English

شركة لبنانية ناشئة تطمح لتغيير مفهوم إنتاج المحتوى‎‎ الرقمي‎

English

شركة لبنانية ناشئة تطمح لتغيير مفهوم إنتاج المحتوى‎‎ الرقمي‎

بعدما شهدنا على تحول المواقع الإلكترونية إلى شركاتٍ قائمةً بذاتها، ها هي تعيد النظر في أهمّية المحتوى المكتوب لتعزّز ظهورها على محرّكات البحث، خاصّةً مع اعتماد الناس على الإنترنت في استقاء الكثير من المعلومات.

من ناحية المحتوى العربي، يظهر أنّ الكثير من المواقع العربية التي تخلق المحتوى ترتكز في الأساس إلى اللغات الأجنبية، ربّما ذلك لاعتقادها بأنّ اللغة العربية غير قادرةٍ على مواكبة العالمية. فقد ذكرت إحصاءات موقع "إنترنت وورلد ستاتس" Internet World Stats أنّ 35,8% (أي نحو 135,6) مليوناً من الشعب العربي البالغ عدده نحو 380 مليون نسمةٍ يستخدمون الإنترنت. وهذا ما يجعل مستخدمي الإنترنت ممّن يتحدّثون اللغة العربية في المرتبة الرابعة عالمياً، بنسبة 4,8%. ولكن المحتوى العربي لا يتعدّى 3% من نسبة محتوى الإنترنت العالميّ، ويحلّ في المرتبة العاشرة، ما يعني أنّه ما زال بحاجةٍ للتطوير والتكثيف.

وفي وقتٍ تمثّل صناعة المحتوى الرقميّ العربي دعامةً رئيسيةً لاقتصاد المعرفة، فهي تتطلب إنشاء المحتوى ومعالجته والعمل على نشره وتوزيعه. ويقابل هذه الحاجة مشكلةً تتجلّى في صعوبة الحصول على خبراء في كتابة المحتوى والتدقيق فيه، وبالأخصّ باللغة العربية. وبما أنّ الحاجة تواجدت، كان لا بدّ إذاً من توفُّر الحلول.

 خدماتٌ بثلاث لغات

انطلقَت"رولين بين" RollinPen منذ عامَين لتقدّم خدمات كتابة المحتوى والتدقيق اللغوي والتصحيح والتحرير والترجمة باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنجليزية.

وتقول مؤسِّستها، رائدة الأعمال اللبنانية سيلين خوري، إنّ الشركة التي تعمل وفقاً لنموذج B2B، تستهدف الشركات فحسب وليس الأفراد. "الفكرة ليست مبتكَرَةً لكنّها تلبّي حاجةً ملحّةً،" لأنّ الفرد بالأساس يحتاج للتواصل بشكلٍ أفضل من خلال التعبير والكتابة عن نفسه وعن شركته ومشروعه. وعلى الرغم من أهمية فريق التسويق والبيع، "إلّا أنّ معظمها لا يملك فريقاً أو حتّى شخصاً لإنشاء المحتوى الغنيّ والمتميّز،" الذي تستفيد من نشره على مواقعها الإلكترونية التي باتت تعتمد كثيراً عليها. وهذا ما يساعد الشركة على التواصل بشكلٍ أفضل، وبالتالي تسويق سلعها بشكلٍ أفضل أيضاً.

وخوري التي عملَتْ في مجال النشر لعدّة سنوات بعدما درسَت الأدب الفرنسي ومن ثمّ حازت على ماجستير في التسويق والتواصل من"المعهد العالي للأعمال" ESA في لبنان، تقول إنّ الكتابة ليست بالأمر السهل. "أردتُ إنشاء عملي الخاص، وبحسب رؤيتي أنا. هذا ما يتمنّاه أي رائد أعمال." وعن الفكرة التي حفّزتها للقيام بهذه الخطوة، تشرح أنّها أرادَت "تقديم الأداة المناسبة للشركات لكي تبني سياستها التحريريّة الخاصّة، لأنّ الكتابة بثلاث لغاتٍ مختلفةٍ لا تتوفّر بشكلٍ كبيرٍ وبالدقّة المطلوبة، وهو ما أعمل على توفيره من خلال ‘رولين بين‘."

عملٌ انطلق بمجهودٍ شخصيّ

هذه الرائدة الي لم تكن تعرِف الكثير عن عالم الريادة، تعرّفَت إلى مسابقة"بيريتيك"Berytech  فتقدّمَت وحَصلَتْ علىجائزة "المرأة الفرنكفونية الريادية" Femme Francophone Entrepreneur 2013، ممّا ساعدها على استثمار المال الذي حصلت عليه من الجائزة في بعض الأمور الاستراتيجية مثل التواصل وتطوير الموقع.

وفيما سبق، كانت "رولين بين" التي بدأت بتمويلٍ شخصيٍّ من خوري، قد قامَت على مجهودها الخاصّ من حيث القيام بالأبحاث ودراسة الحاجة والخدمة والهدف والعملاء وفرص السوق، تلاها التعاقد مع مطوّر برامج لبناء الموقع.

ونظراً لصعوبة العثور على كتّاب ومحرّرين خاصّةً باللغة العربية، تقول خوري التي تُعتَبَر الموظّف الوحيد بدوامٍ كاملٍ في "رولين بين"، إنّها تعرّفت إلى الذين يعملون معها عبر علاقاتٍ مهنيةٍ وشخصية. وهؤلاء الذين يصل عددهم إلى خمسة أشخاصٍ تصفهم بـ"المحترفين باللغة الأمّ،" يعمل كلٌّ منهم كمساهِمٍ أو خبيرٍ ولكن من خارج الشركة. وإذا كان من الأفضل أن يتواجد المراجعون والمحرّرون داخل الشركة، لكنّ الوضع المالي، بحسب خوري، لا يسمح بذلك كون "رولين بين" لا تزال في طور النموّ. وبالنسبة لمراقبة جودة المنتَج، تعمل ششركتها مع كتّاب ومترجمين ومحرّرين " ذوي خبرةٍ واسعة،" للتدقيق مرّةً أخرى في عمل المساهمين.

أمّا عن كيفية سير العمل، تشرح خوري أنّه بعد الحصول على مشروعٍ ما، تُرسَل نسخةٌ كنموذجٍ إلى الزبون ليطّلع على نوعية الكتابة. وبعد الموافقة، يبدأ العمل على المسودّة وتنفيذ التعديلات التي يطلبها الزبون بأيّ لغةٍ أراد. وفي حين تصف هذه العملية بالسهلة، تقول إنّها "على ما يبدو تلقى نجاحاً لأنّ عملاءَنا راضون ومستمرّون بطلب خدماتنا. يمكن تجربة صفحةٍ واحدةٍ، فإذا نالت إعجاب العميل طلب غيرها."

وعن هذا الأمر تقول مسرورةً، إنّ "مشروعي بحدّ ذاته يشكّل عائداً مهمّاً لي. فلقد واجهتُ صعوباتٍ تتعلّق بالنظرة إلى الكتابة، إذ أردنا إعطاء أهميةً للمحتوى في وقتٍ لا يقدّر الناس قيمته. ولكن بدأ هذا الأمر يتغيّر حالياً."

ومع ثلاثة إلى أربعة عملاء أساسيين من لبنان كشركة "باسول وحنينه" للسيارات وشركاتٍ للعلاقات العامّة ومؤسّسات ومدارس مثل "مدرسة الشويفات الدولية" SABIS SCHOOL، تبقى سوق "رولين بين" محلّيةً بالرغم من أنّ لها عميلٌ في مصر وآخر في فرنسا. وهذه الشركة الناشئة التي تعمل على تحسين خدمتها أكثر، تشهد نموّاً لعملائها المنتظمين بنسبة 28% سنةً بعد سنة.

وبالنسبة للأسعار، تشير خوري إلى أنّ شركتها تنافسية من هذه الناحية، خاصّةً بالنظر إلى القيمة المضافة التي توفّرها سواء من حيث الخبرة التجارية، أو من خلال المنتَج (كتابة أو ترجمة أو تحرير). وفي حين تضع "رولين بين" أسعاراً تقريبيّةً على صفحتها على الإنترنت، إلّا أنّها ليست نهائيةً إذ "يتمّ تقييم كلّ مشروعٍ ويسعّر على أساس احتياجات العميل،" بحسب خوري.

المنافسة والتحدّيات والخطط المستقبلية

هذه الشركة الناشئة ليست الأولى من نوعها، حيث تتواجد شركات ترجمةٍ كبرى. ولكنّها بالرغم من امتلاكها قسماً للترجمة، فإنّ ما تتميّز بخدمة إنشاء المحتوى. "وبهذا الشكل يكون العاملون بدوامٍ حرّ في هذا المجال هم المنافسون الأساسيون،" وفقاً لخوري التي تشير إلى أنّ ما لا تجده في الكثير من هؤلاء، هو اتقان اللغات الثلاثة بشكلٍ احترافيٍّ وتقديمها في حزمةٍ واحدة؛ كتابة وتحرير وترجمة.

 
يشكّل التمويل عقبةً أمام معظم الشركات الناشئة، ومنها "رولين بين" التي تتمنّى مؤسِّستها الحصول على شريكٍ استراتيجيّ أو مستثمِرٍ ومموِّلٍ بهدف التوسّع. وهذه الرائدة التي تعترف أنّها لم تكن مستعدّةً لتلقّي تمويلٍ في السابق، تقول إنّها أصبحت جاهزة الآن. وعن التحدّيات الشخصية التي واجهتها، تشير إلى "أنّك كرائد أعمالٍ يمكن أن تشعر بالوحدة. وفي السوق تحتاج لإرضاء العملاء والحصول على ردّة فعلٍ جيّدة، وهذا ما يشكّل تحدّياً كبيراً. ولذلك كُنْ صبوراً وطموحاً ولا تيأس، لأن هذه التجربة يتخلّلها فشلٌ ونجاحٌ."

تعتمد "رولين بين" على الموقع الإلكتروني كمقرٍّ افتراضيٍّ إلى جانب تواجد خوري وعملها من "بيروت ديجيتال ديستريكت" BDD، وتخطّط لإضافَة خدمةٍ تتيح إمكانية شراء منتَجاتها والدفع إلكترونيّاً عبر الموقع الإلكترونيّ الخاصّ بها.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.