English

ماذا تخبئ لنا السنوات العشرة المقبلة؟ حديث مع بدر جعفر

English

ماذا تخبئ لنا السنوات العشرة المقبلة؟ حديث مع بدر جعفر

بدر جعفر يتحدّث خلال مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك  

تملأ روح التفاؤل عالم الريادة طوال الوقت خصوصاً في العالم العربي. وبحسب العروض البراقة والعديد من المحادثات الشبيهة بمحادثات "تيد" في القطاع، يعتبر الابتكار الحل لمشاكل المنطقة، التي ستكثر فيها النشاطات وستتلقى دعمًا كاملاً من الحكومة والقطاع الخاص. ولكن الأمل المنطقي والمدروس بالمستقبل هو شيء، والتفائل الأعمىهو  شيء آخر لا يثير سوى المزيد من الغموض. 

ولهذا السبب كان من المفرح سماع بدر جعفر يعرض رؤيته الواضحة لمشاكل المنطقة في ما يختص بإدارة الأعمال، فضلاً عن الخطوات الملموسة التي تتخذها شركته "مبادرة بيرل" Pearl Initiative التي أطلقها لمواجهة هذه المشاكل. 

وقال لـ"ومضة" خلال اتصال هاتفي إننا كمنطقة "لا نفعل ما يجب علينا فعله وما يمكننا أن نفعله" لدفع الأعمال قدماً بطريقة مستدامة. 

الوضع خطير نظراً إلى توقعات المستقبل المنظور، فـ"في السنوات العشرة المقبلة نتوقع انتقال شركات وأملاك بقيمة تريليون دولار (حوالي 90% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الدول العربية في أيادي شركات عائلية) من جيل لآخر... وهذا الانتقال سيدمّر قيمتها. فما معدله 30% من الشركات العائلية تصمد بعد الجيل الثالث". 

قد يكون العالم العربي هشاً بشكل خاص أمام هذا النوع من تدمير القيمة بسبب العمر اليافع النسبي للشركات في المنطقة. ولمواجهة هذه الهشاشة، قام جعفر، المدير الإداري للشركة القابضة المتعددة الجنسيات "كريشنت غروب" (Crescent Group) وفروعها "كريشنت بتروليوم" و"كريشنت انتربرايزس" في الإمارات وأسسها والده حميد في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بتأسيس "مبادرة بيرل" عام 2010 بالتزامن مع مكتب الأمم المتحدة للشراكات. ومهمة المبادرة هي تشجيع ثقافة التعاون في إدارة الشركات في المنطقة والتي يعتقد جعفر أنها لا يمكن فقط أن تخفف دورة تدمير القيمة بل أيضاً مساعدة شركات المنطقة على أن تصبح "أكثر نجاحاً وربحية".  

ويقول الرئيس التنفيذي إنه "في بعض أجزاء الشرق الأوسط، الطريقة الأسهل لجعل شركة تقف على قدميها وتنشط هي الرشوة". ولكن بالنسبة للشركات الإقليمية التي أسست نفسها في هذه البيئة القاسية في فترة نصف القرن الأخيرة، فإن خلق ثقافة من الشفافية والمحاسبة ـ التي يصفها جعفر بـ"الإدارة الجيدة للشركات" ـ يمكن أن تكون عملية معقدة لمساعدة القادة على عبور الأنظمة المشبعة بالفساد والتآمر. 

وهذه الشركات الكبرى والقائمة على أسس جيدة، كانت محط تركيز مبادرة بيرل في السنوات الأولى، بحسب جعفر. ولكن في الأشهر القليلة الماضية اتخذ الفريق القرار بـ"خوض برامج تطوير محددة تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة والرياديين" للسماح لهؤلاء بدخول عالم الأعمال وتحقيق فرصة إقامة شركات وتنميتها بأنظمة إدارة مستدامة.  

تعتبر عملية نشر ممارسات الإدارة الجيدة للشركات بين الرياديين، أسهل لأنهم لم يحظوا عموماً بفرصة الاعتماد على الممارسات غير المستدامة. ويشدد جعفر أن "الوقاية أفضل من قنطار علاج" في وصف تحوّل مبادرة بيرل. 

سيتضمن برنامج الرياديين تعليم نماذج الإدارة المستدامة الخاصة بالقطاع فضلاً عن التعريف بالثقافة الريادية بشكل عام لا سيما تخليص المعاملات "لحماية الرياديين أنفسهم وأصحاب الأسهم" بالإضافة إلى أفضل ممارسات التوعية العامة.  

غير أن فريق مبادرة بيرل يستهدف من يعتبرهم الرياديين الأوائل أي الطلاب الذين لا يزالون في الجامعة. ومسابقة بيرل لإعداد دراسات حالة التي أطلقت العام الماضي في السعودية، شارك فيها طلاب السنة الثانية إدارة أعمال من 12 جامعة في المملكة للتعرف على شركات في محاولة لتقديم دراسات حالة بناء على تجارب إيجابية مع ممارسات مكافحة الفساد. وأفضل ثلاثة فرق (اختيرت من بين 1400 دراسة حالة) حصلت على جائزة من اختيارها. (كل منها اختار فترة تدريب داخلية في الإمارات). 

وهذا العام، أطلق البرنامج ذاته في الإمارات شاركت فيه 11 جامعة. والفريق الرابح من الجامعة الأميركية في الشارقة سيشارك في ندوة الجريمة الاقتصادية في جامعة كمبردج (Economic Crime Symposium) في المملكة المتحدة الشهر المقبل. وفي السنوات المقبلة، ستحمل بيرل البرنامج وتدور به في كافة دول مجلس التعاون الخليجي.

حفلة توزيع جوائز مسابقة إعداد دراسات حالة في جدة  

لا يظهر البرنامج للطلاب الممارسات الإدارية الجيدة للشركات فقط بل يقدم أيضاً دفعا إيجابيا للشركات نفسها. ويشدد جعفر أنه "نظراً إلى أن مجتمعنا يقوم على العلاقات، فإن الفضح والتشهير لا ينفعان، بل ان الدفع الإيجابي أفضل حيث تحدد الأمور الجيدة التي تجري في الشركة ومن خلال رفع مستوى الوعي بين النظراء، يقف الناس ويقولون 'نحن أيضاً'".

وترسيخ الممارسات التجارية المسؤولة لدى الطلاب شيء جيّد بحد ذاته، ولكن مبادرة بيرل لم تتخلّ عن شركات المنطقة ـ وتلك التي لديها أعمال هنا ـ التي تتمتع بمسؤولية أكبر في عملياتها ووسائل جمع الإيرادات.

وماذا يحصل حين تكون مكافحة الفساد مثبطة للعزيمة؟ يجيب جعفر "لا يمكنك أن تطبق مقاربة مماثلة على هذا النوع من الممارسات". فمبادرة بيرل تتعامل مع كل شركة ببرنامج يلائمها ليس فقط بناء على نوع العمل الذي تقوم به بل أيضاً بناء على "الوقائع الثقافية والاجتماعية على الأرض. أنت تحتاج لأن تكون وثيق الصلة ثقافياً في طريقة تطبيق هذه الممارسات".

رغم التحديات التي لا شك تواجهها المنطقة، يبدو تفاؤل جعفر مدروساً تماماً كما هي شركته. ويقول "هناك إمكانيات كبيرة وفرص أكبر ليكون هناك تأثير إيجابي في ما يتعلق بالتهديد الوشيك الذي تواجهه شركتك. ليس من الكماليات أن يكون لديك إدارة جيدة فهي ليست للزينة بل أساسية". 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.