English

نواف فلمبان: هذا ما أعرفه عن المحتوى الرقمي العربي

English

نواف فلمبان: هذا ما أعرفه عن المحتوى الرقمي العربي

Nawaf Felemban

نواف فلمبان أراد أن يفعل شيئاً للحفاظ على الثقافة غير المسجّلة. (الصور من "كسرة")

في عام 2015، أصدرَت "ومضة" تقريراً ورد فيه أنّ 60% من العرب يريدون قراءة محتوى عربياً عبر الإنترنت.

كان هذا ليكون رائعاً لو توفّرَت إحصائيةٌ حول كمّية المحتوى العربي على الإنترنت. ففي حين تشير "إحصائيات الإنترنت العالمية" Internet World Stats إلى أنّ نسبة مستخدِمي الإنترنت من العرب تبلغ أكثر من 50%، يتوافر الكثير من الأرقام التي تعبّر عن المحتوى العربي المتوافر على الإنترنت، ولا يُعتبَر أيٌّ منها جيّداً -إذ يبلغ معدّل المحتوى العربي على الإنترنت 3% من مجمل المحتوى العالمي.

ولكن بالنسبة إلى رائد الأعمال نواف فلمبان، يمكن مواجهة هذه الأرقام. هذا الرياديّ الذي انتقل من الهندسة إلى التعليم، يحاول الآن سدّ هذه الثغرة في المحتوى العربي على الإنترنت من خلال "ناشر القصص سريع الانتشار"، "كَسرة" Kasra.

بعد أربع سنواتٍ من العمل مع "ماكنزي أند كومباني" McKinsey & Company في المنطقة، أراد فلمبان إحداث نقلةٍ نوعيةٍ تخوّله العمل مع الشباب العربي. وبالتالي، بعد البحث والتدقيق قرّر أنّ "الطريقة الفضلى للقيام بهذا الأمر، هي من خلال الوصول إليهم بواسطة منصّةٍ من اختيارهم، فكانت الوسائط الرقمية." ويقول إنّه "بعد البحث في أماكن أخرى عن النماذج الناجحة من حيث التواصل مع الشباب، توصّلتُ إلى ’باز فيد‘ Buzzfeeds.

وبالتالي، أطلق موقع "كسرة" في أيار/مايو 2014 وبات يحظى الآن بثلاثة ملايين زائرٍ أصليٍّ شهرياً، ما يُظهِر الطلب المرتفع على ما يقدّمه.

في حديثٍ مع "ومضة"، شاركنا هذا الرياديّ ما يعرفه عن المحتوى الرقميّ العربي.

الحفاظ على الثقافة أساسيّ. كمثالٍ عن فيلم ركّز على عدّة أمور وتَرَكّز على الترفيه، تُعتبَر ’إم تي في‘ MTV بالنسبة لي أفضل مثالٍ عن الحفاظ على الثقافة، فهي قيمة مضافة للثقافة الأميركية. ففي حين جعلَت الناس يمتلكون صورةً موحّدةً عن الثمانينات، لا يوجد ما يوازيها في اللغة العربية على الإطلاق. الأفلام العربية هي مؤشّرٌ جيّدٌ عن الزمن لكنّها محدودة، كما أنّها تَرَكّزَت على أمورٍ أخرى وكانت تصوّر واقعاً متخيَلاً بحيث لما تُعدّ تمثيلاً حقيقياً للواقع.

المحتوى هو للبعض وليس للجميع. إذا ألقيتَ نظرةً [على المحتوى المنشور على الإنترنت] سترى أنّه موجّهٌ في الغالب، وقد تتوافق معه أو لا. بالنسبة إلى الرياضة، يُعتبَر ’كووورة‘ Kooora الأكثر شعبيةً، ولكنّه مخصّصٌ للرياضة وحسب. الأمثلة عن الموقع التي تشتمل على كلّ شيء قليلة؛ يوجد ’ياهو! مكتوب‘Yahoo! Maktoob و’إم إس إن‘ العربية MSN Arabic، لكنّها مواقع تقدّم محتوىً أجنبياً للمنطقة. ثمّ إذا نظرتَ إلى مواقع إلكترونية أخرى ستجد أنّها تقدّم محتوىً علمياً جدّاً، في حين كان هدف مواقع أخرى يكمن في رفع مستوى النقاش العام حول القضايا الاجتماعية والسياسية بدلاً من تقديم المحتوى الموجّه وحسب. وبالتالي جاء التحدّي الذي يتمثّل في أنّ هذه الموقع المخصّصة للنقاش كانت معقّدةً للغاية من حيث طريقة التفكير، لذلك كنت تفوّت عدداً كبيراً من الناس.

نحن لا نتشجّع على الكتابة. لطالما افتخر العرب تاريخياً بلغتهم. حتّى أنّ المسلِمين يعتقدون أنّ كلّ رسولٍ جاء بمعجزةٍ، ومعجزة النبي محمد هي القرآن الذي لم يستطِع أفضل اللغويين على مرّ العصور مجاراة النصّ الوارد فيه. وفي الوقت الحالي، نفتخر بالشعراء الذين يتقنون اللغة العربية وبالنصوص المعقّدة والبليغة، لكنّنا في الوقت نفسه أوصلنا اللغة إلى مكانٍ باتت فيه أداةً صعبةً للتواصل. وفي حين باتت التكنولوجيا في صميم حياتنا اليومية، فإنّنا نختار الكمات الصعبة للتعبير عن هذه التكنولوجيا، ما يدفع الناس لعدم اعتمادها التعابير العربية واللجوء إلى اعتمادها باللغة الإنجليزية. نحن لسنا على استعداد لتطوير اللغة؛ ففي حين يمكن اختصار العبارات التقنية في اللغة الإنجليزية ببساطة، مثل ’بي سي‘ PC، قد يتطلّب الأمر بالعربية ما يصل إلى أربع كلمات. وهذا ما يبدو بالنسبة للغة الإنجليزية كاستخدام إنجليزية شكسبير.

الأمر هنا أسوأ من ندرة المحتوى العربي على الإنترنت. هناك تركيزٌ على مواضيع معيّنة، وإذا أردتَ ألقيتَ نظرةً على المحتوى الأصلي [العربي على الإنترنت الذي تبلغ نسبته من 1 إلى 3%]، بعد أن تستبعد المحتوى المستنسخ، ستجد أنّ هذه النسبة أقلّ بكثير. كذلك، إذا لم تكن متمكّناً من القطاع فلن تجد أشخاصاً يمكنهم المساهمة في إنتاج المحتوى.

"تويتر" غيّر كلّ شيء. لا شكّ أنّ ’تويتر‘ كسر بعضاً من هذه الحواجز التي تمنع الناس من التعبير عن أنفسهم، وساعدهم في الردّ على أجهزة الأمن في بلدانهم. من جهةٍ ثانية، ’بما أنّني محدودٌ بـ140 حرفاً للكتابة، ينبغي عليّ كسر قواعد اللغة‘. تحظى السعودية بأرقامٍ كبيرةٍ على ’تويتر‘، ولكن يتخلّلها الكثير من الحسابات الوهمية وإعادة التغريدات، ما يعني أنّ الأرقام منخفضة من ناحية المضمون الحقيقي، ولكن مع الوقت سيهتمّ الشباب أكثر ويبدؤون بالتعبير أكثر عن أنفسهم. وبالتالي عندما نصل إلى نقطة التحوّل هذه، لن يتوقّف تأثير موقع التواصل هذا عن الانتشار.

لنبدأ رويداً رويداً كما يتعلّم الطفل المشي. لا يمكنك الذهاب إلى أبعد الحدود، وإلّا ستخسر الناس. وبالتالي، عليك أن تتحرّك بخطواتٍ صغيرةٍ تمكّنك من إظهار أنّه يمكن للّغة أن تتطوّر مع الحفاظ عليها وجعلها أداةً للتواصل أيضاً. بالنسبة لنا، فنحن نكتب بأسلوبٍ أقرب ما يكون إلى الطريقة الكلاسيكية والتي تُستخدَم في الصحف، ولكنّنا لا نستخدم الكلمات غير المُعتمَدة على نطاقٍ واسع. وإذا استخدَم الكاتب عبارةً شائعةً في المجال المكتوب إنّما ليس في اللغة المحكية، فإنّنا نبحث عن بديلٍ لها. لذلك، على الرغم من أنّ طريقة الكتابة كلاسيكية إلّا أنّها أقرب إلى اللغة المحكية.

Kasra quizzes

القرّاء يهتمّون للأمور الشخصية. لقد وجدنا أنّ المواضيع الشخصية واختبارات شخصية القارئ تحظى بعشبيةٍ لا بأس بها، ما يؤكّد أنّنا نخسر هويتنا. غالباً ما نتحدّث عن ’الهوية العربية‘، ولكن إذا سألت أيّ شخصٍ عنمّا يعنيه أن يكون المرء عربياً سيزوّدك بتعاريف سياسية أو عرقية. ولكن الهوية هي اللغة، والثقافة، والخبرات، والقواسم المشتركة. كيف هي حياة المواطن الجزائري؟ لا نعرف، لأنّنا لا نتبادل الخبرات والقصص فيما بيننا وعبر الحدود. يوجد ما يُعرَف بالهوية ’الخليجية‘ - بسبب قرب هذه البلدان من بعضها البعض، والعادات والتقاليد المشتركة واللهجات - في حين أنّ الهوية العربية تبدو أقرب إلى الوهم، وهي لن تتحقّق قبل أن نتشارك عاداتنا وتقاليدنا حتّى نستطيع معرفة ما هي القواسم المشتركة بيننا. وبالتالي عندما أسمع قصصاً مثل تلك التي تخبرنا عن سائقة التوك توك الوحيدة في القاهرة، عندها أبدأ بالتعرّف إلى هذه البيئة.

العرب ليسوا هم مَن يكتبون تاريخهم. لطالما صدَمني أنّ أفضل محتوى يمكن أن تجده عن المنطقة هو المكتوب باللغة الإنجليزية. وعندما ترى إحصائياتٍ مثل التي تقول إنّ 97% من المصريين والسعوديين يفضّلون قراءة المحتوى باللغة العربية، ستسأل نفسك أين يذهب هؤلاء؟

إنّهم يعتمدون على الكلام الشفوي، وهذا خطير، فالمجتمع يتطوّر بسرعةٍ هائلة، ليس على صعيد التكنولوجيا وحسب بل من حيث الوسائل والأدوات. لنأخذ مفهوم بطاقات الائتمان كمثال؛ عندما جاءت هذه البطاقات إلى السعودية للمرّة الأولى كان لدى الناس فكرةٌ خاطئةٌ تماماً عنها، واعتبروها خط ائتمانٍ (تسهيلات المالية) لما تمتلكه من أصول ولا شأن لها بالخصوم أو الديون. ونتيجةً لذلك، كان الناس يدخلون في مشاكل بسب قلّة الوعي والمعرفة. إذا بحثتَ عن مصطلح ’قرض شخصي‘ على ’جوجل‘ ستجد ملايين النتائج التي تحدّثك عن هذا الموضوع باللغة الإنجليزية، أمّا بالعربية فلا شيء يُذكَر، وعليك أن تستعين بصديق... يوجد الكثير من وسائل الإعلام ومعاهد البحوث التي تحاول تحديد مَا هو ومَن هو العربي، وإذا ذهبتَ إلى أبعد الحدود ستجد أشخاصاً مثل دونالد ترامب الذي يحاول أن يحدّد ما يعني أن تكون عربياً أو أن تكون مسلماً.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.