English

كيف يعزز توسيع الشركات النمو المستدام؟

English

كيف يعزز توسيع الشركات النمو المستدام؟

شهدت السنوات الـ15 الماضية توجّهاً كبيراً للطاقة ورؤوس الأموال نحو الاستثمار في الشركات الناشئة حول العالم، حيث التزم صنّاع القرار، بمن فيهم أولئك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بتطوير البيئات المناسبة لتغذية الأعمال الجديدة. ولقد تمّ ذلك بالتركيز عادةً على الأعمال التي تستفيد من تكنولوجيا المعلومات، في سبيل إرضاء الزبائن وإشعارهم بالأهمّية.

المنطق سهل: الشركات التقنية الناجحة تقود إلى نموٍّ اقتصاديٍّ قويّ، فضلاً عن كونها تتطلّب القليل من الموارد في عملية إنشائها والتحقّق من جدواها.

وفي حين أنّ نمط التفكير هذا يعمل بشكلٍ جيّد، فإنّ صنّاع القرار وسواهم قد لا يتمكّنون غالباً من الوصول إلى نتائجه المرجوّة. وبالطبع، فإنّ عملية زرع عددٍ كبيرٍ من الشركات الصغيرة، هي عنصر مطلوب للوصول إلى نموٍّ قويّ. ولهذا السبب تعمل العديد من حاضنات الأعمال على إنشاء الأعمال الجديدة ونماذج الأعمال والتحقّق من جدواها.

ولكن بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تأمين الموارد والبنى التحتية الضرورية لهذه الشركات كي تنمو، هو أمرٌ مهمّ أيضاً. بعبارةٍ أخرى، لا يكفي أن تبدأ الشركة الجديدة بأعمالها وحسب، بل يجب أن تتوسّع كي تستطيع الإيفاء بوعودها.

ما هي الشركة المتوسِّعة scale up؟

بحسب "إنديفور" Endeavor، الرائدة عالمياً في تحفيز نموّ المشاريع الجديدة، فهي تُعرّف الشركات المتوسِّعة على أنّها "الشركات التي تبلغ أكثر من ثلاثة سنواتٍ على الأقلّ مع متوسّط نموٍّ سنويٍّ للتوظيف يبلغ 20%." لأنّ ما يهمّ من الأمر، هو نموّ التوظيف مع معدّل كبيرٍ ومستمر.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ نموّ التوظيف ينطوي على مجموعةٍ من مقاييس النموّ الأخرى، وهذا هو السبب كي يكون من أفضل مؤشّرات النجاح التي يعتمدها صنّاع القرار والمستثمرون. فالربحيّة أو النموّ السريع لقاعدة العملاء والتوسّع الجغرافي والدخول إلى أسواقٍ جديدة، تقود جميعها للحاجة إلى موظّفين جدد. ونموّ التوظيف يعني بالفعل توسيعاً في قاعدة المستخدم (أو استعمال خدمات أعمال التبادل B2B)، وتوسيعاً في الإيرادات المتنامية وفي نموّ قاعدة الدخل الخاضع للضريبة.

في المقابل، لا تتمكّن كلّ شركةٍ ناشئةٍ من التوسّع، فمعظمها يفشل في الواقع. وفي دراسةٍ دانماركية، لاحظ الأستاذ في جامعة بوبسون Bonson، دانيال أيزبنرج Daniel Isenberg، أنّ ما يقلّ عن 1% من الشركات الناشئة تمكّنت من التوسّع بعد خمسة سنواتٍ من العمل، فيما استقرّت البقيّة على موظّفَين اثنَين أو ثلاثة لكلٍّ منها. وأيضاً في دراسةٍ لمنتدى الاقتصاد العالمي World Economic Forum، تمّ الكشف أنّ "600 شركة (ما يعادل 1/ 10,000 من إجمالي عدد شركات الولايات المتّحدة الأميركية) تمكنت من إيجاد 160,000 وظيفة في السنتَين الماضيتّين وحسب (بنسبة 1/20 تقريباً من مجمل الاقتصاد الأميركي).

ويقترح أيزنبرج عدّة طرقٍ يمكن لصنّاع القرار اتّباعها، لتسهيل عملية النموّ بين الشركات التي تملك إمكانات نموٍّ مرتفعة. كما يعتبر أنّ السماح بالفشل السريع لدى الشركات ذات الأداء الضعيف، وتدريب قوى عاملة بمؤهّلات مرتفعة، هي أفضل الطرق التي يمكن لصنّاع القرار أن يعملوا من خلالها على التوسّع. فالفشل السريع يقلّص حجم الموارد التي يكرّسها صنّاع القرار والمستثمرون لشركةٍ قد تكون قابلةً للاستمرار بالحدّ الدنى، في حين أنّ تدريب المهارات الصحيحة يقلّل من مقدار الوقت الذي تحتاجه الشركة لاستيعاب موظّفين جدد.

التحدّي في التوسّع

تحمل عملية توسيع العمل تحدّياتها الخاصّة بالنسبة لمؤسِّسي ومدراء الشركات. فزيادة عدد أعضاء الفريق غالباً ما تعني بناء بيروقراطيةٍ جديدةٍ يمكن أن تقلّل من الإنتاجية إذا لم تتمّ إدارتها بعناية، كما أنّ القادة يحتاجون لاتخاذ قراراتٍ تتعلّق بإدارة المجموعة والأدوار الفردية. أمّا الجهاز البيروقراطيّ الذي يتواصل الناس من خلاله أم لا، يؤثّر في النهاية في المنظّمة التي تنمو من حيث شعور أفرادها بالدعم والإنتاجية.

في السياق، لا بدّ أنّ حجم الفريق يؤثّر في الإيرادات. فعندما يكبر الفريق، يكبر كذلك الجهد الذي يرتبط بحثّ أعضاءه على العمل. وممّا ذكره الأستاذ في جامعة ستانفورد Stanford، بوب ساتون Bob Sutton، أنّ الضغط الفكري الكثيف، أي الجهد الفكري الذي تبذله ذاكرة شخصٍ ما، يمكن أن يحدّ من قدرة مختلف أعضاء الفريق على تحقيق أهدافهم. فالتحدّيات المتمثّلة بإدارة العلاقات وجداول المواعيد والمقابلات ومختلف النشاطات المتعلّقة بعمل الفريق، تؤثّر على قدرة الأفراد في التركيز على عملهم.

من جهةٍ أخرى، يمكن للمديرين أن يخففوا من حدّة مشكلة الضغط الفكري، من خلال التركيز على إبقاء الفرق العاملة في حجمٍ يمكن إدارته. وعلى سبيل المثال، يقوم موقع التواصل "تويتر" Twitter باستخدام فرقٍ صغيرةٍ ومستقرّةٍ من الناس للتوسّع. أمّا عن الحجم الأمثل للفريق، فيقول ساتون إنّه نحو خمسة أشخاص.

التحدّيات التي يواجهها المدراء الذين ينوون التوسّع أكثر من أن يتمّ تعدادها في هذه المقالة، ولذلك يمكن للمهتمّين من القرّاء أن يطّلعوا على المزيد من هنا.

إعلان التوسّع

إنّ إدراك أهمّية التوسّع قاد أيزنبيرج وعدداً من روّاد الأعمال والباحثين إلى إصدار "الإعلان العالمي للتوسّع" The Global Scale Up Declaration. هذا المستند يهدف للفت الانتباه إلى الدوافع الحقيقية للفرص والتنمية الاقتصادية، أي توسيع نطاق الشركات بنجاح. أمّا الرسالة التي تقول إنّ الشركات الناشئة مهمّةٌ للنموّ كمرحلةٍ أولى وحسب، فيجب أن يأخذ بها الكثيرون.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.