English

التجارة الإلكترونية في اليمن: حقيقة أم تجارب فردية؟

English

التجارة الإلكترونية في اليمن: حقيقة أم تجارب فردية؟


قد تتأسس الشركات الناشئة في أغرب الأماكن (الصور لرايتشل ويليامسون)

عندما تواصل أديب قاسم من شبكة دعم الشركات الناشئة اليمنيّة "روّاد" Rowad مع "ومضة" في كانون الثاني/يناير، كان انطباعنا الأوّل: "شركات ناشئة تكنولوجيّة في اليمن؟ كيف ذلك؟"

في الحقيقة، تشهد اليمن ليس فقط على تأسيس شركات ناشئة بل على منافسات أيضاً، وقد قمنا بتغطيتها منذ ذلك الحين. وفي أواخر نيسان/أبريل، أصدرت "جمعيّة الإنترنت" Internet Society تقريراً عن آفاق التجارة الإلكترونيّة في البلد.

رغم المناوشات الجارية بين الحكومة والقوّات السعوديّة والقاعدة، يرسم التقرير صورة متفائلة عن إمكانيات روّاد الأعمال اليمنيين في تحقيق النجاح في مجال التجارة الإلكترونيّة – وإن كان ذلك في قاعدة صغيرة جدّاً.

 

وجد الإحصاء الذي أتّخذ عيّنة من 660 شخصاً أنّ المتسوّقين عبر الإنترنت واجهوا عدداً كبيراً من المشاكل التي واجهها ولا يزال يواجهها جيرانهم وهي: بوابات دفع محدودة، وثقة بأنّ المنتج الذي تمّ شراؤه سوف يصل، والوعي حيال كيفيّة تأدية عمليّة شراء (التي تتأثر بالفقر وبالجهل الذي يعيق النفاذ إلى شبكة الإنترنت).

كما وجد أنّهم يشترون المنتجات للأسباب نفسها وهي: الأسعار المتدنيّة، ومجموعة الخيارات المتنوّعة، وتوفّر البضائع والمنتجات.

"يبدو أن عدداً كبيراً من العملاء يواجهون صعوبات في الدفع عبر الإنترنت ويفضّلون أن يتحمّل شخص آخر المخاطر المرتبطة بالتحويلات الماليّة الإلكترونية،" هكذا يفيد التقرير مضيفاً أنّ البنوك لا تؤمّن بعد حسابات للتجار على الإنترنت وأنّ الخدمات المصرفيّة الإلكترونية محدودة في اليمن.

بحسب "إنترنت لايف ستاتس" Internet Live Stats التي تعرض إحصاءات حاليّة عن عدد مستخدمي الإنترنت، يبلغ عدد المستخدمين اليمنيين للإنترنت ما يقارب 7 ملايين مستخدم في حين يفوق عدد سكّانه 26 مليون شخصاً. 

"تموين" Tamween

 يشير التقرير إلى أنّ "روّاد أعمال كثر" يستخدمون نموذج ‘الشراء من أمريكا‘model  buy-from-America، مثل "ادفعلي" Edfa3ly في مصر.

"يقتضي [مفهوم] العمل على الاشتراك لدى وكيل شحن في الولايات المتحدة يأخذ طلبات المتسوّق المحلّي وأمواله ويعالجها ومن ثمّ يوصلها إليه ويجمع رسوم المعاملة" حسبما يلفت التقرير ذاكراً أنّ "نموّ نموذج العمل هذا يبدو دلالة جيّدة على الطلبات المتزايدة للقيمة التي تأتي بها الإنترنت."

بالفعل، يبدو أنّ رائد أعمال شاب أطلق شركته الناشئة في أواخر عام 2015 قد بدأ بتحقيق أرباح شيئاً فشيئاً في السوق اليمنيّة الصعبة.

تتخذ الشركة الناشئة "تموين" Tamween لصاحبها باسم حسّان من صنعاء مقراً لها وتطلق على نفسها لقب أوّل متجر بقالة إلكتروني في اليمن. في كانون الثاني/يناير، لم يتوفّر على موقعها سوى معجون أسنان رغم باقة متنوّعة من المنتجات في الإعلانات، لكن بحلول أيّار/مايو توسّع هذا الموقع ليتضمّن المأكولات وأدوات التنظيف واللوازم المكتبيّة وحتّى حاسوب من نوع "فوتجتسو" Fujitsu. 

يشرح حسّان (إلى اليسار، الصورة من "تموين") فكرته التي تقوم على استهداف المغتربين في بريد إلكتروني أرسله إلى "ومضة"، ويلفت هذا الأخير إلى أنّه يمكنهم من خلال شركته شراء المنتجات والبضائع وإيصالها إلى عائلاتهم محليّاً، عوضاً عن إرسال الأموال النقديّة إليها (وبالتالي دفع رسوم تحويلات باهظة الثمن).

يحاول بذلك رائد الأعمال هذا أن يستفيد من تدفّقات التحويلات التي بلغت، عام 2014، 3.35 مليارات دولار صدرت عمّا يقدّر بـ6 ملايين مغترب يمني.  

ورغم أنّ حسّان يقول إنّ "الوضع الحالي في اليمن فرض علينا إقامة تغييرات وتعديلات كثيرة في مخططنا"، إلاّ أنّه لم يفصح عمّا هي هذه الأخيرة.

بين الإمكانيات الهائلة وحقيقة الحرب  

تقدّم التجارة الإلكترونيّة للبلدان ذات  الدخل المنخفض، كاليمن مثلاً، نفاذاً إلى بلدان مرتفعة الدخل في هيئة التجارة (أو في حالة "تموين"، تدفّقات التحويلات). كذلك، يمكن لزيادة الاتصال بشبكة الإنترنت أن تروّج للتصدير إذ أنّ المنتجات المصنوعة في البلاد يمكن بيعها عبر الإنترنت.

تعتمد هذه المنافع الاقتصاديّة على تخطّي روّاد الأعمال مشاكل الثقة والوعي، وعلى تأمين الحكومة للأطر القانونية والبنى التحتيّة المناسبة.  

بحسب تقرير "جمعيّة الإنترنت"، يوجد قانون في اليمن يعترف بالدفع الإلكتروني لكنّ الحكومة أساءت إلى النظرة إلى التجارة الإلكترونيّة في بدايات الألفية الثانية مع نظام دفع فواتير باء بالفشل باسم "أي- ريال" ‘e-rial’.

تذكر الشركة الأستراليّة لتحليل الاتصالات "باد.كوم" Budde.com أنّ الحكومة كانت تحرز تقدّماً جيّداً في تحسين البنى التحتيّة للإنترنت قبل الحرب، غير أنّ هذا النشاط توقّف طبعاً. فضلاً عن ذلك، تذكر أنه تمّ استهداف شركات الاتصالات عن قصد في هذا النزاع وأنّ التكاليف المرتفعة جدّاً للحصول والمحافظة على إنترنت في المنازل جعل هذه العمليّة صعبة المنال لليمنيين.

بدورها، تفيد "جمعيّة الإنترنت" أن تكلفة الإنترنت تبلغ 20 دولار في الشهر مقابل 16 جيجابايت أي ما يعادل 20% من متوسّط الأجر الذي يتقاضاه المشاركون في الإحصاء.

يعمل روّاد الأعمال اليمنيون في اندفاع رغم التحدّيات اليوميّة غير الطبيعية التي تواجههم. ورغم أنّ فرصة النجاح فعلاً هائلة، إذ أنّ التجارة الإلكترونية نادرة لدرجة يسمح لأي شركة ناشئة أن تحتكر السوق قبل دخول المنافسين الإقليميين إليها، غير أنّ التحدّيات التي تتطلب تدخل الحكومة تساويها حجماً وأهميّةً.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.