية العوائد ومعدل الاستنفاد رغم نجاحها في جمع تمويلات كبيرة هذا العام. لذا فإن توفير جلسات التدريب والتطوير وإنشاء شبكات العلاقات والتوجيه والإرشاد المباشر من الخبراء، إضافة إلى البنية التحتية الواقعية والرقمية وتسهيل خدمات تأسيس الأعمال، سيزود المواهب بمنصة مثالية للنمو. 

ومع استمرار منظومات العمل في التطور والتغير خلال هذه الفترة الاستثنائية، أصبح تطوير المهارات واستقطاب المواهب المحلية والخارجية أمراً ضرورياً لنمو الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، كما سيصبح في نهاية المطاف أمراً أساسياً وهاماً في أداء اقتصادات المنطقة. وسوف نواصل الاستثمار في منظومتنا والتعاون مع الهيئات المعنية لتحسين الأنظمة والقوانين وتوفير عمليات تأسيس سهلة ومبسطة لتعزيز سهولة مزاولة الأعمال وتمكين الشركات الناشئة المحلية والدولية من الانطلاق والعمل في إحدى أفضل مدن العالم للعيش. 

إن المرحلة القادمة من نمو إمارة دبي تتطلب الابتكار في قطاع ريادة الأعمال والمساهمة بتعزيز اقتصاد المعرفة بدولة الإمارات وإيجاد منظومة أعمال تتماشى مع ما سيكون عليه العالم في مرحلة بعد كورونا. 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.