English

منصات إهداءات المشاهير وتزايد الطابع الشخصي في تفاعلهم مع المعجبين

English

منصات إهداءات المشاهير وتزايد الطابع الشخصي في تفاعلهم مع المعجبين

لقد أثبتت منصات التواصل الاجتماعي أنها إحدى الأدوات القوية التي يستخدمها النجوم والمشاهير في جميع أنحاء العالم للتفاعل المباشر مع معجبيهم، ولفرض وجهة نظرهم، ولترويج أنفسهم كعلامات تجارية. وظهرت على مدار السنوات القليلة الماضية طبقة جديدة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تُمكِّن هؤلاء المشاهير والمؤثرين من تحقيق دخل من تفاعلهم مع معجبيهم عن طريق بيع رسائل فيديو ذات طابع شخصي.

وتُعرَف هذه المنصات باسم منصات إهداءات المشاهير، وهي أشبه بسوق يجتمع فيها المشاهير حيث يمكن لأحد المعجبين أن يطلب من أحد المشاهير أن يسجل له رسالة مصورة مُخصَّصة له من أجل استخدامها لأغراض شخصية أو تجارية. وظهر هذا النموذج في البداية في الولايات المتحدة الأمريكية حين أُطلقت في عام 2017 منصة Cameo، التي جمعت 100 مليون دولار في جولتها التمويلية الثالثة في آذار/مارس من هذا العام، ليصل إجمالي التمويلات التي حصلت عليها إلى 165 مليون دولار. أما في محيط الشرق الأوسط، فقد ظهرت عدة منصات مشابهة، منها Starzly وHalahi في دولة الإمارات، وNejmo وMinly في مصر، وOulu في لبنان، وYela التي يقع مقرها في المملكة المتحدة، إضافةً إلى Memmo.me السويدية التي تستهدف أيضاً منطقة الشرق الأوسط. 

يقول محمد الشناوي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة Minly التي حصلت على تمويل أولي قدره 3.6 مليون دولار في شهر حزيران/يونيو: "في العامين الماضيين، توجَّه مزيد من المبدعين والنجوم إلى التواجد الرقمي عبر الإنترنت، ليس لتكملة تواجدهم في وسائل الإعلام فحسب، ولكن أيضاً لأنه ركن أساسي من أركان علامتهم التجارية الشخصية عبر الإنترنت ولتحقيق دخل من وجودهم عبر الإنترنت". 

ويكمن مفتاح نجاح هذا النموذج في إضفاء الطابع الشخصي. وقد ظهر إضفاء الطابع الشخصي، على مدار العقد الماضي، كاستراتيجية أساسية للعلامات التجارية في جميع أنحاء العالم. وقد أصبح إضفاء الطابع الشخصي أداةً تسويقية رئيسية يستخدمها 89% من العلامات التجارية والشركات الرقمية، ابتداءً من أمثال شركة Ferrero التي تُمكِّن العملاء من طباعة أسمائهم على برطمان نوتيلا، وصولاً إلى شركة Nike التي تسمح بإضفاء طابع شخصي على أحذيتها الرياضية. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي قد مكّنت الشخصيات المشهورة من تحويل شهرتهم إلى علامة تجارية، ومنصات الإهداء هذه وسيلةٌ لجعل "منتجهم" أو تفاعلهم مع الجمهور ذا طابع شخصي. 

ويبدو أن هذا النموذج ناجح، فقد باعت منصة Cameo مقاطع فيديو شخصية بقيمة 100 مليون دولار في عام 2020، وانضم إلى منصتها في العام الماضي أكثر من 10000 من المشاهير الجدد الذين حددوا أسعارهم الخاصة لمقاطع الفيديو أو مكالمات الفيديو الشخصية المباشرة. وقد تتراوح الأسعار من دولار واحد للشخصيات الأقل شهرة إلى عدة مئات من الدولارات. فيوجد على منصة Cameo الكوميدي المصري باسم يوسف الذي يبيع إهداءه مقابل 50 دولاراً، في حين أن أعلى الشخصيات سعراً على هذه المنصة هو ملاكم الوزن الثقيل فلويد مايويذر الذي يبيع إهداءه مقابل 15000 دولار. وذكر ستيفن جالانيس، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Cameo، أن بعض المشاهير يكسب ما لا يقل عن 100 ألف دولار شهرياً عبر المنصة.

الوجه الجديد للتسويق عبر المؤثرين

إن معظم المستخدمين يشترون هذه الفيديوهات لإرسالها كهدايا إلى الآخرين، ولكن جميع هذه المنصات تسمح أيضاً للشركات بالتفاعل مع المشاهير. وعادةً ما تكون الأسعار أعلى في حالة الشركات، وتحصل الشركات على ترخيص ملكية فكرية لمدة شهر في الغالب، ويمكنها نشر هذه المواد على العديد من منصات التواصل الاجتماعي، بدلاً من الدفع مقابل منشور واحد على إنستغرام مثلاً. 

يقول بدر كاشيبال، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Starzly: "إنها توفر لكل من الشخصيات المؤثرة والمعلنين منصةً مناسبة لتلقي العروض وتقديم الطلبات. فهي أشبه بمجمع تجاري على الإنترنت يعرض العديد من الخدمات بأسعار مختلفة، فإذا وجدت أن منتجاً معيناً لا يناسب ميزانيتك، فستجد بالتأكيد بديلاً في حدود ميزانيتك، ولذلك فإن منصات الإهداء أفضل من قنوات وسائل التواصل الاجتماعي العادية، لأنها تجمع كل الشخصيات المؤثرة في مكان واحد".

وتزعم هذه المنصات أنها تقدم إلى الشركات محتوى أكثر جاذبية، وشخصياً بالطبع. يقول الشناوي: "لقد سئم المستخدمون من وسائل التواصل الاجتماعي العادية التي تمطرهم بوابل من الإعلانات يميناً ويساراً، مما يعكر صفو تجربتهم، على عكس التجربة الحقيقية والمثيرة التي يحصلون عليها عند استخدام منصتنا". 

ولكن يرى الشناوي أنه من المُستبعد أن تؤدي هذه المنصات إلى تغيير الديناميكيات الحالية للتسويق عبر المؤثرين، فيقول: "لا أتوقع أن تؤدي هذه المنصات إلى تغيير الديناميكيات الحالية لسوق وسائل التواصل الاجتماعي العادية، ولكنها قادرة على إضافة عنصر جديد يسمح لمُبدعي المحتوى بتحقيق دخل من شهرتهم وتفاعلهم مع جماهيرهم". 

المنافسة المحتملة

في شهر تموز/يوليو الماضي، قامت شركة تيك توك الصينية –عملاق التواصل الاجتماعي التي تجاوز عدد مستخدميها مليار مستخدم هذا العام– بالإطلاق التجريبي لخاصية الإهداء في تطبيقها لتسمح لمستخدميها بطلب فيديوهات شخصية من المبدعين المفضلين لديهم ودفع مقابل هذه الفيديوهات باستخدام عملة داخل التطبيق. ويبدو أن هذه الخاصية غير متاحة حتى الآن إلا لعدد قليل من البلدان. وعندما سُئلت شركة "تيك توك" عمّا إذا كانت لديها خطط لتفعيل هذه الخاصية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رفضت التعليق قائلة إنه في حالة وجود خطة من هذا القبيل، فلن تكون هذه الخطة في المستقبل القريب.

ولا شك أن وجود "تيك توك" في السوق سيؤثر على منصات الإهداء الحالية نظراً إلى الانتشار الهائل لتطبيق "تيك توك" في أنحاء العالم، لكن مؤسسي هذه المنصات قللوا من خطورة تأثير المنافسة. يقول بدر: "سيكون ذلك تغييراً إيجابياً. على الأقل، سينفقون مزيداً من المال على جانب الوعي، مما يعني جذب مزيد من الجمهور للقطاع بأكمله. ونتطلع إلى ما سيقدمونه إلى السوق".

وأما الشناوي، مؤسس منصة Minly، فيرى أيضاً أن وجود "تيك توك" في سوق إهداءات المشاهير سيمثل ميزة إضافية، فيقول: "وجود تيك توك في سوق إهداءات المشاهير لا يمثل تهديداً، فسوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستطيع أن تستوعب الكثير من المنافسين، إنها قطاع ناشئ ووجود منافس جديد سيؤدي إلى احتدام التحدي".

وينحصر القدر الأكبر من المنافسة حالياً بين شركات المنطقة وبعضها والمنصات العالمية التي تعمل على توسيع نطاق انتشارها ليشمل منطقة الشرق الأوسط. وأعلنت شركة Cameo، التي تضم منصتها العديد من نجوم الشرق الأوسط، عن خطط للاستحواذ على شركة Represent، وهي شركة لتسويق وبيع منتجات المشاهير الذين تُمكِّنهم من إنشاء منافذ لمتاجرهم الإلكترونية على موقعها. وهذا الاستحواذ سوف يُمكِّن شركة Cameo من تقديم خدمات الترويج للمنتجات إلى جانب فيديوهات الإهداء، وستوفر تلك الخطوة مزيداً من مصادر الدخل للمنصة ومشاهيرها.  

يقول الشناوي: "لدينا فئة صغيرة السن ونشيطة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وهم متحمسون للتفاعل مع نجومهم المفضلين، وذلك بالتأكيد قادر على دفع عجلة نمو منصات الإهداء. وهناك إقبال شديد على هذا النوع من التجارب الحقيقية والصادقة التي تربط المعجبين بنجومهم المفضلين".

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.