English

'إيزي بايتس' في العراق: هل هي قصّة فشل أم ماذا؟

English

'إيزي بايتس' في العراق: هل هي قصّة فشل أم ماذا؟

Easy Bites grand plans

في يومٍ من الأيام. (الصورة لـ محمد السامرائي)

قبل ثلاث سنوات، قابلت "ومضة" رائد الأعمال العراقي، محمد السامرائي، للحديث عن مشروعه الذي كان بمثابة أول موقعٍ إلكترونيّ لتوصيل الطعام في إربيل، "إيزي بايتس" Easy Bites.

واليوم، لم يعُد هذا الموقع موجوداً.

بعدما قام السامرائي (الصورة أدناه) مع شريكه الألماني أوليفر كوخ، بتأسيس "إيزي بايتس" في عام 2014 لتوفير تجربةٍ سلسةٍ لتوصيل الطعام في كردستان، تمّ تعطيل هذا الموقع في شهر نيسان/مايو من عام 2014 إثر رحيل كوخ عن كردستان.

في حين يمكن أن تتوقّع بسهولةٍ فشل مثل هذه المنصّة في بلدٍ يعاني مشاكل كثيرة وصراعاتٍ مسلّحة، ما هي العوامل الأخرى التي يمكن أن تعيق نموّ منصّةٍ لطلب الطعام في العراق؟

Mohammad Al-Samarrai

بحسب السامرائي، يوجد في هذا البلد الكثير من التحدّيات التي يكمن معظمها في أنّ الجمهور ليس جاهزاً بعد لخدمةٍ كتلك التي توفّرها "إيزي بايتس".

لا عناوين

مثل الكثير من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعاني العراق من نقصٍ في العناوين البريدية. وفي هذا الشأن، يقول الشريك المؤسِّس في حديثه مع "ومضة" إنّهم طلبوا من "جوجل" Google أن تقوم بتحديث خرائطها للعراق ولكنّ ذلك باء بالفشل: "لقد أرسلنا إلى ’جوجل‘ نحو 5 رسائل عبر البريد الإلكتروني نطلب فيها منهم أن يقوموا بتحديث خرائطهم [التي كان آخر تحديثٍ لها في عام 2008]، ولكن من دون طائل."

وفي إطار العمل على تخطّي هذه المشكلة، قام الفريق بجمع "بطاقاتٍ مرجعية" tag references من المستخدِمين، وجمعوا من إربيل وحدها 1200 بطاقةٍ تشمل مختلف العلامات المرجعية مثل ’صيدلية على الزاوية‘ و’مقهى في وسط الطريق‘ وصولاً إلى ’سوبر ماركت كبيرة‘.

تركيز وتسويق مضلّلان

عند خروجهما بفكرة "إيزي بايتس"، كان المؤسِّسان يعملان في وظائف بدوامٍ كامل مع "الوكالة الإنمائية الألمانية" German Development Cooperation لبناء "الرابطة الوطنية لتقنية المعلومات"National Information Technology Association (NITA) في إربيل.

وبالتالي لم يستطيعا تكريس الوقت الكافي لشركتهما كي يمكن أن تكون مربحةً، وكلّما كانا يغوصا في جانبٍ من جوانب الأعمال كان ذلك يعني إهمال جانبٍ آخر.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النقص في أبحاث السوق قادهما لإساءة فهم جمهورهما وقاعدة المستخدِمين المحتملة. وعن هذا الأمر، يقول السامرائي إنّهما افترضا أنّ "مَن سيلجأ إلى الخدمة التي نقدّمها هم الشباب، ولكن بعد تجربتَين اثنتين أدركنا أنّنا كنّا مخطئين لأنّ عملاءنا الأساسيين كانوا من المغتربين."

هذا بدوره أدّى إلى عدم التركيز على مختلف جوانب الأعمال التجارية بشكلٍ متساوٍ، بحيث "في مرحلةٍ ما، ركّزنا كثيراً على العملاء ونسينا المطاعم،" حسبما يقول رائد الأعمال العراقي لـ"ومضة".

فقبل المرحلة الأخيرة من الاستعداد للإطلاق، جال المؤسِّسان على المطاعم ولكنّهما اصطدما بواقع أنّ الكثير منها لا ترغب في التعامل مع "إيزي بايتس"، لأنّ الخدمة التي تتطلّب وجود الإنترنت على مدار الساعة وكلّ أيام الأسبوع لم تكن تحظى بشعبيةٍ لها.

وفي حين أنّ "الكثير من المطاعم التي توفّر خدمة توصيل الطعام لم تكن تمتلك حاسوباً حتّى،" قام الفريق بتأمين الحواسيب المحمولة للمطاعم بأنفسهم. بعد ذلك، اكتشفا أنّهما نسيا جزءاً مهمّاً من خطّة العمل، وهو حملة التسويق.

حتّى وقت إغلاق الشركة الناشئة، كانت هذه الأخيرة تعمل مع 16 مطعماً في إربيل، و8 في بغداد و8 في السليمانية؛ وفيما كانَت تتلقّى ما بين 20 و25 طلباً في اليوم، كان لديها أكثر من 5 آلاف مستخدِمٍ مسجّل وقرابة ألفي زيارةٍ يوميةٍ للموقع.

قلّة أصحاب المواهب

يعتبر هذا الأمر من التحدّيات الشائعة في المنطقة، وبالتالي ليس من المفاجئ أن تسمع أنّ العثور على الأشخاص المناسبين لتوظيفهم كان [وما زال] تحدّياً.

بحسب السامرائي، فإنّ إناطة المهام بأشخاصٍ لم يعرفوا كيفية التعامل معها كان من المشاكل التي واجههوها.

بعدما حصل كوخ على فرصةٍ لدراسة الماجستير في كندا، فإنّه كأكثر شخصٍ خبير في الفريق، شكّل غيابه أزمةً من بين الأزمات الأخرى التي اعترضت طريق الشركة الناشئة. أمّا كوخ، فقد أصبح الآن مدير إنتاجٍ في شركة "جوجل".

Easy Bites headed for Baghdad

الآمال الكبيرة لعام 2014.

السوق لم تكن جاهزة

"لم يكن العراقيون جاهزون من أجل ’إيزي بايتس‘،" على حدّ قول السامرائي الذي يضيف أنّها "حتّى الآن ما زالت غير جاهزةٍ بعد لأيّ تطبيقٍ يوفّر الرفاهية عبر التكنولوجيا."

وعن أسباب عدم الجاهزية هذه، يشير إلى الوضع الأمنيّ وعدم الاستقرار الاقتصاديّ والنقص في البنية التحتية التي تُعتبَر حاجةً أساسيةً للمواطنين في العراق، بالإضافة إلى عدم الاكتراث لأهمّية الشركات الصغيرة والمتوسّطة.

ويقول إنّه عندما "تعيش في بغداد، فإنّك تعيش يوماً بيوم ولا تخطّط لغدِك؛ فبالعودة إلى الفترة بين عامَي 2005 و2006، كنّا نودّع بعضنا في كلّ صباح على اعتبار أنّه سيكون يومنا الأخير. لذلك عندما أقول إنّ الناس لم يكونوا جاهزين لخدمةٍ مثل ’إيزي بايتس‘، فهذا ليس لأنّهم لا يمتلكون القدرة الذهنية التي تخوّلهم اقتناءه، بل لأنّه مشغولون بالبقاء على قيد الحياة والحصول على الماء والكهرباء والغاز..."

أبرز النصائح

لم تكن "إيزي بايتس" تحلّ مشكلةً ما، ومع ذلك لم يرتدع الآخرون ودخلوا هذه السوق.

ففي بغداد، يوجد "زاجل"Zajel  و"وجبات"Wajabatt  اللتان تعملان من خلال صفحاتٍ على "فايسبوك" Facebook وتخطّطان قريباً لإطلاق منصّاتٍ لتوصيل المنتَجات.

من جهته، يقول الكاتب لـ"ومضة" والناشط في مجال ريادة الأعمال، مروان جبار، إنّ قطاع الطعام في العراق ليس قطاعاً واعداً.

وبالنسبة إلى تبدّل المجال الريادي منذ انطلاق "إيزي بايتس" حتّى الآن، لا يعتقد جبار أنّه تغيّر كثيراً، إلّا في مجال التجارة الإلكترونية.

ويرى أنّ من أشهر العاملين في هذا المجال، هناك مواقع إلكترونية مثل "مسواك" Miswag وعدّة صفحاتٍ على "فايسبوك" تعمل كوسيطٍ بين الذين لا يستطيعون شراء السلع من متاجر مثل "أمازون" Amazon. حتّى أنّ جبار نفسه يشغّل منصّةً للتجارة الإلكترونية تحمل اسم "فيكة" Fekastore، يقول إنّها تعمل بشكلٍ جيّدٍ منذ إطلاقها في العام الماضي.

أمّا السامرائي فيعمل حالياً كخبيرٍ استراتيجيّ للمحتوى ومنسّقٍ لوسائل التواصل الاجتماعيّ مع "إن كو ستارت" InCoStrat، وهي وكالة أميركية للاتصالات والاستشارات الإعلامية. بالإضافة إلى ذلك، يقوم بإدارة عملٍ خاصٍّ به هو "مو نوفو" Moenovo الذي يزوّد عدّة منظّماتٍ غير حكومية وشركاتٍ ناشئةً بالاستشارات والتدريب.

وفي حديثه مع "ومضة"، يذكر هذا الأخير أنّه بدلاً من محاولة العمل على شركته الناشئة، يريد الاستفادة من خبرته لتمهيد الطريق أمام الآخرين. ويقول إنّ "الكثيرين يعتقدون أنّ ’إيزي بايتس‘ كانت فشلاً، ولكن في ذلك الوقت كان لديّ عائلة، وكان هناك الكثير من التحدّيات. ليس في ثقافتنا الإيمان بشيءٍ غير مؤكّد، فلماذا لا أساعد الناس في حلّ هذا الجزء من اللغز؟" 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.