English

‘لا تكن موظفًا‘، وصفة رشا شحادة للنجاح في الشركات العائلية‎‎

English

‘لا تكن موظفًا‘، وصفة رشا شحادة للنجاح في الشركات العائلية‎‎

رشا شحادة التي لم تبلغ 29 سنةً من العمر بعد، تعمل كمديرٍ عامٍّ لشركةٍ تجاريةٍ دولية. الإبنة الوسطى التي وُلدَت لمهاجرين فلسطينيين في الإمارات العربية المتّحدة، حصلَت على هذا المنصب من والدها نهاية العام الماضي. وبحسب تعبيرها، فهي استحّقت ذلك لأنّها أثبتَت أنّها الكثر حماساً واندفاعاً بين أشقّائها. وشركة "داياموند لاين" Diamond Line التي أطلقها عامَ 1997 والدُها الذي يعمل كمهندسٍ مدنيّ، هي شركة تجهيزاتٍ للفنادق وتُعنى بإنتاج المواقد الصغيرة التي توضع تحت الأواني لإبقاء الطعام ساخناً chafing oil cans (الصورة أدناه)، وتبيعها إلى أكثر من 20 بلداً حول العالم.

منذ أن اشترى والدها، الذي تصفه بـ"المؤسِّس"، مصنعاً في الصين لإنتاج هذه المواقد منذ 12 عاماً، انتقلوا من إنتاج 3 آلاف وحدةٍ شهرياً إلى 3 ملايين منها في الشهر. وتقول شحادة، "لا زلنا في موقعٍ نحتاج فيه لسدّ الكثير من الثغرات. ربّما من 5 إلى 10 سنواتٍ قادمة سنحتاج إلى تنويع إنتاجنا ونكون أكثر انتقائيّةً، ولكن لا يبدو الأمر قريباً. أشعر بالسعادة لأنّني تولّيتُ زمام الأمور في وقتٍ نحتاج فيه للنموّ."

وفي حديثٍ سابقٍ معنا، أعلمَتنا شحادة أنّ شركتها التي توظّف 60 شخصاً، بلَغَ حجمُ مبيعاتها عام 2014 نحو 45 مليون درهمٍ إماراتيّ (أكثر من 12 مليون دولار أميركيّ). وبالرغم من كون "داياموند لاين" شركة صغيرة تقنيّاً، إلّا أنّ المديرة الشابّة تأمل أن تحوّلها إلى شركةٍ متوسّطة خلال فترة قيادتها للفريق.

وبعد أكثر من شهرٍ من تولّيها منصبها الجديد، تحدّثت شحادة إلى "ومضة" شارحةً ماذا يعني أن تتولّى وتنمّي شركةً قائمةً بالفعل، وتتطرّق إلى السياسات التي تتّبعها الشركة العائلية، بالإضافة طبعاً إلى عمل المرأة في شركةٍ شرق أوسطيةٍ كبرى.

"ومضة": ماي هي قصّة "داياموند لاين"؟

رشا شحادة: أدعو مؤسِّس هذه الشركة بالـ"دينامو"، فهو رائد أعمالٍ محض: منذ عمر ستّ سنوات وهو يعمل في التجارة في السوق. وقبل "داياموند لاين" أنشأ 4 شركاتٍ ناشئةٍ فشلَت بمعظمها. وعندما أصبح في عمر 47، قال إنّ "هذه فرصتي الأخيرة، لا أستطيع أن أبقى موظّفاً لبقيّة حياتي." وبسبب هذا العزم، وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.

"ومضة": ما هو شعورك في تولّي المسؤولية وأنتِ من الجيل الثاني؟

شحادة: لا شكّ أن مسيرتي لن تكون صعبةً كمسيرته، ولكنّها تملك تحدّياتها الخاصّة. لقد انطلق من الصفر وصولاً إلى العشرة، أمّا أنا فسأحملها من العشرة لأصل بها إلى المئة. فالمسؤوليات ازدادت والتكاليف ارتفعت دراماتيكياً كما تضاعف عدد العمّال ثلاث مرّات... لقد جئتُ إلى شركةٍ قائمةٍ بالفعل، ولكنّها تحتاج إلى أن تنمو أكثر وأكثر.

"ومضة": تسلّمتِ هذا المنصب منذ شهرٍ تقريباً، ولكن ماذا حقّقتِ حتّى الآن؟

شحادة: التغيير الأهمّ حتّى الآن هو أنّني اضررتُ إلى حلّ مشكلة ضعف الإيرادات. لقد احتاج الأمر إلى كثيرٍ من الاستثمار في وقتٍ نشهد فيه ضعفاً في الإيرادات. والآن أعمل أيضاً على تقليص العروضات التي نقدّمها لعملائنا، فهم يعلمون جيّداً ما الذي نفعله.

"ومضة": هل شعر عملاؤكم بالارتباك؟

شحادة: بالإضافة إلى المواقد الصغيرة، نستورد ونوزّعها تجهيزات الفنادق. [وعدم التخصّص] أثّر سلباً على علاقتنا مع العملاء، نعم.

"ومضة": كيف واجهتم هذا الأمر؟

شحادة: لقد أضفنا خطّ إنتاجِ آخر. أعتقد أنّ الاستثمارات الصناعية في دولة الإمارات العربية المتّحدة لديها عائداتٌ أكثر من الاستثمارات التجارية. معظم المستثمرين في دولة الإمارات هم من المغتربين، لذلك نادراً ما يتّجون نحو استثمارٍ طويل الأجل، والتجارة تُعتَبَر كاستثمارٍ على المدى القصير، حيث تشتري المنتَج ومن ثمّ تبيعه وينتهي الأمر. أمّا التصنيع فهو استثمارٌ يحتاج من 5 إلى 7 سنواتٍ ليولّد عائداتٍ كافية. ومجال التصنيع هو الذي قرّرتُ أن نركّز عليه، لأنّ المنافسة لا تكثر فيه.

"ومضة": لماذا اختاركِ والدكِ من بين جميع أبنائه؟

"شحادة: في الواقع، إنّ الذكر هو دوماً من يطّلع بلعب الأدوار القيادية في منطقتنا، هذه هي القصّة التقليدية. ولكن مع الوقت، أصلحنا منفتحين قليلاً، حيث باتت بعض العائلات تسمح للمرأة أن تتسلّم زمام القادة بنفسها. وفي حالة عائلتنا، فإنّ لديّ شقيقةٌ أكبر منّي دخلت مجال الأعمال قبلي، ولديّ شقيقٌ أصغر منّي يعمل في هذا المجال أيضاً. وعندما يسألني أحدهم عن السبب، فسأجيبه بسهولة أنّني الأكثر كفاءةً لتولّي هذا الأمر في الوقت الحاضر. لا أحد يعلم ما قد يحدث مستقبلاً، فلا يوجد هذا النوع من التنافس بيننا [الأشقاء].

"ومضة": ما الذي يجعلكِ مميّزةً برأيكِ؟

شحادة: لأنّني كنتُ أملك رؤيةً ما. عندما أعمل مع المؤسِّس لا أتصرّف كأنّني موظّفة، ولم آخذ الأمر على أنّه رئيسي في العمل وحسب؛ كنتُ دائماً ما أناقش الأفكار، فشلتُ في بعض الاختبارات ونجحتُ في سواها. في الوقت نفسه قرّر المؤسِّس التنحّي.

"ومضة": ما الذي فعلتِه؟

شحادة: لم أحقّق الملايين للشركة. لقد كانت حالةً واحدةً فقط، حيث اقترحتُ فكرةً لتحفيز الموزّعين لدينا. جرّبتُ العمل مع فريقٍ مساعِد فكانت النتائج إيجابيةً جدّاً، وعندها قال لي [المؤسِّس] "الشركة الآن باتَت في أيدٍ أمينة، تولّي قيادتها." أمّا أشقّائي فكانوا يحصلون على التعليمات ويسعدُهم تنفيذُها، ولم يكونوا متمرّدين بقدر ما كنتُ أنا.

"ومضة": هل رغبتِ يوماً في العمل مع شركةٍ عائلية؟

شحادة: لم أنضمّ إلى هذه الشركة إلّا بعدما عملتُ لبضع سنواتٍ في مكانٍ آخر. كنتُ أعمل مع وكالة إعلانات متعدّدة الجنسيات، ولكنّ شيئاً ما دفعني للبحث عن طريقةٍ أفضل أتابع فيها مسيرتي حتّى لو كانت مع شركةٍ عائلية. وبعد سبع سنوات، أدركتُ أنّني اتّخذتُ القرار الصائب.

"ومضة": هل أثّر هذا الدور فيكِ كامرأةٍ سلباً أم إيجاباً؟

شحادة: لقد كان للأمر بعض المساوئ في حالاتٍ قليلةٍ جدّاً. عندما بدأتُ بالبحث عن مرشدين للتعلّم منهم، حصلتُ على الكثير من المساعدة. أعتقد أنّ النساء تقدِّمْنَ المساعدة بشكلٍ جيّد لبعضنّ البعض. أشارك في "مجلس سيّدات أعمال دبي" Dubai Business Woman Council وأعتقد أنّ ما حصلتُ عليه من معلوماتٍ هناك، يساوي دورةً تدريبيةً بقيمة 100 ألف دولار. بالإضافة إلى ذلك، أحصل على الدعم من جهاتٍ مثل "فيتال فويسز" Vital Voices.

ولأنّ النساء يجدنَ صعوبةً في الدخول إلى الشركات العائلية والحصول على أدوارٍ قيادية، فلقد أتيحت لي الفرصة للتألّق. كان الأمر في الواقع أقلّ تنافسية بالنسبة لي، إلى حدّ أنّني صُنَفْتُ من مجلّة "فوربس" Forbes كواحدةٍ من أكثر النساء نفوذاً في الشركات العائلية ضمن المنطقة العربية. لقد ستعد هذا الأمر على الاعتراف بي كأقليةٍ فاعلة، وهذا يساعد كثيراً. ولكي نكون صادقين، إنّ لائحة "فوربس" كانت بالنسبة لي أفضل من شهادة الماجستير التي حزتُ عليها، فهي دفعَت العملاء للثقة أكثر بي وبالشركة.

من جهةٍ أخرى، إذا أردنا التحدّث عن المساوئ، فإنّ صعوبة التعامل مع رجالٍ أكبر منّي داخل الشركة يأتي في الدرجة الأولى. لقد كانت مهمّة صعبةً خضتها لكي يأخذوني على محمل الجدّ. ولكن يبدو أنّها ليست مسألة العمر، لأنّهم يستمعون جيّداً لأخي. بل إنّها تلك الصورة النمطية عن المرأة أنّها لن تبقى طويلاً في الشركة، لأنّها سوف تتزوّج وتنجب الأطفال [ومن ثمّ تترك الشركة]. لقد أثّر بي هذا الأمر فعلاً وشكّل عقبةً أمامي، ولكن كوني امرأةً فذلك لا يجعلني أقلّ كفاءة. ما زالت المسيرة طويلة، ولكنّها لن تكون خارج السيطرة إذ يمكن التحكّم فيها.

"ومضة": هل من نصيحةٍ توجّهيها للنساء اللاتي يرِدْنَ النجاح في مجال الأعمال في منطقة الشرق الأوسط؟

 شحادة: على مرّ التاريخ، كنّا نحن [في المنطقة] أسوأ أعداءٍ لأنفسنا. يجب أن نبتعد عن هذه المعتقدات التي نقيّد أنفسنا بها، ونتّجه للتركيز على إخراج أفضل ما فينا وإثبات نجاحنا للآخرين. وعندما لا تستطيع المرأة تحقيق ذلك، فلا يعني أنّها لا تملكُ المهارات المطلوبة. يجب على المرأة أن تسقط من رأسها الفكرة القائلة "لا أستطيع لأنّني امرأة" وأن تبذل قصارى جهدها، فستصل فيما بعد بالتأكيد إلى تحقيق شيءٍ ما.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.