English

مساعي أردنية لإلغاء قانون الرقابة على الإعلام

English

مساعي أردنية لإلغاء قانون الرقابة على الإعلام

بعد أسبوع تقريبًا على اتخاذ الحكومة الأردنية قرار حجب حوالي 300 موقع إلكتروني، اجتمع رؤساء المواقع الإعلامية الأردنية الأسبوع الماضي مع أعضاء في البرلمان لحثهم على تعديل قانون المطبوعات والنشر المثير للجدل في المملكة.   

 بعد الاحتجاجات خارج مبنى نقابة الصحافيين الأردنيين الثلاثاء الماضي والمظاهرات الاربعاء أمام مبنى البرلمان، توجه داوود كتّاب، الصحافي الفلسطيني ومؤسس "عمّان نت" وآخرون بينهم باسل العكور، المؤسس ورئيس التحرير في "جو24" ومدير التحرير في "وكالة عمون" للتحدث إلى الكثير من أعضاء البرلمان الذين قال كتّاب عنهم إنهم "يؤيدون بشدة موقفنا وهم غاضبون من تطبيق القانون".

 فبعد حجب موقع "عمّان نت" يوم الأحد الذي ينشر أخباراً محلية منذ عام 2000، لجأ كتّاب إلى مدونته ليعبر عن شعور يتشاركه مجتمع التكنولوجيا والإعلام في الأردن، حيث كتب أن "هذا مناهض لحرية التعبير التي كفلها الدستور الأردني، ومعارض لالتزامات الأردن من خلال مصادقتها على المواثيق الدولية، كما يعتبر تراجعاً عن وعود علنية قدمها رئيس الوزراء لأعضاء معهد الصحافة الدولي".

 بعد إقرار سياسة الرقابة لتصبح قانوناً نافذاً في أيلول/سبتمبر، انتفض مجتمع التكنولوجيا في الأردن ونُظِّمت احتجاجات ومظاهرة إلكترونية باعتماد أسلوب "التعتيم الإعلامي" ووجِهت كلها بالصمت.   

 وفي ذلك الوقت قدمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات "خطاب نوايا" تشير فيه إلى أن المبادرات التكنولوجية لن تخضع للرقابة وناشد الكثير من الأحزاب إلى إصدار "مذكرة توضيح" تضمن الحماية القانونية لمجتمع التكنولوجيا في الأردن. 

 وفي وقت كان هذا المجتمع في انتظار مذكرة التوضيح، انطلقت مساع جديدة لتغيير القانون بقيادة شخصيات جريئة مثل كتّاب وبدأت تشكل موقع قوة في البرلمان. وتشير التقارير إلى أن 50 من أعضاء مجلس النواب المؤلف من 150 نائباً، دعوا الحكومة إلى تأجيل تطبيق القانون فيما وقع 82 على عريضة لتعديله بالكامل من أجل حماية حرية التعبير في المملكة الهاشمية.

 لماذا الآن؟

 أتت الخطوة بعد أيام فقط من استضافة الأردن المنتدى العالمي لمعهد الصحافة الدولي بين 19 و21 أيار/ مايو الماضي والمنتدى الاقتصادي العالمي بين 24 و26 منه. واستمرت الرقابة خلال قمة الاندماج العاشرة التي عقدتها مجموعة المرشدون العرب في الثالث والرابع من حزيران/ يونيو الجاري والتي عالجت مواضيع شملت استراتيجيات البث والإعلام الإلكتروني والإعلام الاجتماعي وارتفاع نسبة استخدام الهواتف الذكية. وفي حين تتعارض الرقابة مع الخطاب الأردني الأخير عن الحرية والابتكار في تلك المؤتمرات، إلاّ أن الصمت حيال هذا الموضوع كان سيّد الموقف.  

 وقال حازم زريقات، مؤسس "صوت" وهي شبكة اجتماعية تقوم أساساً على مقاطع صوتية صغيرة، إن "الرقابة لم تناقش فعلاً في الجلسات". وحين سأل باسم العقّاد، المؤسس الشريك لفعاليات الثلاثاء التكنولوجي في عمّان (Amman Tech Tuesdays) خلال جلسة حول الاتصالات، حول التعارض بين المبادرات الأخيرة والرقابة، صدّه المتحدثون في الجلسة. ويتذكّر بأن أحد المنظمين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أجابه "أنا أطبق القانون فحسب". (استمع إلى السؤال على "صوت" هنا).

أحد الأسباب المحتملة لوراء تطبيق الرقابة قد تكون برأي كتّاب، الحدّ من النقاش على الإنترنت بعد خطة الحكومة الأخيرة لرفع رسوم الكهرباء ربما قبل نهاية حزيران/ يونيو، كجزء من اتفاق مع مؤسسة التمويل الدولية. وأشار إلى أن الإعلان عن رفع أسعار الكهرباء سبق أن تسبب باضطرابات واحتجاجات في الجنوب.

 هل القانون فعّال؟

يقول المدير التنفيذي لجمعية شركات تكنولوجيا المعلومات الأردنية "إنتاج"، عبد المجيد شملاوي، إن أكثر ما يثير القلق في القانون هو عشوائيته. وكرر بأنه "لا يوجد معايير في القانون"، موضحاً أنه "لا يحدد بشكل جيد ما الذي يعتبر موقعاً إخبارياً وما هو غير ذلك. وبعض المواقع الإلكترونية التي حُجبت ليست أردنية ولكن تتخذ من الأردن مقراً لها أو تنشر أخباراً عامة وليس بالضرورة عن الأردن".  

 وكما أشار شملاوي وزريقات، فإن القانون يمكن حتى أن يستخدم لحجب أخبار جوجل وياهو! إذ يبدو أنه يطبق على أي موقع يذكر الأردن.  

 بالإضافة إلى ذلك، هناك مراقبة ضئيلة للعملية، فالأمر كما يوضح شملاوي "متروك لمدير قسم الصحافة والمطبوعات، فالقانون يعطي الحق في الرقابة لشخص واحد فقط". 

 من بين البنود الأساسية للقانون أن أي صحافي يكتب في الأردن يجب عليه "الامتناع عن نشر كل ما من شأنه أن يثير العنف أو يدعو إلى التفرقة بين المواطنين بأي شكل من الأشكال". وهذا يشمل أيضًا أي تعليق يُنشر على هذه المواقع.

 غير أن شملاوي يرى أن السبب ورا ء حجب معظم هذه المواقع، هو ببساطة، أنها غير مسجّلة. ولكنه يضيف أن "أياً منها لم يبلّغ قانونياً أو مباشرة أن عليه أن يسجّل". 

 وتم رفع الحجب عن معظم المواقع منذ إعلان الرقابة الأولية بعد التشاور مع قسم الصحافة والمطبوعات وبعد التأكد بأنها ليست مواقع إخبارية أو بأنها مسجّلة رسمياً. وفي المقابل هناك مواقع أخرى تعمل وفقاً لعناوين إنترنت معدّلة (URL) أو تقود قرائها إلى صفحاتها على فايسبوك. 

هل ستؤذي الرقابة ثقافة الشركات الناشئة في الأردن؟

 تعتبر غالبية الشخصيات الإعلامية والتكنولوجية بأن الرقابة غير فعالة ويمكن التحايل عليها بسهولة. فبعيد الحجب، برز موقع uncensorjo.org ليسمح للناس بالدخول إلى مواقع "البوابة" و"جو24" و"عمّان نت" و"عرمرم".

 لكن يقول الكثيرون إنّ تأثير القانون قد يدمّر صورة الأردن أثناء سعيه ليكون بمثابة "وادي السيليكون" في الشرق الأوسط، غير أنّ النفاذ إلى المعلومات على الأرض لم يتأثر.

 يقول إبراهيم عويس، المصمم الإعلامي الجديد في الوكالة الرقمية المحلية "سينتاكس" Syntax، (حيث كنت أعمل سابقًا)، "إذا أراد الأردن أن يكون دولة رائدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات، فإن هذا القانون يعتبر مدمراً. ولكن في المقابل، لا يمكنك التحكم بالإنترنت. فمع فورة الإعلام الاجتماعي وعدد الناس الذين يستخدمون الإنترنت للتعبير عن آرائهم بحرية أكثر من السابق، لا أعتقد أن أي شيء يمكنه منعهم من الحصول على الأخبار المناسبة".

 أما فادي غندور، المؤسس ونائب رئيس مجلس الإدارة في "أرامكس" ورئيس مجلس الإدارة في "ومضة"، فهو من هذا الرأي، ويقول "كما كنت أشير دائماً، فإن الرقابة لا تنجح. إن كان هناك أي مشكلة مع المواقع الإخبارية التي تنشر معلومات خاطئة وتشهّر بالناس، فإن الرد يكون بتشديد القانون والعقوبات، وليس بالرقابة".

 التهديد الحقيقي

 غير أن أكثر عناصر القانون تهديداً، ليست القيود على الدخول إلى المواقع بل القيود على مؤسسي المواقع الإعلامية.

 ينص القانون على أن يكون أي رئيس تحرير عضواً في نقابة الصحافيين الأردنيين لمدة لا تقل عن أربع سنوات (للمزيد من المعلومات حول القيود على رؤساء التحرير، اضغطوا هنا لرؤية الرسم البياني الذي وضعته الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح). فرئيس التحرير مثلاً لن يكون قادراً على إدارة "ومضة" من الأردن.

 يكتب كتّاب في "هافينجتون بوست" Huffington Post أن الحصول على عضوية في النقابة ليس أمراً سهلاً، فـ"المفارقة أن نقابة الصحافيين الأردنيين هي اتحاد مغلق مفتوح فقط للصحافة المكتوبة والموظفين في الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء التابعة للحكومة. ولا يعترف قانون النقابة بالإعلام الإلكتروني ولا يسمح لمراسلي مواقع على الإنترنت أو محطات إذاعية وتلفزيونية بأن يصبحوا أعضاء".  

 إذا تم تطبيق هذا العنصر من القانون حرفياً فقد يعرقل إنشاء أي شركة ناشئة تنشر المحتوى (سمّوا شركة ناشئة على الإنترنت لا تفعل ذلك).

 هل سيقود ذلك إلى إبعاد الاستثمار ووقف تأسيس الشركات الناشئة؟ يجيب شملاوي من "إنتاج" أنه "إذا بقي القانون على غموضه وإذا لم يكن هناك مذكرة توضيح أو شرح فالجواب هو نعم ، من شأن ذلك إيذاء القطاع".

 يوافق زريقات أن "هذا من شأنه في الواقع أن يمنع الناس من أن يكونوا مبتكرين أو أن يطلقوا شركة. هل على من يريد فتح موقع صغير في بلدته أو بلدتها ونشر أخبار محلية، أن يوظف شخصاً لديه خبرة أربع سنوات؟".

 

 الصورة أعلاه التقطتها حسام دعنة من "حبر". للمزيد من الصور عن احتجاجات الثلاثاء أمام نقابة الصحافيين والأربعاء أمام البرلمان، زوروا موقع حبر دوت كوم.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.